Friday, December 23, 2005

« شباب خائف على وطن »

« شباب خائف على وطن » : خط التماس مكان لحوار جديد

منال أبو عبس
Al-Hayat (527 كلمة)
تاريخ النشر 23 ديسمبر 2005



اختارت مجموعة من الشباب أطلقوا على أنفسهم اسم: »شباب خائف على وطن« مبنى بركات الذي دمرته الحرب الأهلية على تقاطع السوديكو ليطلقوا مبادرتهم إلى الحوار. الشباب ينتمون إلى خليط من التنظيمات العلمانية اليسارية وعدد من المحايدين، كما يقولون. وعددهم الذي لا يتجاوز العشرات لا يشير إلى وقوف قوى رئيسية وراءهم. أما مطلبهم الأساس فهو: دعوة الأطراف »الشبابية« إلى الحوار.

أمس، اختار المشاركون في الاعتصام الصامت الذي بدأ الأسبوع الماضي على رصيف المبنى، كسر صمتهم وطرح مطالبهم في مؤتمر صحافي. مسؤول »الشباب« عربي العنداري أعلن أن »اعتصامنا ليس موجها إلى الخارج، لأن الخارج لا يتدخل لمصلحتنا بل لمصلحته. وهو ليس موجها إلى السلطة وزعمائها في الداخل، لأنه لو كان في مقدورهم شيء لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه.

التحرك موجه إلى الشباب المسيس الحريص على البلد والى المنظمات الشبابية: إلى ريان ونادر ويوسف وحسن ودانيال وأحمد وعلي (أسماء مسؤولي المنظمات الشبابية المنقسمة بين 8 و14 آذار (مارس). ندعوهم إلى هذا الرصيف لنبدأ الحوار عند الرابعة من مساء غد السبت«. وأضاف: »من هنا من ساحة غير محسوبة على أحد. يمكننا أن نتحاور ونختلف في شكل متحضر. لن نقف لننتظر الزعماء ونراهم يتعازمون إلى الحوار«.

شارك مسؤول قطاع الشباب في الحزب الشيوعي اللبناني ثائر غندور في انطلاقة التحرك، ويصفه بأنه »موجه ضد التمترس خلف الطوائف والزعامات«، معلنا »أننا لسنا جهة سياسية، بل مواطنون خائفون على البلد. نطلق دعوة إلى الحوار من دون أن نكون طرفا فيه، من خط التماس القريب من الساحتين الشهيرتين لنفضح السياسيين«.

ويقول: »غياب الانتماء السياسي لتحركنا يجذب كثيرا من الشباب المحايد والخائف على البلد إليه«.

الأسبوع الماضي لم يكن عدد المعتصمين يتجاوز الإثني عشر شخصا، لكن اختيارهم الصمت اكسب التحرك طابعا فريدا. أمس، كان عدد المعتصمين تحت المبنى الذي اكتسب اسمه من القناص بركات (خلال الحرب الأهلية) يقارب الخمسين. رفعوا ملصقات كرتونية كانت مخصصة لحفظ الأدوات الكهربائية، مكتوبا عليها: »تذكروا: الاستقواء بالخارج والمترسة خلف الطوائف إلى أين أوصلتنا« و«صامتين خائفين على وطن« و«لوين« و«ما عاد تدعوا إلى الحوار. تحاوروا وخلصونا«.

عند الرابعة عصر غد سيكون على رصيف المبنى الشاهد على الحرب الأهلية طاولة وكراس وعدد من الأشخاص. قد يحضر مسؤولو المنظمات المدعوة وقد لا يحضرون. إلا أن التفاؤل يحتم أن يجلس مسؤولو »8 و14 آذار« مقابل بعضهم بعضا. وفي تلك الحال، هل في إمكان مسؤولي المنظمات الشبابية - في حال حضورهم - خوض حوار لا يرددون فيه خطاب زعمائهم الذي بدوره هو السبب الأول لخوف الشباب المعتصمين على الوطن؟

Friday, December 16, 2005

منظمات 14 آذار تحيي مخيم الحرية

منظمات 14 آذار تحيي مخيم الحرية

منال أبو عبس
Al-Hayat (518 كلمة)
تاريخ النشر 16 ديسمبر 2005

قرر »شباب 14 آذار« (مارس) أمس العودة إلى ساحة الشهداء في مؤتمر صحافي عقدوه في مبنى جريدة »النهار«. وأعلنوا الانطلاق من جديد في مخيم الحرية الذي غادروه قبل اشهر، حتى تحقيق المطالب كلها.

مطالب ممثلي منظمات 14 آذار ليست جديدة. أولها، رحيل رئيس الجمهورية اميل لحود، الذي اعتبروه في بيانهم »رمزا للنظام الأمني اللبناني - السوري المشترك« من خلال مطالبة المجلس النيابي بتحمل مسؤولياته و »تحقيق التغيير وفقا للأطر الدستورية«. وأعلنوا أن »الرئيس الممددة ولايته قسرا وبضغط سوري وخلافا لأحكام الدستور، عنده من الوقاحة ما يكفي ليستمر في الرئاسة على حساب دماء شهدائنا«، مؤكدين أنه »يشكل الغطاء السياسي لفلول النظام السابق وحلفائه، معطلا عمل السلطة الإجرائية«.

ثاني المطالب بدوره ليس جديدا: »مواجهة الاعتداء المستمر للنظام السوري من خلال استكمال عملية إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية وتطهيرها من بقايا النظام السابق«. فـ »تجاوزات النظام السوري واضحة من خلال التهديدات بزعزعة استقرار لبنان، وعدم الاعتراف بوجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية«. واستوحى المجتمعون المطلب الثالث من التطورات الراهنة: »دعم قرار الحكومة ومطالبتها الأمم المتحدة بإنشاء محكمة دولية وتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية«. في حين أصر ممثل »الجماعة الإسلامية« (قبل المؤتمر) على إضافة عبارة: »على أن تكون مهمتها قضائية، بعيدا من أي توظيف سياسي«.

أمس، حضر المؤتمر ممثلون عن »تيار المستقبل« و »القوات اللبنانية« و »الحزب التقدمي الاشتراكي« و »حركة التجدد الديموقراطي« و »حركة اليسار الديموقراطي« و »الجماعة الإسلامية« و »الكتلة الوطنية« و »الكتائب اللبنانية« و »حزب الوطنيين الأحرار« و »القطاع الشبابي في مؤسسة رينيه معوض« و »جمعية أمام 05- المجتمع المدني«. وغاب عنه: »التيار الوطني الحر«.

وعلى رغم تأكيد مسؤول قطاع الطلاب في »لقوات« دانيال سبيرو انه »تم الاتصال بـ »التيار الوطني« لابلاغه السقف السياسي لهذا التحرك، وانه رد بأنه سيدرس الموضوع ويجيب في الفترة الوجيزة المقبلة«، نفى المسؤول الإعلامي في »التيار« طوني نصر الله الأمر، موضحا أن »مثل هذا الاتصال لم يحصل. وان التيار لن يشارك في التحرك، بسبب الخلاف على المطالب«.

وعن مشاركة »أمل« و »حزب الله«، أشار سبيرو إلى »إننا سنتصل بهما لأنه يهمنا تأمين أكبر قدر ممكن من الوحدة الوطنية في التحرك، فيد الجريمة قد تمتد لتطاول أي لبناني«.

وكان المؤتمر تأخر نصف ساعة من موعده المقرر. وأصر الممثلون على التشاور في غرفة اجتماعات النائب والصحافي الشهيد جبران تويني في الطابق السادس من الجريدة حيث مكتبه، والتقطوا صورا لهم فيها، تأكيدا على الوحدة التي حثهم عليها في قسمه في 14 آذار.

Thursday, December 15, 2005

جاؤوا من كل المناطق رفضا للقتل

جاؤوا من كل المناطق رفضا للقتل

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,185 كلمة)
تاريخ النشر 15 ديسمبر 2005

لم يكن يوم ساحة الحرية في وسط بيروت كغيره أمس. يشبه يوم تشييع النائب والصحافي الشهيد جبران تويني قليلا يوم 14 آذار (مارس) الماضي، وان كان أقل عددا واكتسى بالأسود في معظمه.

بدأ نهار الساحة باكرا أمس. ضاقت الطرق الفرعية المؤدية إلى الوسط بالشبان رافعي الأعلام اللبنانية والحزبية. واكتست جوانبها بباصات المدارس فارغة إلا من صور الزعماء وملصقات تدل الى وجهتها.

في تشييع تويني عاد إلى ساحة الحرية كثير من روادها. وجاءت »مدام نصر« إلى ساحة الشهداء بعدما غادرتها للمرة الأخيرة في 14 آذار. انطلقت عند السابعة والنصف صباحا من الشوف مع أولادها والعشرات من أقاربها »تلبية لدعوة وليد بيك (النائب وليد جنبلاط)«. وهتفت عند التاسعة صباحا أمام جريدة »النهار« ضد أعداء الحرية.

تحمل ابنتها ريهام على صدرها صورة جبران تويني، »لأننا نريد الحرية وأن لا نساق وفقا لإرادة سورية أو أميركا«. لا تنتمي نصر ولا ابنتها إلى »الحزب التقدمي الاشتراكي« الذي يتزعمه جنبلاط، لكنهما تؤيدان مواقفه الوطنية.

وعلى عكس عائلة نصر، يرفع الشبان الأربعة رامي وعمر وغابي وشادي أعلام »التقدمي«، هاتفين بحياة »وليد بيك بعد الله منعبدو«. الشبان الأربعة في العشرينات من العمر. وترتفع حرارة دمهم إلى حد الغليان، فتتجاوز هتافاتهم الحدود الأخلاقية لتطاول الشعب السوري الذي يتهمون نظامه باغتيال تويني. الأربعة جاؤوا من المريجات في البقاع مع مئات من الرفاق »في عشرات الفانات تأييدا لقضيتنا الوطنية ضد العدو الديكتاتوري الذي يغتال قياديينا«.

ريما حديفي أيضا اشتراكية، جاءت مع رفاقها »بالمئات« من حاصبيا. »ما عاد لازم نسكت على الوضع«، تقول من دون أن تخفي أن مشاركتها في الدرجة الأولى »تلبية لدعوة البيك، الوحيد الذي يقول الحق وبإشارة منه نذهب إلى حيث يريد«.

أمس، كان حضور الاشتراكيين بارزا في وسط بيروت، لكنهم لم يكونوا الوحيدين. إذ حشد »تيار المستقبل« الصفوف بدوره، فجاء مناصروه من المناطق البعيدة وانتشروا على الطرقات المؤدية إلى الساحة والتي تضج بالأغاني للرئيس الشهيد رفيق الحريري. وحيث »المستقبليون« يتكثف وجود الوشاح الأزرق ولافتات »الحقيقة«.

تجر الحاجة ابنها المقعد وعلى رأسه قبعة بيضاء كتب عليها الشعار الانتخابي للرئيس الشهيد: »قولنا والعمل«. يرفع الرجل على الكرسي المدولب علما وقد غطى صدره بالوشاح وكثير من صور الرئيس الشهيد ونجله النائب سعد.

الحاجة وابنها جاءا مع مجموعة من الأهالي من طرابلس في الصباح الباكر، »لأن القتل حرام. وحرام أن نترك شبابنا يموتون الواحد تلو الآخر«. لا تنتمي الحاجة إلى أي من جمعيات »المستقبل«، لكن ابنها من أشد مناصري »التيار«، وكذلك جيرانها الذين »يشغل معظمهم مناصب مهمة في الجمعية«.

ومن البقاع أيضا، أمنت الجمعية »بولمانات لنقل من يريد المشاركة في التشييع«، كما يقول أيمن الذي كان واحدا من »مئات جاؤوا من القرى البقاعية للمشاركة في تشييع من كان يطالب ببرلمان الشباب«.

ومن الجنوب، من بلدة مغدوشة انطلق مروان الجاموس لافا رأسه بشارة: »الحرية لسمير جعجع« وعلى صدره صليب »القوات اللبنانية« المشطوب.

مروان جاء مع 120 من رفاقه »تلبية لنداء الوطن وللوقوف مع لبنان والشهيد«.

وأمام »النهار« كانت الصورة تعبر عن حزن بالغ. نسوة اتشحن بالأسود ورجال ببزات رسمية تركوا وسط الساحة لشبان يهتفون »لسقوط نظام ديكتاتوري« وسقوط »رئيس متشبث بالكرسي«.

كثير من هؤلاء لم يكن من المحازبين، لكن المكان اتسع لهم. رفع بعضهم لافتات »تالصوت يودي« (شعار تويني في الانتخابات الماضية) و »05 استقلال«، واكتفوا بالصمت احتراما للمناسبة.

جاءت رنده من انطلياس بمفردها لأن »حرام بعد موته أن نوقف القضية«. لا تعرف رنده الشهيد إلا من خلال ما يكتبه في الجريدة، وترى انه »رجل وطني لا حزبي«. تنهمر دموعها احتجاجا على »قتل الرجل لأنه يحمل قلما، في حين لم يقتلوا من حملوا الأسلحة خلال الحرب وقتلوا شبابنا«.

بدورها، لا تجيد باربرة بتلوني التحدث بالعربية، لكنها اختارت مرافقة زوجها وولديها من منطقة خلدة. لبست الأسود حدادا وحملت علم لبنان كولديها: »لنقف من اجل حرية لبنان واستقلاله ولنعترض على قتل القادة الأبرياء«. تعرف باربرة عن جبران ما تسمعه من انه »يتكلم بصراحة وانه صحافي لامع اقدر مواقفه«. إلا أن السبب الأبرز يكون: »لنقف من اجل مستقبل أولادنا«.

جاد ابن باربرة الأصغر (10 أعوام)، يحتج على الـ »bombs« ، ودعما »للبنان من دون قتل«. الأمر نفسه، يحلم به سامر الذي يبحث عن رفاقه المشاركين من المعهد الأميركي الذين »زاروا سويا النهار قبل أيام من استشهاد تويني«.

ولم تغب الأعلام الحزبية عن الساحة بخلاف ما طلب الزعماء السياسيون من مناصريهم. أعلام »التقدمي الاشتراكي« و«المستقبل« كانت الأكثر كثافة، إلى حين انضم المتظاهرون في ساحة ساسين إلى رفاقهم، فكثرت أعلام »القوات اللبنانية« و »الوطنيين الأحرار« و »الكتائب اللبنانية«، في حين ارتدى بعض أنصار »التيار الوطني الحر« الـ »شيرتات البرتقالية«، وعليها صور النائب ميشال عون. وكسابقاتها حشدت هذه الأحزاب الجماهير من المناطق البعيدة والقريبة للمشاركة.

ومع اكتمال الأطراف رفعت لافتات: »فرنسا الحضارة تكرم الأب. وسورية الإرهاب تغتال الابن« وأخرى تدين القادة السوريين والرئيس اللبناني اميل لحود.

وما أن حانت لحظة الانطلاق حتى علا الصراخ والهتافات وتدافعت الحشود كأنما طرأ طارئ. النائب وليد جنبلاط خرج بداية، فركض الشبان وراءه هاتفين: »يا رب ترد عنو«. الأمر الذي أزعج جنبلاط وجعله يتوقف مرات عدة للطلب من مناصريه سحب الأعلام الحزبية، والتوقف عن الهتاف احتراما للمناسبة.

وراء جنبلاط بقليل سارت عائلة تويني ووالده غسان، ترافقهم هتافات »جبران حي فينا«.

Tuesday, December 13, 2005

من مبنى « النهار » الى ساحة ساسين تضامن وغضب

من مبنى « النهار » الى ساحة ساسين تضامن وغضب

منال أبو عبس
Al-Hayat (986 كلمة)
تاريخ النشر 13 ديسمبر 2005

ما كاد خبر استشهاد رئيس مجلس إدارة جريدة »النهار« النائب جبران تويني يتأكد، حتى تحول مبنى الجريدة إلى مزار للسياسيين والمؤيدين على حد سواء. وتحول الطابق السادس حيث قسم التحرير ومكتب تويني، إلى ما يشبه خلية النحل الصامتة. صور الزميل الشهيد سمير قصير مرفوعة فوق مكاتب زملائه منذ استشهاده قبل اشهر، والى جانبها أضيف علم لبنان.

في قاعة التحرير، يبدو الزميل جاد يتيم مذهولا، وقد أحيط بزملاء له يبكون كل على كتف الآخر ويبادل كل منهم الآخر بتحية »العوض بسلامتك«. كان جاد من أوائل الواصلين إلى الجريدة صباح أمس، لكنه كان الوحيد القادر على الكلام وان بجمل تقطعها إيماءة من رأسه دليل أسف وحسرة.

يبدو جاد غير مصدق أن الشهيد تويني عاد من باريس مساء أول من أمس بعد حضور حفلة تسلم والده غسان جائزة هناك، ليلقى حتفه. إلا انه يستعين بحادثة حصلت قبل عشرة أيام، عندما أعلن تويني أمام زملائه انه عاد من باريس نهائيا ليستقر في لبنان. حينها سألوه عما إذا كان مطمئنا على حياته، وإذا »صار الوضع طبيعيا ومرت الغيمة السوداء«، فأجاب بالنفي.

»فدى الجريدة بدمه«، يكون التعليق الوحيد، لأنه »في أحد اجتماعات التحرير طلب منا أن نعذره لعدم تمكنه من الحضور بانتظام. قال انه يحاول أن يحمينا، ويحمي الجريدة، معه حق. كنا نخاف ونحس أنفسنا مستهدفين كمؤسسة«.

لا يقطع الصمت الرهيب المسيطر على القاعة إلا بكاء الزميلات المتشحات بالأسود، وتصريحات بعض النواب والوزراء الداخلين إلى مكتب تويني لتعزية زوجته سهام. هؤلاء السياسيون لم يكونوا محط الاهتمام في ذلك الطابق، فـ »هم يكررون الجمل نفسها في كل مناسبة«، بحسب إحدى الزميلات المستاءات من ردود الفعل الرسمية.

غير أن دخول نواب »حزب الله« وحركة »أمل« لم يترك الأثر نفسه، فالتف معظم الحاضرين حول الكاميرا للاستماع إلى تصريح نائب »كتلة الوفاء للمقاومة« حسن فضل الله، وسماع إجابته عن السؤال الأثمن: »من تتهم؟«، والذي جاء مماثلا لأجوبة نواب »أمل«: »أعداء لبنان ومن المبكر الحديث عن متهمين، فلننتظر التحقيق«. وثارت الانتقادات، بدءا من سؤال إحداهن عن سبب مطالبته بالتروي في إلصاق التهم في جريمة اغتيال تويني، في حين أن زملاءه لم يترووا وألصقوا التهمة فورا بإسرائيل في تفخيخ سيارة المقاوم حسين عساف قبل أيام.

خلاف في الاعتصام

تحولت الساحة الأمامية لـ »النهار إلى مقر لتجمع شبابي حاشد. رفعت أعلام قوى 14 آذار (مارس) جميعها، مع أعلام »التيار الوطني الحر« الذي كان انسحب منها في وقت سابق. وارتفع سقف الهتافات إلى مستوى لم يشهده في أي من التظاهرات السابقة، ليطاول بالشتائم والعبارات النابية قياديين في النظام السوري وزعماء لفئات لبنانية تعارض تشكيل محكمة دولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ومع حلول الظهر كان الطلاب خرجوا من معظم الجامعات معلنين الإضراب، لينضموا إلى المعتصمين، والى »أهالي المعتقلين في السجون السورية« الذين كانوا أول من حضر إلى الساحة فور تبلغهم الخبر.

ورفعت لافتات كتب عليها: »الحقيقة« و »الاغتيالات السياسية إلى أين؟« و«آن الأوان لإسقاط (رئيس الجمهورية اميل) لحود« و«بقاء لحود استمرار للجريمة«، إضافة إلى الأقلام تعبيرا عن حرية الرأي.

ومع ارتفاع عدد المتظاهرين إلى المئات دبت الفوضى بين الصفوف، ووصلت إلى مشاكل متفرقة، إذ احتج المشاركون من »الحزب الشيوعي« على نوعية الهتافات الفئوية، معلنين انسحابهم، في حين وقعت اشكالات بين المتظاهرين وأنصار »التيار الوطني الحر«. كما تكفل البعض بإطلاق صيحات التأييد كلما خرج أحد السياسيين الموالين لـ14 آذار والاستنكار كلما خرج أحد المعارضين ومن بينهم عصام أبو جمرة ووزير الخارجية فوزي صلوخ الذي تردد انه تعرض لاشكال. وأطلقت عبارات تندد بمواقفه خلال دخوله الى الجريدة.

وأمام باب الجريدة المقفل في وجه غير السياسيين والصحافيين، وقف عدد من السيدات المتشحات بالسواد يندبن الشهيد »بطل الاستقلال«. وتخاطب إحداهن النائب عاطف مجدلاني لدى وصوله إلى الباب: »يتهمونكم بالعمالة. عملاء سورية وإيران يتهموننا بالتقوقع والوصاية.

فلنأت بالسريلانكيين والفيليبينيين ليحكمونا، هؤلاء افضل من السوريين«، فترد عليها أخرى: »ليأت الأميركيون، أهلا بالجزمة الأميركية«.

وبعيدا من الساحة، انتقدت إحدى السيدات الطريق الذي سلكه الاعتصام: »عيب كل واحد ماسك علم. جبران مات من اجل لبنان لا من اجل القوات ولا الاشتراكية ولا المستقبل«، في حين تحاول أن تفسر جاهدة إلى مراسلي إحدى الوكالات الأجنبية »انهم قتلوا افضل رجال لبنان، والدته الأديبة اللبنانية ناديا ووالده الرجل الذي يحب لبنان«.

حرق دواليب

وامتدت التظاهرات لتشمل ساحة ساسين في الأشرفية، حيث أحرقت الدواليب ظهرا احتجاجا على اغتيال تويني، في حين شارك »التيار الوطني الحر« في مسيرات سيارة. ورفع أنصار »القوات اللبنانية« صور رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع. ولوحظ انتشار أمني كثيف للجيش وقوى الأمن الداخلي عند مداخل الساحة. واقفل تجار الأشرفية محلاتهم بدءا من الأمس والى حين انتهاء التشييع.

Wednesday, December 7, 2005

المقبرة الجماعية

أطفال يلعبون فوق الأموات والمختار اعتبر أن « تفجير المقام عام 2002 ليس مصادفة » . «الحياة» في عنجر : المقبرة الجماعية لم تمر مرور الكرام

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,219 كلمة)
تاريخ النشر 07 ديسمبر 2005

لم يمر اكتشاف المقابر الجماعية في عنجر قبل أيام مرور الكرام. وأعاد الحدث قضية »تل النبي« حيث »مقام النبي عزير« إلى الواجهة الإعلامية، بعد ثلاث سنوات من مرور قضية تفجيره عام 2002 مرور الكرام.

»اليوم عرفت أن تفجير المقام، لم يكن صدفة«، يقول المختار شعبان العجمي، رابطا بينه وبين اكتشاف المقبرة أخيرا. المختار منتدب من دائرة الأوقاف الإسلامية للحفاظ على المقام منذ عام 1997، بعد ثلاث سنوات من خروج الجيش السوري منه.

يلعبون فوق الأموات

لم يعد الوصول إلى المقام صعبا كما كان عليه عام 2002. الطريق صارت معبدة، والمفرق الفرعي المخصص له والبعيد من مفرق عنجر الأساسي زود بلافتة للأوقاف الإسلامية تسهل مهمة القاصد. اسفل التل حاجز للجيش اللبناني، يتخذ إجراءات محدودة ويسمح بدخول من له عمل.

يقف العجمي الذي يبدو انه لا يغادر المقام، وسط ساحة التل المرتفعة التي تصلح برجا للمراقبة. ويشير إلى »ما كان مواقع وتحصينات للجيش السوري«. يتوسط الساحة بيت الناطور المبني منذ عهد الأتراك قبل 200 عام، والمصلى غير المجهز، والمقام الذي يعود تاريخه إلى 700 عام، وبئرا رومانية صخرية. أما معمل البصل الذي كان سجنا سوريا فلا يقع في محيط المقام.

خلف المنزل تماما، تضفي الأراجيح والعاب التزحلق الصفر الصدئة، جوا مناقضا لما يضفيه منظر بقايا العظام المتناثرة في المكان. العظام أخرجت من الحفرة الكبيرة التي حفرت في اليوم الأول (السبت الماضي)، ما أستوجب إقتلاع الألعاب المثبتة قوائمها بالباطون وبعض الأشجار الحديثة الغرس، وكانت مخصصة لتسلية الأطفال وزوار المقام.

من الحفرة الكبيرة أخرج العدد الأكبر من بقايا الهياكل العظمية، و »في اليومين التاليين حفروا أيضا اسفل الحفرة الأولى على المنحدر، وتحت الجامع، فوجدوا بقايا أخرى. إلا انهم أوقفوا الحفر وقالوا انهم سيستعينون بالعمال لاكمال الحفر يدويا«، تقول زوجة الناطور الذي غاب عن منزله أمس. الزوجة والناطور سكنا البيت قبل عام، ولم يشهدا أي تحركات مريبة، كما لم تقع بين أيديهما أي بقايا بشرية. تمنع الزوجة أولادها من اللعب على الأراجيح القديمة حيث بقايا العظام، فـ »حرام كيف كان الأولاد يلعبون فوق جثث بالكاد يغمرها التراب«.

انتبه! أنت في خطر

ليل أول من أمس، استدعي المختار العجمي إلى التحقيق في زحلة، بصفته »شاهدا، لا متهما«، كما يقول. أما السبب، فجعبته الغنية بالمشاهدات منذ كلف الإشراف على المقام.

ويروي: »عام 1997 كان المقام شبه مدمر ويحتاج إلى ترميم وتصليح. الطريق كانت غير معبدة ولا يمكن بلوغ التلة إلا من خلال عربات كبيرة، فأصلحنا الطريق«. وهنا تبدأ الحكاية: »ما أن بدأنا نحفر وراء البيت لنزرع الشجر حتى طفا هيكل عظمي على السطح. دفنته، وحفرت في مكان يبعد مترين عن الأول، فوجدت ثلاثة هياكل، عندها أوقفت الحفر. أخبرت رجل أمن لبناني فنصحني بنسيان الموضوع«.

عرف الشك طريقه إلى قلب العجمي، فأوقف أعمال الحفر، واكتفى بترميم المقام حتى عام 1999. ويقول: »وراء بيت الناطور كان التراب غريبا عن التراب الموجود في المنطقة. كان اسود والتراب هنا احمر. أحضرت جرافة لنبش المكان فتدحرجت هياكل كثيرة من أعلى التلة في اتجاه السهل. نحو 25 جمجمة، ما عدا الذين أعدنا دفنهم«.

لا يجهد العجمي نفسه في تذكر التفاصيل، فالصورة حاضرة في ذهنه: »جمجمة أحد الهياكل كانت مغطاة بكلسات، وأخرى مكسوة بالدهن واللحم، ما يدل على أنها حديثة، وهيكل عظمي مقيدة يداه بكنزة عسكرية وجميعها دفنت باللباس الداخلي، عدا واحدة كان صاحبها يرتدي سروالا عسكريا. الهياكل آنذاك كانت كاملة، لكنها تبعثرت بفعل إعادة الردم والنبش«.

في تلك الحفرة وجد العجمي »مجموعة من 30 جمجمة في كومة واحدة، صرنا نلاقي هياكل على عمق 10 سنتيمترات، ما أن نضرب قدمنا بالأرض حتى نجد الجثة«. أخبر المختار ضابطا لبنانيا نصحه مرة أخرى بعدم إثارة الموضوع. و »عام 2002 أبلغت ضابطا أمنيا لبنانيا كبيرا في المنطقة عن الموضوع، فقال انس الموضوع، مضيفــا أن وضعي صار خطيرا. بعد 15 يوما فجر المقام. خضعت إلى عملية جراحية في القلب ولزمت البيت سنة كاملة«.

قبل ذلك، وفي مكان لم تطله أعمال الحفر الحديثة، وجد العجمي جثثا »على بعد 100 متر من المنحدر. الجثث كانت تخرج من طريق الصدفة. وعندما نظفنا البئر وجدنا 6 جثث. البئر لا يتعدى عمقها الأربعة أمتار. كانت تلقى فيها الجثة وتغطى بالتراب ثم تلقى أخرى وتغطى وهكذا وجدناها«.

ومن الساحة التي صارت مغطاة بالباطون اخرج العجمي جثثا أعاد دفنها وراء البيت، كانت نحو 40 جثة، كما يؤكد. ويضيف: »كان مسؤول (سوري لم يكشف عن اسمه) يأتي كل حين إلى المقام بحجة انه يمارس الرياضة، يجول في المكان، ويسألنا عن الحال«. وعلى بعد كيلومتر من الساحة كان يقع سجن التحقيق (للجيش السوري)، حيث يرجح العجمي وجود مقبرة أخرى.

وحديثا، بعد اكتشاف مقبرة وزارة الدفاع، تلقى العجمي اتصالا من ضابط لبناني، »أرشدته إلى مكان المقابر ورحل«. يستنكر كلام الطبيب الشرعي فيصل دلول عن وجود أطفال لأن الجماجم كلها كانت لرجال.

غير أن وزير العدل شارل رزق وجه إلى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كتابا طلب فيه اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات او تحقيقات للكشف عن حقيقة هذه الجرائم وتحريك الدعوى العامة بخصوصها«.

بدو رحل

في المناطق القريبة من عنجر، تتفاوت ردود الفعل الشعبية على الحدث. تترحم النسوة على الضحايــــا، في حين يبــــدي بعضهــــن التذمــــر من إعادة »فتح جروح« الأهــــل الذين فقدوا أولادهــــم في تلك الحقبة الســــوداء.

وبقيت المفارقة الأكثر إثارة للجدل الحديث عن وجود جثث الأطفال والنساء، ففي حين رأى البعض أنها دليل الى »براءة السورييـــن من الموضــــوع، لأنها قد تعود إلى البدو الرحل الذين كانوا يمرون في المكــــان«، أو »للحروب التي اندلعـــت في المنطقة قبل دخول الجيش السوري«، لم يستبعد آخرون أي احتمال.

Saturday, December 3, 2005

«مخالفات» لجنة التحقيق



وكيل السيد سيطالب بإخلاء سبيله « بعدما ثبت كذب المهرج » هسام . عازوري يرصد « مخالفات » لجنة التحقيق : خالفت الأصول فوصلت إلى نتائج خاطئة



منال أبو عبس
Al-Hayat (777 كلمة)
تاريخ النشر 03 ديسمبر 2005



أعلن المحامي أكرم عازوري وكيل المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد الموقوف في جريمة اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري، انه سبق ان وصف الشاهد السوري هسام هسام بأنه »مهرج« في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأوضح ان لجنة التحقيق الدولية »أخذت من أقوال هسام أساسا لتقترح على القضاء اللبناني توقيف السيد بعد ان نسب اليه اشتراكه في اجتماعات حصلت في سورية خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت جريمة الاغتيال«.

وعقد عازوري أمس مؤتمرا صحافيا في نقابة المحررين أعلن فيه أن هسام هسام هو الشاهد المقنع. وأضاف: »لا أحد غيري أنا أو الشاهد أو المحقق الدولي أو السيد، يمكنه أن يعرف أني ذكرت كلمة مهرج (التي ذكرها هسام في مؤتمره الصحافي في دمشق)«. وأعلن انه »قبل فرار هسام إلى دمشق، ومع ظهوره على محطة »نيو تي في«، عرفت انه الشاهد المقنع، وأبلغت القضاء اللبناني (الذي لم يكن يعرف بوجوده منذ أيلول)، طالبا منه تحديد هويته ومواجهة السيد به«.

واعتبر عازوري انه بعد ظهور هسام في دمشق »وفي حال لم تزود اللجنة القضاء اللبناني بالأدلة المتوافرة لديها، فمن واجب القضاء أن يضع حدا فوريا لاستمرار توقيف السيد«، لأن »السبب الوحيد لتوقيف السيد هو شهادة الشاهد المقنع الذي تبين انه كاذب«.

وعرض عازوري خلال مؤتمره الصحافـي تقـريرا إجرائـيا أثار فيه ما اعتبره »المخالفات التي ارتكبتها لجنة التحقيق الدولية«، مشيدا في الوقت نفسه »بتصرفها المحترف والتقني على الصعيد الإنساني«. وانطلق من عبارة »حق الرد من وجهــة نـظر الدفاع«، معـلنا أن »المداخلة محصورة بالإجراءات ولن تتناول مضمون عمل اللجنة«. وأعلن أن تطبيق القرار الرقم 1559 جاء مخالفا له، ومعطلا لدور القضاء اللبناني وخارقا لمعايير المحاكمة العادلة ولحقوق الدفاع.

وأكد عازوري أن »إجراء التحقيق جاء من دون قانون إجراءات«، علما أن »قرار مجلس الأمن الزم في فقرته السادسة اللجنة بوضع قانون إجراءاتها قبل المباشرة بالتحقيقات، إلا أنها لم تفعل«. وأن اللجنة خرقت قاعدة السرية عندما نشرت تقريرها الإجرائي، وعندما أعلنت عبر وسائل الإعلام عن نيتها مداهمة شقتين على صلة بالجريمة وعندما أعلنت عن طلب اللجنة رفع السرية المصرفية عن أشخاص منهم وزير الدفاع الياس المر وعندما تضمن تقريرها تحليلات ووقائع متصلة باتصالات هاتفية. واتهمها بتعطيل التحقيق اللبناني.

وأعلن أن المادة السابعة من مذكرة التفاهم التي وضعتها الحكومة مع اللجنة عطلت دور القضاء اللبناني لأنها ألزمت الأخير بتسليم اللجنة ملف التحقيق الذي في حوزته، في حين سمحت بحجب الأدلة عن القضاء اللبناني طالما أنها لم تنه عملها.

ورأى أن مواجهة هسام والسيد كانت إحدى الإفرازات السلبية لهذه المادة. فـ »السيد أنكر كل الوقائع التي نسبت إليه، وطلبنا الكشف عن هوية هذا الشخص وتكليفه بتحديد تواريخ الاجتماعات المذكورة والصفة التي علم بها بتلك الاجتماعات لتمكين الدفاع من إثبات عدم صحتها، فرفض التحقيق الدولي ذلك، ما شكل خرقا لمبدأ الوجاهية ومساسا بحقوق الدفاع«. وأكد أن »توقيف السيد قضائي في الشكل، وبوليسي في المضمون، اتخذ بناء إلى توصية ضابط عدلي يحجب الأدلة بحكم المذكرة عن القاضي الذي أصدرها، الأمر الذي يحرم السيد من حقه الفعلي في إخلاء سبيله«، نافيا أن يكون موكله قدم تسجيلات مهمة للتحقيق، ومؤكدا أن »التحقيق لم يجر وفق الأصول وأدى إلى نتائج خاطئة«.

وعرض عازوري الإجراءات التي اتخذها لمواجهة الأخطاء. وسأل: »لماذا تزامن إثارة موضوع المحكمة الدولية مع ظهور الشاهد المقنع وتمديد عمل اللجنة«.

وأعلن عازوري أن التعاطي مع قضية »المهرج« تم بطريقة خاطئة. وكمحام للواء السيد أعلن أن »الشاهد إذا كان يعرف شيئا، يكون من المشاركين في الجريمة ويجب توقيفه. وإذا كان يعرف ولم يشارك، يجب الادعاء عليه لعدم إبلاغه السلطات عن الجريمة الإرهابية المخطط لها. وإذا كان يعرف ولم يشارك فيجب توقيفه أيضا والادعاء عليه لأنه يضلل التحقيق«.

وفي الإطار نفسه، غادر المدير السابق للاستخبارات في الجيش اللبناني العميد الركن ريمون عازار مستشفى »اوتيل ديو« أمس إلى مكان توقيفه في سجن رومية.

Thursday, November 17, 2005

فرز سياسي وطائفي في الانتخابات الطالبية

فرز سياسي وطائفي في الانتخابات الطالبية

منال أبو عبس
Al-Hayat (993 كلمة)
تاريخ النشر 17 نوفمبر 2005

تحولت جامعات لبنان الخاصة خلال الأسابيع الماضية إلى مرآة تعكس صورة ساحاته »الثورية«. ولم تقف الانتخابات الطالبية فيها عند الحدود الأكاديمية، كما العادة، بل استنسخت مشهد الانتخابات النيابية بما فيه من سخونة وشحن طائفي ودعم لملفات كبرى على مستوى الرئاسة ومفاخرة بإنجازات سياسية وتحريرية. وتجلت الصورة الأبرز للفرز في الإشكال الذي وقع في الجامعة اللبنانية - الأميركية حيث فاز تحالف 14 آذار (مارس)، وتعالت هتافات مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد مقابل هتافات للرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط. المشهد المذكور لم يكن مألوفا في السابق، أي قبل انضمام الجامعات الخاصة بطلابها إلى »حركتي« 8 و14 آذار.

والتحالفات الطالبية المعلنة وغير المعلنة أكسبت الانتخابات الحالية طابعا فريدا. وانضوى الفرقاء تحت لواءين قويين: الأول يضم قوى 14 آذار أي »تيار المستقبل« و«القوات اللبنانية« و«الحزب التقدمي الاشتراكي« وبعض المنظمات الأخرى مقابل التحالف المركزي المعلن بين »حزب الله« و»حركة أمل« وغير المعلن مع »التيار الوطني الحر« بعد انسحابه من فريق 14 آذار، والذي أسفر عنه تمثيل الحزب والحركة في الجامعة اليسوعية للمرة الأولى.

وعلى رغم تأكيد مسؤول التعبئة التربوية في الحزب يوسف مرعي انه »لم يكن عندنا تحالفات في اتجاه واحد، ونسعى إلى أن نكون على اتفاق مع كل القوى السياسية على الساحة«، إلا أن القول إن »التيار فاز في اليسوعية بالتحالف مع تجمع المستقلين المدعوم من الحزب والحركة« يؤكد فرضية التحالف غير المعلن.

من جهته، يستنكر مسؤول الطلاب في الحزب التقدمي ريان الأشقر التحالف »الخفي«، مؤكدا »أننا لم نستغربه، لأنه جاء نتيجة لما حصل في الانتخابات النيابية«.

قد يبدو إدراج الهتافات الطائفية التي أطلقت في »اللبنانية ? الأميركية« ضمن خانة الاستفزازات المتبادلة تافها. فالهتافات عبرت بصدق عن كلام الشارع اللبناني المقسوم بين فريقين يتهم كل منهما الآخر باستحضار الوصاية (الأميركية مقابل السورية). هذا بالضبط يتجلى في تأكيد مسؤول الطلاب في القوات اللبنانية دانيال سبيرو أن »تحالفنا سياسي مع من بدأنا معهم معركة الاستقلال. وسنكمل معهم لمنع أي طرف داخلي من تحقيق مآربه بإعادة الوصاية السورية إلى لبنان«. يستشهد سبيرو بـ»أزمة المازوت« التي أثيرت أخيرا، ويعتبر أنها »تهدف إلى ذر الرماد في العيون لتسهيل المشروع السوري«.

وعلى رغم أن سبيرو لا يستغرب التحالف بين »فريق لا يسعى إلا إلى إعادة سورية إلى لبنان، وفريق آخر لا يهمه سوى الوصول إلى رئاسة الجمهورية«، إلا انه ينتقد »الانسجام السياسي بينهما مع العلم أن التيار الوطني يطالب بتطبيق القرار 1559 الذي يستهدف الحزب وسلاحه«.

مرعي بدوره كان له اعتراض على ما جرى في »اللبنانية - الأميركية« حيث كان يفترض أن ينضم الحزب إلى تحالف 14 آذار شرط ترك مقعدين شاغرين (للحزب السوري القومي الاجتماعي)، »إلا أن الاشتراكي أضاف النادي الفلسطيني إلى اللائحة، ففهمنا انه لا يريد التحالف بسبب القومي«، يقول مفسرا تشكيلهم »لائحة ثالثة مع القومي والحركة«. ويضيف: »لا افهم كيف أننا وافقنا على وجود القوات ولم يوافقوا على القومي«.

وحده مسؤول الطلاب في حركة »أمل« فادي عواد يرى أن »التحالف الجامعي لا يعكس الواقع السياسي العام«.

ويرى مسؤول الطلاب في التيار الوطني جورج سروع أن التحالفات السياسية العامة أثرت سلبا في بعض القوى. من هذا المنطلق، »انخفض عدد عناصر »القوات« في بعض الجامعات بسبب عدم رضى قاعدتهم الشعبية على التحالف مع وليد جنبلاط (الاشتراكي)«.

»هجمة« التيار ورئيسه النائب ميشال عون على »الاشتراكي« والعكس صحيح، ليست جديدة. الهجمة انتقلت إلى قلب الجامعات وأثرت في تحالفات الطلاب. »الثابتة الوحيدة عندنا هي أننا لا يمكن أن نتحالف مع الاشتراكي لأننا لا نعرف أين موقعه. لا مشكلة في التحالف مع القوات والمستقبل شرط تخليهم عن الاشتراكي«، يقول مفسرا تحالف تياره مع »حزب الله لأنه صادق في التعامل. في السياسة نحن نقول ما هو موقفنا من سلاح المقاومة وهو يقول موقفه من التيار. بقية الأطراف لا نعرف موقفهم. أما أمل، فالتحالف تم بسبب الوضع الجيد بين قاعدتينا الطالبيتين«.

وعلى طريقة الند للند، انتقد الأشقر شرط التيار للتحالف مع »المستقبل« و»القوات«، رافضا اتهام جنبلاط بالفساد: »عندما كان الاشتراكي عام 1949 يتحدث عن الإصلاح كان الجنرال (عون) في المدرسة. وعندما قدم الاشتراكي برنامجا إصلاحيا عام 1976 كان الجنرال رائدا يأخذ تعليماته منالياس سركيس«.

وبدوره رد سبيرو على الشرط، منتقدا »تحالف التيار مع أمل التي كانت الراعي الأول للفساد في عهد الوصاية السورية«.

رحلة الانتخابات حطت في الجامعة الأميركية في بيروت أمس. المعركة كما سابقاتها تمت بين الفريقين الكبيرين، مع إعلان الحزب والحركة انضمامهما إلى لائحة التيار إضافة إلى »حركة الشعب« والقومي وحركة »بلا حدود« اليسارية.

يرى مسؤول طلاب القومي حمزة شعيتو ان لحزبه قواسم مشتركة مع من تحالف معهم، »مع الحزب والحركة نتفق على ضرورة الحفاظ على المقاومة، ومع حركة الشعب والتيار نتفق على العلمنة«، مشيرا إلى أن »الخطاب العام في البلد طائفي، على رغم انه يحصل تحت اسم الوحدة الوطنية«.

Tuesday, November 15, 2005

أهالي المفقودين

أهالي المفقودين بعد كشف مقبرة وزارة الدفاع : ما فائدة فحص الحمض النووي وأولادنا في السجن ؟

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,350 كلمة)
تاريخ النشر 15 نوفمبر 2005


رأيت ابني جوني للمرة الأولى (بعد اختفائه) عام 1991 في سجن فرع التحقيق 248 في سورية. زرته ثانية في سجن دمشق المركزي عام 1991. أخبرت الدولة (قيادة الجيش اللبناني) بذلك، فاقتادني رجال الاستخبارات الى التحقيق. بعدها أخذوني الى عنجر، حيث تعرضت للإهانة من العقيد السوري يوسف العبدي الملقب بـ »النبي يوسف«، لم تكن هذه المرة الأولى التي تقول فيها فيوليت والدة العريف في الجيش اللبناني جوني ناصيف مثل هذا الكلام. قد تكون المرة العاشرة أو العاشرة بعد المئة، إلا أن كلامها لا يختلف كثيرا عما روته أمهات 61 عسكريا لبنانيا فقدوا في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 1990، على اثر سقوط الجنرال ميشال عون على يد القوات العسكرية السورية آنذاك.

موضوع المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، لم يعد حدثا. خبر جديد نشرته قيادة الجيش بعد 25 عاما من الجريمة، قلب المعادلة رأسا على عقب: »إخراج 13 جثة من المدافن الخاصة بالشهداء قرب مبنى وزارة الدفاع الوطني، وإرسال عينات من الجثث الى مختبرات طبية مختصة بفحص الحمض النووي (DNA). وكلفت الشرطة العسكرية استدعاء عائلات العسكريين المفقودين في التاريخ المذكور لمقارنة نتائج فحص العينات معهم، وتسليمهم الجثث في حال مطابقته«. ولكن، كيف علق أهالي المفقودين على الخبر؟

فيوليت: ادفع فأرى ابني

تضحك فيوليت بينما تنظر الى عشرات النساء المعتصمات معها في حديقة جبران المقابلة لمبنى الأمم المتحدة في بيروت منذ 11 نيسان (أبريل) الماضي. »كأم لا اصدق شيئا«، تكون إجابتها الحاضرة على أي سؤال، فـ »قصتي مع الدولة طويلة. لم يصدقوا إنني قابلت ابني في سورية بعد سنوات من اختفائه«. وتفسر: »كنت ادفع لضباط سوريين وأشخاص مقربين من النظام الكثير من النقود مقابل ذلك. كان الضباط يقولون: عندما نتصل بك ونذكر أن »الأمانة صارت موجودة« تأتين الى سورية. ذهبت الى القرداحة ومن هناك أخذوني الى السجن حيث قابلت ابني للمرة الأولى من دون بطاقة زيارة. وفي المرة الثاني اصدروا لي بطاقة زيارة رسمية«. تخص فيوليت قائد الجيش ميشال سليمان بالذكر، »إلتقيته بعد لقائي جوني. أخبرته أن المفقودين أولاد العسكر. فأجابني بأنه سأل السوريين واخبروه انه لا يوجد أي عسكري مسجون لديهم«.

لا تثق فيوليت بأي فريق لبناني، وتشك في صدقية اللجنة التي شكلتها الحكومة لمتابعة الملف مع اللجنة السورية. وحاليا، ترفض الخضوع الى فحص الـDNA، »لأنه في العام 2001 أفرج عن شخص قال انه رأى جوني مع مجموعة لبنانيين في سجن تدمر، عسكريين وغير عسكريين. ولن اصدق أي خطوة تقوم بها الحكومة. ربما تهدف الى إقفال الملف بأي طريقة«.

تعلن فيوليت عن وجود »شخص غير لبناني مستعد أن يرشد أي لجنة دولية الى أماكن وجود المعتقلين اللبنانيين داخل سورية. لكنه، لن يقبل التكلم مع أي لجنة لبنانية«.

يجلس غازي عاد على كرسيه المدولب الى جانب الخيمة الخاصة بالاعتصام. تحيط به أمهات المفقودين، ويعلن انه يتحدث باسمهن في ما يخص قرار قيادة الجيش الأخير. »الأدلة عند الأهالي دامغة، ولا نستطيع أن نقول لمن شاهدت ابنها حيا قبل سنوات قليلة أنه توفي عام 1990«، يكون تعليقه المباشر. لكنه يضيف: »لا يرفض الأهالي الخضوع لفحوص الحمض النووي رفضا مطلقا. إلا انه، بعد 15 عاما من إنكار قضيتهم، من الطبيعي أن يعتبروا أن أي خطوة جديدة تهدف كالعادة الى إقفال الملف«.

لا يعلن عاد تشكيكه بكفاءة الجيش. بالنسبة إليه »الجيش يقوم بعمله بسرية تامة ولا يعلن ما يقوم به الى الرأي العام. وهذا لا يناسب الأهالي الذين يريدون الحصول على تطمينات«. وكبديل تقبله الأمهات، يطالب عاد بـ«مراقبين مستقلين ونزيهين وبلجنة تتمتع بالمعايير الدولية، يكون فيها ممثلون عن لجان الأهل ومراقبون من منظمات دولية كالصليب الأحمر الدولي«.

الجيش كرم شهداءه قبل دفنهم

لا يبدو اقتراح عاد ومطلب الأمهات بتشكيل لجنة دولية مقبولا من جانب العميد صالح الحاج سليمان. يهتز صوته بانفعال بارز ما أن نسأله عن إمكانية الاستعانة بمساعدين دوليين ومنظمات إنسانية. »الجيش يتمتع بالكفاءة اللازمة، ومسألة إجراء الفحوصات علمية وتقنية. من يثبت أن حمضه النووي يتطابق مع الحمض النووي لذويه فهو علميا ابنهم ويمكنهم استلام جثته«، يقول.

لا يجد سليمان في العملية أي شائبة. ويعتبر أن الاجراءات تسير في إطارها الطبيعي: » نتائج الفحوص تحتاج من 20 الى 25 يوما، وتتم في مختبرات لبنانية منها مختبر اليسوعية. والشرطة العسكرية أبلغت الأهالي بوجوب خضوعهم للفحوصات. العسكريون أولادنا ونحن حريصون على تسليمهم الى ذويهم«. يؤكد سليمان أن الجيش لم يقصر في حق العسكريين الراحلين، وانه »دفن الجثث في مقبرة للشهداء وكرمهم كشهداء له«، معلنا أن المرحلة الثانية من البحث عن المفقودين ستبدأ »مع الاستقصاء. يعني أننا لن نعتمد على أقوال الصحف والشائعات، بل سنسير وفقا للوقائع التاريخية والمواقع التي نعرف أنها تضم جثثا لعسكريين قضوا في تواريخ متفرقة«، من دون أن يحدد العناوين المحتملة.

دفنت جثة ليست لابنها

في حديقة جبران لم تستغل الأمهات هبوط الليل للانصراف الى بيوتهن. هناك اعتدن أن تروي كل منهن قصة غائبها الى الأخرى، بانتظار من يزورونهن بين حين وآخر. تتشابه الملامح على وجوههن المتعبة. وتتشابه صور الشبان المعلقة على صدورهن من ناحية القلب. والدة العريف متري لا تعرف أين هو. »عام 1990، أعطونا جثة أخرى لا تعود لابني. صلينا عليها ودفناها في المدافن الخاصة بالعائلة. الجثة تعود لعسكري لبناني ينتظر مثلنا أن يعرف ذووه يوما ما الحقيقة«. لا ترفض الوالدة الخضوع لفحوص قيادة الجيش.

والدة الرقيب ايلي حداد أيضا، لم تر ابنها منذ 25 عاما. »تلقيت منه رسائل، واخبرني رفاق له في السجن أن اسمه موجود في فرع فلسطين، وأخيرا عرفت انه انتقل الى تدمر ثم صيدنايا«. قد تخضع الوالدة للفحوص، »فقط لنعرف مدى جديتهم في التعاطي مع القضية«.

تؤكد شقيقة الملازم أول روبير أبى سرحال أن شقيقها حي يرزق في السجون السورية، »عامي 1997 و2003 أفرج عن عدد من المعتقلين الذين أكدوا أن روبير ما زال حيا. أحدهم قال انه كان يراه كل 15 يوما خلال فسحة الشمس«. لا تعتقد أن الفحوص على الجثث قد تفيدها في شيء، فالذين عثر عليهم رقباء وعرفاء وليسوا ضباطا.

وثيقة وفاة مقابل الراتب

وفي الاختتام، لم تغب فيوليت عن اللقاء. رأيها كان واضحا في كل محطة. تقـول إنها كانت تستقبل موفدين من قيادة الجيش في كل عيد للجيش، ويتمنون لها أن »يكون جوني معنا في العام المقبل«.

عام 2000 طلب الموفدون من فيوليت توقيع وثيقة وفاة ابنها. لم تتقبل فيوليت آنذاك الفكرة، فاحتفظت بورقة تبليغ الجيش في ملف مليء بالوثائق والأسماء والتواريخ والأرقام.

قد تكون العبارة التالية هي أكثر مما أثار سخرية فيوليت خلال الـ25 عاما الماضية: »بعد عشر سنوات من غيابه أوقفت الدولة عني راتب ابني لأنني لم أوقع على وثيقة وفاته«.

Monday, November 14, 2005

انتخابات الكتائب

انتخابات الكتائب : تقاسم مواقع في معركة بلا حماوة

منال أبو عبس
Al-Hayat (379 كلمة)
تاريخ النشر 14 نوفمبر 2005



بدت صورة اليوم الأخير من المؤتمر الـ 26 لـ »حزب الكتائب اللبنانية« المنعقد في البيت المركزي للحزب في الصيفي أمس، أكثر تعبيرا عن عنوان »التوحيد والتجديد«. واجتمع كتائبيو ما كانا يسميان بـ »الحركة الإصلاحية الكتائبية« و »كتائب البيت المركزي« أمام خريطة الهيكلية التنظيمية للحزب الأساس، وانتخبوا مجتمعين رؤساء المراكز القيادية وأعضاءها.

ولم يكن تعيين رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل رئيسا أعلى للحزب، واحتفاظ كريم بقرادوني بمنصبه رئيسا للحزب بالتزكية، السبب الوحيد لغياب الحماوة الانتخابية عن الأجواء في الصيفي، إذ أكد أحد المرشحين المنسحبين من الترشح إلى عضوية المكتب السياسي أن »إتمام مسيرة المصالحة، اقتضى تقاسم »الرئيسين« أعداد المرشحين. فكان من المفترض أن يحصل كل من الرئيسين على ثمانية مقاعد في المكتب السياسي، إلا أن دخول النائبة صولانج الجميل على خط المساومات أدى إلى خفض حصة كل منهما إلى سبعة أعضاء، في مقابل مقعدين لصولانج«.

ومع تحول المؤتمر في يومه الثاني إلى هيئة ناخبة، برزت حملة الانسحابات الجماعية »دعما لمسيرة التوحيد«، كما يقول معظم المنسحبين. وكانت الانسحابات الأكثر صخبا، في صفوف المرشحين على عضوية المكتب السياسي. وفاز رشاد سلامة بمنصب نائب الرئيس الأول (تزكية) وجوزيف أبو خليل نائبا ثانيا وانطوان ريشا ثالثا. وفرنسوا الجميل بمنصب رئيس مجلس الشرف، وجورج غصن وحنا نصار وساسين الحواط وفرح فرح وروجيه أبي راشد اعضاء.

وكان الجميل اعتبر أن »خطوة اليوم مدخل للانطلاق بالكتائب من جديد، لتكون رأس حربة في الدفاع عن السيادة والاستقلال والحرية والديموقراطية في لبنان«. ولم يغفل وجود أطراف كتائبيين يعارضون »لقاء المصالحة«، فلفت إلى أن »يدنا ممدودة لكل الكتائبيين والقوى الكتائبية« المختلفة.

ومن جهته، أكد بقرادوني أن »انتخابات اليوم ليست بالأمر البسيط. حزبنا ديموقراطي وفيه انتخابات وكلنا سنخضع إلى رأي القاعدة الحزبية المتمثلة في هذا المؤتمر«، قبل إعلان بدء العملية الانتخابية.

Saturday, October 22, 2005

« نحبك ميليس »

شباب 14 آذار لبسوا قمصان « نحبك ميليس » للاحتفال

منال أبو عبس
Al-Hayat (449 كلمة)
تاريخ النشر 22 أكتوبر 2005



لم تنتظر المنظمات الشبابية او ما يعرف بقوى 14 آذار (مارس) الثامنة مساء، أي الموعد الذي كانت حددته لاعتصامها »الاحتفالي« بصدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فبعد نحو ساعة من الافطار الرمضاني، قرابة السابعة بتوقيت بيروت، غصت ساحة الشهداء في وسط العاصمة بالشبان الذين رفعوا اعلام لبنان وصور الشهداء، معيدين الى الساحة صورة رافقتها لأشهر عدة تلت اغتيال الرئيس الحريري.

وعلى رغم سيل الهتافات المنددة برجال الاستخبارات السورية المذكورين في التقرير، انصب غضب المعتصمين على رئيس الجمهورية اميل لحود. ورفعت لافتات: »تأهب لمغادرة القصر الجمهوري وانصرف«، على وقع هتافات: »يا لحود يا لحود روح سباحة عالحدود (اللبنانية ? السورية)«، و »يا لحود نزال هيدي الكرسي بدا رجال«.

وفي باحة مسجد محمد الأمين حيث ضريح الرئيس الشهيد، كانت الصورة تشبه الايام التالية لجريمة الاغتيال. وتركزت كاميرات التلفزيونات مقابل الضريح تنقل توافد رجال السياسة الكثر الى المكان، وصور المواطنين يؤدون الصلاة عن روح الشهيد. وبعضهم يذرف دموعا كما لو ان الشهيد سقط امس.

مسؤولو المنظمات الشبابية توافدوا الى المكان للاشادة بالتقرير، كما يقول عضو »حركة اليسار الديموقراطي« عمر حرقوص، الذي يعتبر ان »التقرير هو مجموعة خيوط يمسكها المحقق، فيبني على اثرها قضية، وهذا ما حصل«. ولم يوفر عمر، حاله حال بقية مسؤولي المنظمات، دعوة النائب ميشال عون الشبان الى عدم التظاهر وعدم ترك اشغالهم، قائلا: »على الجنرال ان يعلم ان لا احد غير الشارع يزيح لحود عن الكرسي«. الامر نفسه يعارضه عضو الكتلة الوطنية فريدي خير، مشيرا الى »اننا قمنا بثورة لنرتاح من التدخل العسكري في السياسة«، غامزا من قناة تدخل »الجنرال« عون. وأكد جلال غصين من »الحزب الشيوعي ? الانقاذ« ان »الشعب عرف النتيجة قبل صدور التقرير«، مذكرا »الجنرال عون بأن تدخل القوى الشبابية والطالبية هو الذي اعاده الى الاراضي اللبنانية من المنفى«.

بالأمس، انشغل مسؤولو المنظمات بالإدلاء بتصريحات امام عدسات الكاميرات. وفي الساحة الخارجية وقف مئات الشبان على بعد عشرات الامتار من عناصر الامن وفرقة مكافحة الشغب يهتفون بسقوط »الرذيل لحود« وارتدى بعضهم »تي شيرت« كتب عليها: »نحبك ميليس«، ورافعين لافتات تبشر بأن »ستهتز الكرسي ويسقط المجرمون«. بالأمس، وقف من هتفوا لأشهر كثيرة مضت مطالبين بالحقيقة، حاملين على كاهلهم مطلبا جديدا هو »العدالة«.

Tuesday, October 18, 2005

بعد صدور تقرير ميليس

الخوف من الانفلونزا لن يتبدد . الا بعد صدور تقرير ميليس

منال أبو عبس
Al-Hayat (844 كلمة)
تاريخ النشر 18 أكتوبر 2005



تحمل الورقة المعلقة على الزجاج الداخلي لمحلات »هوا تشيكن« عنوان: »تعميم حول أنفلونزا الطيور«. الورقة مثبتة بطريقة تجذب انتباه الزائر، تمهيدا لتزويده معلومات تفيد بأن المرض »ظهر منذ سنوات عدة... وان عدد الأشخاص الذين أصيبوا جراءه في آسيا ضئيل. والفروج المستهلك في لبنان هو إنتاج محلي«، والأهم من ذلك، »أن المرض ينتقل فقط من خلال الاحتكاك المباشر مع الطيور الحية المريضة«.

لكن، هل يمكن لهذا التعميم التصدي للكم الهائل من المعلومات المتضاربة حول خطورة مرض أنفلونزا الطيور؟

»وزارة الصحة أفادت بعدم ورود إصابات حتى الآن«، يرد مدير المحلات علي أبو خليل مدافعا عن مهنته التي تتعرض للخطر. فـ«المبيع أقل من السابق، إلا أن مزارعنا في الصفرا تتبع تعليمات الوزارة«، يضيف مفسرا أن »المشكلة ليست في الدجاج المذبوح، لأن الخطر لا ينتقل إلا من الدجاج الحي، وهذا يجعل الخطر محصورا بالعاملين في المزارع وليس مستهلكي الطيور غير الحية«.

ينتقد أبو خليل الطريقة التي ضخمت بها الوزارة الموضوع، من دون أن توضح أن المشكلة تنحصر في صيد الطيور«. ويقول: »الناس يقصدون المحال للسؤال عن طبيعة المرض، وعندما نشرح لهم المشكلة، يبتاعون الدجاج من دون أي تردد«. يراهن أبو خليل على الأيام المقبلة، وبالتحديد على صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق ديتلف ميليس، »عندها سينسى الناس خطر الدجاج«.

مسلخ فردي

لطالما اشتهر محيط مبنى دار الفتوى بالرائحة المنبعثة من المحل الصغير في الزاوية. مساحة المحل لا تتعدى الخمسة أمتار مربعة، غير أن سر الرائحة يقع في عشرات الصناديق المرصوفة بطريقة تسمح لزبائن المحل باختيار الدجاجة قبل شرائها وذبحها. ويعود سر الزحمة التي كان يشهدها المحل منذ عشرات السنين وحتى قبل نحو أسبوع إلى انه »يذبح على الطريقة الشرعية كوننا لا نثق بالدجاج المذبوح مسبقا«، يقول أبو خالد الذي قصد المكان لشراء دجاجة، قبل أن يفاجأ بصاحب المحل يجلس خارجه، والى يمينه قفص واحد يحوي دجاجتين، »لم يعجبني منظرهما، ففضلت شراء اللحمة، لأن المغربية يمكن أن تطهى باللحمة (البقر) بدل الدجاج«. غادر أبو خالد وبقي صاحب المحل بانتظار زبون يشتري الدجاجتين »السليمتين« بسعر مخفوض حتى ينصرف إلى بيته لتمضية ما تبقى من الموسم.

خسارة مضاعفة

»حي اللجا«، سوق آخر يشتهر بالدواجن التي تسير إلى جانب المارة على الطريق، لتبحث عن قوت يومها بين »بسطات« الخضار.

أمس، كانت الصورة في »حي اللجا« مختلفة. لا دواجن على الطرقات. ولا زبائن في المحال المتخخصة ببيع الدجاج. في وسط الحي بالتحديد، جلس العامل في »مسلخ شري للدجاج«، على سيارته مرتديا ثياب العمل. »الحالة عدم«، يختصر العامل المبيع في المسلخ. ويضيف: »ننتظر شهر رمضان كل السنة لنحقق أرباحا تفوق العادة بأضعاف، أما هذا العام فالخسارة مضاعفة«.

يعرف أن »مربي الدجاج هم أول من يتأذى في حال وجود المرض«، إلا انه »لا يمكننا تناول المضادات الحيوية قبل الإصابة، كما أن أوروبا نفسها تعرضت للإصابة بالمرض ولم تنجح في مكافحته، ونحن لسنا اكثر تطورا من أوروبا«. لا يعتقد العامل أن الأزمة ستنتهي بانتهاء موسم الصيد، أي في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، وإنما على »حدث اكثر أهمية كتقرير ميليس أو محاولة اغتيال جديدة«.

تعتقد الحاجة سامية أن »الفيروس قاتل، وينتقل إلى الإنسان من طريق لمس الدجاجة المصابة«، معلنة عن حملة منظمة تشنها مع جاراتها على الجيران الباقين الذين تابعوا شراء الدجاج. لا ترى سامية ضرورة لـ»تلافي تحذيرات وزارة الصحة، فمن المعروف أن الرسميين لا يدقون ناقوس الخطر إلا إذا كانت الحالة مستعصية«.

غير أن حالة سامية لا تختصر الصورة. أبو وائل لا يرى سببا لكل هذا الذعر، فـ»الفيروس يصبح غير فاعل عندما نغلي الدجاج على درجة حرارة 70، وهو حتى وان كان فاعلا لا يسبب إلا التسمم الذي يمكن معالجته عبر تناول كوب من الحليب«.

حالتا أبو وائل والحاجة سامية لا تشبهان حالة امرأة حديثة الزواج عبأت الوسادات المستوردة من الصين في أكياس لرميها في النفايات، لأن »دجاج الصين مصاب بالفيروس، وهل يمكن أن أنام على وسادة من ريش دجاجة قد تكون مصابة؟».

Monday, October 17, 2005

المنظمات الشبابية

المنظمات الشبابية في لبنان : وحدة تموت قبل أن تولد



منال أبو عبس
Al-Hayat (669 كلمة)
تاريخ النشر 17 أكتوبر 2005


لم يكن بالإمكان أكثر مما كان«، هو القول الأكثر تعبيرا عن مسيرة »الوحدة الوطنية« غير المكتملة التي عاشتها المنظمات الطالبية نحو 15 يوما. ولم يكن بإمكان حملة »كفى« التي أطلقت بعد محاولة اغتيال الزميلة مي شدياق، واشتهرت بأنها ضمت منظمات 14 آذار (مارس) إلى جانب 8 آذار في ساحة الشهداء أن تحيا في كنف منظمات تختلف حتى في معاني السيادة والاستقلال ولا تتفق على تسميــة العدو.

فالاعتصام الأخير الذي نظمته الحملة الأسبوع الماضي في ساحة الحرية، من دون مناسبة محددة، لم يكن إلا إعلانا غير رسمي عن انهيار المشروع المشترك لمنظمات تمترست على مدى أسابيع كثيرة تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحتين، لتحتفل الأولى منها (14 آذار) بـ »جلاء الجيش السوري عن لبنان«، في حين لوحت الثانية (8 آذار) بالأعلام السورية، مذيلة بعبارة »شكرا سورية«.

غير أن الأمر الواقع حاليا، هو أن سلسلة التفجيرات التي أدت إلى توحيد المنظمات المختلفة في ساحة واحدة، لم تفرز بيانا مشتركا، بل ورقة كتبت في اللحظات الأخيرة التي سبقت البث المباشر لحدث اجمع صانعوه على خطوط عريضة جدا أدانت التفجيرات وطالبت بإقرار التعيينات الأمنية (أقرت لاحقا).

وقد لا يكون لافتا انهيار الوحدة بعد اقل من أسبوعين على بدئها. فجاء انسحاب »التيار الوطني الحر«، »لأنه يريد تحميل »كفى« كل القضايا العالقة في الوطن، كملفات الفساد وغيرها«، كما يوضح رئيس جمعية »شباب المستقبل« نادر النقيب.

لكن، ما الذي غيب المنظمتين الرئيستين في »8 آذار« أي »حزب الله« و«حركة أمل« عن التحرك الأخير، وأيضا عن سابقه الذي نظم في مناسبة مرور سنة على محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة؟

»شباب الحزب والحركة، يريدون درس كل تحرك قبل الاقدام عليه، وبعدها يعلنون مشاركتهم أو عدمها، من دون أن يعني ذلك انسحابهم من الحملة«، يؤكد مسؤول قطاع الشباب في »القوات اللبنانية« دانيال سبيرو، رافضا الحديث عن الأعذار التي قدمها الطرفان لعدم المشاركة.

»الاعتبارات السياسية لمعظم القوى الشبابية غلبت على العنوان الأساسي، وأرست مزيدا من التشرذم والانقسام بين الشباب اللبناني«... سبب آخر دفع منظمة أخرى هي »اتحاد الشباب الديموقراطي« إلى الانسحاب من الحملة. وأوضح الاتحاد في بيان له أنه »اصطدم بحال الفرز والمواقف المسبقة بين مختلف الأطراف«، معتبرا أن منطق عدم القبول بالرأي الآخر »يزيد الوطن شرخا وتدميرا بخاصــة في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة التي يمر بها لبنان«.

أما »الحزب الشيوعي اللبناني« الذي افقده مسلسل الاغتيالات أمينه العام السابق جورج حاوي، فلم يصل اعتراضه إلى حد الانسحاب. وانتقد »الاستنسابية في التعاطي مع الأطراف المنضوية في الحملة، إذ بدأ العمل على بلورة خطاب سياسي يعفي الحكومة من مسؤوليتها عن أمان المواطن في مختلف الجوانب المصيرية في حياته«. واعترض على »الخطاب الذي لا يزال يخفي مسؤولية السلطة بأطرافها، والاكتفاء بالقول ان المسؤول عن التفجيرات الأمنية - السياسية هو الجهاز الأمني السوري - اللبناني، بينما نحن نرى أن سبب هذه التفجيرات هو النظام الطبقي - الطائفي المأزوم بنيويا«.

وكحصيلة أولية، فإن البيان الذي أعلن إطلاق الحملة في 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، والذي اعترضت على »سقفه السياسي المنخفض« منظمات من داخل 14 آذار، لم تكتب له الحياة طويلا، وان كان اختــــار سقفــــا منخفضا تجمع عليه المنظمات كافة تحت شعار »الوحدة الوطنية«، على حساب الخطاب »الصاروخي« لمنظمات 14 آذار.

Friday, October 14, 2005

اللقاء الفلسطيني الموسع

اللقاء الفلسطيني الموسع يذكر بالمطالب ويؤكد حياده

منال أبو عبس
Al-Hayat (565 كلمة)
تاريخ النشر 14 أكتوبر 2005



لم يأت »اللقاء الفلسطيني الموسع« الذي امتد ثلاثة أيام متتالية في فندق كراون بلازا ردا مباشرا على الضغوط المكثفة على اللاجئين الفلسطينيين، خصوصا بعد احتلال موضوع »السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها« موقع الصدارة في السجالات السياسية اللبنانية. فاللقاء »يعد له منذ سنة ونصف، أي قبل مسألة السلاح«، كما يقول رئيس »الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين- لبنان« صبحي ظاهر، غير أن ذلك لم يمنع المؤتمر الصحافي المخصص للإعلان عن البيان الصادر عن اللقاء، من التشديد على العبارات الأكثر حداثة في تطورات الشأن اللبناني - فلسطيني، كالدعوة إلى الحوار المشترك وتنظيم السلاح داخل المخيمات.

ولم يتعد البيان في خطوطه العريضة مطالب الفلسطينيين الممتدة على مر سنواتهم في لبنان. إذ انتقد مسؤول العلاقات العامة والإعلام في المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق) بسام حبيشي »حالة الحرمان (التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان) من الحقوق بسبب سياسة الدولة اللبنانية تجاههم القائمة على قاعدة التعامل معهم كملف أمني، مع ما يرافق ذلك من مشاعر الغضب التي تنتاب فلسطينيي لبنان بسبب هذه السياسة«، محذرا من »استغلال الوضع الفلسطيني في لبنان من بعض الأطراف لإشعال نار فتنة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني لتحقيق أهداف تضر بالمصلحة الوطنية لكليهما«.

وأجاب المدير التنفيذي للمؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) محمود حنفي عن السؤال موضوع اللقاء: تحت عنوان »ماذا يريد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان؟«: »أن يعيشوا بحرية وكرامة إلى حين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم، بيد أن الواقع يختلف عن هذا التبسيط، وهناك عوائق حقيقية منها ما هو محلي ومنها ما هو دولي«.

وشدد ظاهر على »حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والمشاركة في تقرير المصير«، الذي اعتبر في أحد بنوده أن »تمتع أي لاجئ بجنسية دولة ما لا يلغي حقه في العودة والتعويض«. ودعا إلى تحصيل »الأمن الاجتماعي في المخيمات«، من دون أن يغفل الموضوع الأكثر سخونة في هذه المرحلة، فأشار إلى ضرورة »تنظيم السلاح في المخيمات باعتباره سلاحا سياسيا مرتبطا مباشرة بالقضية الفلسطينية وجوهرها حق العودة في إطار اتفاق لبناني - فلسطيني مشترك«.

وأوصى اللقاء بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية واعادة تشكيلها على أسس سليمة وفق ما نص عليه اتفاق القاهرة، والدفاع عن مصالح الفلسطينيين في لبنان وتمكينهم من نيل حقوقهم.

وأكد ظاهر أن الفلسطيني سيبقى »على الحياد في الخلافات الداخلية اللبنانية، ولن ينجر وراء أي طرف يحاول إدخاله في القضايا الداخلية«، مطالبا الدولة اللبنانية بـ«ضمان الحقوق الإنسانية للفلسطيني ومنها حقه في المحاكمة العادلة ومساواته باللبناني في أي قانون عفو وإصدار قانون خاص لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون أوراقا ثبوتية تفاديا لتفاقم مشكلاتهم وتنظيم العلاقة اللبنانية - الفلسطينية وفق أسس واضحة ومقوننة بما يخدم مصلحة الطرفين وادخال تعديلات على القوانين التي تحرم الفلسطيني من حقوقه الأنانية«.

وتزامنا مع المؤتمر، نظمت »الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين« اعتصاما في مخيم شاتيلا دعما لاقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية.

Thursday, October 6, 2005

سجال في جلسة المناقشة

لبنان : سجال في جلسة المناقشة « الأمنية » للحكومة في موضوع السلاح الفلسطيني والخطة الأمنية والحدود

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,690 كلمة)
تاريخ النشر 06 أكتوبر 2005


فتحت جلسة المناقشة العامة للوضع الأمني التي عقدت في مجلس النواب أمس، باب السجال السياسي حول الوضع الأمني بكل تفرعاته، وخصوصا حول موضوع السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارجها.

وأدلت الكتل السياسية على اختلاف اتجاهاتها بدلوها في الوضع الأمني. وأكد النائب إبراهيم كنعان أن الناس يتساءلون عن »سياسة حكومتهم وإستراتيجيتها الأمنية التي من المفترض أن تواكب التغيير، إلا أن كان هذا التغيير تعطل ولم نر إلا سرابا«. وانتقد ما أوردته »هذه الحكومة للملأ بلسان وزير داخليتها عن عجزها عن الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية الأمن«، متهما الحكومة بالعجز عن إقرار الخطة الأمنية المنشودة. وسأل »هل تعتبر الحكومة أن سورية ما زالت موجودة أمنيا وعسكريا في لبنان وهي جزء من هذه المخاطر؟ أو هو السلاح الفلسطيني والجزر الأمنية«.

واستشهد النائب بهيج طبارة بتقرير رئيس بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في لبنان بيتر فيتزجيرالد حول سبل استعادة أجهزة الأمن اللبنانية نزاهتها ومصداقيتها، لافتا الى ضرروة »بذل مجهود لاعادة تشكيل دوائر الأمن اللبنانية واصلاحها وتدريبها، وذلك يتطلب مساعدة من جانب المجتمع الدولي«.

واعتبرت النائبة صولانج الجميل أن الشعب دفع أموالا طائلة من أجل أمنه، فأمر مستغرب أن نقول له أن هذه المؤسسات غير جاهزة«.

ودعا النائب روبير غانم الى الالتفاف »في هذه الظروف الصعبة حول الحكومة«.

وطالب النائب نعمة الله أبي نصر الحكومة بـ »أن تخجل من الشعب فترحل بعد الاعتذار منه«، موضحا أن »مسلسل التفجيرات لن يتوقف، ما دامت هذه الحكومة عاجزة عن التضامن بين أعضائها, وعن التفاهم مع رئيس الجمهورية، وعن نشر الجيش اللبناني على الحدود بما فيها الحدود اللبنانية السورية لضبط التهريب، وعن الطلب من الأمم المتحدة ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وتوثيقها رسميا لدى المنظمة الدولية, كما أنها عاجزة عن ضبط الحدود مع سورية ووضع حد لتهريب المقاتلين والأسلحة والإرهاب منها الى المخيمات الفلسطينية بغية تحريك هذه المخيمات واستعمالها قنابل موقوتة تفجرها ساعة تشاء حسبما درجت العادة«. وتابع: »بالأمس أدلى المسؤول الفلسطيني الفار من وجه العدالة اللبنانية سلطان أبو العينين بتصريح يتحدى فيه السلطة اللبنانية بعدم تسليم السلاح وتنفيذ القرار 1559, كذلك أدلت ببيان مماثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة محمود عباس (والصحيح أحمد جبريل)، نحن نسأل الحكومة وبالأخص وزير داخليتها ما هو موقفها من هذين التصريحين؟«.

وناشد النائب عباس هاشم »الحكومة أن تهب لنجدة الناس قبل أن يهبوا الى إسقاطها«.

وأكد النائب وليد عيدو أن »الأجهزة الأمنية السابقة كانت تعمل في كل شيء إلا في مهماتها الأساسية، وأنها عندما ضبطت متلبسة في الفساد والتبعية، صرفت شبكاتها واصبح الوطن من دون مقومات عمل أمني سليم«. وسأل: »هل أن تنظيم الأجهزة وإصلاحها واعادة تدريبها أمر يسير وممكن في مهلة 3 اشهر؟«.

واعتبر النائب عاصم عراجي ان »الأمن الاجتماعي والاقتصادي هما أساس الأمن«.

وأيد النائب غسان مخيبر »قطع العلاقة بين الأمن والسياسة«. وسأل الحكومة: »أين مصادر المخاطر وكيف تطبقون المعاهدات اللبنانية السورية؟ ما هي خطتكم للتعامل مع السلاح غير الشرعي في عداد المقاومة؟«.

وأوضح النائب فريد الخازن أن »المسؤولية المباشرة لمنع حصول الأعمال الإرهابية تقع على الحكومة«. وأشار الى أن »السلاح الفلسطيني في لبنان بعد قيام السلطة الوطنية في فلسطين وانسحاب إسرائيل من غزة لا رابط بينه وبين التحرير، ولن يؤمن حق العودة في المخيمات ولا خارجها«. وطالب بإرسال الجيش الى الحدود مع سورية »خدمة لسورية«.

وتخوف النائب وليد الخوري من تعريض لبنان لاعتداءات إسرائيلية وتوريطه في الصراعات العربية والفلسطينية والدولية«.

واعتبر النائب الياس عطا الله أن »بعض مواقع النظام القديم لا تزال تحاول دفع البلاد الى الوراء«، موضحا أن »تعيين قادة جدد للقضاء وللأجهزة الأمنية هو خطوة في الاتجاه الصحيح على رغم ما يخالجنا من قلق كون الأمر حصل وفقا لمقايضات غير مطمئنة، لا يزال يفرضها علينا موقع الرئاسة اللادستوري«.

وأعاد النائب انطوان غانم التأكيد على الثقة الممنوحة للحكومة ورئيسها، موضحا أن »موجة الإجرام لن تتوقف إن لم نحصن التعيينات بوحدة داخلية«.

واعتبر النائب اسماعيل سكرية أن »الاستعانة بخبراء من الـ »اف بي آي« خطوة حماسية متسرعة، إذ حيث يحط الأميركي يحط الإسرائيلي حاملا سموم الفتنة والتقسيم والاغتيال«.

ودعا النائب سمير فرنجية الى »إنشاء شبكة أمان سياسية تواكب الجهد الأمني وتتعامل مع التقرير الدولي وتداعياته حفاظا على الوحدة بعد ذلك«، سائلا: »هل جرى بحث الاتهامات التي وجهها نائب رئيس الحكومة الياس المر الى مسؤول الأمن السوري السابق في لبنان العميد رستم غزالة؟«. وأضاف: »هل يمكن، تأسيسا على كلام رئيس الجمهورية حول »العلاقات النموذجية التي تربط بين البلدين«، أن تطلب السلطات القضائية تعاون السلطات السورية معها لجلاء الحقيقة؟«.

واعتبر النائب جورج قصارجي أن »انجع الحلول هو ذهاب الحكومة لتحل محلها حكومة وفاق وطني«.

واعتبر النائب غازي زعيتر أن التطاول على الكرامات لا يقل خطورة عن جرائم الاغتيال، منتقدا جريدة »الرأي العام« الكويتية.

وردا على ما جاء في الصحيفة، أوضح وزير الاتصالات مروان حمادة انه »لم يصدر عن وزارة الاتصالات أي شيء يتعلق بشخصك أو بأي عمل تقوم به من خلال أو مع هذه الوزارة«.

وأمل النائب انطوان زهرا في »إجراءات عملية تطمئن الناس الى أمنهم ومستقبلهم«.

ودعا النائب سيرج طور سركيسيان وزير العدل شارل رزق الى الابتعاد عن »كل ما يتعلق بالتحقيق مباشرة أو غير مباشرة«.

وطالب النائب شامل موزايا ببناء مؤسسات أمنية عصرية تنال ثقة المواطن.

وأكد النائب انطوان سعد أن »لا إصلاح أمنيا من دون إصلاح سياسي«.

وأوضح النائب أسامة سعد أن »السياسة الأميركية تستهدف اخضاع لبنان لمصالح الحلف الأميركي - الإسرائيلي من خلال استكمال تنفيذ القرار الدولي رقم 1559«. وأضاف: »ان هناك من يرغب في توجيه المؤسسة العسكرية الأمنية اللبنانية ضد المقاومة والمخيمات الفلسطينية«.

وانتقد النائب سليم عون »الفلتان الأمني والحدودي«، سائلا: »هل تنوي الحكومة تحديد المخاطر المهددة للأمن؟«.

وطالب النائب جواد بولس باستكمال التعيينات وإجراء تشكيلات شاملة، سائلا: »ما هي خطة الحكومة لنزع السلاح المنتشر في مختلف المناطق؟«. ودعا الى »استكمال التعيينات الأمنية والعسكرية والمباشرة بتشكيلات شاملة تؤدي الى تغيير كل الطاقم الذي أتت به مرحلة الوصاية«.

وطالب النائب اكرم شهيب بـ »خطة أمنية وطنية شاملة بعد تطهير الأجهزة من الولاءات السابقة«، وقال: »لا يجوز أن تخرق المعالجات في اتجاه التركيز على الفلسطينيين في هذه المرحلة الدقيقة، مرحلة ما بعد الاشتباه في قادة الأجهزة الأربعة، واستمرار التفجيرات المعروفة المصدر والأهداف. ولا يجوز أن تكون الورقة الفلسطينية بيد الآخرين«.

وأوضح النائب وائل أبو فاعور أن »هناك مجموعات تحمل عناوين فلسطينية تسعى الى التخريب، لكن ليس بدافع أو بوحي فلسطيني«، محذرا من الدخول »في حملة تحريض عنصري ضد الشعب الفلسطيني الذي يعاني، كما الشعب اللبناني«. وقال: »هناك فلسطينيون موهوبون بالاساءة الى القضية الفلسطينية، كما هناك لبنانيون مهووسون بالتحريض على الفلسطينيين«. ودعا الحكومة الى أن تقدم »في اتجاه خطة امنية متكاملة مثلثة البعد من اجل امن يحمي المواطن اولا ويحمي النظام الديموقراطي ولا يعيد انتاج الكوابيس الاستخباراتية«.

وقال النائب علي عمار ان »من يفكر في مطاردة سورية عبر لبنان واهم«. وأضاف: »ان المخيمات ليست في حاجة الى سلاح، ان ما يهرب هو المازوت والغاز والدواء والمواد الغذائية«. وقال: »الاسبوع الماضي خطف 3 رعاة لبنانيين في الجنوب، والطائرات الاسرائيلية تخرق الاجواء اللبنانية كل يوم، ولا يتكلم احد«.

واعتبر النائب نقولا فتوش ان »التصدي للارهاب يكون بالابتعاد عن التشكيك وتمكين الحكومة من اعادة بناء اجهزتها الامنية من دون وضع العصي في الدواليب«.

وأوضح النائب بطرس حرب أن »الأمن لا يثمن، وسنبقى ندفع الثمن لنسترد الأمن، وان الأمن مناخ سياسي وفي البلد لا يوجد مناخ سياسي«.

Thursday, September 29, 2005

طلاب 8 و14 آذار

طلاب 8 و14 آذار يتجاوزون اختلافاتهم ويطالبون بالإمساك بالأمن وكشف المجرمين

منال أبو عبس
Al-Hayat (567 كلمة)
تاريخ النشر 29 سبتمبر 2005



لم تكن الصورة التي ظهرت في نشرات الأخبار أمس، عن مؤتمر المنظمات الطالبية، صادقة بقدر الرسالة التي تحملها. فالصورة تظهر مجموعة من مسؤولي المنظمات في أحزاب ظلت تفرز بين قوى 14 آذار (مارس) ورمزها ساحة الشهداء، وقوى 8 آذار ورمزها ساحة رياض الصلح، يطلقون معا حملة »كفى«، ويدعون إلى الاعتصام مساء اليوم في ساحة الشهداء.

عصر أمس، جلس مسؤولو قوى »الساحتين« تحت تمثال الشهداء، خلف لافتة تحمل اسم مي (الزميلة مي شدياق). وتلوا بيانا طغى عليه الهم الأمني. وعلى رغم أن البيان لم يحمل موقفا لافتا، فإن انضمام أحزاب الساحتين قد يكون الرسالة الوحيدة.

فالبيان أكد على الوحدة الوطنية التي »تتجلى اليوم من خلال الشعب والتمسك بالخيار الوطني العربي الديموقراطي«، مشيرا إلى »حماية الحريات وعدم المساومة عليها والتأكيد على أن محاولات الترهيب لن تنال من عزيمة الأحرار في التعبير«.

وتعتبر »دعوة السلطة السياسية إلى الإمساك بالأمن عبر التعيينات الأمنية واتخاذ الإجراءات تحـــسبا لأي عمل إجرامي ودعوة القضاء إلى كشف المجرمين ومعاقبتهم«، الموقف الأبرز في بيان ينبذ »الفرقة«.

ولكن، بعيدا من عدسات الكاميرات، لم يرض البيان عضو »حركة اليسار الديموقراطي« نادر اسماعيل الذي اعتبر أن »سقفنا كان أعلى وحققنا انتصارات عدة، أبرزها وجود الجنرالات الأربعة في السجن«. فانتقد »خفض السقف بما يتناسب مع خطاب الأحزاب الجديدة (حزب الله، حركة أمل، الحزب الشيوعي اللبناني واتحاد الطلاب اللبناني)«، مؤكدا أن »حملتنا موجهة ضد النظام الأمني وعلى رأسه رئيس الجمهورية اميل لحود. ونحن نعرف من يخطط لهذه الاغتيالات«.

الأمر نفسه، أكده نادر حداد (حركة التجدد الديموقراطي)، معتبرا أن »خطابنا السياسي (كحركة مستقلة) نفسه، ولم يتجل في البيان«.

وأشار إلى أن »الأعمال الإرهابية جميعها تحمل بصمات المافيا اللبنانية - السورية«.

وأوضح فريدي خير (الكتلة الوطنية) »أننا رضينا بالبيان كي نحافظ على مشهد الوحدة، التي تفيد في ظل الأوضاع التي تشهدها البلد«.

أما ثائر غنـــدور (الحزب الشيــــــوعي اللبـــناني) فكان خـــلافه مع قوى اصـــيلة في 14 آذار أي »تـــيار المستقبل«، الذي رفـــض »تحـــميل المســـؤولية في البيان الى وزير الداخلية إضـــافة إلى رئيس الجــمهورية، لأن الأخير لا يمثل وحده السلطة التنفيذية«.

وانتقد »طلب الدعم من الـ »اف بي آي« بسبب تجاربنا المريرة معها في العراق والأرجنتين«.

وأخيرا، أشاد يوسف بسام (حزب الله) بالبيان »الممتاز. يعبر عن وجهة نظر كل المشاركين, لأن الهم الأساسي للوطن هو الأمن«.

Saturday, September 17, 2005

لقاء « تضامني » مع الشرتوني والعلم

لقاء « تضامني » مع الشرتوني والعلم


منال أبو عبس
Al-Hayat (318 كلمة)
تاريخ النشر 17 سبتمبر 2005



«هل تخططون لاغتيالات جديدة ضد رفاق بشير الجميل؟». «كل خائن سيقتل«. »انهم أبطال«. »سمير جعجع هو الخائن«، على وقع هذه الصرخات، تحول اللقاء التضامني الأول مع حبيب الشرتوني ونبيل العلم (منفذ عملية اغتيال الرئيس بشير الجميل عام 1982) الى اشكال بين المشاركين فيه ومندوب »المؤسسة اللبنانية للارسال« الزميل بسام أبو زيد.

قبل السؤال الذي اعتبره الحاضرون »مستفزا« لقضيتهم، كانت الصورة داخل قاعة نادي الساحة في بيروت أمس، أكثر تناسقا. تعلو الصرخات المؤيدة والتصفيق ما أن يرد اسما الشرتوني والعلم، وتخفت ما أن يرد اسم الجميل أو »العدو الصهيوني«، يليه صرخة: «لكل خائن حبيب».

في بداية اللقاء نوه منسق ندوة العلماء المسلمين في الشمال الشيخ عبدالسلام الحراش بتوقيف أعضاء قيادة »حراس الأرز«، موجها تحية الى القضاء اللبناني، سائلا: »كيف يدان من قتل بشير الجميل في حين يخرج من يقتل رشيد كرامي من السجن«. وأكد رئيس نقابة مزارعي التبغ والتنباك في الشمال عبدالحميد ناصر أن »ما قام به هذان المناضلان هو فعل نضالي وطني قومي«. وانتقد قانون العفو الأخير الذي شمل رجالا شاركوا في الحرب ولم يشمل مناضلين كالشرتوني والعلم.

ووجه علي حمية في كلمة أصدقاء الشرتوني والعلم »تحية إلى رئيس تحرير جريدة »الديار« الذي يواجه بقلمه وجريدته حملة الافتراء الدولية المدبرة ضد شعبنا وبلادنا تحت غطاء لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري«.وطالب باسترداد مذكرتي التوقيف الصادرتين في »حق المقاومين البطلين الشرتوني والعلم ووقف مفاعيلهما وإطلاق اسميهما على أكبر جادتين في بيروت».

Thursday, September 15, 2005

صولانج الجميل في ذكرى بشير

صولانج الجميل في ذكرى بشير : 14 آذار ركيزة الوحدة



منال أبو عبس
Al-Hayat (360 كلمة)
تاريخ النشر 15 سبتمبر 2005

تحولت الصلاة التي أقامتها »مؤسسة بشير الجميل« في الذكرى الثالثة والعشرين لغيابه ورفاقه، إلى ملتقى للتيارات المسيحية الفاعلة في الحياة السياسية الداخلية.

وغص حرم كنيسة الأيقونة العجائبية في الأشرفية أمس، بممثلي التيارات والأحزاب ومنها: »القوات اللبنانية« و«الحركة الإصلاحية الكتائبية« و«حزب الكتائب اللبنانية« و«حزب الوطنيين الأحرار« و«التيار الوطني الحر«. ولم يغب عن اللقاء نواب من »كتلة المستقبل« وكثير من السياسيين.

وعلى خلاف الذكرى السابقة، لم تلق في المناسبة إلا كلمة سياسية واحدة خصصت لأرملة الرئيس الراحل النائبة صولانج الجميل التي جلست في الصف الأول إلى جانب ابنها نديم وابنتها يمنى والرئيس السابق أمين الجميل. وقبلها ألقى المطران انطوان العنداري ممثلا البطريرك الماروني نصر الله صفير كلمة في المناسبة.

وخاطبت الجميل الرئيس الراحل من الباحة الخارجية للكنيسة حيث احتشد آلاف المناصرين، معتبرة انه »يخطئ تصنيف من يضعني في هذه الخانة أو تلك، ويصيب كل من آمن أنني على دربك التي رسمت مستمرة«. وقالت: »اسمحوا لي أن أقول انه لو أعلنت حقيقة من خطط لاغتيال بشير الجميل، لما خسر لبنان خلال 23 عاما هذه القافلة الطويلة من الشهداء«.

وأكدت الجميل أن »الحقيقة هي مطلب جميع اللبنانيين«، وان »14 آذار (مارس) هو الركيزة الأساسية لوحدة وطنية تستظل بها كل الأقليات، وكلنا اقليات«. وأعلنت »إيماننا بحكمة اللبنانيين لإيجاد المعادلة التي تحفظ الوفاق الوطني والوحدة الوطنية في موضوع مصير سلاح المقاومة وتنفيذ القرار 1559 كاملا«، معلنة »رفضنا الوصاية والهيمنة من أي جهة كانت«.

ورفعت في الساحة لافتة: »14 أيلول (سبتمبر) 1982 : وين كنت يا ميليس؟»

Wednesday, August 31, 2005

والدنيا لن تنقلب

السنيورة : المسؤولون المستحضرون مشتبه بهم ولبنان بخير والدنيا لن تنقلب إلا على المجرمين

منال أبو عبس
Al-Hayat (661 كلمة)
تاريخ النشر 31 أغسطس 2005


لم يخفف تأكيد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة »أن لبنان بخير وأن الدنيا لن تنقلب إلا على رؤوس المجرمين« من توتر الجو في الســرايــا الحكوميــة منذ صباح أمس، كما لم يخـــفـــفه تأخير المؤتمر الصحافي نحو ساعة من الزمن بسبب انشغال السنيورة باجتماعين صباحيين »دسمين«، الأول مع رئيس لجنة التحقيق الدولية في جــريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس، والثاني مع قادة الأجهزة الأمنية.

ففي القاعة المواجهة لقاعة الصحافيين المحتشدين منذ إعلان نبأ انطلاق التوقيفات الأمنية، تلا السنيورة، بيانا مكتوبا أوضح فيه انه اطلع من ميليس على الإجراءات التي اتخذتها اللجنة صباح أمس، نتيجة التحقيقات التي أجرتها حتى الآن، والتي قررت بموجبها استدعاء كل من: المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد ومدير الاستخبارات السابق العميد الركن ريمون عازار والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان وذلك للتحقيق معهم بصفتهم مشتبها بهم.

وقال السنيورة: »ابلغني القاضي ميليس أيضا انه تم استدعاء النائب السابق ناصر قنديل للتحقيق معه كمشتبه به، لكن تبين انه ليس موجودا في لبنان.

وبحسب ما أبلغت من القاضي ميليس، فإن التحقيق مع جميع هؤلاء سيحدد الخطوات اللاحقة التي ستتخذ بحقهم«، مشيرا إلى انه »كانت جرت بموافقة النائب العام التمييزي عملية تفتيش لمنازل الأشخاص المذكورين أعلاه من جانب لجنة التحقيق الدولية تؤازرها قوى الأمن الداخلي، وتم على الأثر اصطحابهم إلى مركز لجنة التحقيق الدولية للتحقيق معهم».

ولفت السنيورة إلى أن »هذه الخطوة تأتي في سياق عمل لجنة التحقيق الذي لم يكتمل بعد«، مؤكدا على »ثقتنا الكاملة بعمل لجنة التحقيق الدولية وبالقاضي ديتليف ميليس الذي أكدنا له دعمنا وتعاوننا الكاملين مع اللجنة الدولية لكشف كل جوانب هذه الجريمة وصولا إلى معرفة الحقيقة الكاملة«.

وأكد السنيورة أن الاجتماع الطارئ الذي عقده في الحـادية عشرة والنـصف مع وزيـري الداخلية حسن السبع والدفاع بالوكالة يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد ميشال سليمان ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وأمين عام المجلس الأعلى للدفـاع اللواء سعيد عيد ومدير عام الأمن العام بالوكالة العميد أسعد الطقش ومدير عام أمن الدولة بالوكالة العميد حسن فواز ومدير استخبارات الجيش العميد جورج خوري، كان »لمواكبة التطورات والتأكد من قيام كل جهة بالمهمات الملقاة على عاتقها«، موضحا انه اجتمع »لاحقا إلى وزير العدل شارل رزق ومدعي عام التمييز سعيد ميرزا في الإطار ذاته، وذلك لمتابعة وضع الأمور في إطارها القانوني الصحيح«.

واختتم السنيورة بيانه بنداء باطنه يدعو اللبنانيين إلى الوعي لما قد تحمله المرحلة المقبلة من »تطورات«، وقال: »أيها اللبنانيون: أتوجه إليكم لأطمئنكم وأؤكد لكم أن الجميع سيكون تحت سلطة القانون، وإنني واثق على عكس ما قد يحاول البعض إشاعته بأن اللبنانيين الذين جمعتهم المصيبة في 14 آذار (مارس) مطالبين بكشف الحقيقة، هم أكثر تصميما اليوم وبعد مرور 197 يوما على جريمة الاغتيال المروعة، على ضرورة تكثيف الجهود ومتابعة نتائج التحقيقات كل من موقعه، توصلا لكشف الحقيقة كاملة، وهم سيكونون على مستوى عال من المسؤولية وسيبقون كما كانوا دائما اكثر وحدة في الحفاظ على استقرار البلد«.

ولم تستغرق تلاوة البيان اكثر من دقائق عدة، غادر بعدها السنيورة من دون أن يجيب عن أسئلة الصحافيين المحليين والأجانب، الذين انصرفوا مرة أخرى إلى القاعة المخصصة لهم، ينتظرون معلومات جديدة تفتح تاريخ مرحلة جديدة.

Friday, August 26, 2005

الطفلة المتفوقة إقبال

إقبال لبناني و « إقليمي » على دعمها . الطفلة المتفوقة إقبال تدخل كلية الطب وهي في الثانية عشرة

منال أبو عبس
Al-Hayat (739 كلمة)
تاريخ النشر 26 أغسطس 2005


لم تعد إقبال أحمد الأسعد أصغر فائزة بالشهادة الثانوية في لبنان فحسب. فالفلسطينية ابنة الإثني عشر عاما، التي كرمها وزير التربية خالد قباني في قصر الاونيسكو قبل يومين، استفاقت يوم أمس وفي جعبتها سيل من العروض »السياسية- التربوية« تتجاوز هويتها الأبعاد اللبنانية المحلية إلى الفلسطينية الإقليمية.

لكن، ما الذي أكسب قضية إقبال بعدها السياسي؟

»حصلت على منحة من الوزير السابق عبدالرحيم مراد تخولني درس الاختصاص الذي أريد في الجامعة اللبنانية - الدولية التي يملكها«، تقول إقبال مرجحة رفضها العرض، لأن »الجامعة ليس فيها قسم للطب، بل للصيدلة، وأنا أريد أن أصبح طبيبة«. وتضيف: »الوزير قباني بدوره قال إنه سيؤمن لي الدرس في الجامعة الأميركية في بيروت أو أي جامعة أخرى للتخصص في الطب، يعطونني عشرة ملايين ليرة كبداية، ولاحقا يتولى (النائب) سعد الحريري أمر تعليمي«...

إذن العروض تراوح بين الحريري الذي اشتهر والده الشهيد رفيق الحريري بمساعداته التربوية قبل وجوده في السلطة وخلاله، وبين الوزير السابق مراد ذي المطامح السياسية البارزة (آخرها دخوله في »مسابقة« رئاسة الوزراء) التي جعلته في خصومة مع آل الحريري.

إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ »طلب (أمين سر حركة فتح في لبنان) سلطان أبو العينين أن نستخرج لها جواز سفر لأنهم يريدون أخذها في رحلة إلى تونس«، تقول الأم التي لم تخف حماستها طوال الوقت، مشيرة إلى »أننا فعلنا، فأخذوا الجواز ونحن الآن ننتظر اتصالا منهم لتحديد الموعد«.

قد لا تكون العروض السابقة هي الحصيلة النهائية لـ »معجزة« إقبال وتفوقها أكاديميا، فالرحلة ما زالت في بدايتها، بخاصة بعدما طلب »أحدهم« من العائلة أن تقتني هاتفا خاصا بها، لتلقي المكالمات من »المعنيين« من الآن فصاعدا!

وفي منزلها الواقع في قلب بلدة برالياس البقاعية، تعيش إقبال يومها الأول بعد التكريم، بفرحة لا تفوقها إلا فرحة والدتها. فالأم البقاعية التي تفاخر بأنها لم تنجب الكثير من الأولاد، فقط أربعة، مع أن الفلسطينيين يحبون الأولاد كثيرا«، تفاخر بـ »قبولة (اسم الدلع) المدللة من والدها، والمتفوقة في مدرستها اللبنانية وليس في الأونروا«. إلا أن تفوق إقبال لم يحرمها من سماع جملة الأمهات الشهيرة: »ما بتقوم من هون لهون (لا تنظف شيئا) وإذا بدها تشرب بتقول بابا اسقيني«.

لا تتحدث إقبال كثيرا، وتجيب باقتضاب شديد، إلا أن الإجابة عن السؤال عن رحلتها من الطفولة إلى التفوق في الطفولة أيضا، يكون الأكثر سلاسة وترابطا مما يوحي بأنها رددته كثيرا: »في عمر السنتين والنصف كنت اعرف ترجمة 50 كلمة من العربية إلى الإنكليزية وبالعكس. وفي الثالثة والنصف تسجلت في صف الروضة الأولى، ثم الثانية، حينها كنت اقرأ الجريدة والقرآن. في الخامسة كان المدير يأخذني إلى الصف الخامس لأقرأ لتلامذته درس القراءة. تسجلت مباشرة في الصف الثاني ابتدائي وانتقلت منه إلى الرابع ثم السادس ثم الرابع متوسط (بروفيه). لم انجح في الامتحان الرسمي عندما كان عمري تسع سنوات. في العاشرة أعدت الامتحان الرسمي فنجحت وبعدها تسجلت في الأول ثانوي ثم في صف »علوم الحياة«.

لا تبدو إقبال متوترة من فكرة دخولها إلى الجامعة، »رفاقي في الصف عمرهم نحو 19 سنة، وهم لا يحسون أنني مختلفة، ويعاملونني بطريقة عادية، وبالتأكيد سأتلاءم مع غيرهم«.

في البلدة تلعب اقبال المحجبة (بدأت إداء الصلاة حديثا)، مع رفاق في مثل سنها، »العب مع أولاد عمي فوتبول وباسكيت، في الساحة أمام المنزل ونتذكر كيف كنا. يعني عندما كنا نلعب بيت بيوت، وكنت قول بدي صير دكتورة«. لا ترى إقبال الحلم بعيدا، فـ »خلال 11 عاما يصبح الطالب العادي دكتورا، يعني في حالتي يكون عمري 23 عاما، إلا أنني سأصبح طبيبة في فترة اقل من هذه بكثير«.

Wednesday, August 24, 2005

التفجيرات « السياحية »

التحقيق « يهتم » بـ 3 أشخاص شوهدوا في المكان . التفجيرات « السياحية » تعود من منطقة الزلقا

منال أبو عبس
Al-Hayat (635 كلمة)
تاريخ النشر 24 أغسطس 2005



لم تمر ذكرى الشهر الأول على »تفجير مونو« (في الأشرفية) مرور الكرام. عند العاشرة والنصف مساء أول من أمس، انضمت عبارة »تفجير الزلقا« إلى قائمة التفجيرات »السياحية« التي ضربت لبنان على مدى الأشهر الستة الماضية.

وقد لا يلقى السؤال عن سبب »امتناع« المسؤولين (عدا اثنين من معارضي السلطة الحالية) عن زيارة موقع »تفجير الزلقا« ساعة الحادثة إجابة كافية. فتوقيت الانفجار الأحدث، لم يسمح ربما بإعطاء الأولوية في الأخبار إلى عودة دوامة العنف »السياحي«، ذلك ان الأخبار السمينة كثيرة، منها: »الكشف عن ألف ومئة كيلوغرام من المتفجرات شمال لبنان« و«رفض رئيس الجمهورية اميل لحود التوقيع على مرسوم التعيينات« و»احتدام السجال بين النائب انطوان اندراوس ولحود«... وأهمها: »الاشتباك على الحدود اللبنانية - السورية«. كما أن مخزون تصريحات السياسيين في التفجيرات السابقة مرتفع، وهو يشفع لهم غيابهم هذه المرة!

لكن، بعيدا من التصريحات المتسارعة إلى التنديد وتحميل المسؤولية لأجهزة أمنية »بائدة« أو »سائدة«، كيف تكون الحال في صباح اليوم التالي للانفجار؟

لا شيء مما كان في محيط فندق »بروموناد« و«سنتر موسى«، فمقهى »ستاربكس«، يشبه ما كان عليه قبل العاشرة. المنطقة تجارية تقوم ديكوراتها على الزجاج، وهذا الأخير تحول بقوة التفجير إلى ما يشبه حبات الحصى تنذر عمال التنظيف الكثر (سوكلين) بيوم شاق. »الأضرار المادية جسيمة«، هذا ما يؤكده صاحب أحد المحلات الواقعة خلف طوق أمني رسمه شريط أحمر وأبيض (في التفجيرات السابقة جميعها كان الشريط أصفر) ضربه الأمنيون حول المكان.

من خارج الطوق الذي لم يمتد ليشمل الشارع العام كما جرت العادة، تسهل مشاهدة نقطة الانفجار. في الأرض فجوة كبيرة، فـ »العبوة وضعت على سطح موقف السيارات الخاص بالفندق، والى جانب إحدى البنايات المستعملة كمكاتب، مما أدى إلى فتح ثغرة في الأرض، واثنتين في الطابقين الأرضي والثالث«. وعلى بعد خطوات عدة يهرع شرطي ليصرف رجلا اجتاز الطوق الأمني ركضا. الرجل صاحب أحد المحلات المتضررة، جاء محاولا نقل ما سلم من منحوتات في المحل.

الفندق الذي دخله الرجل يكسو باحته الفسيحة دمار ضخم. السلم الإلكتروني معطل ورجال قوى الأمن الداخلي يطلون بأسلحتهم من على شرفاته. فيما حضر الموظفون للمساهمة في إعادة تأهيل الفندق، بعدما أخلي من رواده خلال الليل.

وبحث مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد مع قادة الأجهزة الأمنية المعلومات التي توافرت حول عملية التفجير الذي أوقع خمسة جرحى (غادروا المستشفيات). وأفادت مصادر مطلعة بأن العبوة كانت موضوعة في حقيبة، وتزن بين 20 و25 كيلوغراما من مادة »تي ان تي« وتنفجر وفق ساعة موقوتة. وأشارت المصادر إلى أن فهد كلف آمر فصيلة الجديدة التأكد من صحة معلومات اعلامية عن رؤية شهود ثلاثة أشخاص توقفوا قرب المبنى المستهدف وكانوا يحملون حقيبة، ثم دخلوا إلى المبنى وعادوا من دون الحقيبة، مؤكدة أن »هذه المعلومات لم تتوافر لدى المحققين وأن الاتصال الذي تلقته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على الرقم 112 حول الاشتباه بحركة ما في المنطقة لم يذكر هذا الأمر«.

ووصف الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان - باتيست ماتيي عملية التفجير بـ »العمل الاجرامي«. وامل ان يتم كشف كل ملابسات هذا العمل الاجرامي. ونذكر بتمسكنا باستقرار لبنان في هذه المرحلة«.

Friday, July 29, 2005

الجامعة الثقافية

الجامعة الثقافية تفتتح مؤتمرها بغطاء شرعي وجناح « المعارضة » يؤكد عدم اعترافه به

منال أبو عبس
Al-Hayat (928 كلمة)
تاريخ النشر 29 يوليو 2005

لم يجد منظمو المؤتمر الثاني عشر للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وسيلة أفضل من دعوة ممثلي »الشرعية السياسية« للرد على »جناح الجامعة« الآخر الذي اتهمهم قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمرهم بـ »اللاشرعية« والتبعية »لبقايا النظام الأمني السوري الذي كان سائدا في الماضي«. فالمؤتمر الذي افتتح أعماله في قصر الاونيسكو العاشرة صباح أمس، لم يكتف بتأمين غطاء شرعي قوامه، رعاية رئيس الجمهورية اميل لحود ممثلا بوزير الخارجية فوزي صلوخ، وحضور ممثلين عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بل ترك القائمة تتسع لتشمل شخصيات دينية وسياسية و»قومية« مثل: ممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الشيخ مهدي الأمين، وزير الثقافة طارق متري، الأمين العام للمجلس الأعلى السوري - اللبناني نصري خوري، ومدير عام المغتربين هيثم جمعة ونواب.

غير أن المشكلة بين جناحي الجامعة اللذين انفصلا عن بعضهما بعضا قبل سبع سنوات، لم تشكل محورا للنقاش في مؤتمر الأمس، إذ اعتبر المسؤول الإعلامي للجامعة أحمد رمزي »أنها منظمة غير سياسية ولا تتعاطى في الشأن السياسي«، الأمر الذي يزيد من الخلاف بين قطبي الجامعة المتباعدين.

كما تؤكد الكلمــات التـــي ألقيــت في الافتتـــاح هذه النظريــــة، إذ شدد نائب الرئــيس الأول للجامعـــة أحمد ناصر على أن »شعارنا كان وسيبقى وحدة الجامعة، ووحدة الاغتراب، والحوار مع الجميع للم الشمل، والإصرار على الثوابت في مؤسستنا هذه، التي ينص نظامها الداخلي على أنها غير عنصرية، غير سياسية وغير دينية«.

في حين اقترح الدكتور فيليب سالم »إنشاء وزارة خاصة ومستقلة للانتشار اللبناني، مهمتها تحديد وتفعيل العلاقة بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر، ومن واجبات هذه الوزارة تحديد الحقوق والواجبات لهؤلاء اللبنانيين، وتحديد من منهم يستحق الجنسية اللبنانية، ومن منهم يستحق بطاقة اغترابية«، مشددا على أهمية »إعطاء الحق لجميع الذين يحملون الجنسية اللبنانية، وللذين يحق لهم حملها، بأن يساهموا في العملية السياسية اللبنانية، وأن يكون لهم الحق في انتخاب ممثليهم في البرلمان اللبناني، كما يكون لهم الحق بأن يكون لديهم ممثلون عنهم في الحكم«. ودعا سالم »الدولة اللبنانية وسفاراتها في الدول المضيفة إلى تشييد المدارس الوطنية لتعليم اللغة العربية وآدابها وبناء الأندية لجمع الشمل وإحياء التراث«.

عند الحادية عشرة انصرف المدعوون والمشاركون إلى حفلة كوكتيل. غصت بهم الباحة الخارجية للقصر لساعتين انصرفوا بعدها إلى اجتماع مغلق مخصص لاستعراض تقارير اللجان والحديث عن إنجازاتها خلال العام الماضي.

لكن، هل اكتفى المجتمعون في القاعة المغلقة بمناقشة الأمور الثقافية ودعوة اللبنانيين المغتربين إلى الوحدة وتناسي الخلافات، مغفلين الاتهامات التي أطلقها »الجناح الآخر« قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمرهم؟ قد يحمل يوما المؤتمر المقبلين ردودا ما.

فقد اتهم نائب الرئيس العالمي للجامعة الدكتور أنيس كرم ومساعد الأمين العام لشؤون لبنان طوني نيسي »بعض الأشخاص بعقد مؤتمرات باسم الجامعة في لبنان وخارجه، منتحلين صفة«، مشيرا إلى أن »الإجراءات القانونية اللازمة ستتخذ في حق هؤلاء«.

ووجه كرم مذكرة إلى مجلس النواب والمجتمع المدني اللبناني تشرح توجهات الجامعة، مؤكدا »عدم الاعتراف بأي بيان أو تحرك باسم الجامعة من دون موافقة السلطات المعنية فيها وتحديدا رئيسها العالمي أنيس غرابيت وأعضاء المجلس العالمي«.

وخلال زيارته النائب العماد ميشال عون أكد كرم أن »المؤتمر (الذي عقد أمس بدعوة من المدير العام لوزارة المغتريبن) هيثم جمعة، غير شرعي كون جمعة لا يتمتع بأي صفة قانونية في الجامعة تخوله القيام بمثل هذه الدعوة«، وأضاف: »الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم هي مؤسسة عالمية غير حكومية تابعة للأمم المتحدة، وتستمد قوانينها من الدول التي تتواجد فيها، ونحن نرى أن الدعوة تهدف إلى خربطة الجامعة عبر بقايا النظام الأمني السوري الذي كان سائدا في الماضي«.

وقال كرم: »نحن منتشرون من الأرجنتين إلى البرازيل والمكسيك واستراليا وأميركا وأوروبا، ونواديها تشترك في كل الاجتماعات، لكن هيثم جمعة يبعث بدعوات من خلال القنصليات والسفارات اللبنانية في العالم إلى عقد مؤتمر من دون أي صفة، خصوصا ان ليس لوزارة الخارجية أي دور في هذا الموضوع، لأن الجامعة هي مؤسسة غير حكومية«.

وذكر كرم »بأن للجامعة مجلسا عالميا انتخب عام 2001 وآخر انتخب عام 2003 ومجلسا عالميا انتخب في استراليا في أيار 2005. وقد ساهمنا في السنوات الخمس الماضية في إصدار قانون معاقبة سورية لتحرير لبنان من الوجود السوري وفي القرار 1559 من اجل إعادة استقلال لبنان وسيادته والآن سندعو كل مكاتبنا ونوادينا في كل العالم للمساهمة اقتصاديا داخل لبنان، لكن هذا يتطلب أن تعود الدولة وان يعينوا موظفين كفيين وليس موظفون يقررون سياسة الدولة حسب مصالحهم«.

ولكن، هل فعلا يمكن الحديث عن وحدة بين جناحي جامعة يحتفل أولهما برعاية رئيس الجمهورية ومرجعيات سياسية ودينية، وثانيهما يتغنى بدوره في استصدار قانون محاسبة سورية والقرار 1559؟

Wednesday, July 27, 2005

سمير جعجع

سمير جعجع من السجن الى صالة الشرف ففرنسا

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,666 كلمة)
تاريخ النشر 27 يوليو 2005

عند التاسعة وعشر دقائق صباح أمس، وصل قائد »القوات اللبنانية« سمير جعجع من سجنه في وزارة الدفاع إلى صالون الشرف في مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري يرافقه موكب من سيارتين تابعتين للجيش اللبناني. »الطريق بين الوزارة والمطار لم تستغرق إلا دقائق عدة«، يقول النائب جورج عدوان الذي رافق »الحكيم« في السيارة. ويضيف أن جعجع سأل عن الطرقات والمعالم بعد 11 عاما من السجن وعن المناطق التي كان يسكن فيها، وانه »انتظر أن يلتقي بالرفاق في القوات، وتكلمنا عن معظم الرفاق الذين كانوا معه سابقا«.

كلمات عدوان كانت الأكثر تحببا إلى قلوب عشرات »القواتيين« المحتشدين بهدوء وتنظيم فائقين مع الإعلاميين في باحة صالون الشرف بعدما منع عليهم الدخول إليها. لكن، ما هي إلا دقائق حتى ينقلب المشهد الهادئ في الخارج إلى آخر مختلف تماما. لقاء الحكيم مع »مصلحة طلاب القوات« (بعد كوادرها) ومصافحته لهم، تقلب الصورة لما تبقى من يوم أمس:

»قلت له جملة واحدة، هل قلت له أنت شيئا؟«، تسأل الفتاة صديقها بينما تقفز كمن ربح جائزة كبرى. »قلت له أن صموده داخل قضبان السجن كان يمدنا بالقوة ويرفع معنوياتنا عاليا«، تضيف قاطعة على صديقها فرصة الإجابة. صديقها بدوره لم يكن متماسكا، »لن تصدقي، وقفت أمام الحكيم وهو يحكي مع ستريدا (زوجته) وبيار الضاهر (رئيس مجلس ادارة الـ »ال بي سي«). وقفت أمامه لخمس دقائق كاملة«، يقول مذهولا.

من آخـــر الرواق المـــؤدي إلى صالون الشرف، يركــــض جاد ممسكا يده اليمنـــى كما لو أنها أصيبـــــت بطلــــق نـــــاري. يشد عليها دافعــــا رأسه بقوة نحو صدر صديقه، »الســلام صار له قيمة الآن، الحكيــم صافحني. لن أصافح أحدا يتلك اليد، حتى أمي لما تبقى من أيام في حياتي«، وتدمع عيناه.

وراء كاميرا تلفزيون ال«ال بي سي« المخصصة للنقل المباشر يقفز شادي كمن علق الهواء بين صدره وفمه، فيكاد يختنق. ينظر إلى صديقه الذي بدا اكثر تماسكا، ويقول: »الحكيم لم يتغير. ما زال كما كان عام 1994«. شادي بالكاد يبلغ الثانية والعشرين من العمر، لكن وجهة نظره تبدو مقنعة: »كنا صغارا آنذاك، غير أن أحدا لا يعرف ماذا يعني الحكيم لعائلاتنا. نحن وأهلنا نمشي على خطاه. أعرف كل شيء عنه. اعتدت منذ الصغر على سماع مقابلاته وخطاباته، احفظ أرشيفه كاملا عن ظهر قلب«.

حالة شادي ليست فريدة من نوعها هنا. معظم الشبان الموجودين لم يتجاوزوا العشرين، إلا انهم يعرفون كشادي انه »لم يتغير، هي فقط بضع شعرات بيض، اثنتان على شاربيه وثلاثة على رأسه، كما انه صار اكثر نحولا«.

في مكان ما بين الحشود، كان »قواتيون« آخرون، يتحدثون عن مستقبل حزبهم، »بعدما انتصر الحق على الوصاية والضغوط واطماع بعض السياسيين المحليين الذين كانوا ينفذون أوامر خارجية«، بحسب بول الذي انصرف مع رفاقه للحديث عن إعادة هيكلة لـ »القوات« وتحضير كوادر، لأن »القوات بعد 26 تموز (يوليو) هي غيرها قبل ذلك التاريخ«.

بدوره، مسؤول قطاع الطلاب في »المصلحة« دانيال سبيرو يقول انه رسم صورة لجعجع في ذهنه تبعا لروايات من زاروه في السجن، غير أن اللقاء الشخصي كان مختلفا »أحسست أنني اقف أمام قائد يعني لنا الكثير. قائد نحمل مبادئه«، وأن جعجع »طلب أن يتعرف الى جميع الشباب، كل بحسب موقعه ومنطقته«.

عند الحادية عشرة، تنصرف الكاميرات عن وجوه »القواتيين« والسياسيين، وتركز على وجه جعجع الواقف خلف صورة رئيس الجمهورية اميل لحود. يتلو ورقات كتبها من داخل سجنه. يشرب الكثير من الماء، ويطلب من الحاضرين إقفال الهواتف الخلوية، فيما قلوب مناصريه في الخارج تتابع بحذر »حركات القائد التي لم تتغير«، مرفقة بصرخات »يقبرني«، و«حركة يده ما زالت كالسابق«، لتصل إلى حد تشبيه الخطاب بـ »خطاب حرب الإلغاء عام 1994. نبرة صوته هي نفسها«، يقول رجل أربعيني واقف خلف الكاميرا.

بعد الخطاب ينصرف »الحكيم« إلى استقبال السياسيين المهنئين. يبتسم لهذا وذاك، ويسأل زوجته عمن تعذر عليه معرفته، علما أن »القوات دعت كل الكتل التي صوتت على قانون العفو«، كما قال النائب عدوان لـ »الحياة«.

ومع الرئيس السابق أمين الجميل يكون العناق الأكثر حرارة، من دون أن تغيب عن اللقاء وجوه جديدة على الساحة السياسية مثل ميشال نجل الرئيس الراحل رينيه معوض وأرملته الوزيرة نائلة معوض، ونديم نجل الرئيس بشير الجميل الذي مازحه جعجع »ما تعذب الماما« وأرملته النائبة صولانج الجميل.

عند الثانية عشرة يغادر جعجع صالون الشرف ليرتاح قليلا ويجتمع مع أعضاء »كتلته«. وعند الثانية يعود للقاء الصحافيين في الصالون، وليشكر »وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية على ما قامت به قبل اليوم لتحمل قضيتنا«، معلنا انتهاء اللقاء. غير انه سرعان ما يعود بناء على رغبة المسؤولة الإعلامية انطوانيت جعجع ويصافح الجميع، مستفسرا عن عمل كل منهم، وواضعا سبابته على جبينه كلما تعذر عليه تذكر الوسيلة الإعلامية.

في الرابعة بعد الظهر، غادر قائد »القوات« بيروت على متن طائرة بوينغ 777 تابعة لشركة طيران »اير فرانس« إلى فرنسا ترافقه زوجته النائبة جعجع وشقيقتها دنيز فياض وزوجها وثلاثة أشخاص من »القوات اللبنانية«، فيما بقي كثير من المناصرين يتابعون أخبار مغادرة قائدهم عبر شاشات التلفزيون داخل المطار.

بعيد وصوله الى صالون الشرف في المطار صباحا بدأ قائد »القوات اللبنانية« الدكتور سمير جعجع لقاء كوادر »القوات« ورفاقه القدامى، بالسلام على كل منهم ووقفت الى جانبه زوجته ستريدا ونواب القوات والوزير جو سركيس. ومر هؤلاء في صف طويل لمصافحته ومعانقته فردا فردا. وكان يستوقف كل واحد منهم. من يعرفه كان يتبادل الحديث معه مستذكرا معه بسرعة بعض الخواطر او الأحداث او سائلا عن اموره. ومن لا يعرفه كانت ستريدا او غيرها يعرفونه به. وكان جعجع سريع الأسئلة وسريع الأجوبة وسريع الإنهاء للمحادثة القصيرة لأن الصف كان طويلا. ومازح البعض وضحك معه وأجرى حوارات قصيرة حميمة مع البعض الآخر انتهت بالاتفاق على ان »نحكي«.

وكان بين الذين جاؤوا من اصدقائه ومريديه مرضى. انطوان شويري الخارج لتوه من المستشفى متحاملا على المرض. سيدة رجلها مكسورة على العكازات، زوجة المهندس رمزي عيراني الذي كان قتل قبل عامين ووجدت جثته في صندوق سيارته. رئيس مجلس ادارة »ال بي سي« بيـــار الضاهر والمدير السابق للأمن العام زاهي بستاني.

وشاغل جعجع نفسه عن الانزعاج الذي يسببه له التعرض للضوء طويلا ودفعة واحدة، وللضجة بعد افتقادهما لسنوات في السجن في الحديث المستمر مع كل الذين التقاهم وكان حاضر الذهن. احد الصحافيين دخل للسلام قبل ان يحين موعد دخول الإعلاميين والشخصيات السياسية فعرفه وناداه باسمه ومازحه قائلا: »دخلت مع القوات«؟ وحين قال له الصحافي، النحيل الجسم: »لقد نزل وزنك كثيرا لكن فهمنا ان هذا مقصود لأنك كنت تتناول طعاما صحيا«. فأجابه في سرعة »وأنت ألست نحيلا؟ الذي بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة«. ولامتداد وقوفه زهاء ساعتين ولأن القاعة غصت بالحضور لم ينفع المكيف في تبريدها فأخذ جعجع يتصبب عرقا، كذلك سائر الحضور.

وعند انتهاء دور »القوات«، انتقل جعجع الى صـــالون آخر فبــــدل ثيابه المبتلة عرقا، وكان السياسيون المدعوون للقاء معه قد بدأوا يتوافدون الى صالون جانبي. وعندمـــا عاد مـــع زوجتـــه، اخرج القواتيــون وبقي منهم البعض صفقوا لدخوله وهتفوا لـ »الحكيم«.

وبدأ تلاوة كلمته. صفقوا في محطات عدة اهمها حين قال: »اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر«، ثم في كل مرة ذكر اسماء الذين شكرهم لمساهمتهم في اطلاق سراحه، وكان التصفيق الأقوى حين ذكر في كلمته التي مزج فيها بين الوجدانية والسياسة، زوجته ومعاناتها.

تميز خطاب جعجع بالصياغة المتماسكة. وبالمواقف المدروسة بدقة. ولاحظ البعض ان لغته العربية باتت اكثر متانة من كثرة القراءة في السجن. وألقاه ببطء مقصود فاستغرق 25 دقيقة بدل 15 دقيقة كما كان مقررا، ومع ان ثمة من لاحظ ان جعجع »نسي« ذكر اتفاق الطائف، فإن جواب احدهم كان: »سمير جعجع لا ينسى شيئا«، فيما قال آخرون: »لقد اشار الى جناحي لبنان وهذا يكفي وفي فقرته الأخيرة اشارة الى ان منطق الحرب لم يعد قائما او صالحا ودعوة للنظر نحو المستقبل يدا بيد وهذا روح الطائف«. هذا فضلا عن انه ذكر في الفقرة الثانية منه السنوات السود التي بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض ولم تنته باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذه اشارة واضحة الى رمزين لاتفاق الطائف، فضلا عن ذكره حلفاؤه في ما يسمى لقاء »البريستول«.

في اللقاء مع الشخصيات السياسية، الذي اعقب الخطاب ميز الحضور سلامه الحميم مع الرئيس امين الجميل (لم يحضر حزب الكتائب بقيادةكريم بقرادوني) ومع النائب السابق فارس سعيد والوزيرة نايلة معوض. وكان لكل فريق نيابي وقفة معه تولت ستريدا تعريفه به وبالجهود التي قام بها من اجل اصدار قانون العفو عنه، ولوحظ غياب نواب التحالف الثنائي الشيعي، »امل« و«حزب الله«، لكن حضر النائب ميشال موسى بتكليف من رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

Friday, July 22, 2005

ميليس يطلب من سورية الاستماع قريبا الى مسؤولين امنيين فيها

ميليس يطلب من سورية الاستماع قريبا الى مسؤولين امنيين فيها . لبنان : جعجع ويغادر الثلثاء بعد اطلاق جريس الخوري وخليل مطر

ناجية الحصري - راغد درغام - منال أبو عبس
Al-Hayat (1,206 كلمة)
تاريخ النشر 22 يوليو 2005


غادر السجن امس، بناء لقانون العفو، جرجس توفيق الخوري الذي كان دين بالسجن المؤبد بتهمة المشاركة في تفجير كنيسة سيدة النجاة العام 1994 والتي اوقف في ملفها قائد »القوات اللبنانية« الدكتور سمير جعجع، كما غادر السجن ايضا العميد السابق في الجيش اللبناني خليل مطر الذي كان حكم عليه بالسجن عشر سنوات، في ملف اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رشيد كرامي. (راجع ص4)

وفيما علم ان لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحرير تعتزم الطلب قريبا من سورية زيارة دمشق للاستماع الى افادة مسؤولين امنيين سابقين في لبنان، طالب بعض اهالي الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في لبنان العام 1982 على حاجز لـ »القوات« في الشمال، بالتحقيق مع جعجع قبل اطلاق سراحه عن مصير هؤلاء الديبلوماسيين في ظل معلومات بأن »القوات« سلمتهم الى اسرائيل.

واذ اصدر النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا قرارين بإسقاط الحكمين الصادرين في حق كل من جريس ومطر، يتوقع ان يغادر جعجع السجن السبت، فيما قال النائب جورج عدوان انه سيغادر الثلثاء الى الخارج (رجحت مصادر فرنسا) لاجراء فحوص طبية وللراحة ترافقه زوجته النائبة ستريدا جعجع، ويلتقي في مطار بيروت سياسيين ونواب ممثلي الكتل واحزاب ويوجه خطابا سياسيا الى اللبنانيين.

في منزل والد جرجس الخوري، فريد (ابو انور) كان الجو احتفاليا امس، فأخيرا سمع ابو انور العبارة الأكثر قربا الى قلبه »يهنيك بالسلامة«، قالتها الجارة، فبكى غير مصدق ان 11 عاما من الانتظار انقضت. من شرفة منزله الصغير المطل على مخيم الضبية، تابع ابو انور نزول ابنه من سيارة محاميه خطوة بخطوة. تابع دعسته الأولى على ارض الشارع المكسو ببقايا المفرقعات ودخانها الأسود. »بعد 11 سنة طلع جريس«، يقول الوالد، فترد الجارة: »بحلف ببناتي الثلاثة ان جريس بريء وأنهم حبسوه ظلما«. لا تزيد فيفيان شقيقة جريس شيئا على الجارة، بل تدفع الحشود وتحتضن اخاها، قبل ان يسحبها الشبان الى الداخل مغشيا عليها.

فيرا الشقيقة الثانية، كانت الأكثر تماسكا. رشت الورد على رأس شقيقها العائد. وبعد دقائق قليلة خرج ليتحدث الى الصحافيين. قال: »نزلنا الى كنيسة سيدة النجاة وصلينا وقلنا للعذراء ان جريس الخوري لا يمكن ان يفجر الكنيسة. اقول لكل المسيحيين وللبطريرك نصر الله صفير اننا ابرياء وظلمنا«. لا يذكر الخوري شيئا عن السجن عدا »انهم عاملونا اسوأ من القرود وأن بابين مصفحين كانا يفصلانني عن زنزانة الحكيم«.

وقرابة السادسة مساء اطلق العميد خليل مطر من سجنه في ثكنة للشرطة العسكرية في منطقة جسر الباشا بعدما اصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سعيد ميرزا قرارا قضى بإسقاط الحكم الصادر بحقه في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، وتابع اجراءات التنفيذ وكيل مطر المحامي بدوي ابو ديب.

العميد مطر الذي امضى في السجن تسع سنوات وأسبوعا وكان يقضي محكومية تنتهي بعد سنة قال لـ »الحياة« بعد انتقاله الى منزل اهله في الناعمة اقله إليه ولداه انه عاش خلال سنوات سجنه »من اجل لبنان وهم ادخلوني إليه لأنني احب لبنان«. واكد انه »ضابط شريف ومخلص وأنا ابن ناس لا يقتلون احدا«. ورأى انهم قتلوا الرئيس كرامي »مرتين، مرة بالطوافة ومرة في المحاكمة المدبرة«. واعتبر ان العفو بالنسبة إليه شأن معنوي »يرد لي اعتباري«. وقال انه لا يوجد بلد في العالم لا يعيد المحاكمة اذا توافرت شروط لذلك »إلا في لبنان وفي المجلس العدلي«. وتحدث عن فيلم مصور كان سلمه الى القاضي وهو دليل كاف لإعادة المحاكمة إلا ان الأمر رفض«.

العميد مطر (50 عاما) الذي كان سجن ثلاث سنوات في وزارة الدفاع في اليرزة وسط ظروف وصفها بـ »القاسية جدا« ثم امضى 6 سنوات في ثكنة الشرطة العسكرية »وسط ظروف مقبولة«، قال تعليقا على رفض الرئيس عمر كرامي لقانون العفو عن جريمة شقيقه: »نكن كل محبة لآل كرامي وله كل الحق في الاعتراض لأنه لم يتبين بعد من اغتال الرئيس كرامي، انا طلبت اعادة المحاكمة ورفض طلبي«.

وبنى مطر تشكيكه بالمحاكمة التي حصلت على التعامل معه على انه شريك وقال: »لو كنت قاتل كرامي لكان يجب الحكم علي بالإعدام وخفضه للمؤبد كما هو رائج لكنهم حكموا علي عشر سنوات سجنا فلماذا. هل ذلك منعا لتأنيب ضميرهم«. واعتبر ان من اتهمه اراد »ازاحته من الطريق« واكتفى بالقول: »ان شاء الله يضبط البلد فنحن نريد العيش بسلام والحقد لا يعمر البلد«.

كرامي

واستمر اقرار المجلس النيابي لقانون العفو عن جعجع ورفاقه وسائر المحكومين في التفاعل فانتقد رئيس الحكومة السابق عمر كرامي رئيس »تيار المستقبل« النائب سعد الحريري لظهوره يرفع شارة النصر على مدخل البرلمان بعد تصديق قانون العفو »كأنه يبتهج ببيع دم رشيد كرامي«.

وليل امس رد وزير الشباب والرياضة احمد فتفت على كرامي كذلك النائب في كتلة الحريري مصطفى هاشم.

وقال فتفت ان الرئيس كرامي يصر على قراءة المواقف بالمقلوب ونسي انه وقع مرسوم تسمية سمير جعجع وزيرا في حكومته العام 1990 وأنه قال بأنه تعالى عن الجروح، وأكد ان سعد الحريري رفع شارة النصر من اجل المصالحة الوطنية ولأن موقوفي الضنية ومجدل عنجر (شملهم العفو) يستحقون ذلك. واعتبر هاشم ان الحريري رفع شارة النصر »لتأكيد انتصار المجلس النيابي على نظام الأجهزة الذي سار في احضانه وغطى بارتكاباته الرئيس عمر كرامي«. واتهم الأخير ببيع دم شقيقه.

وفي نيويورك، علم ان رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس، يعتزم الطلب من الحكومة السورية مساعدتها في الأيام القليلة المقبلة للاستماع الى افادة شخصيات سورية أمنية عملت في لبنان وعلى رأسها الرئيس السابق لجهاز الأمن والاستطلاع للقوات السورية التي كانت عاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة والعميد محمد خلوف.

وسيتوجه ميليس الى دمشق يرافقه فريق معني بالاستجوابات، إذا وافقت الحكومة السورية على استقباله، لتكون هذه المرة الأولى التي يتوجه فيها الى العاصمة السورية. لكن الحكومة السورية قد تقرر ارسال الشخصيات الأمنية التي يرغب الفريق الدولي باستجوابها الى لبنان بدل استقبال ميليس في دمشق. وهذه المرة الأولى التي سيطلب فيها ميليس من الحكومة السورية مساعدتها المباشرة في التحقيق بمقتل الحريري التي وصفها مجلس الأمن بأنها عمل »إرهابي«. وأبلغت الأمانة العامة الأسبوع الماضي الى مجلس الأمن

Tuesday, July 19, 2005

فرح غير مفاجئ في منزل ستريدا جعجع

فرح غير مفاجئ في منزل ستريدا جعجع

منال أبو عبس
Al-Hayat (460 كلمة)
تاريخ النشر 19 يوليو 2005




لا تشبه الفرحة التي غمرت منزل النائبة ستريدا جعجع قرابة الواحدة والنصف بعد ظهر أمس، فرحة الفوز بنصر مفاجئ. فجميع المناصرين المترقبين في الطابق السفلي من المنزل، كانوا يعلمون أن النتيجة حتمية، و »الحكيم (قائد القوات اللبنانية سمير جعجع) براءة، لكن الوقت الذي يمضي قبل إقرار المرسوم قاتل«، تقول جانيت.

عند الواحدة ظهرا، لم يكن في الشارع المؤدي إلى المنزل ما يدل الى أمر غير عادي. سيارة درك وحيدة، وبضعة شبان يرتدون سترات »القوات« خلف صورة وحيدة لجعجع، يوصلون القادمين إلى المدخل حيث »نقطة التفتيش«، قبل أن تستقبلهم المستشارة الإعلامية للنائبة جعجع انطوانيت جعجع.

وحده التلفاز المثبت في إحدى زوايا القاعة الداخلية كان يربط الحاضرين بما يدور في الخارج. يهبون ما أن تقطع المحطة برنامجها لتضع فاصلا إعلانيا أو للاستماع إلى حديث انطوانيت جعجع، التي كانت مرجع الكاميرات الكثيرة في تلك القاعة. »رئيس الجمهورية له حق التوقيع على المرسوم في اليوم نفسه أو خلال 15 يوما. إذا وقعه اليوم يعود الحكيم إلينا نهار الخميس«، تقول جعجع، معلنة أن نتيجة الجلسة حتمية، ومعها حرية الحكيم الذي تقرر سفره »من السجن إلى الخارج فترة قصيرة بسبب وضعه الصحي«.

دقائق قليلة وتتسرب المعلومات عبر الهاتف عن إقرار المرسوم، فتنقلب الدنيا في الداخل. تعلو زغردات الرجال، وتترافق مع دموع غزيرة، ويعانق الكل الكل، ليضيق المكان برواده فينصرفون إلى الاحتفال خارجا.

في الشارع كان الاحتفال عفويا. كثير من المناصرين يعقدون حلقة لرقص الدبكة، وآخرون يرقصون متشابكي الأيدي على وقع أغاني القوات وقائدها وأصوات المفرقعات النارية، بانتظار عودة »عروس القوات ستريدا«، كما تسميها انطوانيت التي تطلب من »القواتيين«: »اعادة الصلبان وخلع البزات العسكرية. لم نعد هواة حرب، صرنا صناع سلام«. بعد اقل من ساعة، عادت النائبة جعجع إلى مناصريها، لتطلب منهم »التعبير عن فرحتنا بشكل حضاري، وألا نفعل مثل غيرنا«، ما اعتبره البعض غمزا من قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سقط ضحايا في الاحتفالات المرافقة لإعادة انتخابه، شاكرة الحلفاء الذين »أكدنا أن تحالفنا معهم سياسيا، والبطريرك صفير«، وتعد بألا »نتصرف مع الآخرين كما تصرفوا معنا«.

تتوقع ستريدا عودة زوجها »أول أو منتصف الأسبوع المقبل، لكن طبعا نحن بحاجة إلى شهر من الراحة نقضيه في الخارج».

Saturday, July 16, 2005

عودة المايسترو « المهاجر ».

عودة المايسترو « المهاجر ». صور وأم كلثوم وسليم سحاب:« دارت الأيام » فانتشت المدينة التاريخية

منال أبو عبس
Al-Hayat (792 كلمة)
تاريخ النشر 16 يوليو 2005


لا أحد يعلم ما كان يدور في رأس الشاب الجالس في المقعد الخلفي، عندما اغمض عينيه، وراح يدندن بانسجام مفرط »غني لي شوي شوي. غني لي وخد عيني«. فما إن أعطى المايسترو سليم سحاب إشارة الانطلاق للفرقة القومية العربية للموسيقى، حتى بدأ الشاب بالتفاعل و«تطفيش« كل من ساورته نفسه الجلوس في المقاعد الخلفية من مسرح الملعب الروماني في اليوم الرابع من مهرجانات صور والجنوب المخصص لأغاني أم كلثوم.

بعد أقل من ساعة من الموعد المحدد على بطاقات الدعوة للمهرجانات، صعد المايسترو سحاب الى المسرح، أمام أعضاء فرقته الذين فاق عددهم الأربعين، وأعطى إشارة الانطلاق لأغنية »مصر قوية« من الحان الشيخ زكريا أحمد، التي أهداها إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأدتها الفرقة القومية.

ومع أغنية »غني لي شوي شوي«، من ألحان زكريا أحمد وغناء غادة آدم، بدأت ملامح الساعات الثلاث المتبقية من الحفلة ترتسم بصورة أوضح. وسكت الجمهور الذي ملأ المدرجات ليتفاعل مع الأغاني المؤداة بإتقان مقنع، وطريقة تعيد إلى الأذهان تفاعل جمهور »أيام زمان« مع مطربيه الحقيقيين.

وعلى رغم تركيز سحاب على ألحان زكريا احمد التي تفاعل معها الحاضرون، فإن الحان محمد عبدالوهاب في أغان مثل »دارت الأيام« التي أدتها سماح إسماعيل، والحان رياض السنباطي في »افرح يا قلبي« التي أدتها حياة فاروق، أضافت إلى التنوع الذي قصده سحاب باعتماد أصوات مختلفة تفوقت في تأدية أغان من الزمن القديم.

»قول لي ولا تخبيش يا زين«، لزكريا أحمد، أدتها الفرقة وحاورها مصطفى عبدالسميع، سبقت قصيدة »هذه ليلتي« لمحمد عبدالوهاب، وأدتها لين كمال.

»هذه ليلتي« كانت الأكثر نجاحا بين سابقاتها باعتراف الجمهور، إذ ما إن انتهت الأغنية المؤداة كاملة (نحو نصف ساعة) حتى انطلق التصفيق وعلا الهتاف »عظمة على عظمة«.

ومع »حبيب قلبي وافاني في معاده«، لزكريا أحمد، و »ما دام تحب بتنكر ليه«، لمحمد القصبجي، انتهى الجزء الأول من الحفلة وانصرف سحاب وفرقته إلى ما وراء الكواليس، تاركين المكان لمستمعين راحوا يقومون حصاد ساعتين من الموسيقى الراقية المصحوبة بكلام رائع يؤدى بطريقة عذبة، وهي »العناصر الثلاثة التي فقدت من الأغنية العربية الحديثة«، بحسب أحد المستمعين.

الجزء الثاني من الحفلة بدا اكثر نخبوية على صعيد الجمهور، بعد انصراف عدد ممن كانوا يطلقون الصيحات والتعليقات للتشويش على الحفلة.

»حيرت قلبي معاك«، لرياض السنباطي، أدتها نهاد فتحي بطريقة رائعة، تلتها »انقروا الدفوف« (الصوفية) لمحمد الموجي. ثم »عن العشاق سألوني« لزكريا احمد، التي فرضت فيها عفاف رضا حظرا على المكان، اخترقه صوتها القوي وتصفيق الجمهور الذي بدا »مسلطنا« في الجزء الأخير من الأغنية.

ومع »ايمتى الهوا ييجي سوا«، لزكريا أحمد، و«رباعيات الخيام« لرياض السنباطي التي أداها أمجد العطافي، و«آه يا أهل الهوى« لبيرم التونسي وزكريا احمد، انتهت الحفلة التي قادها سليم سحاب.

لكن، هل كانت الحفلة لتنجح لولا ذلك الرجل الذي احتل بلباسه الأسود وشعره الطويل الأبيض مقدمة المسرح، وشكل الصورة؟ عندما ضم المايسترو سليم سحاب أصابع يديه إلى بعضها بعضا، وثبت كل يد منهما فوق الأخرى، ثم رفع الأولى عن الثانية كأنما يسحب خيــطا من الصوف نحو أعلى، أطلقت الفتــيات في الفرقة صوتا يشبه التغريد. عنــدها وقف معظم الحاضــرين تقديــرا لجهود رجل قاد فرقة علــى مــدى اكثر من ثلاث ساعات، وكرس نــجاح اليوم الرابع مــن مهــرجانات صور. رجــل اقر فــي إحدى المـــقابلات انه »ديكتاتور« في تعاطيه مع أعضاء فرقته. ثم وصفه آخرون بـ »ديكتاتور الفن الـــجيد«.

في نهاية تلك الحفلة كانت سعادة سحاب كبيرة. ربما كان مبتهجا بنجاحه على ارض بلاده التي غادرها عام 1988، بدعوة من وزارة الثقافة المصرية التي تعاقد معها على العمل في الأوبرا المصرية بعد افتتاحها عام 1982، لقيادة الفرقة القومية للموسيقى العربية، تاركا »فرقة بيروت للموسيقى العربية« التي أسسها في لبنان عام 1980 يتيمة.

Wednesday, July 13, 2005

نجاة وزير الدفاع الياس المر

لبنان : سيارة انفجرت بعد 6 ثوان من مروره فقتلت مواطنين وأصابت 12 بجروح . نجاة وزير الدفاع الياس المر من محاولة اغتيال

منال أبو عبس
Al-Hayat (957 كلمة)
تاريخ النشر 13 يوليو 2005

عند العاشرة والثلث صباح أمس، نجا وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس المر من الموت اغتيالا في الضاحية الشمالية لبيروت خلال توجهه من حالات الى الرابية. سقط قتيلان واثنا عشر جريحا منهم زوجة السفير المكسيكي ارتورو بونتي اورتيغا باتريسيا بونتي أثناء وجودها في منزلها وشربل طعمه وزياد قسيس وروجيه مراد واربيل باكسيان وأسعد حجل وكارل خليل. فيما خضع مرافقا المر العقيد الياس البيسري وأمين المر اللذان أصيبا في الانفجار إلى عمليتين جراحيتين في مستشفى أبو جودة.

وأفادت المعلومات الأولية أن سيارة يابانية الصنع من نوع باجيرو ميتسوبيشي نبيذية اللون كانت متوقفة على جانب الطريق، انفجرت لحظة مرور موكب المر على طريق انطلياس - الرابية. وأدى الانفجار إلى تحطم الزجاج على بعد 500 متر.

لكن كيف كانت الصورة في المنطقة التي تشتهر بخضرتها وهدوئها وثراء المقيمين فيها بعد وقوع الجريمة؟

لم يكن أمام ربيع الحاج، أول الواصلين إلى موقع الانفجار، متسع من الوقت لمراقبة المكان. ركن سيارته أسفل النزلة المؤدية إلى الموقع، وتوجه مباشرة إلى سيارة مرافقي المر المضرجين بالدماء: »الأول استطعت إخراجه من السيارة بسهولة، أما الثاني فبقي عالقا إلى أن جاءت فرق الدفاع المدني«، يقول ربيع، مضيفا انه شاهد »دولة الرئيس المر، ينزل من سيارته ألـ«بورش كايين« رباعية الدفع مصفحة (كان يقودها بنفسه)، متجها صوب سيارة أخرى تقودها امرأة، أقلته إلى مستشفى سرحال«.

لم يذكر ربيع شيئا عن سيارة الميتسوبيشي، لكن كما سمع من المحللين، فإن »السيارة المفخخة انفجرت بعد مرور سيارة المر بست ثوان، وبالتالي اصابت سيارة المرافقين، وسيارة مرسيدس كانت الأكثر قربا من الميتسوبيشي يقودها رجل لم تذكر هويته، قذفها الانفجار إلى حديقة الفيلا المجاورة، وقتل سائقها على الفور«.

على جانب الطريق المقابل لمدخل قصر عياش حيث الانفجار أوقفت السيارة المفخخة. طلاؤها النبيذي لم ينكشط كليا بفعل الاحتراق، إلا أن قوة الانفجار أزاحتها من مكانها. واستقر محركها الذي تطايرت أجزاء منه، على بعد متر واحد منها.

من الحديقة المرتفعة للمنزل الكبير المجاور لفيلا عياش تمكن مشاهدة لوحة تسجيل تحمل الرقم 376786 على سطح السيارة النبيذية. من الحديقة أيضا تمكن مراقبة المنطقة التي ضرب الأمنيون حولها طوقا يمنع غير الاختصاصيين من الاقتراب. وتمكن مشاهدة الحجارة التي تطايرت من الأبنية المجاورة، وأوراق الأشجار المحترقة وقد غطت الأرض، وغطت الحفرة التي أحدثها الانفجار بعمق متر ونصف المتر وعرض مترين، وأيضا الكلاب البوليسية وقطع الحديد يعاينها المحققون الكثر، بحراسة عناصر قوى الأمن الداخلي بستراتهم السود. كما تمكن مشاهدة أشلاء الإطارات المطاطية السود تسيل مع المياه إلى اسفل الطريق المنحدر المحاط بالأشجار.

أمام مدخل ذلك المنزل الملاصق للطوق الأمني يجلس الياس رحال. ينظر إلى الفوضى الدائرة على بعد أمتار منه، ويقول: »كلبي كان يعرف أن شيئا ما سيحدث. ظل يدور حولي منذ الصباح، كأنما ينبهني إلى شيء خطير. سمعت ما يشبه نفخة الهواء الضخمة ثم دوي »بوووم« قوية، وبعدين...«. لا يكمل الياس الحديث، إنما فقط يفتح باب منزله الكبير، تاركا المجال لالتقاط الصور.

تشبه الصورة داخل منزل الياس تلك المأخوذة من زمن الحرب. تغطي قطع الزجاج الأرض، بعدما خلعت الشبابيك والأبواب الخشب الداخلية من أماكنها، وسقطت الثريات الفاخرة كقطع خردة على الأرض.

غرفة الجلوس كانت الأكثر تضررا في منزل رحال، و«باب غرفة الطعام الضخم، لا شيء يمكن أن يزيحه من مكانه. مفصلاته كبيرة مثبتة ب 6 براغي«، يقول رحال مشيرا إلى الباب الذي حط على بعد مترين من مكانه.

عندما وقع الانفجار كان الياس وابنه في خلفية المنزل. لم يصب أي منهما بأذى، »خرجنا ووجدنا النار تتصاعد من السيارات، لم يكن من أثر لأي إنسان على الطريق. إلا أننا دخلنا إلى المنزل خوفا من وقوع انفجار آخر«، يضيف معلنا انه في بداية الأمر ظن أن التفجير يستهدف النائب العماد ميشال عون الذي يمر من هذه الطريق.

لم تهدأ حديقة منزل رحال أمس من الصحافيين والفضوليين الذين قصدوها هربا من العسكريين الذين طالبوهم بالرحيل. واحتل هؤلاء أماكن مطلة على موقع الجريمة، على مرأى من صاحب المنزل الذي بقي يراقب حبات الحامض المتناثرة من أشجار حديقته على الأرض، بعدما خلعت قوة الانفجار بوابة الحديد الضخمة من مكانها قاطعة الطريق على الفضوليين.

على بعد مئات الأمتار نزولا من موقع الانفجار، لم تكن الصورة مستهجنة. عمال على جانبي الطريق يكنسون الزجاج عن ارض المحلات التجارية المتضررة، وتجار ينشغلون بتقدير خسائرهم، أو بالإدلاء بمعلوماتهم أمام كاميرات الصحافيين الكثر. لكن، على بعد أمتار قليلة من عجقة هؤلاء جميعا، وقف صاحب محل للثريات و«تجهيزات كهربائية وصناعية« خارج محله مذهولا. ينظر إلى الثريات المتدلية من السقف، وقد كشط الزجاج عنها جميعا. لم يسأل أيا من الصحافيين الموجودين رأيه في الحادث. ربما كان يفكر لو أن يوما كهذا لم يمض أبدا.