Monday, February 28, 2005

مبادرة مشتركة بين شركتي « انتل » و« أي بي ام »

بفضل مبادرة مشتركة بين شركتي « انتل » و« أي بي ام » معلوماتية النفط والغاز تتخذ من ابوظبي مقرا وتقدم الحوسبة الالكترونية للباحثين عن الطاقة في العالم !

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,226 كلمة)
تاريخ النشر 28 فبراير 2005

لا تبعد امارة أبو ظبي كثيرا عن جارتها دبي المتألقة، في المعلوماتية والاعمال. لا يفصل الامارتين سوى ساعتين من السفر بالسيارة، فوق رمال لم تعد فراغا في العمران. ومن السيارة، لا يصعب ملاحظة ان ما يشبه الجسر العمراني بات يصل بين مكانين يشكلان جزءا من كيان سياسي واحد: الامارات العربية المتحدة. تستقطب دبي رؤوس الأموال من كل حدب وصوب. ومن نافذة الطائرة، يتشابه منظر الامارتين في الليل. كلاهما كبة من ضياء يمتد بين قتامتي الصحراء وماء الخليج العربي.

لعل هذه الصورة لمدن تنهض في الصحراء، دفعت شركتي »إنتل« Intel و«أي بي ام« IBM, وكلاهما من عمالقة تكنولوجيا المعلوماتية، لاختيار ابوظبي مقرا لمبادرتهما المشتركة المتمثلة في انشاء »مركز الامتياز لقطاع الطاقة« Energy Competency Center. ويعتبر مركزا أول من نوعه في دول العالم، من حيث تخصصه في المعلوماتية المتصلة بقطاع النفط والغاز على المستوى الدولي. والمعلوم ان شركة »انتل« تمثل اكبر صانع مفرد للرقاقات الالكترونية عالميا، فيما تتخصص »أي بي ام« في الحوسبة والاجهزة الالكترونية، علما انها صنعت اول جهاز كومبيوتر مكتبي في التاريخ.

ابوظبي مستقرا لمعلوماتية الطاقة

انطلاقا من الأهمية العلمية الفائقة للمركز، التي يزيدها الارتفاع التاريخي راهنا لاسعار النفط ، دعت الشركتان صحافيين من العالم لحضور إطلاق مبادرتهما العالمية المذكورة, في مستهل الأسبوع الفائت.

ثمة جديد طرأ على قطاع النفط في العالم العربي في الآونة الأخيرة. ثمة تخمينات تقول باقتراب حدوث طفرة نفطية جديدة، تترافق مع ارتفاع أسعار النفط عالميا. وثمة شركات تكنولوجية تتطور يوما بعد يوم، تخط منفذا إلى حقول مملوءة بالثروات. فيتنامى الرابط بين حقول النفط والغاز وبين مراكز البيانات. لكن، هل يسهم تطور التكنولوجيا في تطوير الاستفادة من الثروات النفطية؟ وما هي طبيعة الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في هذا القطاع وأهميته؟

في العام 2002، انطلقت فكرة تأسيس المركز، عبر حوار مشترك بين شركتي »انتل« و«آي بي أم« في إمارة أبو ظبي. وحتى قبل اكتماله، نجح في تلبية الاحتياجات العلمية لشركات الاستكشاف والتطوير وخدمات النفط مثل »شلمبرجيه« و«لاندمارك« اللتين استفادتا من إمكاناته المتطورة في تعزيز اعمالهما العملاقة في قطاع الطاقة.

من البديهي ان تعتبر انطلاقة المركز واحدة من اهم الاعلانات التكنولوجية في قطاع الطاقة في المنطقة، التي ترتكز اقتصاداتها على النفط الى حد كبير. وقد كشفت شركتا »انتل« و«آي بي أم« عن عدد من الأنظمة الجديدة التي سيتم توفيرها من خلال »مركز الامتياز لقطاع الطاقة« الذي استضافته كليات جامعة التقنية العليا في أبو ظبي.

على يسار الرواق الطويل الفاصل بين قاعات احد المباني في الجامعة يقع المركز المؤلف من غرفتين صغيرتين. الأرجح ان أجهزة الكومبيوتر الحديثة السود، والعلب الضخمة التي تشبه خزائن المنزل قلما تعني شيئا إلى الأشخاص غير المعنيين بعملها. تجلس مجموعة من الشبان والشابات خلف هذه الأجهزة. ويتولى كل منهم عملا محددا، لينفذه بدقة واحتراف. مهمة المركز صعبة ودقيقة، فـ«لكل ركن فيه عمل خاص«، كما يشرح أحد المهندسين. »المركز مزود بأكثر المعدات والبرمجيات والبرمجيات الوسيطة تطورا وانفتاحا على مستوى العالم، اذ يضم تشكيلة واسعة من أجهزة خوادم »آي بي أم« من النوع المعروف بال«السلسلة اكس« eServer xSeries ، وكذلك الاجهزة التي يشار اليها باسم »محطات العمل«، والتي تديرها رقاقات الكترونية متخصصة في البيانات البصرية (غرافيكية)، ضمن سلسلة رقاقات »بانتيوم 4« التي تصنعها شركة »انتل«. تعمل المحطات بواسطة نظام التشغيل المفتوح المصدر »لينوكس« Linux. لكن، لا شيء مما يقول يبدو مألوفا إلى كثير من الصحافيين الذين توافدوا لزيارة المكان.

المحاكاة البصرية للبيانات

تتخذ أجهزة الكومبيوتر السود مثبتة على طاولات متفرقة، شكل حرف »يو« U، مما يترك مكانا في الواجهة لشاشة عملاقة تعرض خرائط وصورا بيانية لمكان البحث. نفهم لاحقا أن المركز يقدم تقنية »تكوين الصور باستخدام الحوسبة المعمقة« Deep Computing Visuality، واختصارا »دي في سي« DCV، التي تحاول تقديم حلول حوسبية ذات كفاية عالية. وتعتمد تقنية »دي في سي« على النظم المفتوحة المصدر، مما يخفض من تكلفة الحلول التي تقدمها.

ومن ناحية اخرى، تحسن تقنية DCV واجهة الرسوم البيانية الخاصة بالمستخدم. وتمكن من الوصول عن بعد إلى عدد من التطبيقات المعلوماتية بسهولة ويسر.

تجلس الباحثة خلف جهاز الكومبيوتر الخاص بها. تراقب بتمعن الصور الملونة لطبقات الأرض التي تظهر أمامها على الشاشة. »يمكن مشاهدة الرسوم البيانية العالية المستوى في أسلوبين من أساليب تكوين الصور: »الشبكة الصورية القابلة للقياس« Survillence Visual Network، واختصارا SVN لزيادة مستوى الوضوح في الشاشة وزيادة حجم الصورة، و«الشبكة الصورية عن بعد« Remote Visual Network، واختصارا RVN, التي تتيح استخدام الاجهزة من مسافات بعيدة. ويمكن هذان الأسلوبان من الوصول إلى قرارات دقيقة في شكل اكبر بالاعتماد على تحاليل البيانات المعقدة«، تقول الفتاة موضحة أن SVN ، على سبيل المثال، يسمح بتجسيم البيانات المعقدة، بأسلوب المحاكاة الافتراضية، فتغدو صورا سهلة الإدراك.

لكن، ما هو الثمن الذي يتقاضاه المركز لقاء خدماته؟ »لا مقابل ماديا«، يقول المسؤول. ويتيح المركز للشركات العاملة في قطاع النفط والغاز أن تختبر استراتيجيات فاعلة من اجل تحسين قدرتها على إدارة الخزانات والمنشآت وعمليات الإنتاج من خلال الاعتماد على بيئات عمل تعتمد على مفاهيم التعاون والعمل المشترك. من هذا المنطلق، لن يستفيد المركز في شكل مباشر. وتستفيد شركتا »إنتل« و«آي بي ام« في شكل غير مباشر، عبر اعتماد شركات النفط للأنظمة والأجهزة التي تصنعها الشركتان، والتي تختبر في المركز.

»ما عرض على العملاء يمثل تقنية تكوين الصور الممتلكة، وكان يمكن أن يكلف العملاء وقتا ومالا اكثر«، يقول نائب رئيس IBM ديف توريك. ويضيف أن تقنية DCV من »آي بي أم« تشتمل على جزء داخلي متكون من برمجية كومبيوتر يمكن العمل عليها من حواسيب رائجة ورخيصة الثمن. وكذلك تمكن التقنية الجديدة الزبون من استبدال الأنظمة القديمة ذات الأداء الوظيفي الخفيض«.

ويخلص اختصاصي المعلوماتية جون دايفيس، من شركة »انتل«، إلى أن الشركتين تهدفان »إلى تقديم حلول تكوين الصور الافتراضية المتطورة، بتكلفة مناسبة«. وتنحصر الفوائد العملية الناتجة من الأنظمة المذكورة في قدرتها على تسريع الاتصالات وتعزيز التعاون بين جميع حلقات سلسلة الاستكشاف والإنتاج، نظرا إلى أن بيئة العمل في قطاع النفط تزخر بكميات هائلة من البيانات المتعلقة بطبقات الأرض وأحوال الآبار وغيرها من البيانات الجيوفيزيائية والجيولوجية التي تلعب كلها دورا مهما في اتخاذ القرارات العملية الحساسة: » كان من الطبيعي أن تلعب إمكانية التخيل والتعاون البصريان دورا في غاية الأهمية في هذه البيئة«.

No comments:

Post a Comment