Wednesday, December 29, 2004

الشرق الأوسط اقل تعرضا للهزات


توقع كارثة انسانية بسبب انتشار الأمراض والأوبئة . الاختصاصي ويلسون رزق : الشرق الأوسط اقل تعرضا للهزات

منال أبو عبس
Al-Hayat (552 كلمة)
تاريخ النشر 29 ديسمبر 2004



طمأن البروفسور ويلسون رزق، الاختصاصي في علوم الأرض والجيولوجيا، سكان العالم العربي «الخائفين من حدوث الزلازل والهزات». وأكد رزق لـ«الحياة» أن منطقة الشرق الأوسط أقل تعرضا للهزات الأرضية من منطقة المحيط الهندي وجوارها التي «تعتبر المحور الأساس للزلازل». وأضاف أن خطي الهزات الرئيسين في العالم العربي، هما الخط الذي ينطلق من البحر الأحمر، مرورا بنهر الأردن -اليمونة قبل أن يصل إلى بر الأناضول. وهو الخط نفسه الذي تحرك عام 1956، محدثا زلزالا مدمرا في لبنان، ومركزه فالق روم في إقليم التفاح، وتجاوزت قوته ست درجات على مقياس ريختر، ثم تحرك منذ سنتين في لبنان، وكان نفسه سبب الزلزال الأخير في اسطنبول. والخط الثاني ينطلق من إيران - البحر الأسود، ويكمل نحو الهند ليلتقي بالفالق الذي أحدث الزلزال الأخير.

وعن زلزال جنوب شرق آسيا الأخير، اعتبر رزق أن «عدم جاهزية تلك البلدان للأزمات الطبيعية» كان السبب الأول لتفاقم الكارثة، موضحا أن «الزلزال حصل في حوض البحر. والأضرار نتجت من قوة المياه التي تحركت بفعل اهتزاز الأرض تحتها، محدثة موجة تسونامي عملاقة، امتد أثرها إلى البلدان المجاورة مثل الهند وباكستان وماليزيا وإندونيسيا». وأضاف رزق انه «في حال حدوث زلزال من الخطأ الهروب إلى الشاطئ، لأن المعروف عبر التاريخ أن الشواطئ معرضة للموجات الحاصلة نتيجة الهزة الأرضية التي تحصل في قشرة الأرض تحت سطح البحر».

وأوضح رزق أن موجات المد التي أحدثها الزلزال الأخير والتي سببت الكوارث البشرية والمادية الهائلة، ارتفعت بعلو خمسة عشر مترا، في حين ترتفع الأمواج في بحر اليابان إلى ثلاثين مترا من دون أن تخلف النتائج نفسها، مشيرا إلى أن السبب الرئيس للأضرار الكارثية هو عدم وجود مركز لرصد هذه الأنواج في دول المحيط الهندي، مثل ذلك الموجود في الدول المجاورة لبحر اليابان. وأضاف أن تضاعف أثر الفاجعة جاء بسبب فجائيتها، و«لم يملك المحليون الوقت للتخفيف من نتائجها الكارثية. وهذا ما يندرج في إطار الإهمال الذي تغرق به دول المحيط الهندي المتجاورة، والتي لم تفلح حتى الساعة في إنشاء مركز رصد يعطيها إنذارا بوقوع التسونامي قبل حدوث الزلزال بساعات».

وعن النتائج البيئية المتوقعة لكارثة زلزال جنوب شرق آسيا، تساءل رزق عما قد ينجم عن هجوم البحر على اليابسة، وابتلاعه ما يقع في طريقه، تاركا مليون شخص من دون مأوى. وتوقع أن تحدث كارثة إنسانية، اقلها انتشار الأمراض والأوبئة في تلك الدول الفقيرة والمتخلفة نسبيا، إذا لم تحتو الكارثة بطريقة عملية ومنطقية وسريعة. وعن المساعدات الإنسانية التي قدمتها أوروبا وأميركا وبعض الدول الأخرى، اعتبر رزق أنها تحد من مخلفات الكارثة، لكن ليس بصورة كاملة. وردا على سؤال، قال رزق إن الصليب الأحمر الدولي ليس إلا منظمة إنسانية، لا يمكن اعتبارها فاعلة ما لم تتوافر لها الظروف السياسية التي تسهل عملها. وأضاف أن دول المحيط الهادئ تخضع إلى مشاكل وتجاذبات سياسية كثيرة، وتكثر الخلافات والصراعات بين الدول المتجاورة، ما يحد من عمل المنظمات الإنسانية «لأن الدور الأكثر الفاعلية يكون للفرق الموجودة على الأرض، ويصبح الأمر أكثر فاعلية في حال توفير الجو الملائم لعمل المنظمات غير الحكومية في حال حدوث الكوارث الطبيعية».

Tuesday, December 21, 2004

خدمة العلم إلى نصف مدتها الأصلية

خدمة العلم إلى نصف مدتها الأصلية . والشباب اللبنانيون إلى مزيد من الرفض

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,440 كلمة)
تاريخ النشر 21 ديسمبر 2004




« ابني استفاد كثيرا من الخدمة العسكرية الإلزامية. صار أكثر انتظاما وتدبيرا في تصرفاته »، تقول هدى قبل أن تتابع: »كان يحب ابنة الجيران سيئة السمعة، لكنها تزوجت مع دخوله إلى الخدمة«. تقول هدى هذه العبارة، كما لو أنها أحلى هدية تلقتها في حياتها. فخدمة العلم وحدها تفوقت على جهود الوالدة الجبارة، وكانت القدر الذي فسخ علاقة ابنها مع ابنة الجيران. والآن، لا تولي الوالدة إهتماما لمسألة مدة الخدمة، طالما أن ابنها »المستهتر تحول بين ليلة وضحاها إلى شاب يحسب حساب القرش. ويفكر في المستقبل«.

كلام هدى جاء قبل أربعة أعوام من الآن، وتحديدا قبل انتخابات العام 2000. آنذاك، قدم النائب مصباح الأحدب اقتراحا يقضي بتعديل التجنيد الإجباري في لبنان، »نظرا لآثاره السلبية على كل من الشاب اللبناني وخزينة الدولة«. وآنذاك أيضا، اتهم النائب بالخيانة، »لطرحه مسألة حساسة تمس الأمن، فيما البلد في حال حرب مع إسرائيل«. بعد أشهر عدة يلتحق ابن هدى الثاني في »الجندية«، لكنها تبدو اليوم اكثر سعادة، فما الذي تغير بين اليوم والأمس؟

في 9 كانون الأول (ديسمبر) 2004، أقر مجلس الوزراء اللبناني، آخر تعديلاته على قانون خدمة العلم. وبموجب التعديل، الذي يفترض ان يقره مجلس النواب، خفضت مدة الخدمة العسكرية للمجندين، إلى ستة اشهر بدلا من سنة. وفتح مجال تمديد الخدمة للراغبين، لمدة لا تزيد على خمس سنوات. أعفي من الخدمة الشقيق الوحيد لمفقود. وتبدلت مادة إلغاء الإعفاء للمقيم في الخارج لمدة خمس سنوات، ليشمل مواليد العام 1987 وما بعد.

الشباب هم المستهدف الأول في هذا المشروع، معدلا أم غير معدل. غير أن آراءهم كثيرا ما همشت، واستعيض عنها بآراء السياسيين وتقديراتهم الخاضعة لمتطلبات انتخابية في الغالب. ما هو رأي الشباب في مشروع يستهلك ستة أشهر من حياتهم، تاركا فيها أثرا، قد يصعب محوه؟ وما هو موقف المجندين السابقين، من تعديل لم يستفيدوا من أي من بنوده؟

»نكاية« بالانصهار الوطني!

»أي جيش نريد؟«، سؤال يستحضره المعترضون على التعديل الأخير، مطالبين بإلغاء خدمة العلم كليا. ينطلقون في حججهم، من عدد العسكريين الذي يقارب المئة ألف (جيش، درك، قوى أمن، أمن عام...)، توفر خدمة العلم عشرين ألفا منهم، ليثبتوا وجهة نظرهم. »يوفر لبنان عسكريا لكل 35 مواطنا مقيما«، يقول رامي ساخرا من رفاهية الأمان التي يوفرها البلد لأبنائه.

تبلغ مساحة لبنان الإجمالية 10452 كيلومترا مربعا. »جيش لبنان النظامي غير قادر على شن حرب عسكرية أو الدخول في واحدة. ألا يكفي أربعون ألف عسكري المتطلبات العادية للمؤسسة العسكرية، لضبط الشؤون الداخلية وقمع التظاهرات؟« يسأل شاب. »العدد لم يعد مهما في جيوش العالم، بخاصة بعد بروز مصطلح الجيوش التقنية«، يقول النائب مصباح الأحدب الذي كان يحاضر أمام عشرات الطلاب..

معارضو خدمة العلم كثر، لكل منهم سبب واحد على الأقل يدفعه إلى رفض هدر أشهر كثيرة من شبابه. »الدخل العائلي«، يدفع سامر إلى تأجيل الالتحاق بالخدمة، بشتى السبل. سامر هو الثاني في الترتيب العائلي. أخته الكبرى متزوجة، فيما الصغير ما زال في المدرسة. والد سامر يعمل ناطورا في أحد الأبنية، ما يدفع الابن إلى العمل في محل ثياب ليساهم في إعالة الأسرة. يؤمن سامر بالانصهار الوطني وبأن خدمة الوطن واجبة، »لكن ليس في ظل ظروف مشابهة لظروفه«.

ظروف فادي ليست مشابهة أبدا لظروف سامر، لكنه يرفض التجنيد »نكاية بالانصهار الوطني. بتلك الآلة السحرية التي ندخلها مختلفين، ونخرج نسخة واحدة متكررة«، كما يقول.

الانصهار الوطني يتم في أشكال كثيرة غير التجنيد، وفي مجتمعات غير مفرزة مناطقيا وطائفيا. يمكن أن تحمل العبارة السابقة اكثر من تأويل، لكن ما قصده فادي هو أن »مؤسسات الدولة التي يتوجه إليها المجند بعد الخدمة، تفكك ما يمكن صهره خلال عقود... أما الوسائل، فأقلها الواسطة، والمحاصصة الطائفية في توزيع وظائف الدولة«. وينتقد فادي المفاهيم المختلفة للوطن، التي »تنتج من غياب التربية المدنية في المدارس«، فتفرز »مفاهيم مختلفة للوطن يختفي فيها أي إحساس بالانتماء«.

»ستة أشهر مثل السنة«، عبارة تمثل حجة رامي الذي يرفض ترك الجامعة لخدمة العلم. ويتنقل رامي منذ ست سنوات بين جامعة وأخرى، »لا رغبة في العلم، إنما رغبة في التأجيل«، ريثما يستكمل أوراق هجرته إلى كندا. رامي هو واحد من مئات الشبان الذين يفضلون »تضييع الوقت في الجامعة، على تضييعه في الخدمة«.

تواصل اجتماعي!

يبدو فؤاد اكثر اهتماما بالمصلحة المالية للبلاد، وبصورة اكثر تحديدا بنفقات الخزينة. »الخدمة حاجة لوجستية وأمنية للجيش. إلغاؤها يستتبع فتح باب التطوع، ما يؤدي إلى زيادة الأعباء على الدولة«، يقول.

من جهته، يثمن جاد التواصل الاجتماعي الذي تزكيه الخدمة. هو لم يجد فيها أي عائق، بل »فرصة لكي نتعرف الى المؤسسة العسكرية«. جاد أنهى خدمته الإلزامية العام الماضي، وقد تكون بطالته القسرية التي عاشها لأكثر من عامين، دفعته إلى الاستفادة القصوى من السنة التي أمضاها في الخدمة: »عرفتني الى عادات أهالي المناطق وتقاليدهم. وعرفتني الى شباب من جميع الطوائف اللبنانية«. أخ جاد الأصغر في السنة الجامعية الثانية، لا يوفر وسيلة لتأجيل الالتحاق، »لأن السنة التي تضيع في الخدمة، يمكن استغلالها في التدريب العملي«. وهو يفضل أن تبقى »الخدمة على ما هي عليه لكن بتسوية أوضاع الطلاب الذين يتابعون علومهم في الداخل والخارج. على أن يعفوا من الخدمة عند انتهاء تحصيلهم العلمي لكي يعودوا إلى بلدهم الذي ولدوا فيه، من اجل إعادة اعمار اقتصاده واسترداد حيويته«.

وبيتعدل!

»مجندو السنة« و»مجندو الستة أشهر«، مصطلحان سيميزان الشباب اللبناني، من الآن فصاعدا، وفقا لمدة خدمة كل منهم.

»ما حدا أحسن من حدا«، »المهم مصلحتي ومن بعدي الطوفان«، »ناس بسمنة وناس بزيت«، وغيرها كثير من تعليقات تعكس مرارة شبان كثيرين أضاعت الخدمة سنة من حياتهم. هؤلاء لن ينسوا أبدا انهم خضعوا »إلى مزاجية السلطة«، كما يقول هادي. »من المدهش في لبنان، كيف يتحول ما يقال انه مصلحة وطنية عليا اليوم، إلى مسألة قابلة للبحث وإعادة النظر فيها«، يضيف.

لكن، ماذا يمكن أن تفعل الدولة، للتخفيف من إحساس مجندي »السنة« بالمرارة؟

»وحده التعويض المادي، يشعرنا بأن المسؤولين قد التفتوا إلى وضعنا«، يجيب رائف، مؤكدا أن »ما من شي يعوضني عن عملي الذي فقدته بسبب التجنيد«.

»مجندو الستة اشهر«، هم العنصر الوحيد الذي لم يعرف القارئ رأيهم حتى اللحظة. هل يشعرون بالرضى التام عن المشروع؟

»ليس ثمة فارق جوهري بين الستة أشهر والسنة«، يقول وليد. هو يعرف انه ما أن يلتحق في »العسكرية« حتى يفقد وظيفته، لينضم بعد ستة اشهر إلى صفوف رفاقه العاطلين عن العمل. لكن حتى هذا الخطر المتوقع، لن يمنع وليد من الالتحاق في الدورة المقبلة.

في ملعب »جامعة بيروت العربية«، يعلن ماهر انه اكتشف الحل السحري لمشكلته: ينتسب إلى كلية العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، ومن بعدها إلى الحقوق أو الآداب. يمضي أيامه كما لو أن »الحياة بلا تجنيد«. و»بسيطة، بعد اشهر عدة سيعدلون القانون... أصلا هذا القانون ليس دستورا، ثم حتى وان كان دستورا سنعدله... ما نحنا بلبنان. وعندنا، كل شيء سهل، مان!«.

مهرجانات بيت الدين

مهرجانات بيت الدين تقدم الموسيقي الاردني الشاب . كريم سعيد ... موتسارت العربي يعزف في بيروت

منال أبو عبس
Al-Hayat (325 كلمة)
تاريخ النشر 21 ديسمبر 2004

تستضيـــف الجامعـــــــة الأميركية في بيروت الموسيقي المتعدد المواهب كريم سعيد، في قاعة الـ»أسمبلي هول«، بالتنسيق مع مهرجانات بيت الدين، مساء اليوم. وكان سعيد المولود في عمان في الأردن، بدأ العزف على البيانو في الخامسة من عمره مع جوتسوفا اغنسيا فكتوروفنا، عازفة البيانو والملحنة ومعلمة الموسيقى الجورجية. وفي الثامنة من عمره (7991)، أقام كريم حفلة أدائه الموسيقي الأول التي شملت فانتازيا موتسارت بمقام ري الثانوي، ومقدمة باخ وسوناتة كليمنتي. وفي العام الثاني، منح الجائزة الأولى لفئة سنه في مسابقة البيانو الدولية لتأييد البيانو في رومانيا، كما منح علاوة على ذلك، جائزة »الموهبة الاستثنائية« بين جميع فئات الأعمار نظرا لأدائه. وأدى كونشيرتو البيانو رقم 12 لموتسارت في المقام »دو« الكبير مع أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى في الأردن ولبنان في عام 9991 وهو في سن العاشرة. حتى اطلق عليع بعض النقاد لقب »موتسارت العربي«.

وفي أيلول (سبتمبر) عام 0002 تسجل كريم في مدرسة »بورسيل« في المملكة المتحدة حيث حصل على منحة، وفي كانون الأول (ديسمبر) 2002 فاز بالجائزة الثانية في »مسابقة بيتهوفن للبيانو لليافعين«، وهي حدث سنوي لطلاب مختارين من جميع أنحاء المملكة المتحدة.

ومنذ عام 2002 يطور كريم مهاراته ويعرض مواهبه كقائد لفرقة موسيقية. وقاد أول حفلة موسيقية عامة له في قاعة »رويال فيستيفال هول« في حضور المؤلف الموسيقي ماغنوس ليندبيرغ.

كما لفتت موهبة كريم المتميزة نظر المنتج والمخرج السينمائي الشهير كريستوف نوبن الذي انتج فيلم »المقطع السريع«، وقد شرع في نيسان (ابريل) العام 1002 بمشروع فيلم مدته ست سنوات يقتصر على تقدم كريم الموسيقي.

Monday, December 20, 2004

« كومبيوتر لكل طالب »

يساهم في خفض القرصنة الالكترونية . إطلاق مشروع « كومبيوتر لكل طالب »

منال أبو عبس
Al-Hayat (641 كلمة)
تاريخ النشر 20 ديسمبر 2004

أن تدفع 26 أو 27 دولارا في الشهر، لمدة ثلاث سنوات متتالية، لتحصل على جهاز كومبيوتر يساوي سبعمئة دولار نقدا، واشتراك مجاني في شبكة الإنترنت (3 سنوات)، هو موضوع مشروع »كومبيوتر لكل طالب« الذي أطلقته الندوة الاقتصادية في لبنان، الأسبوع الماضي.

»مايكروسوفت«، عملاق صناعة برمجيات الكومبيوتر في العالم، و»سايبيريا« اللبنانية لخدمات الانترنت، و»انتل«، اكبر صانع للرقاقات الالكترونية، اجتمعت بإدارة مجموعة »انترنت فاسيليتيز« Internet Facilities Group. لتدعم كومبيوترا عاديا.

الطلاب والمعرفة و...الاقتصاد

يستهدف المشروع الطلاب بصورة حصرية. ويقدم لهم كومبيوترا بمواصفات عادية، وبسعر يراوح بين 900 و972 دولارا، في حين لا يتعدى ثمنه في السوق راهنا الـ700 دولار.

أسباب المشروع كثيرة. تنطلق من معاناة »المواطن اللبناني، في مختلف مواقعه، سواء في المؤسسات أو الشركات أو على الصعيد الفردي، من ارتفاع كلفة ادوات تكنولوجيا المعلوماتية والإتصالات«. وأشار رئيس »الندوة الاقتصادية« وجيه البزري، الى أن كلفة الاتصالات المتطورة لبنانيا »تعتبر التعرفة الأغلى على مستوى العالم«.

ووصف المشروع بانه فرصة للبنانيين، »لا سيما فئة الطلاب منهم لدخول شبكة الإنترنت العالمية... من أجل مزيد من المعرفة والتواصل والثقافة العامة«. لكن ما هو نوع المعرفة التي تسهلها المبادرة؟ وما هي حصة الثقافة العامة من الموضوع؟ سؤالان لم تتطرق اليهما الندوة.

يعزز المشروع الذي سينفذ مطلع العام الجديد، مكانة الشركات التجارية الكبرى، ذات العلامات المسجلة، في الأسواق المحلية إلى حد كبير. ومن المؤكد أنه سيساهم في رفع مبيعاتها. ويعتبر مشروعا اقتصاديا بحتا. وتضافرت فيه جهود الشركات المعنية مع »وزارة الاقتصاد« لتأمين بدائل عن برامج الكومبيوتر المقرصنة، »التي لا تفيد الدورة الاقتصادية في لبنان«، كما يقول ميشال كلزي، مدير عام مجموعة »انترنت فاسيليتيز«.

الخطوات اللازمة للاستفادة من المبادرة، بسيطة ومباشرة: »يكفي ان يتوجه الطالب إلى واحد من المصارف التي تتعاون معها الشركات، أو أحد مراكز البيع المعتمدة... يقدم أوراقه... ويحصل على الجهاز بثمن مقسط على 3 سنوات«.

جاءت ندوة الإعلان عن المشروع مقتضبة ومباشرة. وأكد فيها ممثلو الشركات المعنية، اي دايفيد رايان من »انتل«، وخليل عبد المسيح من »مايكروسوفت«، وبسام جابر من »سايبيريا«، أهمية »أول مبادرة تتوجه نحو الطلاب والأساتذة في لبنان«.

لكن ما هو الجديد في طرح هذه المبادرة، خصوصا بعد »فشل« أو طي مشروع »كومبيوتر للجميع« (PC 4 (ALL المشابه الذي أطلقته الدولة في وقت سابق؟ وما هي جدوى توجه المشروع إلى فئة الطلاب دون سواهم من أفراد المجتمع اللبناني؟ فالمسألة برمتها محصورة في توفير الإنترنت، من دون أي إضافات أخرى تميز الطلاب عن غيرهم في هذه المعادلة. لا مواقع علمية خاصة بالطلاب، ولا أدلة إلى مراجع علمية أو حتى كتب أو مناشير تتعلق بالشؤون الدراسية.

ولا يختلف الكومبيوتر الذي يسوقه المشروع عن سواه. وبذا، لا يشبه المشروع اللبناني مثلا مشروع »سيمبيوتر« Simputer الذي ظهر في الهند، لتسهيل استخدام الطلاب والفقراء والأميين لعالم المعلـومات.

Thursday, December 9, 2004

كيف ينظر «الآخرون» إلى شبيههم المختلف؟

مهرجان سينمائي في بيروت لتغيير صورة الاعاقة . كيف ينظر « الآخرون » إلى شبيههم المختلف ؟

منال أبو عبس
Al-Hayat (657 كلمة)
تاريخ النشر 09 ديسمبر 2004

يسير ناصر الضرير إلى جانب مصطفى الأعرج في الشارع. يتأبطان ذراعي بعضهما بعضا، وينطلقان في رحلة يستشفان فيها كيف ينظر »الآخرون« إلى المعوق. الآخرون أشخاص في مثل سنهم، يخافون من اللعب معهم، لأن»بيقولوا إنكم بتؤذونا«. هذا مقتطف من فيلم »صوتنا« (01 دقائق) الذي استغرق إنتاجه سبعة اشهر من الجهود المشتركة لمجموعة من الشباب المعوقين وغير المعوقين. ناصر ومصطفى ورفاقهم الكثر يجلسون في مقدم مسرح »سينما استرال« في الحمرا. أمام الجميع ثبتت لافتة كتب عليها »لم يتغير شيء سوى نظرتي... فتغير كل شيء«، عنوان مهرجان الفيلم السينمائي الثاني حول »الإعاقة وحقوق الإنسان« الذي نظمته »شبكة الدمج« و»اتحاد المقعدين اللبنانيين« و»منظمة العفو الدولية« لمناسبة اليوم العالمي للإعاقة.

المهرجان يهدف إلى »مساعدة وسائل الإعلام على ابتكار صورة حقيقية لقضية المعوقين في مواجهة محاولات تجسيدها أو طرحها بصورة خاطئة في المجتمع، تلحق الضرر بالمفهوم العام للأشخاص ذوي الاحتياجات الإضافية وبحقوق الإنسان والمعوقين، والى تسليط الضوء على بعض القضايا التي تواجه ذوي الاحتياجات الإضافية، ونقل صور المفاهيم الراهنة في المجتمع، مركزا على فكرة أن المشكلات المتعددة التي يعانيها الأشخاص ذوو الإحتياجات الإضافية هي نتيجة التمييز الذي يتعرضون له لا الإعاقة بحد ذاتها«.

وتضمن المهرجان في يومه الثاني نشاطات إبداعية شارك فيها الإعلامي طوني بارود، وهدفت إلى بث الوعي المجتمعي لدى الطلاب حول تقبل الإعاقة من باب التنوع في المجتمع بمختلف فئاته. كما قدم عرض راقص لطلاب »مؤسسة الأب روبير للصم«، إلى جانب عرض سبعة أفلام طالبية مشاركة في المسابقة، وتتناول مواضيع حقوق الإنسان والإعاقة.

وفي اليوم الأخير عرضت أفلام: »تكلم« لماثيو بارك (الملكة المتحدة) الذي أنتجته لجنة حقوق الإعاقة، وتدور قصته حول مدير شاب يستيقظ من النوم، فيجد نفسه في عالم تكون الإعاقة فيه هي المعيار. وبما انه غير معوق، عليه تجاوز حواجز جسدية واجتماعية، »اللعب في الشارع« لسمر كنفاني (لبنان): يصور الفيلم أولادا يبتكرون فسحة كي يمارسوا فيها ألعابهم، »رجل الرفقة« لفيليب توماس (فرنسا): لقاء رومانسي في الشارع على إيقاع موسيقى السامبا، »هارفي كرامبيت« لآدم إليوت (أوستراليا): سيرة رجل عادي ملعون وسيئ الحظ، »إيلي فيروز« لسينتيا شقير (لبنان): صوت إيلي درويش يشبه صوت المطربة فيروز، ويصور الفيلم قصة هذا الرجل وحياته بصوت امرأة، »الأحاسيس العمياء« لراينا هايغ (المملكة المتحدة): فيلم تعبيري مؤلف من أجزاء عدة تصور كيف يؤمن الكفيف لنفسه فضاءه الشخصي وينمي إحساسه الفردي به ويحافظ عليه، »حياة مستقلة، الإعاقة في كوسوفو« لآندريا رافيني (إيطاليا): الإعاقة في كوسوفو، الأحكام المسبقة والصعوبات المختلفة والأزمات القائمة بين الإثنيات والتنظيم الاجتماعي، »الإعاقة« للويز مارتن سوسي (فرنسا): قصة إغواء لا يهم ما تقوله فيها بل كيف تقوله، »دليل فنان إلى انفصام الشخصية« لديفيد آمرسون وداميان كلارك (المملكة المتحدة): تكتشف آيدين شينغلر الأبعاد الإبداعية والروحية لانفصام الشخصية، »كما لو أن لا نهاية للجمال« لجيس سلوم (لبنان/ كندا): جزء من عمل قيد الإنجاز يتناول عبد المجيد، لاجئ فلسطيني إلى لبنان منذ العام 8491، يصور مراحل من حياته، »المعجزة« لجورج حمصي (لبنان): تجربة حية مملوءة بالسخرية للحصول على تأشيرة دخول أميركية، إذ يضطر اللبنانيون إلى الذهاب إلى قبرص أو سورية لذلك، »يوم سعيد« لعادل سلام (المغرب): قصة سعيد البالغ من العمر سبعة أعوام، الذي يواجه شتى أنواع سوء المعاملة في مكان عمله.

واختتم المهرجان بتوزيع جوائز مسابقة الأفلام حول حقوق الإنسان والمعوقين. ومنحت جائزة أفضل فيلم عن حقوق الإنسان إلى يوري تامر من الجامعة اللبنانية - الأميركية عن فيلمه »اجمل حكاية«، والجائزة الثانية عن أفضل فيلم لحقوق الأشخاص المعوقين لساره حيدر من جامعة القديس يوسف عن فيلمها »طانت هاله«، والجائزة الثالثة لأفضل سكريبت لباتريسيا حنين من الجامعة اللبنانية - الأميركية عن فيلمها »أندر كافر«.

Wednesday, December 8, 2004

نباتات التلة

نباتات التلة

منال أبو عبس
Al-Hayat (387 كلمة)
تاريخ النشر 08 ديسمبر 2004

عام 1982 اخترقت رصاصة «طائشة» شباك منزلي. الشباك يحتل جزءا كبيرا من الحائط. منازل بيروت القديمة عالية السقوف، كبيرة النوافذ. كلمة طائشة أطلقت اثناء الحرب على الرصاصة مجهولة المصدر. مصدر رصاصة بيتي لم يكن مجهولا. امام منزلي تتسمر تلة ترابية ضخمة. التلة كانت مرتعا لأفراد من ميليشيات اطلقت رصاصة طائشة على بيتي. اخترقت الرصاصة جانب النافذة الأيسر. مزقت حافة الكنبة. استقرت في الجانب الأيسر من ظهر اخي الجالس على الأرض.

يستهل دان براون رواية «شيفرة دافنتشي» بمشهد اللحظات التي سبقت قتل القيم على متحف اللوفر في باريس جاك سونيير. احس جاك بالرصاصة تخترق جسده. رسم بالدم على بطنه نجمة خماسية. وخط - بدمه - شيفرة ورموزا تساعد حفيدته في حل لغز مقتله.

هي احدى الليالي العاصفة في بيروت. ومضات البرق تعكس شبح نباتات التلة المهملة على نافذتي. صورة اخي تعلو سريري المطل على التلة. لا أقوى على نزع الرواية من يدي.

الثانية بعد منتصف الليل. لا شيء يعكر صفو نومي العميق. يسير اخي عاريا على التلة. يطارده جاك الهارب من رواية دافنتشي. يتعثر اخي في وحول التلة الضخمة. اسير بتثاقل صوب نافذة غرفتي البعيدة. حديد نافذتي صلب لا يمكن اختراقه. يستنجد اخي العاري بي. يختنق صوتي في حنجرتي فلا اقوى على طلب النجدة. اهلي في عالم آخر يبدو بعيدا عن عالمي. يحلمون بأشياء اخرى، بالتأكيد مختلفة.

يخط اخي على وحول التلة شيئا. هو يطلعني على امر ما على الأرجح. نظرات القائم حادة وشريرة. لا يسعني شيء سوى البكاء والصراخ العاجز. اخي يغرق في وحول التلة، والقائم ينظر إليه بحقد.

صوت الرعد يرجعني من عالم آخر. نور غرفتي ما زال مضاء. لم يسمح لأخي يوما بالصعود الى التلة، تقول امي.

Tuesday, December 7, 2004

واقع علم النفس العربي

موضوع ندوة في معرض بيروت للكتاب . واقع علم النفس العربي بين التراث وتحديات العصر



منال أبو عبس
Al-Hayat (405 كلمة)
تاريخ النشر 07 ديسمبر 2004


في إطار النشاطات الثقافية المترافقة مع »معرض بيروت العربي الدولي للكتاب« الثامن والأربعين، نظمت »دار الفارابي« و»جامعة القدي يوسف« (اليسوعية)، و»المركز العربي للأبحاث النفسية والتحليلية«، في قاعة »بيال«، »مؤتمر المحللين النفسيين العرب: النفس في التراث العربي- حوار ومناقشات«.

قدم للندوة ممثل »دار الفارابي« غازي برو، مشيرا إلى »التعاون المهني النشري القائم بين »الفارابي«، والجامعة اليسوعية والمركز العربي«، مما »أفرز تأسيس مكتبة نفسية تقدم الأعمال التي ينجزها المركز، أو التي يقوم بها أفراد متخصصون«.

وأشار المحلل النفسي عدنان حب الله إلى أن حماية القيم والمقدسات تفترض »رفع الحواجز التي تحول بيننا وبين والمعرفة«. واعتبر حب الله أن »التحليل النفسي مدخل أساسي في هذا المجال، لأنه لا يقتصر فقط على معرفة عملية، إنما يعتمد على منهجية تطاول كل خطاب، على اعتبار أن أي قول أو نص لا يخلو من تفسير ظاهر وتفسير باطن... وهذه تجربة ليست غريبة عن تاريخ حضارتنا... وكانت، في القرن السابع، عملا اساسيا من عوامل تطور الحضارة العربية«.

وتحدث الدكتور والمحلل النفسي خليل احمد خليل عن الجديد في النفس العربية وهو »تجدد النفوس عينها، سواء بالعودة إلى الآباء والجدود (تراث وثقافة)، أم بالانطلاق من النفس العالمة (لكل امرئ ما نوى، أي ما عرف وما قصد أن يعمل. والأعمال بالنيات أي بالإرادات النفسية)«.

واعتبر الطبيب والمحلل النفسي الدكتور عادل عقل أن »دروس التحليل النفسي دعمت سلاح المعرفة في جميع حقول الوجود لنتفهم سيكولوجية الإنسان، مساعدة على الحوار والبحث والتنوير«. وأضاف عقل أن »مبدأ التحليل هو عملية البحث عن الحقيقة، حقيقة الذات، ومقاربة هذه الحقيقة... أما المعالجات النفسية فهي مقاربة المعاناة والآلام الشخصية حيث المساعدة بواسطة العلوم العيادية والاكتشافات الكيميائية«.

كما شارك في الندوة دكتور علم النفس والمحلل النفسي منير شمعون. وتلا الندوة توقيع كتاب »أعمال المؤتمر الأول للمحللين النفسيين العرب المنعقد في بيروت أيار (مايو) 2004».

Monday, December 6, 2004

« مجلة العربي الحر »

موقع « مجلة العربي الحر » الالكتروني يربط أزمان المعرفة عربيا

منال أبو عبس
Al-Hayat (691 كلمة)
تاريخ النشر 06 ديسمبر 2004

أربعة كتب جديدة، مجلدة ونظيفة ترصف فوق بعضها بعضا على يمين شاشة الكومبيوتر. وتقابلها على يسار الشاشة أربعة كتب أخرى، قديمة وشبه مهترئة. وفي الوسط ترتسم عبارة »مجلة العربي الحر«، كأنما هي »جسر« بين معلومات من زمنين مختلفين. وعلى مسافة غير بعيدة من تلك الصورة، ينظر شاب إلى المشهد بتمعن واهتمام.

...ولكن من هم؟

تحتل الصورة صفحة الاستقبال في الموقع الالكتروني لتلك المجلة www.freearabi.com..

وفي الصفحة عينها، جدول يظهر اقسام الموقع: »علوم وطب ورعاية صحية - انترنت وتكنولوجيا. أدب - دراسات اجتماعية - منوعات«. غير انه يغفل معلومات اساسية مثل زمن دورية الصدور. فلا يعرف الزائر أهو بصدد نشرة يومية ام اسبوعية ام فصلية ام سنوية. ولا يفصح الموقع عن هوية القيمين عليه. ولا وجود، مثلا، لرسالة الى الجمهور، من نوع »من نحن« او ما يوازيها، والمألوفة الظهور في صفحات الاستقبال في المواقع المماثلة.

ومع التحية التي يوجهها الموقع إلى »جميع القراء في المهجر والوطن العربي«، تفشل المجلة في التقاط أحد أهم مميزات شبكة الإنترنت: كسر الحواجز بين الأمكنة المختلفة. فالأقرب لمنطق الشبكة الدولية للكومبيوتر ان تختفي كلمة »المهجر« من قاموس الزائر أينما كان موقعه في العالم.

الجولات المصورة هي أول الخدمات المتوافرة. تعطي الصور النادرة لدمشق القديمة، والوحيدة في هذا الحقل، لسورية مركزا مميزا على الموقع. وقد يكون السبب المباشر لذلك هو جنسية مدير تحرير المجلة السوري نزار الزين.

ويحتل الأدب المركز الثاني من اهتمامات هذا الموقع الالكتروني. وتحت عنوان »من كل روض زهرة ومن كل موقع قصة«، تظهر سلسلة مختارات قصصية. طريقتا التبويب والإخراج مبتكرتان، إذ يرد اسم الكاتب. ويليه الموقع. ثم يأتي الرابط Link في خانة منفصلة، لينقل القارئ عبر خطوة بسيطة إلى الموقع الأصلي الذي نشرت فيه القصة للمرة الأولى. وتسهل هذه الطريقة مهمة أصحاب المعرفة السطحية بشبكة الإنترنت في الإطلاع على أقسام مختلفة عبر اتباع خطوات محدودة وسهلة.

وتحتل مؤلفات الزين نفسه حيزا كبيرا من المساحة التي تخصصها المجلة للأدب. وتفرد المجلة مساحات واسعة لأنواع أدبية أخرى، تحت عناوين: »مجموعة قصصية«، و»رواية«، و»كتاب وكاتب«، و»دراسات وترجمات«، و»شعر«، و»نبذة عن شعراء«.

وفضلا عن الأهمية الكبيرة التي توليها المجلة إلى الأدب والأدباء، فإنها تغطي حقولا أخرى. وتنضوي تحت عنوان »إنترنت وتكنولوجيا« مجموعة من البرامج الجديدة في المعلوماتية، اضافة الى مقالات مأخوذة من مواقع أخرى.

وتقدم المجلة معلومات علمية وفيرة في فقرات مثل: »غذاء ودواء«، و»رعاية صحية ونفسية«، و»اكتشافات وبحوث«، و»بيئة وطبيعة«، و»ما وراء كرتنا الزرقاء«، إضافة إلى عدد من الدراسات الاجتماعية والنفسية.

ويشتمل موقع »العربي الحر« على فقرتي »منوعات« و»ثقافة عامة«، اللذين لا تغيب عنهما الفكاهة. ويتضمنان عددا من المواضيع المضحكة. ويقدم الموقع لرواده خدمة الدخول إلى ثلاثة مواقع إخباريه عالمية هي »الجزيرة.نت«، و»سي أن أن بالعربية«، و»بي بي سي بالعربية«.

ويعتبر مدير الموقع من الشخصيات الأدبية في العالم العربي، اذ كتب أول مجموعة قصصية له تحت عنوان »ضحية المجتمع« عام 1949، والثانية »سارة روزنسكي« عام 1979. ويدير راهنا المجلة مع ابنه وسيم من الولايات المتحدة الأميركية عبر شبكة الإنترنت.

Saturday, December 4, 2004

« الكلاشنيكوف » الذي اقتلع عين علي


الصبيان يحبون الآليات العسكرية و« ماتريكس «... و« حرب الشوارع »
 « الكلاشنيكوف » الذي اقتلع عين علي



منال أبو عبس
Al-Hayat (523 كلمة)
تاريخ النشر 04 ديسمبر 2004



صعد علي (ثمانية أعوام) إلى سطح منزله في البقاع. البقاع هو منطقة سهلية في لبنان، يكثر فيها الأطفال. استل بندقية بلاستيكية، هدية العيد، متوعدا رفاقه المرابطين في الشارع. رفاق علي في مثل سنه، تأبط كل منهم سلاحه الجديد، متوجها صوب ساحة الاحتفال أو المعركة. السيف البلاستيكي كان السلاح الأقل انتشارا في معركة الأطفال هذه، نظرا إلى عدم أهليته في الحرب العصرية. اكتفى محمد (سبعة أعوام) بحراسة محيط الشجرة، بعدما وعده رفاقه بإشراكه في »حرب الشوارع« المقبلة حيث يكون سيفه اكثر فاعلية في قتل الأعداء.

الكلاشنيكوف الأسود المزود بكيس من رصاص »الخرز« (طلقات صغيرة مستديرة الشكل)، يطغى على المكان. الأهل يعرفون خطورة هذه اللعبة، خصوصا أن إحدى بلديات المنطقة منعت بيع ما وصف بـ»الألعاب الخطيرة« منذ عامين، قبل أن تتركه مباحا العام الحالي. عبأ الرفاق بنادقهم بالذخيرة المطلوبة، معلنين بدء الحرب. انتهت الجولة الأولى برصاصة بلاستيكية أفقدت علي إحدى عينيه.

الألعاب الخطيرة أو الأسلحة المؤذية هي بالضبط ما تذخر به محال الألعاب الكبرى في لبنان. والسبب أن »الطلب يتركز على المسدسات، البنادق، ومجسمات سيارات الجيش والدبابات«، يقول البائع في أحد المخازن. ويشير إلى رف صغير تحت لافتة »علم طفلك الإبداع« يحوي صورا ودفاتر وألوانا وعجينة ملونة، معلنا أن الأهالي أنفسهم لا يسألون عما »ينمي ذكاء أطفالهم، وقلما تهمهم الطريقة التي يعبرون بها عن أنفسهم«.

في الركن الرئيسي من صالة العرض، وقف الأب مذهولا مما تفوه به ابنه للتو. »دبابة« كانت الكلمة الثالثة التي يتلفظ بها الصغير بعد »ماما« و»بابا« مشيرا الى آلة عسكرية صغيرة تعمل على البطارية، وتخرج أصوات إطلاق نار وقذائف وتحرك مقدمتها يمينا ويسارا. الطفل هو الثالث في الترتيب العائلي، و»تقليد أخويه الكبيرين مرحلة أساسية يمر بها تطوره العقلي«، يقول الوالد فرحا بنمو الصغير الذي بدأ يستخدم حواسه للتعبير عما يريد.

ينفصل المتجر الكبير إلى ركنين رئيسين. الأول يزخر برسوم الرجل العنكبوت، »سوبر مان«، »ماتريكس« وغيرها من الألعاب »الذكرية« الطابع، والثاني يغلب عليه لون الزهر الأنثوي، صور »باربي« العملاقة، الجميلة النائمة، علب الماكياج وأدوات المطبخ. الركنان متجاوران، لكن كثافة الحضور تتركز في القسم المخصص للفتيات لافت للنظر«. لم تعد الصغيرات يرضين بما تختاره لهن أمهاتهن. اكثر ما يثير إعجاب الفتيات هو الأسلحة والجنود، خلافا للمألوف«، يقول العامل ساخرا مما سماه جيل »نساء حديديات« مرتقب في الأعوام المقبلة.

الى جانب خطورة أنواع معينة من الألعاب على الصغار، تجدر الإشارة إلى أن نوعية هذه الألعاب البلاستيكية المستوردة في الأغلب تبقى مثار شك. »تكفي أن تقترب الدمية حتى تفوح منها رائحة مواد كيماوية«، تؤكد إحدى الأمهات محاولة إقناع ابنها شراء دراجة هوائية يقودها في قريته أثناء العـطلة.

Tuesday, November 30, 2004

تظاهرات طلاب لبنان في الاستقلال تتخذ طابعاً يمينياً

تظاهرات طلاب لبنان في الاستقلال تتخذ طابعاً يمينياً... ولا مكان فيها لأهل الوسط
بيروت - منال ابو عبس الحياة 2004/11/30


لا شيء يشبه بيروت ثمانينات القرن الماضي. رحيل ياسر عرفات المتلفز أعاد إحياء صور بيروت الحرب على شاشات فضائيات كثيرة. خروج الفلسطينيين من لبنان, بملابسهم العسكرية الكاكية, الرز المنثور على رؤوس الفدائيين المبعدين. نساء ورجال مصطفون على جوانب الطرقات, يذرفون الدموع بسبب خروج تنظيم عربي قاسمهم شبانه معاناة التهجير والدمار.

لا شيء يشبه بيروت ثمانينات القرن الماضي, ما عدا امرأة ستينية, بشعر أبيض وفستان أسود, على شرفة منزلها القديم تنثر الرز فوق تظاهرة شبابية تنطلق باتجاه منطقة المتحف القريبة, في الأيام القليلة السابقة لعيد استقلال لبنان الحادي والستين في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
المرأة والشرفة والتظاهرة مشهد كأنما اقتطع من سجل تلفزيوني قديم. في السجل القديم ذرفت فئات من اللبنانيين الدموع ونثرت الرز على رؤوس شبان سيطول فراقهم. آنذاك خرج اللبنانيون إلى الطرقات ليرافقوا المبعدين في رحلتهم الأخيرة عن أرض لبنان, قبل أن يغيبهم البحر.


19 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري, لا يشبه في جوهره يوم خروج الفلسطينيين من لبنان. القضية الحالية حتماً مختلفة, لكن الصورة مشابهة. في السابق رفع بعض اللبنانيين اكفهم مودعين شباناً من تنظيم عربي. اليوم ترفع سواعد فئات أخرى مطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان. القضية مختلفة, لكن المشهد واحد. ثلاثة آلاف شاب من "التيار الوطني الحر" بقيادة العماد ميشال عون, و"القوات اللبنانية" المحظورة, و"القاعدة الكتائبية", و"حزب الوطنيين الأحرار" و"حراس الأرز", ينطلقون من جامعاتهم الموزعة في مناطق مختلفة من بيروت: الأشرفية, فرن الشباك, سن الفيل, الدكوانة وغيرها. يجوبون طرقات بيروت مطالبين بـ"ببلد رجاله أصحاب قرار", معلنين "تمسكهم باستقلال لبنان, استقلالاً حقيقياً وباستعادة قرارهم الحر".

ورفع طلاب جامعة "القديس يوسف" لافتة تعهدوا فيها "بمتابعة مسيرتنا حتى تحرير آخر شبر من أرضنا من كل احتلال سوري, أياً كان نوعه" ثم وقعها المتظاهرون.

مطالب اليوم تماماً كمطالب الأمس, لا تعبر إلا عن فئة قليلة من اللبنانيين. الفئة القليلة المتظاهرة هنا, تحتكر آراء لبنان معتبرة أن "طلاب لبنان والشعب اللبناني كلهم موحدون في المطالبة باستقلال لبنان, وجلاء الجيوش الأجنبية كلها عن لبنان, وعودة القرار إلى يد الشعب اللبناني", يقول مسؤول الهيئة الطلابية في إحدى الجامعات. ينتمي المسؤول إلى "طلاب التيار الوطني الحر" الذي يجاهر بديموقراطيته في التعاطي مع القضية. التيار نفسه يتجاهل آراء فئات لبنانية تطالب ببقاء الجيش السوري في لبنان, وتجد فيه ضمانة وجودها.


... وحده وزير الداخلية تغيّر

المتظاهرون حضاريون, هذا ما أثبتته التظاهرة الأخيرة. القوى الأمنية اكثر حضارة, كما اثبتت في تعاطيها مع الطلاب. المتظاهرون أو بعضهم على الأقل, تعرضوا العام الماضي إلى التوقيف والضرب على أيد أمنية, لرفعهم الشعارات نفسها التي يرفعونها اليوم. وزير الداخلية وحده تغير. سليمان فرنجية حل مكان الياس المر. تبدل الوزير جاء في مصلحة الطلاب. ربما هذا الذي دفع مسؤول الهيئة الطلابية إلى تقديم وردة إلى الضابط المسؤول أمام باب الجامعة طالباً منه الإذن بالخروج لموافاة رفاقه المتظاهرين أمام درج المتحف.

المتحف هو المكان المنشود لأن "استقلال لبنان صار من التاريخ, يعني دخل المتحف", كمـا قـال أحد المتظــاهرين سـاخراً.

عناصر الدرك, والجيش, والدفاع المدني, والصليب الأحمر وقوات مكافحة الشغب, لا يتغيرون كل عام, وان كانت ديبلوماسيتهم الزائدة في التعاطي مع القضية جعلت المتظاهرين لا يصدقون انهم هم نفسهم. أولئك رافقوا المتظاهرين من أماكن انطلاقاتهم الكثيرة حتى نقطة التجمع. وقفوا يراقبون الشبان من بعيد. الطريقة الودية التي تعاطى بها الجميع, صعبت مهمة عنصر آخر لازم الوجود في كل تظاهرة. صاحب النظارة السوداء يندس بين شبان باتوا يعرفونه جيداً. "مخابرات, مش مستحي من حالك؟" هي العبارة الوحيدة التي يوجهها أحدهم اليه.

تظاهرة المطالبين باستقلال لبنان, تضم أحزاب المعارضة اليمينية. اليمينيون أنفسهم حملوا أعلاماً تشبه علم لبنان, لكن لونها اسود. رفعوها عالياً ليسير خلفها سامي نجل الرئيس السابق أمين الجميل, ونديم ابن الرئيس الراحل بشير الجميل. نديم وسامي ومسؤولو الأحزاب الأخرى يطالبون باستقلال لبنان.

أحزاب التظاهرة الرئيسية الأربعة, تطالب باستقلال لبنان... كما أراده ميشال عون, وبشير الجميل, وأمين الجميل, وداني شمعون, وسمير جعجع أو غيرهم... لا يهم. عدد النماذج المطلوبة لاستقلال لبنان لا تهم, طالما أنها جميعاً تصب في خانة خروج الجيش السوري من لبنان. قرار الأمم المتحدة الرقم 1559 نفسه لم يكن محط اتفاق بين الجميع, فأنزلت اللافتات نزولا عند رغبة مسؤول الطلاب في "القوات اللبنانية".

تبث الشاحنة الصغيرة الأغاني الحزبية والوطنية اللبنانية. مكبرات الصوت تجتذب انتباه المشاركين. المكبرات تثبت على أطراف سطح الشاحنة. يتنكر شاب بملابس أسامة بن لادن. في يده كلاشينكوف بلاستيكي يصوبه نحو رأس فتاة لف بالعلم اللبناني. على عباءة الشاب البيضاء ثبتت لافتة "سورية إرهابية". على رأس الفتاة كتبت عبارة "لبنان السلام". هوية الشاب تضيع بين الأحزاب المشاركة. يصعد إلى سطح الشاحنة. يمد يده إلى آخر غير متنكر بزي. يرفع الشاب لافتة كبيرة كتب عليها بالإنكليزية "بوش ساعدنا في إنقاذ لبنان. 1559"520 الآن". اللافتة تحمل توقيع حزب "حراس الأرز" الذي نشأ مع بداية الحرب اللبنانية في منتصف السبعينات.

رئيس الحزب إتيان صقر الملقب بـ"أبو أرز" يقيم في إسرائيل أو قبرص منذ تحرير الشريط الحدودي في جنوب لبنان. في كتابه "فصول في الوعي القومي" الصادر عام 1986يعتبر صقر أن "أمن لبـنان من أمن إسرائيل, وكلما قويت إسرائيل قوي لبنان, وكلما ضعـفت ضـعف". في التظاهرة التي تسـبق الاحتـفال بعيد الاستقلال, يستنجد شاب لبناني تابع إلى حزب رئيسه فار من العدالة اللبنانية, باستقلال لبنان بمساندة جورج بوش!

"لبنان ديموقراطي حتى العظم", هذا ما استنتجه أحد الشبان المشاركين في التظاهرة. الشاب لا ينتمي إلى أي من الأحزاب المشاركة, لكنه يطالب بجلاء الجيوش الأجنبية عن أرض بلاده. "جميع الجيوش الأجنبية", يقول الشاب. يدير ظهره مع نهاية الكلمات السياسية التي توجه بها مسؤولو الأحزاب إلى المتظاهرين. يعرف أن لا مساحة صغيرة تخصص ليتظاهر عليها أمثاله. أولئك الهاربون من التظاهرات الإسلامية التي لا تطالب إلا بجلاء إسرائيل, واطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية, والهاربون من التظاهرات المسيحية التي لا ترى عدواً غير سورية, ولا معتقلين لبنانيين إلا فـي السـجون السـورية.

Saturday, November 20, 2004

تظاهرة طلاب المعارضة

القوى الأمنية تغاضت عن غياب الترخيص والتحرك مر بسلام . تظاهرة طلاب المعارضة توحدها المناداة بـ« الاستقلال » و« تفرقها » النظرة الى الوجود السوري في لبنان

مالك القعقور - منال أبو عبس - روزيتا عقل
Al-Hayat (1,078 كلمة)
تاريخ النشر 20 نوفمبر 2004

لم تتلطخ التظاهرات الطالبية في بيروت امس بأي نقطة دم، بخلاف ما جرت عليه العادة، إذ لم يسقط جرحى ولم تحصل صدامات بين القوى الأمنية والمتظاهرين. لكن نهار امس سدد مئات اللبنانيين ثمنه سجنا بسياراتهم ساعات على مداخل بيروت الجنوبية والشرقية والشمالية، بسبب حواجز اقامتها القوى الأمنية للحيلولة دون وصول الطلاب - المتظاهرين الى جامعاتهم في بيروت. وذهب في جريرتهم مئات المواطنين والموظفين.

وتمكن المتظاهرون وهم من مناصري »التيار الوطني الحر« (بقيادة العماد عون) و»القوات اللبنانية« (المحظورة) وحزب »الكتائب - القاعدة الكتائبية« و»الأحرار« و»حراس الأرز«، من الوصول الى محلة المتحف من غير جامعة حددوها للتجمع تحسبا لمنعهم. وتمكن عشرات من طلاب »منظمة الشباب التقدمي« و»اليسار الديموقراطي« من التجمع قرب السرايا الحكومية والتظاهر. وتقاطعت التظاهرتان عند المطالبة بـ»الاستقلال الكامل« مع الاختلاف الواضح في النظرة الى الوجود السوري.

لكن بدا ان الحواجز التي اقامتها القوى الأمنية عند مداخل بيروت والتي وصفها الطلاب بـ»حال طوارئ«، كانت جزءا من »ذكاء« السلطة التي سمحت للطلاب بالخروج من الجامعات، »متساهلة« في تطبيق القانون الذي يمنع التظاهر من دون طلب اذن. وأظهر الطلاب »الثائرون« ضد السلطة والوجود السوري في لبنان »ذكاء« ايضا، إذ لم يخرجوا من جامعة »القديس يوسف« قبل ان يستأذنوا القوى الأمنية. فعشرات الطلاب الذين كانوا يستمعون الى زميل لهم يتحدث عن »الهيمنة السورية« وعن »السيادة والاستقلال المفقودين«، راحوا ينشدون النشيد الوطني وأغنية »تسلم يا عسكر لبنان« عندما دنا زميلهم مسؤول الطلاب في كلية الحقوق مروان معلوف من ضابط كبير في القوى الأمنية مقدما إليه وردة، متمنيا عليه »ان تسمحوا لنا بالخروج في تظاهرة سلمية من هنا الى المتحف (نحو 005 متر) لنعبر عن رأينا ومطلبنا السيادة والحرية والاستقلال«. وقبل منه الضابط الوردة وسمح لهم بالخروج »وسنواكبكم«. وقال المسؤول في »التيار« طوني حرب ان عون أوصاه في اتصال معه من باريس بـ»تنفيذ التظاهر مع اعتماد الحكمة بعدم التصادم مع القوى الأمنية«.

وتحولت القوة الأمنية الكبيرة من جيش وقوى امن داخلي مزودة بفرق مكافحة الشغب وسيارات الإطفاء، التي كانت مرابطة امام الجامعات، الى قوة مواكبة لمسيرة الطلاب الذين رفعوا اعلاما لبنانية كثيرة وصور العماد ميشال عون والرئيس الراحل بشير الجميل وقائد »القوات اللبنانية« سمير جعجع.

وأطلق المتظاهرون هتافاتهم المعتادة: »ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش اللبناني«، و»ما بدنا طائفية إسلام ومسيحية«، و»ما بدنا مجلس نواب يوقف للسوري بواب«. وكذلك رفعوا لافتات، تقدمها شعار »التيار« للمرحلة الراهنة: »9551، لبنان في لبنان وسورية في سورية«.

وفي »جامعة الحكمة« في فرن الشباك بدا عناصر القوى الامنية وسائقو سيارات الاطفاء في حال ترقب، لا تأهب. والطلاب القلائل انطلقوا من بوابة الجامعة للانضمام سيرا الى رفاقهم في المتحف. واعتبر بعضهم الخروج الى الطريق »انتصارا«.

اما في الدكوانة، فتجمع مئات الطلاب المهنيين والجامعيين ولم تسمح لهم القوى الامنية بالتوجه نحو المتحف للانضمام الى مركز التجمع الرئيسي، فاستقلوا الحافلات.

وفي المتحف استقرت القوى الامنية على الرصيف المقابل لدرج المتحف. مئات الشبان والشابات بقمصان بيض خط عليها شعار »التيار« تحت صورة عون، ومئات الوشاحات البرتقالية على رقابهم. واختلطت هذه الصورة بصورة اخرى اقل حضورا لطلاب »القاعدة الاصلاحية الكتائبية« بقمصانهم السود، المكتوب عليها بالأحمر. وبدا ان الطلاب غير مرتاحين لأن القوى الامنية سلمية »أكثر من اللازم«، كما قال »قواتي«، قبل ان يذكره صديقه بضرورة عدم الوثوق بـ»الأجهزة«، لأنهم »عودونا أن يخرقوا الدستور«.

ورفعت في المكان لافتتان تؤكدان المشاركة النسائية للمرة الاولى، خط على احداها »ولدناكم أحرارا فاستعيدوا استقلالكم، الامهات في التيار الوطني الحر«.

حتى الثانية عشرة والنصف كان عدد المتظاهرين مخيبا لآمال المنظمين اذ لم يتجاوز الألفين، وكان احتكاكهم بعناصر القوى الامنية المسالمة اصلا، اقرب الى الود. غير ان بعض المتظاهرين تحدثوا عن اعتراض القوى الامنية سبيل مئات الشبان الآتين من منطقة ضبيه حيث اعتقل احد مسؤولي »التيار«، جينو عون.

عند الواحدة طغى طلاب »القوات اللبنانية«، رافعين اعلام لبنان موشحة بالأسود، وعبارات »مقاومون حتى الحرية« بالأحمر، يتقدمهم نديم بشير الجميل وسامي أمين الجميل، مما ادى الى ارتفاع العدد فجأة الى اكثر من اربعة آلاف ورفعت كثرة من المتظاهرين لافتة حملت عبارة »القرار 9551«. وارتدى احدهم قناع وجه اسامة بن لادن، متنكرا بلباس ابيض كتب عليه »سورية ارهابية«، رافعا بيده كلاشنيكوفا بلاستيكيا. والى جانبه رفع شاب لافتة كبيرة كتب عليها بالانكليزية: »بوش ساعدنا لانقاذ لبنان. 025 + 9551 الآن«، وتحمل توقيع حراس الأرز.

وفي ختام التظاهرة، ألقى مسؤولو التيارات كلمات شددوا فيها على مطالبتهم باستقلال لبنان، في حين اعترض رئيس هيئة الطلاب في »القوات اللبنانية« دانيال سبيرو على رفع لافتات تطالب بتطبيق القرار 9551، داعيا المنظمين الى تطبيق ما اتفق عليه سلفا.

اما في رياض الصلح في وسط بيروت فتظاهرت مجموعة طلاب »منظمة الشباب التقدمي« و»حركة اليسار الديموقراطي« و»منظمة بلا حدود« من الجامعة الاميركية في بيروت، احتجاجا على »قرار منع التظاهر«.

ورفع المتظاهرون شعارات منها »سيادة وطنية، خبز وعلم وحرية«. و»الاستقلال يعني لبنان العربي الديموقراطي« و»لا للتمديد وحكومة ممثلي الأجهزة« و»من اجل استقلال سورية عن لبنان«. وكان عدد عناصر القوى الامنية اكبر من عددهم، حين ساروا في اتجاه ساحة الشهداء.

وعزوا قلة عددهم الى منع القوى الامنية زملاءهم خارج بيروت من الوصول ولم ينضموا الى متظاهري المتحف »على رغم تقاطعنا معا على اعتبار الاستقلال منقوصا«، لأنهم يرفعون شعارات لا نوافق عليها كمفردة »الاحتلال السوري«.

Wednesday, November 17, 2004

« كراكيب » مسرح الدمى

أصوات شبيهة بأصوات الصيصان المسجونين في قفص .« كراكيب » مسرح الدمى اللبناني تخاطب مخيلة الصغار

منال أبو عبس
Al-Hayat (611 كلمة)
تاريخ النشر 17 نوفمبر 2004

كان جاد يجلس في الصف الأمامي لمسرح »سينما استرال« في بيروت. هو تلميذ في الصف الابتدائي الثاني، تلقى كما سائر رفاقه، دعوة من »مسرح الدمى اللبناني« لحضور عرض »كراكيب« الذي نظمته جمعية »خيال« للتربية والفنون، مساء الجمعة الماضي. جاد واحد من عشرات الذين توافدوا إلى المكان قبل بدء العرض بساعات »لمتابعة مسرحية بتضحك«.

في تلك الصالة المظلمة، استمع الأطفال إلى أغنية »شبابيك« للفنان اللبناني احمد قعبور، قبل أن يتابعوا حكايات أبطال المسرحية الخمسة. سلوم، الدمية يملك ألعابا كثيرة لا تحصى، معتاد على تكسيرها ورميها من الشباك... يشبه سلوم الكثير من الأطفال في القاعة. يتفاعل الصغار معه، مدافعين عن تصرفاته بعبارات يطلقونها عالية، علها تصل إلى مسمع الممثلين. الأهالي بدورهم وجدوا في سلوم مثالا عن أطفال »يقودهم الدلع المبالغ فيه إلى الاستهتار بقيمة الأشياء«.

على بعد خطوات قليلة من منزل سلوم المطلي بالأزرق والمليء بالألعاب، تقف سلمى. دمية أخرى، تملك مصباحا فريدا اسمه لطفي، وجدته يوما على شباك بيتها، زهري اللون وفرحت به كثيرا. سلمى نموذج يخاطب به المخرج وكاتب السيناريو كريم دكروب، مخيلة الأطفال... هي طفلة ذكية، غير مستهترة وتجيد الحفاظ على مقتنياتها.

أم كراكيب وأبو كراكيب، عجوزان يعملان على تجميع الألعاب المرمية، تصليحها وإعادة توزيعها على شبابيك الأطفال. وايمن الدمية يظهر في مشهدين من المسرحية، ليساعد العجوزين في مهمتهما.

الديكورات البسيطة، الإضاءة الخافتة، السيناريو المستمد من يوميات الصغار، وموسيقى قعبور وأغانيه الخاصة بالأطفال، هي ما اعتمد عليه المخرج لجذب الجمهور. إذ تكفي لحظات قليلة ليتحول المنزل إلى شجرة، تشق من وسطها كمغارة، ما أن يتلفظ سلوم بالكلمة السحرية.

تقنيات العرض عنصر يجهل الأطفال تفاصيله وضرورياته، لكن المخرج اختار التنويع في عرضه ليضفي عليه حيوية ضرورية. يغيب المحرك (الممثل الحقيقي) خلف الحاجز متى استوجب العرض ظهور »دمية الكف«، كما في مشاهد قليلة. ويتحرك الممثل أمام أنظار الحاضرين، مسيرا أمامه الدمية بحسب تقنية »المحرك الظاهر« التي كان دكروب من أوائل مستخدميها في مسرح الدمى.

الأطفال في الصالة كثيرون. يعرفون القليل عن مسرح الدمى، نشأته، تاريخه وأهدافه، إلا أن ذلك لم يخفف من تفاعلهم العفوي مع النجوم المتحركين على الخشبة أمامهم. تجاوبوا بصدق مع فصول القصة، فانطلقت أصواتهم الشبيهة بأصوات الصيصان المسجونين في قفص، لتوجه باندفاع وحماسة الإرشادات إلى الممثلين، وتجيب عن أسئلة يفترض أنها تدور في رأس الدمية.

على خشبة المسرح غاب الممثلون الثلاثة رشاد زعيتر، وعد شبل وكاترين دكـروب، خلف دمـاهم. تحولت الدمية إلى نجمة حقيقية. وضحى الممثلون الثلاثة بحبهم للظهور المباشر، ملبسين دماهم جزءا من شخصياتهم الحقيقية.

تجدر الإشارة إلى أن مخرج المسرحية خريج أكاديمية سان بطرسبورغ للفنون المسرحية / كلية فن الدمى، وعضو في الاتحاد العالمي لفن الدمى ( مقره فرنسا)، وأستاذ مادة الدمى في الجامعة اللبنانية. وتعتبر فرقة »مسرح الدمى اللبناني« التي أسسها دكروب عام 6991، من الفرق الأولى المتخصصة في الدمى في العالم العربي.

Tuesday, November 9, 2004

استبدال العطلة يذكر بتقسيم «شرقية- غربية»!

معارضون يرفضون التخلي عن « الويك أند »... ومؤيدون يتهمون الآخرين بالعمالة لإسرائيل !. استبدال يوم الجمعة بعطلة يوم السبت في الثانويات الرسمية اللبنانية يذكر بتقسيم « شرقية - غربية »!

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,418 كلمة)
تاريخ النشر 09 نوفمبر 2004

تزامنا مع بدء العام الدراسي، شكل وزير التربية اللبنانية سمير الجسر لجنة من الوزارة قوامها: مدير عام التربية جورج نعمة، مدير التعليم الثانوي وائل التنير، مدير التعليم الابتدائي ايلي سماحة، ورؤساء المناطق التربوية. أصدرت اللجنة توصية إلى الوزير يتم بموجبها اتخاذ قرار بيوم التعطيل في المدارس الرسمية، بعد مراجعة المرجعيات الدينية في القرية، او البلدة، أو المدينة. وبناء عليه، اصدر الوزير قرارا دعا بموجبه المدارس الثانوية إلى مراجعة رؤساء الطوائف والاتفاق معهم... وبالنتيجة، استبدلت عطلة يوم السبت في المدارس الرسمية (الواقعة في المناطق الإسلامية) بيوم الجمعة.

رفضت رابطة الأساتذة الثانويين قرار الوزير، معتبرة أن موضوع التعطيل يستلزم قرارا سياسيا من مجلسي الوزراء والنواب. وتماما كما في كل قضية، لم يخفت صوت الموالين، فردت رابطة الطلاب المسلمين على الأساتذة، واتهمتهم بالعمالة لإسرائيل، مؤكدة أن عطلة يوم الجمعة حق للمسلمين، فيما بقي طلاب بعض المدارس الرسمية، مضربين عن الحضور يوم السبت.

طلاب الشرقية وطلاب الغربية

لا أحد يعرف ما الذي يدور في رأس جمال وهي تنزل حقيبتها المدرسية عن كتفيها، لترفع لافتة كبيرة أمام بوابة مدرستها. اللافتة تطالب بـ«توحيد أيام العطلة»، وترتفع قبالة واحدة من أهم المدارس الرسمية في لبنان.

إلى جانب جمال تقف مجموعة من طلاب تلك المدرسة يرددون شعارات ترفض «تدخل رجال الدين في التعليم الرسمي»، و«إثارة النعرات الطائفية» و«التمييز بين المناطق تبعا لاختلاف مذاهبها».

تحرك جمال ورفاقها كان الرد الأول على استبدال يوم العطلة، لكنه لم يكن الوحيد، إذ امتدت الاعتصامات من ثانوية رمل الظريف (رينيه معوض)، إلى ثانويتي زاهية قدوره وفخر الدين المعني (للبنات) في بيروت. و«حاليا هناك اتصالات بين طلاب الثانويات في بيروت الغربية من اجل تنظيم تحرك عام يرفض القرار»، يؤكد سامي (17 عاما)، أن القرار الجديد «ليس إلا محاولة أخرى للفصل بين بيروت الشرقية وبيروت الغربية» وهما مصطلحان أفرزتهما الحرب الأهلية في لبنان، للتمييز بين المنطقتين المسيحية والمسلمة.

نظرة سامي السياسية إلى القضية، لم تلحظ إلا جانبا واحدا منها. «فالقرار يهدد الشعور بالانتماء إلى الثانوية الرسمية... ويجبرنا على التوجه إلى المدارس الخاصة»، هو إذا «يضرب التعليم الرسمي في الصميم»، بحسب وجهة نظر رانيا. تبدو رانيا اكثر دراية بخلفيات القرار «الممتدة من العام 1973، عندما حاولت وزارة التربية تطبيقه، وفشلت. ثم أعادت الكرة العام 2001 وفشلت، وها هي تحاول مجددا».

تضم المدارس الرسمية في لبنان الفئات الاجتماعية المتوسطة وما دونها. الأكثرية الساحقة من تلك الفئات تنتمي إلى مناطق البقاع والجنوب. وهي بالذات الشريحة التي علا صوتها الرافض لخطوة «تفرض ضغوطا اجتماعية كبيرة» يقول محمود.

ويضيف: «الفصل بين يومي العطلة يمنعنا من التوجه إلى قرانا بعد أسبوع من العمل والدراسة»، وهو بالنسبة اليه السبب الأساسي للاعتصام ضد القرار. يستغل محمود عطلة نهاية الأسبوع ليتوجه إلى البقاع حيث يمضي الفترة الممتدة من مساء الجمعة حتى صباح الاثنين. والد محمود موظف في دائرة رسمية، وبالتالي «عطلة الجمعة والأحد ستمنع العائلة بأسرها من التوجه إلى القرية طيلة العام الدراسي».

الدواعي الأمنية ومتطلبات السلامة شرط آخر يتجاهله الوضع الجديد. فعودة الطلاب وحدهم عند السادسة أو السابعة من مساء يوم السبت، هو ما ترفضه في شكل قاطع والدة مروى. وتقول: «تنقلات المقيمين في ضواحي بيروت وخارجها... والذين يعودون إلى منازلهم مع أهلهم العاملين في بيروت في عطلة نهاية الاسبوع» هي المشكلة التي تسعى الوالدة إلى إثارتها أمام «الرأي العام».

ولكن، من ناحية أخرى، المبدأ الذي يستند إليه القرار صحيح... هو حق المسلمين في يوم للصلاة. وهو بالذات ما يسعى عدد من الطلاب المسلمين إلى الدفاع عنه أمام المعنيين. يرفض رائف كل الضغوط التي يمارسها زملاؤه لإلغاء عطلة يوم الجمعة، معتبرا أنها «اعتداء على حقوقنا وإهانة لمشاعر المسلمين، وحقهم في التوفيق بين دراستهم وممارسة شعائرهم الدينية».

وفي كلتا الحالتين يبقى شعار «نعيش في دولة تحترم كل الطوائف»، حجة فاعلة تتكرر على السنة الموالين والمعارضين على حد سواء. فالعبارة مطاطة، واللبنانيون عموما، ومن ضمنهم طلاب المدارس والثانويات يجيدون استخدام لغة السوق وتسخيرها في خدمة قانون العرض والطلب.

الهيئات والفاعليات والروابط التربوية عنصر آخر في القضية. ومن أهم خصائص هذا العنصر هو إصدار البيانات التي لا تخلو من اتهامات، تاركين للطلاب وحدهم مهمة القيام بالخطوات العملية.

أولا، أعلنت رابطة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان، في بيان، رفضها القاطع «للإصرار على فرض التعطيل نهار الجمعة على بعض الثانويات والمدارس الرسمية في عدد من مناطق العاصمة والمحافظات من دون سواها». وصفت القرار بأنه «لا يستند إلى أي مسوغ قانوني أو تشريعي». وطالبت الوزارة بتحمل مسؤوليتها الوطنية والتربوية بالحفاظ على «التنوع والوحدة والاندماج الوطني الحاصل في مؤسساتنا التعليمية، وترك الخيار إلى الإدارات والأساتذة وأهالي التلاميذ لاختيار أيام التعطيل التي تتناسب ومصالح التلاميذ وتحصيلهم العلمي».

وثانيا، وحتى لا تستفرد رابطة الأساتذة بالميدان، فتستميل العقول لمصلحتها، اجتمع مؤيدو القرار في منزل النائب السابق زهير العبيدي. وأصدرت «رابطة الطلاب المسلمين» بيانا تتفهم فيه «مقاصد وخلفيات بعض أعضاء رابطة الأساتذة الثانويين من العلمانيين والمرتبطين بالتوجه التربوي الغربي والمحافل الصهيونية، كي يضغطوا باتجاه إلغاء قرار التعطيل يوم الجمعة لتأمين عطلة أسبوعية ليومين كاملين، ثم لتعلم الرابطة أن استبدال التعطيل يوم الجمعة بيوم السبت إرضاء لبعض الأساتذة القادمين من القرى والبلدات النائية ويمارسون التعليم في مراكز الأقضية والمحافظات ما هو إلا ذر للرماد في العيون ويصبح الاستبدال خدمة مجانية لبني صهيون ليعززوا سيطرتهم الاقتصادية والثقافية والعسكرية على العالم!!».

الطلاب هم المعنيون الأوائل في هذه القضية. هي قضية توفر لكل منهم الوقت لممارسة شعائره الدينية. لكن لبنان بلد التعايش والحرية والمساواة، هو أيضا بلد الـ19 طائفة التي لا ترضى كل منها بتهميش أي حق من حقوقها.

فالقرار الأخير، واضح وصريح، أن تعطل المدارس بالتوافق مع رجال الدين في المنطقة. ولكن أي مشكلة يحلها القرار؟

في منطقة من لبنان توجد مدرسة رسمية. مدير المدرسة ينتمي إلى الطائفة الأكثر عددا. وكنتيجة: التعليم الديني فيها يخضع إلى المرجعية الدينية الأكثر نفوذا في المنطقة، فهل يمكنك أن تتخيل عدد المتضررين من هذا الأمر الواقع؟:طلاب شيعة في مدارس بيروت الرسمية يشكون التعليم الديني على مبادئ أهل السنة، وطلاب سنة في الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب حيث الأكثرية الشيعية يشكون العكس.

ثم ان هناك الطلاب المسلمين في المناطق المسيحية والدروز الذين يشكون غياب ممثليهم الدينيين عن المدارس كلها.

ونتيجة منطقية، ونظرا إلى استحالة استصدار قرار يحل مشكلات الطوائف التربوية كلها. فهل يفكر المعنيون في إبقاء المدرسة الرسمية صرحا تربويا لا يفصل بين تلاميذه تبعا لطوائفهم، وتكون بذلك متنفسا لجميع اللبنانيين، الهاربين إليها من المدارس المسيحية التي تمنع الحجاب في حرمها، أو الإسلامية التي تفرض الحجاب على طالباتها.

وفي حال لم ينل الاقتراح السابق رضا المعنيين، أليس من الأفضل أن يتم التعطيل في المدارس الرسمية أيام الجمعة والسبت والأحد. وبذلك نزيح عن كاهل الطالب أياما دراسية منهكة، علما أن أيام الدراسة السنوية في المدرسة الرسمية اللبنانية تقارب الـ 180 يوما فقط!

Monday, November 1, 2004

« عيش أيامك »...

« عيش أيامك »... بين الموعظة والفكاهة

منال أبو عبس
Al-Hayat (545 كلمة)
تاريخ النشر 01 نوفمبر 2004

يستيقظ الرجل من نومه في صباح أحد الأيام، ينظر إلى نفسه في المرآة، كأنما يراها للمرة الأولى: شعره أشيب، ملابسه الرسمية تزيده سنا، نظارته قديمه الطراز. يبدأ بطرح الكثير من الأسئلة عن حياته وشخصيته. يعلم انه لا يملك إجابات واضحة. يلتفت إلى زوجته فتتحول في نظره إلى «هم» لا جمال فيها ولا طباع حسنة، حتى الأكل الذي تعده لم يعد طعمه لذيذا بالنسبة إليه... من هذه التناقضات الواقعية تنطلق فكرة مسلسل «عيش أيامك»... تحاول أن تقارب معضلة «أزمة منتصف العمر» عند الرجال، وتقف قبل أن تكمل خطوتها الأولى!

تدور حلقات المسلسل الثلاثون في فلك رجل واحد، يطغى على ما عداه. سعيد مسعود أبو السعد (نور الشريف) بلغ الخامسة والخمسين من العمر حديثا. زوجته (عبلة كامل) في أواخر الأربعينات، كما يبدو. أولادهما الثلاثة يعيشون مرحلة الشباب في شكل طبيعي. الأسرة ميسورة الحال، وعلى رغم ذلك أصيب الوالد بـ«أزمة منتصف العمر». يلجأ الرجل إلى طبيب نفسي، فيخبره الأخير بأن عليه أن يغير من طريقة حياته، شرط ألا يسبب أذى إلى الآخرين... ويقرر فجأة أن يبدل كل شيء، بدءا من مظهره الخارجي ووصولا إلى علاقاته الاجتماعية.

أن يعوض «ما فات من عمره»، من دون أن يسيب أذى إلى المحيطين به، هي الرسالة التي توجه بها كاتب السيناريو إلى الجمهور. ولكن الفكرة الجديدة التي لم تعالجها الدراما العربية في شكل منفصل من قبل، أوقعت المسلسل في فخ مزج الموعظة بالفكاهة، ليحلق بعيدا من الاثنين. وابتعدت الفكاهة مع مرور الحلقات الأولى. لينكشف معها عجز نور الشريف عن الخروج من قالب «الحاج متولي» وجاذبيته التي لا تفلح اجمل النساء في مقاومتها، وحظه الخارق الذي ينقذه من كل مأزق يقع فيه!

السيناريو بدوره يتعامل باستخفاف فكاهي مع تأثير الأزمة على شركاء الحياة، الأولاد، الأقارب، والأصدقاء. والأغرب من ذلك، انه يتجاهل في شكل لافت تأثير الأزمة المدمر على الزوجة. عبلة كامل لازمة الوجود في المسلسل. لا تدفعها الغيرة على زوجها إلى التعامل بعدائية نسائية مع مواقف مصيرية. ولا تعترض على تجاهل زوجها لوجودها، أو تغيره المفاجئ، وان ورد ما يدل على امتعاضها في كلمات قليلة متناثرة بين الحلقات.

يتناول كاتب المسلسل الأزمة بطريقة إيجابية، ويدافع عن مشكلة عامة مطروحة بصورة دائمة على بساط البحث. ولعل شخصية الممثل نور الشريف ونجوميته أسهمتا في استمالته الجمهور وكسب تعاطفه مع الرجل «المتأزم»، فصور بطريقة مختلفة جدا عن صورة «العجوز الجهلان» المنفر الراسخة في أذهان العامة. كما استغل المسلسل حركات عبلة كامل الشعبية ليطبع المسلسل بفكاهية ترضي الجمهور الذي اعتادها من مسلسلات سابقة.

«عيش أيامك» من تأليف مصطفى محرم، إخراج محمد النقلي، وإنتاج مشترك بين مدينة الإنتاج الإعلامية المصرية و«تلفزيون دبي». ويشارك في بطولته عبدالله فرغلي، منى عبدالغني، رجاء الجداوي، طلعت زكريا، محمود الجندي، عماد رشاد ومحمد متولي.

Tuesday, October 26, 2004

لبنانيات يبررن أسباب هجرتهن

لبنانيات يبررن أسباب هجرتهن ... استقلال مادي وهروب من التقاليد

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,077 كلمة)
تاريخ النشر 26 أكتوبر 2004


في الليلة السابقة لسفرها، تقف لينا على طاولة أحد مقاهي بيروت. يلتف أصدقاؤها حولها وينشدون: «يا مسافر وحدك»، و«بكرا لما تسافر». صديق لينا يجلس على الكرسي المقابل. ينظر إليها باسما. «فـما هي إلا شهور قليلة» ويلحق بها إلى لندن.

عملت لينا قبل سفرها في أحد المصارف اللبنانية، ثم درست مادة الرياضيات في مدرسة رسمية، قبل أن تقرر ترك العمل، والبحث عن «وظيفة العمر»... ولكن، بعد أربعة أعوام من حصولها على شهادة إدارة الأعمال من إحدى الجامعات الخاصة، لم تجد لينا تلك الوظيفة في بلدها فهاجرت إلى لندن للعمل في شركة تأمين خاصة.

تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لسفرها، وذكرى مولدها السادسة والعشرين. صديقها ما زال ينتظر «فرصة عمل» تخلصه من بطالته القسرية في لبنان. ويردد يوميا «يا مسافر وحدك» هازئا من «المثقفين القدامى الذين كانوا يفصلون كل شيء على مقاس الذكور. حتى أغاني السفر كتبت عن الشباب».

لا تعتبر لينا حالا شاذة تستوجب الاستفاضة في الحديث عنها. هي ليست إلا جامعية لبنانية لم تجد في بلدها الأم فرصة عمل ترضي طموحاتها... فهاجرت.

«هجرة البنات»، عبارة حديثة العهد في المجتمع اللبناني. وعلى رغم أن سفر اللبنانيات وإقامتهن في الخارج لأسباب متنوعة، يعود إلى عشرات السنين، إلا أن حجم هذه الهجرة يتزايد في شكل كبير في الأعوام الاخيرة. فما هي الأسباب التي تدفع فتيات لبنان إلى الهجرة؟

«غياب فرص العمل، الإحساس بعدم الانتماء السياسي، ضيق الآفاق الفكرية والثقافية، الطائفية، تبعات الحرب...»، أسباب لا يمل كثيرون من ترديدها قبل الصعود على متن الطائرة، هربا إلى بلد جديد. يجمع الشبان والشابات على نبذ هذه «العلل الداخلية»، ورفض «الحياة في بلد لا يؤمن لأبنائه متطلباتهم الحياتية، ولا يراعي تطورهم السياسي والفكري». وعلى رغم الدوافع الكثيرة التي يوردنها، تعلل معظم الفتيات هجرتهن «بالهروب من قيم اجتماعية وتقاليد بالية»، ثم «البحث عن فرصة عمل افضل».

الواسطة... إلى المهجر!

قبل الحصول على إجازة في الإعلام، لم يخطر على بال ريما (25 عاما) السفر. كل ما كانت تبحث عنه هو«الشهادة، ثم العمل في إحدى المؤسسات الصحافية في لبنان»، تقول. بعد التخرج، تدربت ريما في اكثر من جريدة محلية وفي مكاتب شركات خليجية، إلا أن «القيمين على المؤسسات لم يلتزموا في المسألة المادية»... وكما يحصل عادة، لم يتم توظيفها في أي منها.

أحست ريما بأنها تعمل «من دون مقابل». بحثت عن عمل لشهور عدة، ثم يئست. فكرت في السفر إلى الخليج. «هناك يمكنني أن ادخر، لم أعد أفكر سوى في المال»، تردد العبارة نفسها التي تتكرر يوميا على السنة فتيات كثيرات.

سافرت ريما إلى الكويت العام الماضي، لتعمل في إحدى الصحف. لكن البلد الجديد لم يكن مشرعا أبوابه لاستقبالها كما كانت تعتقد: «الوضع مختلف تماما في الخارج. هناك صعوبات كثيرة تواجهنا قبل التوظيف، بدءا من البحث عن الأشخاص الذين يمكن أن يرشدونا إلى أصحاب العمل... مفاتيح المؤسسات. وتماما كما في لبنان علينا مواجهة الفيتامين «و» او الواسطة»... منذ أيام عدة عادت ريما إلى الكويت، بعدما أنهت زيارتها السنوية لأهلها ورفاقها في لبنان.

وتقول هبة منتقدة التمييز في التعامل بين العربية والأجنبية المهاجرة: «يندهشون لأنني فتاة عربية غير متزوجة، أسافر بهدف العمل والحصول على مال».

سافرت هبة إلى دبي لتعيش «تجربة السفر والحصول على استقلاليتها الكاملة والهرب من تقاليد اجتماعية وقيم بالية لا تواكب العصر». لم يشغل البحث عن عمل بالها كثيرا، فهي اختارت عن اقتناع الانطلاق من نقطة الصفر. بدأت بالتعرف على الأماكن والمناطق التي عليها أن تقصدها، غير أن «المشكلة الأساسية للفتاة المهاجرة هي الحصول على مسكن. لم يكن لديهم الثقة بي، كيف سأسدد فواتير الشقة طالما أنني لا اعمل ولا أحد يكفلني»، تقول.

التعامل مع الشخصيات الغريبة مشكلة أخرى واجهت هبة أثناء سفرها: «عليك أن تتعامل مع أشخاص لا تعرفهم، ولا تعرف كيف يفكرون، ولا كيف هو أسلوب حياتهم وطريقة ممارستهم أعمالهم... يعني كان كل شي غريبا بالنسبة إلي». لم تبق هبه عاطلة من العمل لوقت طويل، «ففي الصيف تكثر الوظائف». وهكذا أصبحت الجامعية اللبنانية موظفة في إحدى شركات الإعلانات في دبي، و«بدخل يتجاوز ثلاثة أضعاف ما كنت أتقاضاه في لبنان»... ولكن ما ينغص «متعة الحياة» بالنسبة إلى هبه، هو «صاحب الأموال الذي يعامل الموظف كملكية خاصة. فلا يحس بأنه يتقاضى أجرا لقاء عمله».

تنتقد هبة ظروف العمل الصعبة في لبنان، التي غالبا ما «تخضعنا قسريا إلى ضغوطات العمل في الخارج». وتحن إلى أهلها الذين «شجعوني بعدما وجدوا أنني اتعب في لبنان، ولا احصل على نتيجة».

وتقول سهام (25 عاما): «البنت لا تسافر إلا طمعا بالنقود، أو رغبة في الاستقلال عن أهلها». قصة سهام تصلح نموذجا عن قصص جامعيات كثيرات لم يحالفهن الحظ بالعمل في اختصاصهن. حازت على ليسانس في التسويق، قبل أن تمضي سنة ونصف السنة عاملة في أحد المتاجر الكبرى في لبنان. منذ عامين سافرت سهام إلى قطر «لأسباب مادية بحتة»، بعدما أمن لها أحد الأقارب عقد عمل في مؤسسة خاصة.

غير أن الرغبة في الحصول على عمل افضل، لم يكن إلا السبب المعلن لسفر سهام: «لست مرتبطة عاطفيا وأرغب في العيش وحدي». يبدو المبرر كافيا في نظر سهام لتحمل اعباء الإقامة في الخارج.

حفلة فنية في الذكرى الثمانين للحزب الشيوعي اللبناني

حفلة فنية في الذكرى الثمانين للحزب الشيوعي اللبناني . جاء الشباب لـ« مشاهدة زياد »... فخيبهم خالد الهبر

منال أبو عبس
Al-Hayat (403 كلمة)
تاريخ النشر 26 أكتوبر 2004

في مناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، أحيا الفنانان خالد الهبر وزياد الرحباني حفلة فنية على مسرح قصر الأونيسكو في بيروت. وكان مئات الشبان تدافعوا لحضور الحفلة الأولى (مساء السبت)، ما دفع المنظمين إلى إقامة حفلة ثانية في اليوم التالي.

تلك الليلة توافد الشبان والشابات إلى المكان قبل ساعات لحجز أماكنهم، فيما اكتفى المتأخرون بمقاعد على الأرض ودرجات الصالة. ولم يثر تأخير الحفلة نصف ساعة تأففهم... فالجمهور في مقتبل العمر، ولا يتعدى عمر غالبيته العشرين عاما. وكما بدا، فهو كان مستعدا للتضحية بمزيد من الوقت لقاء «مشاهدة زياد وسماع تعليقاته الساخرة».

حنين الرفاق...

على خشبة المسرح وقف خالد الهبر لتحية الحزب الشيوعي. «سنديانة حمرا» كانت أغنيته الأولى. تلاها الكثير من الأغاني السياسية الملتزمة: «مصاري... مصاري»، «اكثر من أيا زمان»، «الحرب القادمة»، و«صيري أنت الجماهير»... إلا أن الهبر لم يكتف بأغانيه الخاصة، بل انشد «أغنية المقاومة» لفيروز، و«يا نور عينيا»، «أنا مش كافر»، «شو هالأيام اللي وصلنا لها» لجوزيف صقر. لكن الهبر لم يبد مقنعا الى حد كبير، على ما بدا من رد فعل الجمهور.

وقد طغت مؤلفات زياد الرحباني الموسيقية على الأمسية بغناها، لكن زيادا لم يشارك في الغناء، بل اكتفى بالعزف، مطلقا بين حين وآخر تعليقات متفرقة كانت كل مرة تثير ضحك الحاضرين. وبدورها، أعادت اسكتشات مأخوذة من نصوص زياد، ومقتطفات من برنامج «العقل زينة» الذي كانت تبثه إذاعة «صوت الشعب» العام 1987، حنين الرفاق القدامى إلى «زمن المقاومة السابق».

وعلى رغم أن الزمن مر على مواضيع «الاسكتشات» التي يتحدث زياد في بعضها عن الاتحاد السوفياتي والـ«مئة مليون فلاح الذين اصبحوا ملاكين»... فإنها أثارت تأييد الحاضرين وحماستهم، فعلا التصفيق المؤيد لـ«النظام الاشتراكي». أدى المقتطفات: رضوان حمزة، ليال ضو وداليا القاضي. وشارك في العزف عبود السعدي، إيمان حمصي، فؤاد عفره، فراس شاتيلا وغيرهم...

Monday, October 25, 2004

« حكايتهم وحكايتنا »

« حكايتهم وحكايتنا » رواها السوري نمر سلمون في بيروت . عرض تقليدي يغيب عنه الإبداع والفكاهة المتوقعة

منال أبو عبس
Al-Hayat (527 كلمة)
تاريخ النشر 25 أكتوبر 2004


لم يتعد عدد الجالسين على مقاعد مسرح «استرال» في بيروت، مساء أول من أمس، الثلاثين شخصا. بعضهم «مثقفون» معروفون، وبعضهم الآخر شبان غربيون أو لبنانيون تجدهم في كل حدث ثقافي... لكن، لا أحد يعرف ما الذي دفعهم إلى التصفيق بحرارة في تلك الليلة. قد تكون المعرفة الشخصية بالممثل السوري نمر سلمون الذي اعتلى خشبة المسرح ليومين متتالين وقدم أمسيتين حكواتيتين، الأولى تحمل عنوان: «لا تخشى شيئا فالموت إلى جانبك»، والثانية: «حكايتهم وحكايتنا». أو قد يكون الاهتمام بالنوع المسرحي الذي يقدمه سلمون. غير انه وفي الحالين كلتيهما، لم يمر اللقاء من دون طرح أسئلة عدة، منها: ما الذي أراد أن يقوله سلمون في عرضه؟ وإلى أي نوع من أنواع المسرح تنتمي أمسيات الممثل المغترب؟ لتصل إلى حد: أين الجديد في ما يقوله الحكواتي «الأندلسي»؟

عند التاسعة مساء الجمعة والسبت الماضيين صعد الممثل والمخرج والكاتب المسرحي على خشبة المسرح منفردا. ثيابه الأندلسية وطاقيته النبيذية مستوحاة من روح الحكاية. استهل عرضه بقصة عن الغربة، وما عاناه للحصول على بطاقة الإقامة. في مكتب تقديم الطلبات جلس الممثل، سنوات وسنوات في الزاوية، قاطعا العهد بعدم مغادرة المكان قبل الحصول على البطاقة... تنقضي السنوات وتنتهي الحكاية تماما كما يتوقعها المستمع العادي... خطأ مطبعي على التأشيرة يبدل مضمونها، ويمنح صاحبها الحق الشرعي بالتبول في أي مكان من العاصمة الفرنسية، بدل التجول فيها.

القصة التالية مستوحاة من معاناة سلمون بعد موت والدته. حينها كان يتابع دراسته العليا في جامعة السوربون الباريسية. حزن المغترب وخوفه من خسارة والده قبل أن يعود إلى بلده دفعاه إلى زيارة الطبيب النفسي. وما أن شرح سلمون للطبيب شارد الذهن معاناته، حتى صرخ الأخير مشتكيا من آلامه التي لا يأبه بها أحد.

ومن باريس إلى أحد مقاهي الأندلس «أرض الأجداد» تنقلنا قصص الحكواتي. في ذلك المقهى أوقعت النادلة التي بادرها سلمون بالتحية القهوة على الجالسين. عندها روى الممثل على مسامع الزبائن المثل العربي «دلق القهوة خير» ليخفف من غضبهم، فأعجبهم المثل ونال ثقتهم. في اليوم التالي راح كل زبون يطلب فنجانين من القهوة، واحد ليشربه والثاني ليرميه على الأرض، طمعا بالخير المتأتي من ورائه.

التواصل، كلمة كررها سلمون كثيرا في العرض، قبل أن يحط به الرحال أخيرا في بيروت. واختتم العرض بالقصة التي رافـقـت نزول الحكواتي من الطائرة في مطار بـيـروت. واستـقـبال أهلها له بالزغاريد والأناشيد التي تصف لبنان ببلد النور، ليفاجأ بعد لحظات قليلة بانقطاع الكهرباء.

وتجدر الإشارة إلى ان سلمون ألف كتبا عدة منها: «ذاكرة عميقة ومسرحيات أخرى»، عن جمعية كتاب المسرح الإسباني 2004، و«نزهة على ضفاف حبل المشنقة وقصص أخرى دخانية مثيرة للضحك» عن دار نشر موراندي - مدريد 2000.

Saturday, October 23, 2004

فوانيس رمضان ... تأتي من الصين

مظاهر الاحتفاء بشهر الصوم لم تفلت من العولمة . فوانيس رمضان ... تأتي من الصين

منال أبو عبس
Al-Hayat (609 كلمة)
تاريخ النشر 23 أكتوبر 2004

«اللي تمنيته في أحلامي دالوقت لقيته... حبيت الدنيا وأيامي على شان حبيته»... وإذ بالفانوس يتحول إلى جهاز راديو يردد آخر أغاني الموسم العربية والأجنبية. ويتخذ مكانه على رفوف محلات الألعاب في بيروت.

فانوس رمضان ظاهرة احتفالية بقدوم الشهر الكريم، تلقى رواجا في دول عربية عدة، أبرزها مصر. غير أنها في لبنان تتخذ طابعا آخر، إذ يكاد وجودها يقتصر على أعمدة كهرباء قليلة تتولى المؤسسات الخيرية ودور الأيتام تزيينها، أو بعض خيم رمضانية تتدلى من سقوفها فوانيس مضيئة قلما يلاحظ وجودها الساهرون. ولكن ما هو تاريخ هذه الظاهرة، وما هي مقومات صمودها، وان بخجل، في لبنان؟

يقطع الزجاج الخام الملون إلى أحجام مختلفة. يقطع المعدن إلى شرائح عريضة ورفيعة. توضع الأضلاع المعدنية على جوانب قطع الزجاج. تصمم القبة والكعب. تلحم الأجزاء جميعها بالقصدير. ولا شيء اسهل من صناعة فانوس تقليدي للاحتفال بحلول رمضان. غير أن هذا الشكل التقليدي ليس هو السائد اليوم، فأحجام الفانوس وأشكاله تخضع كما أي سلعة أخرى إلى متطلبات السوق. وتتنوع تبعا إلى ذوق الجمهور وإمكاناته المادية. وتختلف بين تقليدي مثلث أو مربع أو مخمس ذي أبواب متعددة، تتوسطه شمعة تقليدية، وبين حديث بلاستيكي يعمل على البطارية و... يغني!

«الفانوس ليس إلا رمزا دينيا يدل الى فرح المسلمين بحلول رمضان. والفانوس الجديد المبتكر بعيد من تلك الروح، هو أشبه بجهاز التلفزيون أو الآلة الموسيقية»، يعلق الحاج ابراهيم على التغيير الذي لحق بـ«هذا المظهر الديني». كأن العولمة وصلت حتى الى الفوانيس! ويذكر الحاج بالمهارة التي كان يتمتع بها صناع الفانوس القديم، إذ «كانت تحفر عليه النقوش والأشكال والآيات أو أسماء الله الحسنى يدويا، وتستخدم فيه المخلفات المعدنية والزجاجية».

وعلى رغم أن الفانوس الجديد اكثر انتشارا في الأسواق اللبنانية، نظرا إلى إمكانية استعماله كلعبة للصغار، فإن الفانوس التقليدي ما زال محتفظا بمكانة دينية وتراثية في أسواق المناطق الإسلامية. وقد يكون السوق القديمة لمدينة صيدا إحدى المناطق التي تعنى بالحفاظ على المظاهر الإسلامية. تنتشر الفوانيس في أرجاء متفرقة من السوق، وعلى أبواب المحلات. ويتقن أصحابها التفريق بين أنواعه المختلفة. «الفانوس المربع الذي يوجد في أركانه الأربعة فوانيس أخرى أصغر حجما هو اشهر أنواع الفوانيس»، يقول أبو عادل، مشيرا إلى «أسماء الفوانيس التراثية المتعددة، مثل الفانوس النجمة، والفانوس الكروي، وغيرها التي تصنع من خامات محلية، وتعبر عن القيم الجمالية الأصيلة في تاريخ الفن الإسلامي».

ولا تكتسب صناعة الفوانيس في لبنان أهمية تذكر. إذ يندر أن نجد معامل متخصصة فيها، «لأن الفانوس المستورد وبخاصة الصيني تسبب في إغلاق معظم ورش الصناعات المشابهة. وذلك بسبب صعـوبـة الموازنـة بين تكلفة الخامات غاليـة الثمن والبيع بأسعار رخيصة تنافس السعر المنخفض للبضاعة المستوردة»، كما يقول أحد تجار السوق.

ويذكر أن «فانوس» كلمة رومانية، تعني المشعل المستخدم للإضاءة. إذ كان الفانوس يستعمل ليلا للإضاءة أثناء الذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب. وظهر الفانوس في مصر نحو عام 973 ميلاديا مع استقبال المصريين المعز لدين الله الفاطمي. ومع مرور الأيام أصبح الفانوس مرتبطا بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة في هذا الشهر مثل «مرحب شهر الصوم»، «وحوي يا وحوي»، «رمضان جانا» وغيرها.

Wednesday, October 20, 2004

أزمة التمويل تهدد مستقبل « مؤسسة الدراسات الفلسطينية »


توقف مجلتين عن الصدور نهاية السنة الجارية . أزمة التمويل تهدد مستقبل « مؤسسة الدراسات الفلسطينية »



منال أبو عبس
Al-Hayat (935 كلمة)
تاريخ النشر 20 أكتوبر 2004


في مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2004، تقدم اللجنة التنفيذية في «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» الى مجلس أمنائها اقتراحا مصيريا قسريا يقضي بإيقاف مجلتين فصليتين تصدرهما المؤسسة بالفرنسية والعربية، في حين تبقى على اثنتين تصدران بالانكليزية. وكانت المؤسسة أوقفت نشر كتب أجنبية، في خطوة أولى للحد من عجز النفقات، فـ«مراكز الأبحاث يستحيل ان تعيش من دون تأمين الدعم المالي لها»، كما يقول مدير المؤسسة محمود سويد.

الصعوبات المالية والاقتصادية ليست أمرا طارئا على المؤسسة المذكورة. إذ أشارت صحف عدة سابقا الى تدابير وقائية يتوقع أن تتخذها المؤسسة لتضمن استمراريتها ولو جزئيا.

تعتبر «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» منذ تأسيسها في بيروت عام 1963 أول هيئة علمية عربية مستقلة، تهدف الى دراسة القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي، واطلاع الرأي العام العربي والدولي على حقائق القضية وإظهار الحق العربي في فلسطين وإبراز دعائمه التاريخية والقانونية والسياسية والقومية.

بدأ نشاط المؤسسة عام 1966 عبر إصدار سلاسل توثيقية ودراسية باللغات العربية والأجنبية، ثم أنشئت دائرة أبحاث ضمت قسما للشؤون الاسرائيلية وقسما للشؤون الفلسطينية العربية وقسما للشؤون الدولية والمكتبة. وفي عام 1971 أصدرت المؤسسة مجلة (Journal of Palestine studies) بالانكليزية، ثم مجلة (Revue dصetude Palastiniennes) بالفرنسية. ومع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، انتقلت المجلة بالفرنسية مع محرريها الى باريس، والمجلة الانكليزية مع محرريها الى واشنطن، فيما استمر مكتب بيروت يعمل في ظروف قاسية.

وعلى رغم ان «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» غير مرتبطة بأي تنظيم حكومي أو حزبي ولا تقوم بأي نشاط سياسي، إلا أن كلمة «فلسطيني» في التسمية أثرت في شكل سلبي في عملها. فعندما وافقت جامعة كاليفورنيا في نيويورك على توزيع منشورات (Journal of Palestin Studies) من دون التدخل في المضمون أو في التحرير، ثارت ثائرة «لوبي» أساتذة اسرائيليين وأميركيين متعاطفين مع اليهود، «عملوا ثورة وطالبوا بوقف النشر. الفريق المؤيد للمشروع أعاد دراسة مضمون المجلة، فوجد أنها علمية وأكاديمية لا يمكن رفضها. بعد فترة وجيزة تشكلت لجنة ضمت أساتذة من التيار اليهودي. قدموا، بعد دراسة المحتوى، تقريرا يفيد بأنها تعبر عن وجهة نظر الطرف الفلسطيني والعربي، لكن في اطار علمي موضوعي هادئ، ليس فيه استفزاز أو عنصرية...». كان هذا جزءا مما استند اليه سويد ليعلن انه «ما في حدا عربي وصل لهون».

ولكن ماذا تعني كلمة «هون» في كلام سويد؟

«ليس من السهل أن ينشر كتاب عليه اسم مؤسسة دراسات فلسطينية الى جانب اسم جامعة كاليفورنيا»، يجيب سويد مشيدا بانجازات المؤسسة التي نشرت خمسة كتب ضمن سلسلة مؤسسة الدراسات المقدسية وجامعة كاليفورنيا. يفاخر بنجاح المؤسسة التي اخترقت «قلب النسيج الجامعي والثقافي الفرنسي والانكليزي، وأثبتت فاعليتها في المحيط، حتى أصبح من المستحيل اعادة اصدارها من بيروت، لأنها باتت تصدر من داخل بيئة معينة، غير عربية لتخاطب أميركيين أو أوروبيين بأسلوبهم ولغتهم».

لكن نتاج المؤسسة لا يقتصر على المجلات، بل يتعداها الى الدراسات والأبحاث المبتكرة بالعربية والانكليزية والفرنسية، في شأن استراتيجيات اسرائيل والأطراف الدولية، «حتى بات من المستحيل ان تخلو قائمة المراجع في أي أطروحة غربية عن فلسطين، من اسم المؤسسة ودراساتها».

مكتبة مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت أو «مكتبة قسطنطين زريق» كما يطلق عليها، نقطة ايجابية اخرى أوجدتها المؤسسة. «إحدى أهم المكتبات في العالم، متخصصة في القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي، وفي الشؤون اليهودية والصهيونية»، يقول سويد مضيفا ان «الكثير من الباحثين الغربيين يقصدونها لأخذ مراجع غير موجودة في مكتبة الكونغرس».

التمويل

قبل عام 1991 لم تعان المؤسسة من صعوبات مالية تذكر، وكانت المجلة العربية تصدر بالتعاون مع جامعة الكويت التي تتولي تمويلها. وعندما شن العراق الحرب على الكويت، كان عدد المجلة لا يزال في المطبعة. وطلبت الحكومة الكويتية من القيمين على المجلة كتابة استنكار للحرب على صفحتها الأولى. رفض القيمون الأمر بحجة «عدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية»، فأوقفت الكويت دعمها، بعدما حجزت مبلغ 500 الف دولار، هي قيمة التبرعات المودعة في «البنك الوطني الكويتي». ثم أعقب ذلك وقف الدعم المادي من دول الخليج وجامعة الدول العربية، فما كان على المؤسسة إلا أن تتحمل تبعات الموقف السياسي الفلسطيني، وتخضع لقرارات الدول العربية الصادرة عن «أعلى المستويات» والرافضة لدخول المنشورات «ذات الطابع الفلسطيني».

« ليس للمؤسسة أي علاقة بالسلطة الفلسطينية حتى عندما كانت الأخيرة في بيروت»، هذا ما حاول القيمون على المؤسسة ايصاله الى المعنيين. لكن الجواب بقي: «القرار صادر عن أعلى المستويات».

«لم نعد قادرين على الاستمرار من دون موارد مالية»، يقول سويد، مشيرا الى اجراءات التقشف التي اعتمدتها المؤسسة بدءا من وقف نشر الكتب الانكليزية والفرنسية، ووصولا الى الاجراء المرتقب بإقفال المجلتين العربية والفرنسية في مرحلة أولى.

Tuesday, October 19, 2004

وأهلا بك في عالم "الجميلين"

قليل من الأحمر على شفتيك ... وأهلا بك في عالم « الجميلين ». مستحضرات تجميل للشباب في بيروت ... وبداية تقبل لها سعيا وراء وجه أجمل

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,027 كلمة)
تاريخ النشر 19 أكتوبر 2004


قليل من الأحمر لشفتين لا تقاومان. قليل من البودرة لسمرة طبيعية لا تشوبها شائبة. قليل من المرطب لوجه أكثر نعومة. وقليل من «الماسكارا» لنظرة ساحرة جذابة... وها أنت أكثر جمالا من أي يوم مضى. أنت (بفتح التاء) تعود للمذكر، مما يعني أن مواد التجميل المذكورة مخصصة للرجال، و«للرجال فقط».

تفاجأ الفتاة العاملة في أحد متاجر بيروت من السؤال. ترفع حاجبيها عاليا كأنما تسمعه للمرة الأولى. «نعم، ماكياج للرجال... أين المشكلة؟»، ترد على السائل كما لو انه قادم من كوكب آخر، حيث الماكياج حكر على النساء. دقائق معدودة وتنصرف إلى شاب يستفسر عن مستحضر معين قبل شرائه. «نمرر هذا القلم على الزاوية الداخلية للعين، فيجعلها اكثر اتساعا وإشراقا... هذا يناسبك تماما»، تقول له. لم ترتسم أي من إمارات الاستغراب على وجه الشاب. لم يرفع كتفيه قليلا دليلا على استغرابه، وهي تخبره عن أنواع المستحضرات الكثيرة. إنما على العكس تماما، بدا الشاب مهتما بالمستحضر. هو يريد أن يصبح اكثر جمالا.

منصة عرض أدوات التجميل في المتجر الكبير حديثة العهد. الزاوية الصغيرة تقتصر ألوانها على الرصاصي والأسود. وتغمرها صور رجال «جميلين»، بملامح ذكورية قاسية. تقف الأنثى الوحيدة في كوكب مخصص للرجال مستنكرة نظرات المارة. الرجال في الصور خلفها «جميلون». الأول يسد ثغرات قليلة في حاجبه بما يشبه قلم الكحل الأسود. الثاني، يغطي الهالات السوداء تحت عينيه بمسحوق طبيعي مئة في المئة، «كما لو أنك انتهيت للتو من عطلة مريحة». الثالث يلون أظافر يديه بقلم «لا يترك لونا أو رائحة، لأظافر قوية ونضرة». والرابع يمرر قلم «الحمرة» على شفتيه ليحصل على «ابتسامة مضيئة وشفاه ملساء».

الرجال في الصور لا يأتون من كوكب آخر. هم رجال جميلون تجعلهم مستحضرات التجميل أكثر جمالا، تماما كما في الأغاني المصورة. ينافسون النساء على واحدة من اكثر ميزاتهن خصوصية. وقد يسرقون منهن صفة السطحية التي تلتصق منذ قرون بالنساء الباحثات عن الجمال. «وجدنا أن الرجال يستعينون بالمستحضرات الخاصة بنسائهم. أطلقنا مساحيق اكثر ملائمة لبشرة الذكور»، يقول مسؤول في احدى شركات مستحضرات التجميل. الشركات التي خاضت التجربة عريقة ومشهورة والأهم من ذلك كله انها تتجاوب مع متطلبات السوق. تدرك ان «الرجال يتابعون ما تقدمه المجلات وشاشات الفضائيات. ويريدون التشبه بما يشاهدونه». وان «الزمن تغير والأشياء لم تعد كما كانت في الماضي. الرجال باتوا اكثر اهتماما بأناقتهم وبشرتهم. واصبحوا يهتمون بجمالهم، من دون أن يلقبوا بالمخنثين».

المستحضرات المركونة على الرف المقابل، ذكورية الطابع والشكل. أوعية حديد رصاصية اللون، اسماؤها نافرة كبيرة الحروف، كأنما خصصت للجنود المتوجهين الى ساحة المعركة. أسعار المستحضرات المذكورة باهظة نسبيا، وتفوق تلك الخاصة بالنساء. إلا انها تبدو أوفر اذا ما قورنت بأسعار المزينين.

مزين الرجال

«الرجال في مجتمعنا يقمعون أنفسهم ويخافون التباهي بجمالهم. لا يجب أن يحكم الرجل على نفسه من منظار كم يضع من مساحيق التجميل على وجهه»، يقول رجل جالس في زاوية محل الحلاقة. الرجل ليس إلا مزينا نسائيا يتحول إلى رجالي بحسب الطلب. فالأيام تغيرت و«السوق» باتت اكثر تطلبا، كما يقول. ومحلات التزيين أصبحت مجبرة على «التعاطي مع البشرة كبشرة بغض النظر عما إذا كانت لذكر أو لأنثى». واحد في المئة على الأقل من زبائن المزين ذكور، يقصدونه طالبين «الحصول على نظرة مشرقة، وظلال أعين داكنة، تماما مثل عارضي الأزياء وشبان الفيديو كليب». يستاء من النظرة الدونية أو «وصمة العار التي تلاحق من يضع مستحضرات التجميل، فتصل إلى حد التشكيك برجولته». ويعتبر أن «لكل رجل الحق في أن يكون مختلفا. أن يكسر التقاليد والقيم السائدة، كي يبدو على احسن حال».

يلم المزين بالأساسيات التاريخية للدفاع عن وجهة نظره. «في العصور القديمة وضع الرجال مساحيق التجميل على وجوههم»، يقول مستشهدا بالمصريين القدامى الذين «استخدموا الكحل والفحم لتكحيل أعينهم، ولحماية أنفسهم من الأمراض والشمس. وهكذا فعل الفايكينغ، ومثلهم رجال الرومان الذين وضعوا بودرة الطبشور على وجوههم لجعلها اكثر بياضا، واستخدموا أصباغ الفراولة لتلوين شفاههم بالزهر الطبيعي. وفي أيام السلالة الصينية الحاكمة كانت وجوه الرجال أشبه بفطائر اللحم، الأبيض... كانوا يضيفون الزرنيخ ظنا منهم انه يجعل البشرة اكثر بياضا».

اجبره على وضع الماكياج!

على رغم أن ظاهرة «ماكياج الرجال» لم تخرج عن إطارها الضيق على رفوف بعض المتاجر الكبرى، فإن ردود الفعل الأولى عليها تباينت منذ البداية. وفي حين لم يتقبل كثيرون «منظر شـاب يضع الماسكارا والحمرة ويلون أظافره»، يدرج آخرون الظاهرة في إطار «حق الشاب في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه».

إن الشبان المؤيدون لهذه الظاهرة لا يرون فيها عيبا. «في السابق كان المجتمع يرفض الشعر الطويل للرجل أو الوشم، اليوم لم تعد هذه الأمور موضوع نقاش. لا أحد يغصب الشاب على وضع الماكياج... هي مسألة حرية شخصية»، يقول أحدهم مشيدا بـ«مساحيق تؤخر بوادر الشيخوخة، وتخفي إمارات التعب والسهر. وتجعل الشاب اكثر ثقة بنفسه».

الصديقات، عنصر آخر له رأي في المسألة. وفي حين تصب آراء غالبيتهن في خانة رفض الرجل المتبرج، وتصل إلى حد «الاشمئزاز من النظر في وجه رجل يجهد ليبدو اكثر جمالا من الفتيات»، تتباهى إحداهن بجمال صديقها الذي تحب طريقته في مواكبة الموضة «أحب أن أراه جميلا في الأوقات كافة. عندما تظهر البقع الداكنة تحت عينيه بسبب قلة النوم. اجبره على وضع الأنتيسير (بودرة سائلة تخفي الهالات السوداء) لتغطيتها. كما اشتري له بنفسي الـgloss (الحمرة السائلة) من دون لون حتى تبقى شفتاه رطبتين».

Monday, October 4, 2004

للموضة حديث آخر!

هاديا سنو ... للموضة حديث آخر!



منال أبو عبس
Al-Hayat (369 كلمة)
تاريخ النشر 04 أكتوبر 2004



ضمن فقرات برنامج «عالم الصباح» المنوع الذي يعرض يوميا على فضائية «المستقبل اللبنانية»، تطل علينا هاديا سنو لتتحدث عن الموضة.

الفقرة في حد ذاتها قد تكون ناجحة بالنسبة إلى متتبعي آخر صيحات الموضة العالمية. لكن اداء المقدمة وحضورها موضوع آخر: مقدمة الفقرة شابة تهتم بالموضة. تتابع العروض العالمية، تلم بأسماء المصممين، وتجيد التفريق بين الألوان المختلفة.

تطل سنو على الشاشة بـ«لوك» يتجدد كل يوم. صدمة المشاهدين تبدأ مع لون الشعر «الفاقع» أو ألوانه الكثيرة التي تجمع بين الأحمر، الأخضر، الأصفر، والأزرق... ولا تقف عندها. تقدم الفقرة قبل الظهر، وعلى المشاهدين مراعاة الأمر، لأن نشاط مقدمتنا وحماستها يختلفان باختلاف سهرة الأمس، فلا عجب أن تعاني سنو من صعوبة في فتح عينيها، أو أن نخالها تغفو بين عبارة وأخرى.

ما ورد قد يدرجه بعضهم في إطار الشكل الخارجي، لذلك لا تجوز الاستفاضة في التعليق عليه. «الألوان الكتير دافية اللي بتدفي»، كانت العبارة التي استخدمتها سنو في الحديث عن أحد العروض العالمية، أو بالأحرى عن الألوان التي استخدمها المصمم، والتي ارتأت مقدمتنا من دون إيضاحات أنها تبعث الدفء في قلب من يرتديها... علما أن المشاهد التي عرضت على الشاشة تظهر أن مصمم الأزياء اقتصد كثيرا في استعمال القماش فيها.

ولتزيد من عنصر التشويق، ابتكرت المقدمة طريقة جديدة في الكلام، فاستخدمت الحروف في غير مواضعها... ما أتاح أمام المشاهد فرصة الاستمتاع بإعادة تشكيل الحروف بحثا عن الكلمة الضائعة. وهذا ما حدث عندما تحدثت مقدمتنا عن الألوان الرائجة في الموضة فاستخدمت كلمة «ننبجن»، والمقصود سندمجهم»، وأجواء الـ«دزعينات» والمقصود الـ«تسعينات»... وبما أن اللغات الأجنبية تحتل حيزا مهما في الفقرة، فمن الطبيعي أن تكون موضوعا لهذه الأحاديث لكن للأسف قسم من المشاهدين لا يلم بها!

Wednesday, September 22, 2004

أول مجلة سمعية - بصرية في الشرق الأوسط

أول مجلة سمعية - بصرية في الشرق الأوسط . حين تطل ديانا الجميلة من تلفزيونك الشخصي


منال أبو عبس
Al-Hayat (581 كلمة)
تاريخ النشر 22 سبتمبر 2004


«تسحب تلفزيونك من جيبك! تشاهد ما يحلو لك... وما يستهويك! تنهل منه معلومات معززة بالصوت والصورة! بل تؤرشفها وتستخدمها في دراساتك وأبحاثك! انه تلفزيونك الشخصي... تحت تصرفك! أينما شئت، وحيثما شئت وكيفما شئت!»، كان هذا قسما من رسالة رئيس تحرير مجلة I MAG اللبنانية عبدالله ذبيان إلى مشاهدي العدد الأول منها.

كلمة «مشاهدين» هنا لم ترد من طريق الخطأ، حتى وان كنا نتحدث عن مجلة ظهر العدد الأول منها الشهر الجاري. فـI MAG (Interactive Magazine) هي أول مجلة سمعية - بصرية في لبنان والشرق الأوسط، وهي شهرية توزع على أقراص مدمجة CD وأقراص متعددة الاستخدامات DVD، والفارق بين النوعين يتجسد في حجم الصور الذي يكون أعلى في النوع الثاني.

تطل ديانا من شباك صغير على يمين الشاشة. وديانا عشرينية تملك مقومات الظهور على الشاشة الصغيرة. تتحدث عن المجلة التي «تطل عليكم بعد جهود كبيرة لفريق عمل كامل من صحافيين، تقنيين، مخرجين، مصورين، مندوبين، لتكون بمثابة اختبار وتحد للانطلاق عبر عالم جديد من الإعلام والصحافة». وتحتها مباشرة يمكن مطالعة كلمة رئيس التحرير مكتوبة.

ديانا وحدها تظهر في مقاطع متفرقة من المجلة. يغيب الصحافيون الذين اجروا المقابلات عن الشاشة، لتقدم عنهم المذيعة الحسناء نبذة عن الموضوع التالي، باللبنانية العامية. تملك ديانا مقومات المذيعة «الناجحة»، هذا بالتأكيد استغله القيمون على المجلة لإيلائها بالتحديد مهمة ربط الفقرات وتقديمها، فيما غيب صحافيو التحقيقات والمقابلات لأسباب قد تكون واضحة.

تصفح المجلة من الأمور السهلة نسبيا (لمواكبي لغة العصر الالكترونية). فهرس على يمين الشاشة، وعناوين تشبه تلك التي في المجلات الورقية: مقابلات، أعمال، رياضة، تسلية...

نانسي عجرم كانت نجمة غلاف العدد الأول. استهلت المقابلة بفيديو كليب «آه ونص». الصورة المتحركة نقطة لمصلحة الإعلام المرئي، استفادت منها المجلة الجديدة. والمطربة صباح كان لها نصيب أيضا.

و«للجمال حصة كبيرة عندنا، خصوصا إذا كانت الملكة نادين نجيم»، تقول ديانا في مقدمة موضوع آخر. المقدمة ترد كما لو في مقابلة تلفزيونية. المقابلة التلفزيونية تغفر عادة للمقدمة أخطاء كالتعميم والإبهام. فالمشاهد لن يوقف مقابلة تلفزيونية ليسأل ديانا أسئلة مثل: «ما هو حجم الحصة التي توليها المجلة إلى الجمال بالضبط؟ وما الذي دفع المقدمة إلى تخصيص نجيم بالتحديد؟».

الأخبار الصغيرة لم تغب بدورها عن المجلة. إذ يحتل شريط الأخبار كما في المحطات التلفزيونية، اسفل الشاشة متجها من يسارها إلى يمينها، مزودا المشاهد اخبارا متنوعة. الإعلانات عنصر آخر يبرز في المجلة من خلال شريط سفلي آخر، ودعايات مصورة تبث قبل الفقرات وخلالها.

ومن ابرز مواضيع العدد، تحقيق عن الحال الاقتصادية، وآخر عن الزواج المدني. ولم تغفل المجلة تقديم فقرة خاصة بالأبراج، وفقرة أخرى تحت عنوان «تسجيلات مضحكة»، إضافة إلى أحداث الشهر وموضة وجمال.

Monday, September 20, 2004

«تاريخ تطور الكومبيوتر والانترنت»


« تاريخ تطور الكومبيوتر والانترنت » تدعمه السهولة وأناقة الصفحات


منال أبو عبس
Al-Hayat (534 كلمة)
تاريخ النشر 20 سبتمبر 2004



«الإنترنت مرآة المجتمع، تعكس حقيقته، فإذا لم يعجبنا ما نرى، علينا العمل على إصلاح أنفسنا... وليس المرآة!»، بهذه العبارة يستهل الدكتور فينت سيرف أحد مؤسسي شبكة الإنترنت، تقديم كتاب «تاريخ تطور الكومبيوتر والإنترنت» لريشارد حايك. وصدر هذه السنة عن «الدار العربية للعلوم».

ويعرف الكتاب عن نفسه بأنه «أول مرجع متخصص باللغة العربية يشرح بالصور وفي شكل تسلسلي أهم المراحل التي مر بها تطور الكومبيوتر والإنترنت حتى مشارف القرن الحادي والعشرين.

ويمثل مشروعا تثقيفيا يهدف إلى نشر المعرفة في المجتمعات العربية، وذلك من خلال تقديم محتوى عربي يؤرخ لأهم الأحداث التي مرت بها ثورة المعلوماتية في القرن الماضي»، كما ذكر على غلافه الخارجي.

ويعتمد الكتاب التسلسل الزمني في ذكر المراحل التي مر بها تطور الكومبيوتر بدءا من فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، مرورا بولادة الجيل الأول للكومبيوتر (1940 - 1954) الذي اعتمد على الانابيب المفرغة، ثم الجيل الثاني (1955 - 1963) الذي تشكل من الترانزيستورات، فالثالث 1964 - 1970 الذي ولد مع صنع الدارة المدمجة وولادة الشبكات الرقمية، والرابع (1970- 1980) المرتكز الى الرقاقات الإلكترونية، وأخيرا الجيل الخامس (1981) الذي ابتدأ مع الكومبيوتر الشخصي «بي سي» وولادة شبكة الإنترنت.

ويسجل الكتاب مجموعة من التفاصيل التي رافقت تطور الكومبيوتر، مثل اختراع أول حاسوب مبرمج عام 1943 تحت اسم «كولوسوس»، إلى ولادة أول كومبيوتر رقمي عام 1946 تحت اسم «اينياك» على يد جون موكلي وبراسبر ايكرت مرورا بالعام 1949 وولادة أول كومبيوتر ببرنامج مخزون، بعدما نجح موريس ويلكس في صنع جهاز «ادساك» الذي يستطيع خزن البرامج في الذاكرة، وصولا إلى صنع أول نظام إلكتروني للمعلومات، واستخدام الكومبيوتر في التنبؤات السياسية.

ويتطرق إلى ولادة حقبة الفضاء الإلكتروني في الاتحاد السوفياتي، وولادة وكالة مشروع الأبحاث المتطورة في الولايات المتحدة الأميركية «أربا»، وانتهاء جون باخوس من وضع برنامج «فورتران» تحت تصرف شركة «آي بي سي».

كما يفصل الكتاب الظروف التي أدت إلى اختراع أول مودم تجاري وأول روبوت إلكتروني صناعي، إضافة إلى الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية وولادة الكومبيوتر الشخصي وشركات مايكروسوفت، وأبل، واوراكل، وصولا إلى ولادة الإنترنت رسميا عام 1984، «بفضل اجتماع أربع شبكات اتصال هي اربانت ويوزنت وبيتنت وسي أس نت».

ويتضمن الكتاب الكثير من صور الآلات والشخصيات المؤثرة في تطور الكومبيوتر والإنترنت، التي تتحول تدريجا من سود وبيض إلى ملونة في دلالة إلى حداثة الاكتشافات أو قدمها. وتساهم الكادرات التي تحتل مساحات كبيرة من الكتاب في تفسـير ما قد يبدو مبـهـما للقـارئ العـادي.

Saturday, September 18, 2004

«الفلسطيني ما عندو هالحركات»!

القبلة أغضبت الأم فقالت :« الفلسطيني ما عندو هالحركات »! . « باب الشمس » أمام سكان « شاتيلا » في ذكرى المجزرة

منال أبو عبس
Al-Hayat (932 كلمة)
تاريخ النشر 18 سبتمبر 2004


«عيب... استحوا... إحنا رايحين نحكي عن فلسطين ولا عن أميركا»، تقول الأم الفلسطينية. تنتفض من مقعدها. وتغادر المكان مستنكرة مشهد القبلة في فيلم «باب الشمس». وفيلم يسري نصر الله، المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب الياس خوري، عرض في المدفن الجماعي لضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت، مساء أول من أمس، أي 22 سنة بالضبط بعد وقوع المجزرة... ما يعطي أهمية استثنائية لمبادرة السينمائي المصري الذي حضر العرض برفقة عدد من ممثليه. والجدير بالذكر أن احداث الفيلم (ورواية خوري الذي شارك المخرج والسينمائي محمد سويد في كتابة السيناريو) تنطلق من هذا المكان، وبعض المشاهد صورت فعلا في المخيم.

الأم الفلسطينية التي أغضبتها القبلة، تقطن في مكان يبدو قريبا من المدفن. ما ان شاهدت الكراسي البيض ترصف فوق الساحة الجرداء، حتى ارتدت العباءة السوداء والمنديل الأبيض. تأبطت ذراع جارتها. واحتلت قبل العرض بساعة ونصف، مكانا في مقدمة الحضور.

الأم الفلسطينية كانت صغيرة حين ارتكبت المجزرة. كانت تقيم في أحد مخيمات البقاع. لكنها تعرف تفاصيل صغيرة ودقيقة عنها، ترويها لأحفادها بين حين وآخر. أولادها بدورهم لا يعرفون عن فلسطين إلا صورا قليلة في الذاكرة وروايات كثيرة من «الحاجات» الفلسطينيات.

«قالوا لي ما تتفرجي.. ما بقدر... بدي أشوف شو عم يصير بالدنيا»... حاول الأبناء تجنيب أمهم حضور الفيلم. كانوا يخشون رد فعلها على قسوة المشاهد التي تطالعنا عادة في كل ما يصور عن فلسطين. أولاد الحاجة الذين استنكروا قدومها، هم أنفسهم حثوا أطفالهم على مشاهدة الفيلم، كي «يتعرفوا الى تاريخهم، الى معاناة عمرها عقود».

هناك، خارج المدفن، علقت لافتة وحيدة تعلن عن الفيلم، وثلاث صور تختصر المعاناة. صور المجزرة عنصر أساسي في هذا المكان، صور امرأة تتفحص جثامين منتفخة، تشد شعرها وقد سقط عنه المنديل. في الصورة المعلقة لا تقول المرأة شيئا. تترك للناظرين حرية التخمين. حرية أن يعودوا بالذاكرة إلى 17 أيلول (سبتمبر) 1982، فيسمعوها تردد «الله اكبر يا عرب». الصورة قوية، تلفت انتباه بضعة صحافيين أجانب أتوا لمشاهدة الفيلم. ينظرون إليها مرارا ويصورونها. تغطي وجوههم تعابير حزن يبدو صادقا، يداعبون الأطفال الفلسطينيين قليلا ويجلسون في انتظار العرض.

«فردية» المعاناة

«في الفيلم سنرى الفلسطيني يعيش قصة حب، للمرة الأولى نراه بمعزل عن قضيته»، يقول المخرج يسري نصر الله محاولا تسليط الضوء على البعد «الفردي» لمعاناة شخصيته الأساسية. ويغيب نصرالله الرموز والشعارات عن فيلمه. هو يريد لفلسطينيي فيلمه ألا يكونوا الضحية، بل ان يكونوا أناسا عاديين. يقطع الحديث مع المخرج مرور شاب ثلاثيني، يرتدي كوفية فلسطينية، وسترة من قماش الكوفية نفسه، فيما تتدلى من عنقه أيقونة عليها علم فلسطين.

الأيقونة على صدر الشاب تلمع. على عكس العلم المهترئ المعلق فوق بوابة المدفن. الشاب الغاطس في الرموز حتى أخمص قدميه، ليس بالضبط من صوره المخرج في فيلمه. ولكن، هل فعلا يمكننا النظر إلى الفلسطيني بمعزل عن القضية؟

في زاوية أخرى من المدفن، تنتفض أم حسن عن كرسيها. تومئ بإصرار إلى مصور أجنبي، يتقدم نحوها بسرعة. تحضنه بشدة فيقبلها على جبينها. أم حسن عجوز فلسطينية عايشت التهجير. المصور غربي أجرى عنها ريبورتاجا صحافيا. المصور لم ير في أم حسن غير قضيتها.

عند السابعة والنصف يبدأ الفيلم. المشهد الأول منه يتضمن قبلة حميمة. تدير الأم الفلسطينية وجارتها رأسيهما ناحية شجرة الزيتون الوحيدة وسط المكان. يطلق الشبان صفارات التأييد للبطل، فيما يكتفي الرجال بنظرة وقورة تحد من البلبلة التي تسود المكان. لا يدوم المشهد طويلا، لتنتقل الكاميرا إلى صور من فلسطين قبل نكبة 1948.

«إذا تركت الكرسي بعد مرة ورحت لبرا بدبحك»، يقول الوالد لإبنه (5 سنوات). الوالد يريد لإبنه أن يتعرف الى تفاصيل المعاناة. «الحرب»، «التهجير»، «الشتات» و«العودة»، عبارات سمعها الولد كثيرا، ويعتقد الوالد انه سيراها في كل مشهد من الفيلم. «يا ريت بقينا هناك ومتنا بأرضنا»، يعترف الوالد على مسمع الصغير.

في المدفن الجماعي جلس عشرات الفلسطينيين يتابعون الجزء الأول فقط من فيلم يسري نصرالله، ومدته ساعتان ونصف الساعة. فيلم ملحمي الإيقاع يحكي قصتهم. يشاهدون صورا تشبه كلا منهم. يشاهدون تهجيرهم، هربهم إلى لبنان وعيشهم في المخيمات...

وحدها صورة الشاب يقبل بطن زوجته الحامل أغضبت الأم الفلسطينية. هي تعتبر أن «الفلسطيني ما عنده هالحركات»، وان الفدائي والمهجر والمقاتل، لا يحيا لهدف آخر غير القضية. ترفض متابعة فصل آخر من فصول الفيلم الذي يروي جانبا آخر من مأساة الفلسطينيين. ترفض مشاهد تحل فيها القبلة مكان الدم والدمار. هي أم فلسطينية ترفض أن تصور فلسطين بغير الصورة المحفورة في ذاكرتها. ترفض أن تمنح أجيالا بكاملها نعمة الحياة والحب لهدف آخر غير الموت في سبيل القضية.

Tuesday, September 14, 2004

بين مؤيد للتمديد ورافض له

بين مؤيد للتمديد ورافض له ... شباب لبنان « يتحاورون » باللافتة والصورة

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,093 كلمة)
تاريخ النشر 14 سبتمبر 2004


في السابع من أيلول (سبتمبر) 2004، ورد خبر في بعض الصحف اللبنانية، وفيه: «شوهد شخص من آل الحلاق ينزع صور رئيس الجمهورية اميل لحود عن الجدار الخارجي لمنزله في زقاق البلاط، فأبلغت العناصر الأمنية فحضرت دورية منها وأوقفته. وبالتوسع في التحقيق أفاد أنـه ابلــغ العناصر الأمنية نيتــه نــزع الصـــور عــن الجدار لأنه طلي حديثا فأذنت له، مشيرا إلى انه يعلق صورة لحود في منزله. وبمراجعة المحامي العام الاستئنافي المناوب في بيروت جون القزي أمــر بتركه بسند إقامة».

الخبر السابق يسلط الضوء على مظاهر دخلت حديثا على الحياة السياسية في لبنان. مظاهر جديدة من نوعها تجلت علــى الحيطــان في صور ترفع أو تنزع تعبيرا عن رأي المواطنين في تعديل للدستور ظنوا انه حدث قبل سنوات عدة، لمرة واحدة واستثنائية.

في الثالث من أيلول 2004، صوت 96 نائبا في البرلمان اللبناني لمصلحة تعديل المادة 49 من الدستور، في مقابل 29 نائبا صوتوا ضد التعديل. المادة المعدلة تتيح تمديد ولاية رئيس الجمهورية الحالي لثلاث سنوات إضافية. إذا، فالخطوة تندرج في صميم الحياة السياسية التي يفاخر اللبنانيون عموما، وشبابهم خصوصا، بديموقراطية ممارستها في بلادهم.

في اليوم نفسه انطلق عشرات الشبان اللبنانيين من تيارات مختلفة (يساريون، عونيون، ومستقلون) إلى منطقة وسط بيروت على بعد عشرات الأمتار من مكان عقد جلسة مجلس النواب وعبروا عن رفضهم تعديل الدستور، وبالتالي رفضهم التمديد لرئيس الجمهورية الحالي.

في الثاني من أيلول 2004، انتشرت الصور واللافتات المؤيدة للحود والمطالبة ببقائه في الحكم. اللافتات التي حمل معظمها توقيع بلديات مناطق متفرقة من لبنان، اعتبرت أن «الهجمة الأميركية الفرنسية خير دليل على صوابية قرار التمديد»، وان لحود هو «رجل لكل الوطن»، و«رجل لكل المهمات».

شباب لبنانيون كثيرون عبروا عن رأيهم في حدث أكدوا تأثيره - سلبا أو إيجابا - في حياتهم ومعيشتهم في لبنان. منهم من اعتبر لحود أمل الخلاص الوحيد من بؤرة الفساد التي تتخبط فيها المنطقة، ومنهم من اعتبره امتدادا لنظام عسكري يحكم البلاد من خلال الأجهزة.

شباب لبنان، كيف ينظرون إلى الحياة السياسية في الوضع الحالي؟ وما هو رأيهم في التمديد وتعديل الدستور؟

نزيه (طالب ومنسق في حركة اليسار الديموقراطي)، شاب لبناني في أوائل العشرينات من العمر. عند التطرق إلى الشؤون السياسية يتحدث نزيه بصيغة الجمع، أي باسم رفاقه الذين يتحرك إلى جانبهم كلما استدعت الحاجة.

نزيه كان أحد منظمي التحرك الأخير الذي تزامن مع عقد جلسة مجلس النواب، «تحركنا بدافع الحماسة السياسية». هذه الحماسة نفسها يقر نزيه انها «لن تقدم أو تؤخر في الوضع الحالي». إلا أن المشاركين أرادوها أن تكون «مجرد حركة اعتراضية رمزية، حدادا على ما تبقى من الديموقراطية والسيادة». رفاق نزيه في الحركة يستفيضون فـي الحديــث عن «عسكرة النظام»، «الوصاية السورية على لبنان»، و«تعديل الدستور لمصلحة فرد». يتحدثــون عــن ممارســات قديمـة جديدة تحد من حريتهم. «اللبنانيون اصبحوا على قناعة بأن التغيير يأتي من الخارج. هذا ما دفع الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب إلى الجلوس في منازلهم والاكتفاء بالتفرج»، يقول نزيه مستشهدا بأحداث 27 أيار (مايو) الماضي التي قضى على أثرها 7 متظاهرين والتي «أخافت الناس، فصاروا يخافون التعبير عن رأيهم، لأن ما حدا مستغني عن حياته».

حركة اليسار تعارض تعديل الدستور، كذلك التيار الوطني الحر (التابع للعماد ميشال عون)، بعض الأحزاب الأخرى ومستقلون. لكن، وكالعادة، سلك كل منهم طريقا خاصا يعبر به عن رفضه للأمر، ما اضعف من قوة التحرك والاعتراض. ففي حين انطلق العونيون في تظاهرات سيارة محتفلين بقرار مجلس الأمن رقم 1559، افترش عشرات الطلاب من تيارات أخرى، بملابس سود، حديقة تمثال الشهداء في وسط بيروت.

«ما يهمنا الآن هو ان يطبق قرار مجلس الأمن»، يقول شادي، متظاهر آخر ضد التمديد. ينتقد الصور التي ألصقت بين ليلة وضحاها على جدران بيروت، والمفرقعات التي حصلت ليلة التصويت على تعديل الدستور.

«المفرقعات تطلق عادة تعبيرا عن الفرح. في تلك الليلة لم يكن أي من الموجودين في ساحة النجمة مبتسما»، يوضح نافيا أن تكون اللافتات المرفوعة وضعها أشخاص من عامة الشعب: «اللافتات كلها كتبت بالخط نفسه، الاختلاف الوحيد كان في الأسماء، والمضمون المبالغ فيه». يتذكر ليلة عدل الدستور لحظة بلحظة، «في واحدة من تلك اللحظات، حسمت أمري بمغادرة لبنان، لخمس سنوات قابلة للتمديد إذا لم يتغير الوضع».

في زاوية أخرى، وبالقوة نفسها التي يدافع بها نزيه وشادي عن رأييهما، يتمسك شبان وشابات آخرون، بخيار التمديد. يعتبرون أن تعديل الدستور هو الرد الأمثل على الضغوط العالمية على العالم العربي، والدليل الملموس على تماسك العرب ووحدتهم.

علي، مواطن عادي يؤيد إحدى الجماعات الإسلامية في بيروت. عاش الحرب الأهلية وتبعاتها في لبنان. يجد فــي الرئيــس الحالــي «المناصر الأول والداعم الأمثل للقضايا العربية». يستشهد باللافتات التي تتقاسمها شوارع بيروت، والتي شارك نفسه في رفع عدد منها. «وضع المنطقة حاليا لا يحتمل المزيد من التجاذبات»، تكون حجته لتأييد التعديل. و«رئيس يشهد له العالم بمواقفه الداعمة للمقاومة»، يكون سبب تأييده الأول للرئيس لحود. لا يبدو علي متفائلا في الحديث عن الوضع الإقليمي الراهن، غير انه يعتبر أن «أميركا تحاول بشتى السبل خلق ثغرات في العلاقات العربية - العربية»، متهما المطالبين بانتخاب رئيس جديد للبلاد بالعمالة لأميركا.

علي يبدو متفائلا بقرار التمديد للحود، غير أنه في مكان آخر من حديثه يؤكد انه ينتظر تأشيرة الهجرة إلى كندا. أما سبب قراره، فليس حتما قرار التمديد لرئيس الجمهورية، إنما «الوضع الاقتصادي الصعب وسياسة رئيس الحكومة!».

Monday, September 13, 2004

anti crise

حضور كثيف لفرق شابة في مهرجان بيروت « بلا تأزيم »

منال أبو عبس
Al-Hayat (544 كلمة)
تاريخ النشر 13 سبتمبر 2004


يختتم اليوم مهرجان «بلا تأزيم» anti crise الموسيقي الذي تنظمه مجموعة «إن كونسرت» في «زيكو هاوس» (بيت زيكو) في بيروت، لأربع ليال متتالية.

ويستضيف المهرجان فرقا موسيقية شبابية، لبنانية وعالمية، تقدم موسيقى تجريبية وعزفا ارتجاليا. وتتراوح الأجواء بين الهادئة والصاخبة في حفلات تمتد إلى ما بعد منتصف الليل.

عند الثامنة النصف من مساء الجمعة الماضي، استنفرت الطوابق الثلاثة للمبنى الأصفر القديم، وتحولت حديقة باحته الخلفية إلى مسرح ومدرج. وتحول الطابق الثاني إلى قاعة لمعرض فوتوغرافي يقيمه المصور حسام مشيمش، فانتشرت على الجدران 13 صورة تعكس الأجواء الفنية خلال حفلات كانت نظمتها «إن كونسرت» الموسم الماضي، فيما استخدمت الطوابق الأخرى لإقامة الفرق الأجنبية.

في الإفتتاح قدم فريق gros bras اللبناني مزيجا من موسيقى الجاز والموسيقى اللاتينية والأفريقية والتانغو والرومبا والكونغو من دون إغفال بعض المقاطع الشرقية. وافلح الشبان الخمسة الموزعون على آلات النقر، الباس، الكي بورد والساكسوفون في كسب إعجاب الجمهور الذي تفاعل معهم في شكل لافت.

ومع عزف فهد حوا المنفرد على آلة الكمنجة انتقل الحاضرون إلى الطابق الثاني من المبنى لضمان الحميمية التي يتطلبها العرض. ليعودوا بعدها إلى الحديقة مع فريق vetusta morla (مورلا العجوز) الإسباني. وخلال الدقائق الأولى من العرض كسر الفريق حاجز اختلاف الثقافة واللغة بين الجمهور والفرقة، بفضل خفة دم العازفين الذين مازحوا الجمهور بعبارات إنكليزية غير سليمة. وتتألف الفرقة من شبان ستة احترفوا الفن حديثا واصدروا «سي دي».

واستضاف المهرجان مساء اول من امس، مازن كرباج وفرقة مسرح العرب من لبنان، وفريق uniwave من كندا. أما مساء امس الأحد فشاركت فرقتا eskisse وwassim (لبنان)، ceasar (لبنان)، علاء (الأردن)، وmo lu (بريطانيا).

ويستضيف المهرجان مساء اليوم، كلود شلهوب، وperformance a4 من لبنان، فيما ألغيت حفلة familha artus الفرنسية لأسباب مادية. وعلى رغم أن الحفلات غير مجانية يؤكد المنظمون كثافة الحضور.

وكان المنظمون انطلقوا من الأزمات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي يغرق فيها مجتمعنا، ليتيحوا للأفراد فرصة كسر جدار هذه الأزمات من خلال الموسيقى. وتعتبر المنظمة سمر كعدي أن «المهم ليس الاحتفال الموسيقي أو المهرجان بحد ذاته. المهم أن استخدم كل ما هو تحت تصرفي لأعبر عما يهمني ولأعبر عن فكرة محددة. وأن أرى في الاحتفال الموسيقي مادة خلق تعمل لخدمة الإبداع والابتكار».

وكانت «إن كونسرت» بدأت عام 2001 عبر احتفال موسيقي قدمته مجموعة مبتدئة. وفي عام 2002 اصبح لدى «إن كونسرت» مهمة أساسية واهداف ومشروع على المدى الطويل.

Saturday, September 4, 2004

«قافلة»

حملت الأفلام إلى الجهات النائية .« قافلة » السينما حطت رحالها في بيروت

منال أبو عبس
Al-Hayat (308 كلمة)
تاريخ النشر 04 سبتمبر 2004

تحولت أدراج الحمامات الرومانية الأثرية في بيروت أول من أمس، إلى سينما في الهواء الطلق، وذلك في اختتام عروض «سينما بتدور» التي نظمتها البعثة الفرنسية للخدمات السمعية - البصرية في لبنان الشهر الماضي. عند الثامنة والنصف مساء، اعتلى الأدراج شبان وشابات لبنانيون ومشاهدون أجانب، مقابل الشاشة العملاقة، لحضور الفيلم الأخير في سلسلة العروض المجانية التي أقيمت في لبنان للسنة الرابعة على التوالي. وعلى مدى 85 دقيقة، تابع المشاهدون فيلم «تي توا» مع جان رينو وجيرار ديبارديو. وتدور قصة الفيلم الكوميدي حول روبي الذي يسعى إلى الانتقام من الرجل الذي قتل حبيبته، وكوينتان البسيط الذي لا يملك من الذكاء إلا ما يكفيه لكثير من اللطف والحماقة في آن. تشاء الصدف أن يلتقي الرجلان، فتبدأ سلسة من المشاهد الكوميدية المضحكة. وفي ختام العرض وزع المنظمون قبعات وسترات وأقلاما على الحاضرين.

وتضمنت عروض «سينما بتدور» أربعة أفلام أخرى هي: «بون فواج»، من تمثيل إيزابيل ادجاني، جيرار ديبارديو، غريغوري ديرانجير، فيرجيني لودويان، إيفان أتال، وبيتر كويوت. و«أبري فو»، من تمثيل دانيال اوتوي، جوزي غارسيا، ساندرين كيبرلان وماريلين كانتو. وفيلم الرسوم المتحركة «الكلب، الجنرال والعصافير»، من إخراج فرانسيس نيلسن، بصوت فيليب نواريه وسيناريو تونينو غويرا. والفيلم اللبناني «طيارة من ورق» من تمثيل فلافيا بشارة، زياد الرحباني، رندا الأسمر، جوليا قصار، ليليان نمري ورينيه ديك.

وكانت العروض تنقلت بين مدن وقرى صور، بنت جبيل، دير كيفا، النبطية، صربا، كوكبا، صيدا، جون، راشيا، قب الياس، أبلح، راس بعلبك، البداوي، المينا، البترون، عمشيت، ريفون، جونيه، ذوق مكايل، المتين، دير القمر، حمانا وبيروت.

Monday, August 30, 2004

« سوبر ستار 2004 »

أيمن الأعتر « سوبر ستار 2004 »

منال أبو عبس - جورج موسى
Al-Hayat (572 كلمة)
تاريخ النشر 30 أغسطس 2004


توج الليبي أيمن الأعتر «سوبر ستار العرب» في نهائيات برنامج «سوبر ستار 2004» لتلفزيون المستقبل. وحصل على أكثر من 54 في المئة من أصوات الجمهور من أنحاء العالم كافة، في مقابل 46 في المئة للفلسطيني عمار الحسن.

تمت حفلة التصفيات النهائية في جو هادئ. ويبدو أن النتيجة كانت متوقعة بدليل أن الحضور في الاستديو، من فنانين وغيرهم، أبدوا سرورهم وفرحهم بها. وبالفعل، تميز أيمن بقدرات صوتية نادرة. وكان نال إعجاب المتفرجين منذ انطلاق البرنامج.

وبذلك انتهى موسم كانت الاشاعات فيه سيدة الموقف هذا العام وحلت مكان الإعتراضات ومظاهر التسييس الرسمية التي طبعت الدورة الأولى من «سوبر ستار». اشاعات عن وصول الليبي أيمن والفلسطيني عمار الى النهائيات والمعايير التي اعتمدتها إدارة تلفزيون «المستقبل» لإيصال نجمين من بلدين حديثي العهد بالمنافسات الفنية الى هذه المرحلة.

وبلغت الاشاعات حدا لم يقتنع معه المتابعون لتصفيات «سوبر ستار» بأن اتصال الرئيس الليبي معمر القذافي بنظيره الفلسطيني ياسر عرفات امس اقتصر على الشؤون السياسية، وذهب البعض الى القول تندرا أنهما توصلا الى اتفاق ثنائي لاختيار «البطل القومي حامل لقب سوبر ستار العرب 2004».

بعض وسائل الاعلام الغربية والعربية عكس الاشاعات الكثيرة. وذكرت صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية أمس، أن الفلسطينيين يتهمون الزعيم الليبي بالتدخل لمساعدة أيمن «ابن البلد». وقالت أن القذافي أمر بفتح خطوط الهاتف مجانا ليكثف عملية التصويت. ولم تتوقف اتهامات الفلسطينيين الذين اكتست جدران مدنهم، وللمرة الأولى، بصور شاب يضحك، عند هذا الحد. إذ اعتبر بعضهم، بحسب الصحيفة المذكورة، أن القذافي يخطط لأمر آخر بغية التأثير في النتائج في اللحظات الأخيرة، وان ثمة تعاونا سوريا ليبيا لانجاح الأعتر ثأرا للسوري هادي أسود(!).

وكان بعض وسائل الإعلام روج أخيرا أخبارا تفيد بأن عمار لم يستقبل جيدا في ليبيا. إلا أن فريق العمل واعلاميين رافقوا المشتركين في رحلتهم الى ليبيا، أكدوا أن محبة الجمهور واندفاعه الكبيرين كانا نحو عمار وأيمن على حد سواء. وفي الزيارة الخاصة إلى خيمة العقيد معمر القذافي حيا الرئيس الليبي النجمين، وأثنى على موهبة عمار محييا فلسطين وطالبا منه إنشاد «زهرة المدائن» التي تميز بها في إحدى حلقات البرنامج، مؤكدا أنه يستحق اللقب عن جدارة، «وولدنا في المرتبة الثانية».

من جهة اخرى، علمت «الحياة» من مصادر قريبة من إدارة تلفزيون «المستقبل» أن التصويت المرتفع الذي امتد لأسبوع، لم يقتصر فقط على ليبيا وفلسطين، بل تعداهما إلى دول عربية أخرى، وأوروبا والولايات المتحدة. كيف كانت الصورة مساء أمس؟ في بعض مخيمات بيروت ارتفعت صور لعمار، وجمهور الشاب الفلسطيني منقسم بين مشجع للقضية الفلسطينية أو متحمس له لأنه صاحب حنجرة استطاعت أن تغني عبدالوهاب وملحم بركات ووديع الصافي وفيروز بصوت قوي ذي مساحات كبيرة، ولكن البعض يعيب عليه أنه لم يفلح في نقل إحساسه إلى المستمعين. وجمهور أيمن متحمس لشاب يستطيع تأدية ألوان غنائية عدة ويتميز بطلة محببة وتفرد في الأداء.

Saturday, August 28, 2004

الفن الأصيل

جاء اليها الجمهور هربا من « فنانات متألقات » في عالم الرقص الغنائي . ليلة عاد الفن الأصيل بصوت سمية بعلبكي

منال أبو عبس
Al-Hayat (578 كلمة)
تاريخ النشر 28 أغسطس 2004




في الحفلة التي أحيتها الفنانة اللبنانية سمية بعلبكي على خشبة مسرح قصر اليونيسكو في بيروت أول من أمس، كان الفن الأصيل هو الحدث. سقط القناع عن وجوه شابات كثيرات «ابتذلن» الفن، ومالت الكفة لمصلحة مطربة قطعت أشواطا طويلة في طريق رسمته لنفسها، فميزها عن غيرها من فنانات جيلها على رغم الشهرة التي تمتعن بها.

عند الثامنة والنصف مساء، اقفل المنظمـون باب القاعة التي غصت بالحاضرين. الشباب احتلوا حيزا مهما في هذه السهرة. ومع العلم أن أغاني سمية طربية بمعظمها، فضل كثيرون حضورها هربا من «فنانات متألقات في عالم الرقـص الغنائي... يشكلن خطرا على الذوق العام»، كما يقول أحدهم.

الرجال والنساء أيضا كان لهم رأي في مطربة السهرة التي «درست الموسيقـى، وتربـت على صوت فيروز... وابتعدت عن الابتذال، فأطربتنا بصوتها القوي»، تقول سيدة ستينية مشيدة بـ«ابنة الفن الأصيل، التي لم تحولها شركات الإنتاج كغيرها من مشاريع الفنانين إلى منتجات فنية».

عند التاسعة مساء، اعتلى أفراد الفرقة الموسيقية الذكور، بملابسهم السود خشبة المسرح. تلتهم بعلبكي، بفستان ارجواني وذهبي اللون من تصميم «المصمم العالمي خالد المصري». وتوجهت إليهم بعبارة «إلى كل محبي الفن الأصيل» التي كانت بمثابة الإشادة بحسهم الفني الراقي.

على أنغام موسيقى الجاز غنت البعلبكي أغنية «أهواك» للمطرب الراحل عبدالحليم حافظ، ثم «يا زهرة في خيالي» فـ«يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرى لي»، للراحلة اسمهان.

وما إن بدأت سمية بترديد أغنيتها: «ليش بحبك هيك/ ليش بخاف عليك/ من هاك السهرة الوردية/ ما بعرف شو عملو فيي/ شو سرقوا مني عينيك»، حتى أنصت الحاضرون لكلمات الأغنية التي كأنما فصلت تماما على قياس صوت المطربة وأحاسيسها. ثم أغنية «سيد الكلام» من كلمات وتلحين ايلي شويري التي غنتها للمرة الأولى.

الأغاني الخليجية، كان لها نصيب من السهرة، مع «بعاد كنتم ولا قريبين»، التي تفاعل معها الجمهور في شكل لافت، فطلبت بعلبكي من أحدهم الصعود إلى المسرح للرقص، غير انه آثر الجلوس للاستماع إلى الأغنية.

وفي «شمس الشموسة» تفوقت سمية على نفسها، أدتها بطريقة مفعمة بالأحاسيس، فتحول المكان إلى ما يشبه الغيمة السوداء، تتوسطها المطربة بردائها الذهبي. ومع الدلعونا والميجانا بلغ تفاعل الجمهور ذروته.

وختاما نزلت سمية عند رغبة الجمهور، فغنت موشح «ابعت لي جواب»، بعد ساعتين من الغناء المتواصل.

وكانت سمية بدأت مسيرتها الفنية عام 1994، مع غناء القصيدة التي قيل لها آنذاك أن «غناء القصيدة انتهى عهده، ولم يعد هناك من يستمع إليه من الأجيال الجديدة. أما أنا فكنت أحارب هذه المقولة لأن القصيدة لا تنتهي»، تقول في إحدى مقابلاتها.