Saturday, January 29, 2005

المرأة العربية في التلفزيون

المرأة العربية في التلفزيون باحثة بلا كلل عن ... الجمال

منال أبو عبس
Al-Hayat (726 كلمة)
تاريخ النشر 29 يناير 2005

تستيقظ المرأة من نومها صباحا. تنظر إلى نفسها في المرآة، فتثير الصورة اليومية اشمئزازها. تتجرع رشفات قليلة من فنجان قهوتها الصباحية، وتقلب الفضائيات علها تزيل عنها الكرب. المرأة محور حديث من لا تشغل أي وظيفة. بالتالي فهي تتمتع بمتسع من الوقت لمشاهدة برامج كثيرة تخصها بها الفضائيات المختلطة والنسائية على حد سواء. »قناة المرأة العربية - هي« و»دبي« ومحطة »أم بي سي« الفضائية، من أكثر القنوات اهتماما بالمرأة، العربية خصوصا، وشؤونها المتنوعة. لكن، من هي المرأة وفق معايير هذه الفضائيات؟

تقوم فكرة أحد البرامج »النسائية« على قناعة مشتركة بأنها »تفتقر إلى معرفة ما يناسبها من الثياب وتسريحات الشعر والماكياج«. تزور مقدمة البرنامج، اختصاصية التجميل، المشتركة في منزلها الخاص. تستعرض أمام الكاميرا ملابس المرأة التي عادة ما تكون »ديموديه«، »بلا ذوق« و»ياي شو بشعة«، بحسب رأي الاختصاصية. ويبدأ التحول تدريجا في مظهر تلك الشخصية بمساعدة المقدمة. المرأة المستهدفة من المقدمة، تتمتع مثلها بمواصفات جمالية عادية، مع »سوء استغلال بعض المقومات«. هنا بالذات يتدخل البرنامج. يمنح المرأة فرصة التسوق والتدرب على اختيار الألوان والثياب والإكسسوار المناسب والماكياج، ويخضعها إلى جلسات تدليك واسترخاء في أحد المنتجعات الصحية المعنية بالجمال. وبعد تغيير قصة الشعر ولونه، »يعيش المشاهد في كل حلقة مفاجأة ذلك التحول في مظهر تلك الشخصية وشعور الفرد بالسعادة والرضا من المظهر الجديد والمدهش لمن حوله«، كما يقول الإعلان الترويجي للبرنامج.

المشتركات في البرنامج يتمتعن بمواصفات جمالية عادية، كما ذكر سابقا. لكن، لماذا تدفع »العادية الجمالية« صاحبتها إلى المغامرة بانتقاد علني يكسبها صفات متنوعة، قد يكون اقلها لقب ألـ»سطحية«؟

تنفخ نهلة (34 عاما) دخان النرجيلة عاليا، قبل أن تبدأ بتحليل الظاهرة. »السطحية لقب يطلقه القبيحون والمثقفون على من يفوقونهم جمالا«، تقول. نهلة نفسها خضعت إلى ثلاث عمليات تجميلية في ثلاثة أماكن مختلفة من جسدها. ذلك كله، بعد حصولها على ماجستير هندسة من إحدى الجامعات الخاصة في لبنان.

ولا ترى عيبا في المشاركة في »برامج تهدف إلى الترفيه عن المرأة وزيادة وعيها في الأمور الخاصة أنوثتها وابراز مفاتنها«. تعمل نهلة في شركة عقارية حيث لا يفوقها أي من الموظفين خبرة، على رغم »قضائي اوقاتا طويلة في صالونات التجميل ودور الأزياء«. تشير إلى مجموعة فتيات يسرن على مقربة من المقهى حيث تجلس، منتـــقدة طرق لباسهن »السيئة«، على رغم اعترافها بجمال بعضهن »الطبيعي لكن غيــر البــارز«.

الفتيات اللواتي انتقدتهن نهلة، كان لهن رأي آخر من الموضوع. »ثلاثة أرباع النساء صرن متشابهات في طرق اللباس والماكياج وتسريح الشعر«، تقول إحداهن، منتقدة البرامج النسائية غير الهادفة التي »تحط من قدر المرأة وتجعلها دمية في يد معدي البرنامج«. الفتاة محقة على رغم رغبتها الحقيقية في أن تكون »اجمل بنت بالعالم... على الطبيعة«. البرامج »التجميلية النسائية«، كما يحلو لهن تسميتها، تسهم في الهاء المرأة عن تأدية دور فاعل في المجتمع، وتخلق »مواصفات معينة ومتشابهة يجب إن تتحلى بها النساء جميعهن، أي أن يصبح لجنس النساء كله شكل واحد، يمكن تطبيقه على أي امرأة، وفق معادلة قبل وبعد«.

تتكرر عبارة »على الطبيعة« على السنة نساء كثيرات، فالطبيعية هي بالتحديد ما يغيب عن أذهان معدي بعض البرامج النسائية. تشاهد ديما ثلاثة برامج متشابهة في الموضوع، لكن »ولا واحد منها يسأل المشتركة عن رأيها في الملابس أو تسريحة الشعر قبل الشروع بها«.

الثقافة الجمالية، عبارة حديثة اكتسبتها مايا (30 عاما) من خلال متابعتها برامج الموضة والأزياء. تنتقد إهمال البعض جمالهن في سبيل »اكتساب الثقافة والمشاركة في الحياة العامة«. وتعتبر أن الجمال نعمة لا تقل أهمية عن الذكاء. »التفكير في الماكياج والموضة، لا يقلل من اهتمام الفتاة في الشأن السياسي والأوضاع المحيطة وما يحصل في العراق وفلسطين مثلا«. لا يشاطر زوج مايا زوجته الرأي. بالنسبة إليه، البرامج المخصصة للنساء على شاشات الفضائيات، تظهرهن »سطحيات وسخيفات!«.

No comments:

Post a Comment