Saturday, July 16, 2005

عودة المايسترو « المهاجر ».

عودة المايسترو « المهاجر ». صور وأم كلثوم وسليم سحاب:« دارت الأيام » فانتشت المدينة التاريخية

منال أبو عبس
Al-Hayat (792 كلمة)
تاريخ النشر 16 يوليو 2005


لا أحد يعلم ما كان يدور في رأس الشاب الجالس في المقعد الخلفي، عندما اغمض عينيه، وراح يدندن بانسجام مفرط »غني لي شوي شوي. غني لي وخد عيني«. فما إن أعطى المايسترو سليم سحاب إشارة الانطلاق للفرقة القومية العربية للموسيقى، حتى بدأ الشاب بالتفاعل و«تطفيش« كل من ساورته نفسه الجلوس في المقاعد الخلفية من مسرح الملعب الروماني في اليوم الرابع من مهرجانات صور والجنوب المخصص لأغاني أم كلثوم.

بعد أقل من ساعة من الموعد المحدد على بطاقات الدعوة للمهرجانات، صعد المايسترو سحاب الى المسرح، أمام أعضاء فرقته الذين فاق عددهم الأربعين، وأعطى إشارة الانطلاق لأغنية »مصر قوية« من الحان الشيخ زكريا أحمد، التي أهداها إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأدتها الفرقة القومية.

ومع أغنية »غني لي شوي شوي«، من ألحان زكريا أحمد وغناء غادة آدم، بدأت ملامح الساعات الثلاث المتبقية من الحفلة ترتسم بصورة أوضح. وسكت الجمهور الذي ملأ المدرجات ليتفاعل مع الأغاني المؤداة بإتقان مقنع، وطريقة تعيد إلى الأذهان تفاعل جمهور »أيام زمان« مع مطربيه الحقيقيين.

وعلى رغم تركيز سحاب على ألحان زكريا احمد التي تفاعل معها الحاضرون، فإن الحان محمد عبدالوهاب في أغان مثل »دارت الأيام« التي أدتها سماح إسماعيل، والحان رياض السنباطي في »افرح يا قلبي« التي أدتها حياة فاروق، أضافت إلى التنوع الذي قصده سحاب باعتماد أصوات مختلفة تفوقت في تأدية أغان من الزمن القديم.

»قول لي ولا تخبيش يا زين«، لزكريا أحمد، أدتها الفرقة وحاورها مصطفى عبدالسميع، سبقت قصيدة »هذه ليلتي« لمحمد عبدالوهاب، وأدتها لين كمال.

»هذه ليلتي« كانت الأكثر نجاحا بين سابقاتها باعتراف الجمهور، إذ ما إن انتهت الأغنية المؤداة كاملة (نحو نصف ساعة) حتى انطلق التصفيق وعلا الهتاف »عظمة على عظمة«.

ومع »حبيب قلبي وافاني في معاده«، لزكريا أحمد، و »ما دام تحب بتنكر ليه«، لمحمد القصبجي، انتهى الجزء الأول من الحفلة وانصرف سحاب وفرقته إلى ما وراء الكواليس، تاركين المكان لمستمعين راحوا يقومون حصاد ساعتين من الموسيقى الراقية المصحوبة بكلام رائع يؤدى بطريقة عذبة، وهي »العناصر الثلاثة التي فقدت من الأغنية العربية الحديثة«، بحسب أحد المستمعين.

الجزء الثاني من الحفلة بدا اكثر نخبوية على صعيد الجمهور، بعد انصراف عدد ممن كانوا يطلقون الصيحات والتعليقات للتشويش على الحفلة.

»حيرت قلبي معاك«، لرياض السنباطي، أدتها نهاد فتحي بطريقة رائعة، تلتها »انقروا الدفوف« (الصوفية) لمحمد الموجي. ثم »عن العشاق سألوني« لزكريا احمد، التي فرضت فيها عفاف رضا حظرا على المكان، اخترقه صوتها القوي وتصفيق الجمهور الذي بدا »مسلطنا« في الجزء الأخير من الأغنية.

ومع »ايمتى الهوا ييجي سوا«، لزكريا أحمد، و«رباعيات الخيام« لرياض السنباطي التي أداها أمجد العطافي، و«آه يا أهل الهوى« لبيرم التونسي وزكريا احمد، انتهت الحفلة التي قادها سليم سحاب.

لكن، هل كانت الحفلة لتنجح لولا ذلك الرجل الذي احتل بلباسه الأسود وشعره الطويل الأبيض مقدمة المسرح، وشكل الصورة؟ عندما ضم المايسترو سليم سحاب أصابع يديه إلى بعضها بعضا، وثبت كل يد منهما فوق الأخرى، ثم رفع الأولى عن الثانية كأنما يسحب خيــطا من الصوف نحو أعلى، أطلقت الفتــيات في الفرقة صوتا يشبه التغريد. عنــدها وقف معظم الحاضــرين تقديــرا لجهود رجل قاد فرقة علــى مــدى اكثر من ثلاث ساعات، وكرس نــجاح اليوم الرابع مــن مهــرجانات صور. رجــل اقر فــي إحدى المـــقابلات انه »ديكتاتور« في تعاطيه مع أعضاء فرقته. ثم وصفه آخرون بـ »ديكتاتور الفن الـــجيد«.

في نهاية تلك الحفلة كانت سعادة سحاب كبيرة. ربما كان مبتهجا بنجاحه على ارض بلاده التي غادرها عام 1988، بدعوة من وزارة الثقافة المصرية التي تعاقد معها على العمل في الأوبرا المصرية بعد افتتاحها عام 1982، لقيادة الفرقة القومية للموسيقى العربية، تاركا »فرقة بيروت للموسيقى العربية« التي أسسها في لبنان عام 1980 يتيمة.

No comments:

Post a Comment