Monday, October 25, 2004

« حكايتهم وحكايتنا »

« حكايتهم وحكايتنا » رواها السوري نمر سلمون في بيروت . عرض تقليدي يغيب عنه الإبداع والفكاهة المتوقعة

منال أبو عبس
Al-Hayat (527 كلمة)
تاريخ النشر 25 أكتوبر 2004


لم يتعد عدد الجالسين على مقاعد مسرح «استرال» في بيروت، مساء أول من أمس، الثلاثين شخصا. بعضهم «مثقفون» معروفون، وبعضهم الآخر شبان غربيون أو لبنانيون تجدهم في كل حدث ثقافي... لكن، لا أحد يعرف ما الذي دفعهم إلى التصفيق بحرارة في تلك الليلة. قد تكون المعرفة الشخصية بالممثل السوري نمر سلمون الذي اعتلى خشبة المسرح ليومين متتالين وقدم أمسيتين حكواتيتين، الأولى تحمل عنوان: «لا تخشى شيئا فالموت إلى جانبك»، والثانية: «حكايتهم وحكايتنا». أو قد يكون الاهتمام بالنوع المسرحي الذي يقدمه سلمون. غير انه وفي الحالين كلتيهما، لم يمر اللقاء من دون طرح أسئلة عدة، منها: ما الذي أراد أن يقوله سلمون في عرضه؟ وإلى أي نوع من أنواع المسرح تنتمي أمسيات الممثل المغترب؟ لتصل إلى حد: أين الجديد في ما يقوله الحكواتي «الأندلسي»؟

عند التاسعة مساء الجمعة والسبت الماضيين صعد الممثل والمخرج والكاتب المسرحي على خشبة المسرح منفردا. ثيابه الأندلسية وطاقيته النبيذية مستوحاة من روح الحكاية. استهل عرضه بقصة عن الغربة، وما عاناه للحصول على بطاقة الإقامة. في مكتب تقديم الطلبات جلس الممثل، سنوات وسنوات في الزاوية، قاطعا العهد بعدم مغادرة المكان قبل الحصول على البطاقة... تنقضي السنوات وتنتهي الحكاية تماما كما يتوقعها المستمع العادي... خطأ مطبعي على التأشيرة يبدل مضمونها، ويمنح صاحبها الحق الشرعي بالتبول في أي مكان من العاصمة الفرنسية، بدل التجول فيها.

القصة التالية مستوحاة من معاناة سلمون بعد موت والدته. حينها كان يتابع دراسته العليا في جامعة السوربون الباريسية. حزن المغترب وخوفه من خسارة والده قبل أن يعود إلى بلده دفعاه إلى زيارة الطبيب النفسي. وما أن شرح سلمون للطبيب شارد الذهن معاناته، حتى صرخ الأخير مشتكيا من آلامه التي لا يأبه بها أحد.

ومن باريس إلى أحد مقاهي الأندلس «أرض الأجداد» تنقلنا قصص الحكواتي. في ذلك المقهى أوقعت النادلة التي بادرها سلمون بالتحية القهوة على الجالسين. عندها روى الممثل على مسامع الزبائن المثل العربي «دلق القهوة خير» ليخفف من غضبهم، فأعجبهم المثل ونال ثقتهم. في اليوم التالي راح كل زبون يطلب فنجانين من القهوة، واحد ليشربه والثاني ليرميه على الأرض، طمعا بالخير المتأتي من ورائه.

التواصل، كلمة كررها سلمون كثيرا في العرض، قبل أن يحط به الرحال أخيرا في بيروت. واختتم العرض بالقصة التي رافـقـت نزول الحكواتي من الطائرة في مطار بـيـروت. واستـقـبال أهلها له بالزغاريد والأناشيد التي تصف لبنان ببلد النور، ليفاجأ بعد لحظات قليلة بانقطاع الكهرباء.

وتجدر الإشارة إلى ان سلمون ألف كتبا عدة منها: «ذاكرة عميقة ومسرحيات أخرى»، عن جمعية كتاب المسرح الإسباني 2004، و«نزهة على ضفاف حبل المشنقة وقصص أخرى دخانية مثيرة للضحك» عن دار نشر موراندي - مدريد 2000.

No comments:

Post a Comment