Wednesday, July 13, 2005

نجاة وزير الدفاع الياس المر

لبنان : سيارة انفجرت بعد 6 ثوان من مروره فقتلت مواطنين وأصابت 12 بجروح . نجاة وزير الدفاع الياس المر من محاولة اغتيال

منال أبو عبس
Al-Hayat (957 كلمة)
تاريخ النشر 13 يوليو 2005

عند العاشرة والثلث صباح أمس، نجا وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس المر من الموت اغتيالا في الضاحية الشمالية لبيروت خلال توجهه من حالات الى الرابية. سقط قتيلان واثنا عشر جريحا منهم زوجة السفير المكسيكي ارتورو بونتي اورتيغا باتريسيا بونتي أثناء وجودها في منزلها وشربل طعمه وزياد قسيس وروجيه مراد واربيل باكسيان وأسعد حجل وكارل خليل. فيما خضع مرافقا المر العقيد الياس البيسري وأمين المر اللذان أصيبا في الانفجار إلى عمليتين جراحيتين في مستشفى أبو جودة.

وأفادت المعلومات الأولية أن سيارة يابانية الصنع من نوع باجيرو ميتسوبيشي نبيذية اللون كانت متوقفة على جانب الطريق، انفجرت لحظة مرور موكب المر على طريق انطلياس - الرابية. وأدى الانفجار إلى تحطم الزجاج على بعد 500 متر.

لكن كيف كانت الصورة في المنطقة التي تشتهر بخضرتها وهدوئها وثراء المقيمين فيها بعد وقوع الجريمة؟

لم يكن أمام ربيع الحاج، أول الواصلين إلى موقع الانفجار، متسع من الوقت لمراقبة المكان. ركن سيارته أسفل النزلة المؤدية إلى الموقع، وتوجه مباشرة إلى سيارة مرافقي المر المضرجين بالدماء: »الأول استطعت إخراجه من السيارة بسهولة، أما الثاني فبقي عالقا إلى أن جاءت فرق الدفاع المدني«، يقول ربيع، مضيفا انه شاهد »دولة الرئيس المر، ينزل من سيارته ألـ«بورش كايين« رباعية الدفع مصفحة (كان يقودها بنفسه)، متجها صوب سيارة أخرى تقودها امرأة، أقلته إلى مستشفى سرحال«.

لم يذكر ربيع شيئا عن سيارة الميتسوبيشي، لكن كما سمع من المحللين، فإن »السيارة المفخخة انفجرت بعد مرور سيارة المر بست ثوان، وبالتالي اصابت سيارة المرافقين، وسيارة مرسيدس كانت الأكثر قربا من الميتسوبيشي يقودها رجل لم تذكر هويته، قذفها الانفجار إلى حديقة الفيلا المجاورة، وقتل سائقها على الفور«.

على جانب الطريق المقابل لمدخل قصر عياش حيث الانفجار أوقفت السيارة المفخخة. طلاؤها النبيذي لم ينكشط كليا بفعل الاحتراق، إلا أن قوة الانفجار أزاحتها من مكانها. واستقر محركها الذي تطايرت أجزاء منه، على بعد متر واحد منها.

من الحديقة المرتفعة للمنزل الكبير المجاور لفيلا عياش تمكن مشاهدة لوحة تسجيل تحمل الرقم 376786 على سطح السيارة النبيذية. من الحديقة أيضا تمكن مراقبة المنطقة التي ضرب الأمنيون حولها طوقا يمنع غير الاختصاصيين من الاقتراب. وتمكن مشاهدة الحجارة التي تطايرت من الأبنية المجاورة، وأوراق الأشجار المحترقة وقد غطت الأرض، وغطت الحفرة التي أحدثها الانفجار بعمق متر ونصف المتر وعرض مترين، وأيضا الكلاب البوليسية وقطع الحديد يعاينها المحققون الكثر، بحراسة عناصر قوى الأمن الداخلي بستراتهم السود. كما تمكن مشاهدة أشلاء الإطارات المطاطية السود تسيل مع المياه إلى اسفل الطريق المنحدر المحاط بالأشجار.

أمام مدخل ذلك المنزل الملاصق للطوق الأمني يجلس الياس رحال. ينظر إلى الفوضى الدائرة على بعد أمتار منه، ويقول: »كلبي كان يعرف أن شيئا ما سيحدث. ظل يدور حولي منذ الصباح، كأنما ينبهني إلى شيء خطير. سمعت ما يشبه نفخة الهواء الضخمة ثم دوي »بوووم« قوية، وبعدين...«. لا يكمل الياس الحديث، إنما فقط يفتح باب منزله الكبير، تاركا المجال لالتقاط الصور.

تشبه الصورة داخل منزل الياس تلك المأخوذة من زمن الحرب. تغطي قطع الزجاج الأرض، بعدما خلعت الشبابيك والأبواب الخشب الداخلية من أماكنها، وسقطت الثريات الفاخرة كقطع خردة على الأرض.

غرفة الجلوس كانت الأكثر تضررا في منزل رحال، و«باب غرفة الطعام الضخم، لا شيء يمكن أن يزيحه من مكانه. مفصلاته كبيرة مثبتة ب 6 براغي«، يقول رحال مشيرا إلى الباب الذي حط على بعد مترين من مكانه.

عندما وقع الانفجار كان الياس وابنه في خلفية المنزل. لم يصب أي منهما بأذى، »خرجنا ووجدنا النار تتصاعد من السيارات، لم يكن من أثر لأي إنسان على الطريق. إلا أننا دخلنا إلى المنزل خوفا من وقوع انفجار آخر«، يضيف معلنا انه في بداية الأمر ظن أن التفجير يستهدف النائب العماد ميشال عون الذي يمر من هذه الطريق.

لم تهدأ حديقة منزل رحال أمس من الصحافيين والفضوليين الذين قصدوها هربا من العسكريين الذين طالبوهم بالرحيل. واحتل هؤلاء أماكن مطلة على موقع الجريمة، على مرأى من صاحب المنزل الذي بقي يراقب حبات الحامض المتناثرة من أشجار حديقته على الأرض، بعدما خلعت قوة الانفجار بوابة الحديد الضخمة من مكانها قاطعة الطريق على الفضوليين.

على بعد مئات الأمتار نزولا من موقع الانفجار، لم تكن الصورة مستهجنة. عمال على جانبي الطريق يكنسون الزجاج عن ارض المحلات التجارية المتضررة، وتجار ينشغلون بتقدير خسائرهم، أو بالإدلاء بمعلوماتهم أمام كاميرات الصحافيين الكثر. لكن، على بعد أمتار قليلة من عجقة هؤلاء جميعا، وقف صاحب محل للثريات و«تجهيزات كهربائية وصناعية« خارج محله مذهولا. ينظر إلى الثريات المتدلية من السقف، وقد كشط الزجاج عنها جميعا. لم يسأل أيا من الصحافيين الموجودين رأيه في الحادث. ربما كان يفكر لو أن يوما كهذا لم يمض أبدا.

No comments:

Post a Comment