Monday, January 31, 2005

اسئلة مقلقة عن أعشاب لبنانية لشفاء السرطان؟


لبناني ثان يزعم ابتكار ترياق للداء الخبيث ! اسئلة مقلقة عن أعشاب لبنانية لشفاء السرطان؟

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,080 كلمة)
تاريخ النشر 31 يناير 2005


أثار إعلان طبيب الأطفال اللبناني علي أبو همين (55 عاما) عن اختراع دواء لمرض السرطان، ردود فعل مختلفة، بحسب مقابلات اجرتها »الحياة« مع عدد من المراجع العلمية والطبية.

فمع بداية العام الجاري، أعلن أبو همين انه حضر الدواء من أعشاب تنبت على جبل حرمون بين لبنان وسورية وفلسطين. وزعم أن اكتشافه سيشكل »ثورة« في مجال مكافحة المرض الخبيث.

أطلق أبو همين اسم »أي أي إتش« على ما اعتبره »ثمرة عشرين سنة من أبحاث شارك فيها أطباء وأخصائيو أعشاب«.

واكد أنه »مزيج من خلاصة 11 عشبة برية تكسوها الثلوج ستة أشهر في السنة على ارتفاع ألف وأربعمئة متر عن سطح البحر«. يوفر الطبيب الذي درس في تشيكوسلوفاكيا السابقة، الدواء المفترض على شكل مسحوق ناعم في قوارير صغيرة، باللون الأصفر للادوية المخصصة للعلاج، وباللون الأخضر لعقاقير الوقاية. ويقول: »لقد أعطى الدواء نتائج مذهلة فاقت توقعاتي«.

شفاءات مفترضة وتحفظ...

ماذا كانت توقعات هذا الطبيب اصلا؟ بحسب ما تناقلته بعض وكالات الانباء، أظهرت صور الأشعة التي أجرتها فاطمة (من قرية شبعا الجنوبية) في المستشفى، إصابتها بورم خبيث في الكبد، يبلغ طوله عشرين سنتمترا. بعد خمسة أشهر من تلقيها علاج أبو همين، شفيت فاطمة كليا من السرطان. بعد العلاج أكد جورج فحيلي، أحد المسؤولين عن قسم الطوارئ في مستشفى المنطقة، أن »نمو الورم توقف... باتت المريضة خارج نطاق الخطر«.

وصرحت فاطمة التي تعيش حياة طبيعية راهنا بأن »سكان القرية أطلقوا الزغاريد عندما شاهدوني أمشي على الطريق بعدما ظنوا أنني مت ودفنت«. ويرى أبو همين أن تغلب فاطمة على سرطان الكبد المميت يعني أن »باب نجاح الدواء بات مفتوحا على مصراعيه«.

ويشدد مساعد أبو همين، المهندس الزراعي سعيد زهر على أن السكان القدامى لمنطقة حرمون استعملوا الأعشاب للعلاج. ويضيف: »ثبت أن بعض أعشاب جبل حرمون تعزز نظام المناعة لدى الإنسان وتنتج مضادات للأكسدة«. وعلى رغم كونه متفائلا جدا بإنجازات الدواء، لا يجرؤ زهر على إبداء موقف قاطع كأبو همين. بالنسبة إليه، »ربما يجب الحصول على المزيد من النتائج للعلاج، ولكن إذا تمكن هذا الدواء من شفاء سرطان الكبد الأكثر صعوبة، فلماذا لا يتمكن من شفاء السرطانات الأخرى الأقل تعقيدا؟«.

كما جرت العادة في احوال مشابهة، استحوذ أبو همين على اهتمام الإعلام الذي تناقلت وسائله أخباره. وبسرعة، استعاد البعض تجربة لم يمض عليها الزمن.

فقبل نحو أربع سنوات، ظهر المهندس الكيماوي اللبناني نبيل حبيب على شاشة »المؤسسة اللبنانية للإرسال«. تحدث عن ادوية صنعها بنفسه لشــفاء الاورام الخبيثة. اكد نجاعتها بلهــجة واثقة. آنذاك، أثار إعلان حبيب عن اكتشاف دواء كيماوي لعلاج مرض السرطان، غضب كثير من الأطباء الاختصاصيين في لبنان.

وعلى رغم استبسال حبيب في الدفاع عن اختراعه، مستعرضا تجارب أشخاص يقول انهم »شفيوا على يديه«، لم يسجل الكيميائي اختراعه في وزارة الاقتصاد التي تتولى منح براءات الاختراعات. السبب؟ من النوع الذي لا يصعب تصوره في هذه الاحوال. تحدث محامي حبيب، الذي سرعان ما اسس شركة خاصة به حملت اسم »ليبانوس سيدرا«، عن كون »أجهزتنا الرسمية غير محمية كفاية... كما أن الدكتور حبيب لا يملك المال الكافي لتسجيل اختراعه في دولة أخرى«. الخلاصة؟ ظل مصير الترياق مبهما ورهنا بظروف قد لا تتوافر له ابدا!

هل يعالج السرطان

بأدوية مجهولة؟

يمثل الأطباء واختصاصيو الأمراض السرطانية عنصرا أصيلا في هذه المعادلة. وباعتبار انهم عمليون وعلميون في التعاطي مع المسائل المطروحة، فقد نظروا إلى تجربة أبو همين مستفيدين من تعاطيهم مع تجربة حبيب السابقة. بالنسبة اليهم، يدخل اختراع ابو همين في دائرة الشك. وجريا على القواعد العلمية المتبعة في مجال الأدوية الطبية، طالبوا »المخترع« بالتصريح عن دوائه، وبتقديم ما يثبت فاعليته علميا. وطالب عدد منهم وزارة الصحة بالتدخل لوضع حد للجدل الدائر حول صحة هذا الاختراع، وكذلك لتثبت ما إذا كان فاعلا أم لا.

»لا يحق لأحد معالجة مرض السرطان بأدوية مجهولة... كل علاج طبي يجب أن يأخذ ترخيصا من وزارة الصحة أو يعطى بمعرفة السلطات المعنية«. يقول أحد أطباء السرطان. ويبدو طلب الطبيب منطقيا إلى حد بعيد. ففي لبنان، لا يتحمل أحد مسؤولية إعطاء المرضى تركيبة سرية، كما أن لا قوانين تنظم عمل الطب البديل أو طب الأعشاب.

ويشير نقيب الأطباء السابق د.محمود شقير الى أن المؤسسات والمختبرات العالمية الضخمة تحاول منذ عشرات السنين اكتشاف دواء يعالج الأمراض السرطانية. ويسأل: »هل هي الصدفة التي جعلت شخصا واحدا قادرا على شفاء المرضى، في حين يفشل ألوف الاختصاصيين والموظفين في القيام بذلك؟«.

ثمة اختصاصي في مرض السرطان يبدي رأيا اكثر قوة وحسما. يتضمن حديثه عبارات من نوع »يسعون إلى ابتزاز المرضى المتعلقين بحبال الهواء«، و»دكاكين الطب«، و»يعتمدون على جهات تحميهم«، و»تركيبات عشوائية«، وغيرها.

ولعل أقوى كلمة يستعملها »قتلة«. ويكشف أن »التحسن الذي يطرأ على حال المريض بعد تناوله علاج الطب البديل ينتج من توقيف العلاج الكيماوي، فيكون موقتا وطبيعيا«. ما الذي يحصل لاحقا؟ »لا دور للدواء الجديد في هذا التحسن العارض، الذي سرعان ما يزول موديا بحياة المريض«!

No comments:

Post a Comment