Tuesday, February 8, 2005

« ابعتلي إيميل » سبقت « ابعتلي جواب »!

... « ابعتلي إيميل » سبقت « ابعتلي جواب »!

منال أبو عبس
Al-Hayat (718 كلمة)
تاريخ النشر 08 فبراير 2005


عندمـــا غنــى الفنان صباح فخري »ابعت لي جواب«، كان بالتأكيد يقصد »ابعت لي« رسالة ورقية تقليدية. لم تكن شبكة الإنترنت ذائعة الصيت آنذاك. والمطرب ما كان ليطلب من »حبيبه« (يخاطب المذكر) أن »يطمئنه« بوسيلة مستحيلة نسبيا. لذلك، وقف الفنان على خشبة المسرح ببزته السوداء، مناشدا الحبيب إرسال جواب يطمئنه.

دخلت شبكة الإنترنت حياة »الجماهير الغفورة«، وانقلبت الصورة. تحول »الجواب« »إيميلا« e- mail وتغيرت صورة صباح فخري، لتحل محلها صـورة فنانــــــــة لبنانيـــة - فرنسيــة تدعـــى سابيــن، مترافقــــة مع أغنية »ابعــــت لــــي e-mail«. سابيـــن التي أطلقها غسان الرحباني أخيرا تعرف لغة السوق، تماما مثلما كان صباح فخري يعرفها في السابق.

لم تقف على خشبة المسرح (الذي لم يعد رائجا)، بل خاطبت »الجماهير« من خلال فيديو كليب يستوفي متطلبات الانتشار: شعر أشقر، بنطال جينز ممزق، كنزة تغيب فوق منطقة البطن، ورقصات غربية، تطلب فيها بعنف من الحبيب إرسال e-mail ويحكيها، كي ترد له حبها كله.

وبالتأكيد عززت الفنانة انطلاقتها بموقع »نتعرف فيه اكثر على سابين وسيرتها الذاتية وأرشيف صورها وألبومها الجديد«.

الـ»جــواب« بالمصريـــة أو الرسالة الـ»e-mail« يؤديان الوظيفة نفسها (في زمنين مختلفين)، شأنهما في ذلك شأن صباح فخري وسابين.

ولكن، هل الفارق بين وسيلتي الاتصال، هو نفسه بين الفنانيـــن؟

أنصــار الرسائـــل الورقية يتضــــاءل عددهــــم يومــا بعــد يوم، وحجــــج الماضي لم تعـــد تلائم متطلبـــات اليـــوم. »بين القلــم والورقة والقلب علاقة حميمة.

لا أحد ينسى احرفا رسم أشكالها بيده«، يقول الرجل الستيني. يحتفظ الرجل منذ سنوات بمراسلات ورقية تبادلها مع رفاق، قضى بعضهم منذ أمد بعيد، ولم تلامس أصابعه يوما لوحة مفاتيح كومبيوتر أولاده، خوفا من شعور بالذنب ازاء ورقته وقلمه.

الـ»e-mail«، عبارة عالمية اجتازت الفروق اللغوية ودخلت منازل الجميع تقريبا.

أول شيء تفعله رنا عند وصولها إلى العمل، يكون تفقد بريدها الإلكتروني. »يومياتي تبدأ، لا شعوريا، مع ما أتلقاه من رسائل الأصدقاء«، تقول معيدة إرسال بعض الرسوم الكاريكاتورية forward إلى رفاقها الآخرين. تكتفي رنا ببريد إلكتروني واحد على خلاف كثيرين سواها. فدخول الشبكة مجاني تقريبا، والمواقــع لا تفرض على زائريها رسوما مادية.

يملك علي أربعة مواقع بأسماء مختلفة، »لكل منها استعمالها الخاص«، في حين تملك صديقته كلمة سر password بريد واحد. »الشفافية في العلاقة العاطفية مطلوبة«، يقول علي مبررا منحه صديقته حق الدخول إلى بريده الخاص، محتفظا لنفسه بثلاثة أخرى »بالسر«، وبحق الإطلاع على بريدها الخاص »من باب الاحتياط«.

»الحميمية« و»العاطفية« صفتان لا تثيران انتباه أنصار الـ e- mail. فـ»صفحـــــة البريـــد تقـــدم خيارات كثيرة، تمكن المستخدم من تصنيف الرسائل وفرزها في ملفات خاصة«، تقول رانيا.

أما معضلة الحنين إلى الورقة الملموسة وإمكان احتضانها والتفاعل معها، فحلها الإلكترونيون بما يأتي: »تنقر على اسم المرسل، فتفتح الرسالة من تلقاء نفسها. تعمل select على النص المذكور، وتنقله إلى word document. تضغط على زر الـprint، وتحفظ الورقة الخارجة من آلة الطباعة في صندوق خشبي عتيق للذكرى«، يعلق الشاب.

وعودة إلى الفارق بين وسيلتي الاتصال الورقية والإلكترونية: هو نفسه الفارق بين فنانين من زمنين متباعدين.

No comments:

Post a Comment