Wednesday, December 8, 2004

نباتات التلة

نباتات التلة

منال أبو عبس
Al-Hayat (387 كلمة)
تاريخ النشر 08 ديسمبر 2004

عام 1982 اخترقت رصاصة «طائشة» شباك منزلي. الشباك يحتل جزءا كبيرا من الحائط. منازل بيروت القديمة عالية السقوف، كبيرة النوافذ. كلمة طائشة أطلقت اثناء الحرب على الرصاصة مجهولة المصدر. مصدر رصاصة بيتي لم يكن مجهولا. امام منزلي تتسمر تلة ترابية ضخمة. التلة كانت مرتعا لأفراد من ميليشيات اطلقت رصاصة طائشة على بيتي. اخترقت الرصاصة جانب النافذة الأيسر. مزقت حافة الكنبة. استقرت في الجانب الأيسر من ظهر اخي الجالس على الأرض.

يستهل دان براون رواية «شيفرة دافنتشي» بمشهد اللحظات التي سبقت قتل القيم على متحف اللوفر في باريس جاك سونيير. احس جاك بالرصاصة تخترق جسده. رسم بالدم على بطنه نجمة خماسية. وخط - بدمه - شيفرة ورموزا تساعد حفيدته في حل لغز مقتله.

هي احدى الليالي العاصفة في بيروت. ومضات البرق تعكس شبح نباتات التلة المهملة على نافذتي. صورة اخي تعلو سريري المطل على التلة. لا أقوى على نزع الرواية من يدي.

الثانية بعد منتصف الليل. لا شيء يعكر صفو نومي العميق. يسير اخي عاريا على التلة. يطارده جاك الهارب من رواية دافنتشي. يتعثر اخي في وحول التلة الضخمة. اسير بتثاقل صوب نافذة غرفتي البعيدة. حديد نافذتي صلب لا يمكن اختراقه. يستنجد اخي العاري بي. يختنق صوتي في حنجرتي فلا اقوى على طلب النجدة. اهلي في عالم آخر يبدو بعيدا عن عالمي. يحلمون بأشياء اخرى، بالتأكيد مختلفة.

يخط اخي على وحول التلة شيئا. هو يطلعني على امر ما على الأرجح. نظرات القائم حادة وشريرة. لا يسعني شيء سوى البكاء والصراخ العاجز. اخي يغرق في وحول التلة، والقائم ينظر إليه بحقد.

صوت الرعد يرجعني من عالم آخر. نور غرفتي ما زال مضاء. لم يسمح لأخي يوما بالصعود الى التلة، تقول امي.

No comments:

Post a Comment