Monday, August 30, 2004

« سوبر ستار 2004 »

أيمن الأعتر « سوبر ستار 2004 »

منال أبو عبس - جورج موسى
Al-Hayat (572 كلمة)
تاريخ النشر 30 أغسطس 2004


توج الليبي أيمن الأعتر «سوبر ستار العرب» في نهائيات برنامج «سوبر ستار 2004» لتلفزيون المستقبل. وحصل على أكثر من 54 في المئة من أصوات الجمهور من أنحاء العالم كافة، في مقابل 46 في المئة للفلسطيني عمار الحسن.

تمت حفلة التصفيات النهائية في جو هادئ. ويبدو أن النتيجة كانت متوقعة بدليل أن الحضور في الاستديو، من فنانين وغيرهم، أبدوا سرورهم وفرحهم بها. وبالفعل، تميز أيمن بقدرات صوتية نادرة. وكان نال إعجاب المتفرجين منذ انطلاق البرنامج.

وبذلك انتهى موسم كانت الاشاعات فيه سيدة الموقف هذا العام وحلت مكان الإعتراضات ومظاهر التسييس الرسمية التي طبعت الدورة الأولى من «سوبر ستار». اشاعات عن وصول الليبي أيمن والفلسطيني عمار الى النهائيات والمعايير التي اعتمدتها إدارة تلفزيون «المستقبل» لإيصال نجمين من بلدين حديثي العهد بالمنافسات الفنية الى هذه المرحلة.

وبلغت الاشاعات حدا لم يقتنع معه المتابعون لتصفيات «سوبر ستار» بأن اتصال الرئيس الليبي معمر القذافي بنظيره الفلسطيني ياسر عرفات امس اقتصر على الشؤون السياسية، وذهب البعض الى القول تندرا أنهما توصلا الى اتفاق ثنائي لاختيار «البطل القومي حامل لقب سوبر ستار العرب 2004».

بعض وسائل الاعلام الغربية والعربية عكس الاشاعات الكثيرة. وذكرت صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية أمس، أن الفلسطينيين يتهمون الزعيم الليبي بالتدخل لمساعدة أيمن «ابن البلد». وقالت أن القذافي أمر بفتح خطوط الهاتف مجانا ليكثف عملية التصويت. ولم تتوقف اتهامات الفلسطينيين الذين اكتست جدران مدنهم، وللمرة الأولى، بصور شاب يضحك، عند هذا الحد. إذ اعتبر بعضهم، بحسب الصحيفة المذكورة، أن القذافي يخطط لأمر آخر بغية التأثير في النتائج في اللحظات الأخيرة، وان ثمة تعاونا سوريا ليبيا لانجاح الأعتر ثأرا للسوري هادي أسود(!).

وكان بعض وسائل الإعلام روج أخيرا أخبارا تفيد بأن عمار لم يستقبل جيدا في ليبيا. إلا أن فريق العمل واعلاميين رافقوا المشتركين في رحلتهم الى ليبيا، أكدوا أن محبة الجمهور واندفاعه الكبيرين كانا نحو عمار وأيمن على حد سواء. وفي الزيارة الخاصة إلى خيمة العقيد معمر القذافي حيا الرئيس الليبي النجمين، وأثنى على موهبة عمار محييا فلسطين وطالبا منه إنشاد «زهرة المدائن» التي تميز بها في إحدى حلقات البرنامج، مؤكدا أنه يستحق اللقب عن جدارة، «وولدنا في المرتبة الثانية».

من جهة اخرى، علمت «الحياة» من مصادر قريبة من إدارة تلفزيون «المستقبل» أن التصويت المرتفع الذي امتد لأسبوع، لم يقتصر فقط على ليبيا وفلسطين، بل تعداهما إلى دول عربية أخرى، وأوروبا والولايات المتحدة. كيف كانت الصورة مساء أمس؟ في بعض مخيمات بيروت ارتفعت صور لعمار، وجمهور الشاب الفلسطيني منقسم بين مشجع للقضية الفلسطينية أو متحمس له لأنه صاحب حنجرة استطاعت أن تغني عبدالوهاب وملحم بركات ووديع الصافي وفيروز بصوت قوي ذي مساحات كبيرة، ولكن البعض يعيب عليه أنه لم يفلح في نقل إحساسه إلى المستمعين. وجمهور أيمن متحمس لشاب يستطيع تأدية ألوان غنائية عدة ويتميز بطلة محببة وتفرد في الأداء.

Saturday, August 28, 2004

الفن الأصيل

جاء اليها الجمهور هربا من « فنانات متألقات » في عالم الرقص الغنائي . ليلة عاد الفن الأصيل بصوت سمية بعلبكي

منال أبو عبس
Al-Hayat (578 كلمة)
تاريخ النشر 28 أغسطس 2004




في الحفلة التي أحيتها الفنانة اللبنانية سمية بعلبكي على خشبة مسرح قصر اليونيسكو في بيروت أول من أمس، كان الفن الأصيل هو الحدث. سقط القناع عن وجوه شابات كثيرات «ابتذلن» الفن، ومالت الكفة لمصلحة مطربة قطعت أشواطا طويلة في طريق رسمته لنفسها، فميزها عن غيرها من فنانات جيلها على رغم الشهرة التي تمتعن بها.

عند الثامنة والنصف مساء، اقفل المنظمـون باب القاعة التي غصت بالحاضرين. الشباب احتلوا حيزا مهما في هذه السهرة. ومع العلم أن أغاني سمية طربية بمعظمها، فضل كثيرون حضورها هربا من «فنانات متألقات في عالم الرقـص الغنائي... يشكلن خطرا على الذوق العام»، كما يقول أحدهم.

الرجال والنساء أيضا كان لهم رأي في مطربة السهرة التي «درست الموسيقـى، وتربـت على صوت فيروز... وابتعدت عن الابتذال، فأطربتنا بصوتها القوي»، تقول سيدة ستينية مشيدة بـ«ابنة الفن الأصيل، التي لم تحولها شركات الإنتاج كغيرها من مشاريع الفنانين إلى منتجات فنية».

عند التاسعة مساء، اعتلى أفراد الفرقة الموسيقية الذكور، بملابسهم السود خشبة المسرح. تلتهم بعلبكي، بفستان ارجواني وذهبي اللون من تصميم «المصمم العالمي خالد المصري». وتوجهت إليهم بعبارة «إلى كل محبي الفن الأصيل» التي كانت بمثابة الإشادة بحسهم الفني الراقي.

على أنغام موسيقى الجاز غنت البعلبكي أغنية «أهواك» للمطرب الراحل عبدالحليم حافظ، ثم «يا زهرة في خيالي» فـ«يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرى لي»، للراحلة اسمهان.

وما إن بدأت سمية بترديد أغنيتها: «ليش بحبك هيك/ ليش بخاف عليك/ من هاك السهرة الوردية/ ما بعرف شو عملو فيي/ شو سرقوا مني عينيك»، حتى أنصت الحاضرون لكلمات الأغنية التي كأنما فصلت تماما على قياس صوت المطربة وأحاسيسها. ثم أغنية «سيد الكلام» من كلمات وتلحين ايلي شويري التي غنتها للمرة الأولى.

الأغاني الخليجية، كان لها نصيب من السهرة، مع «بعاد كنتم ولا قريبين»، التي تفاعل معها الجمهور في شكل لافت، فطلبت بعلبكي من أحدهم الصعود إلى المسرح للرقص، غير انه آثر الجلوس للاستماع إلى الأغنية.

وفي «شمس الشموسة» تفوقت سمية على نفسها، أدتها بطريقة مفعمة بالأحاسيس، فتحول المكان إلى ما يشبه الغيمة السوداء، تتوسطها المطربة بردائها الذهبي. ومع الدلعونا والميجانا بلغ تفاعل الجمهور ذروته.

وختاما نزلت سمية عند رغبة الجمهور، فغنت موشح «ابعت لي جواب»، بعد ساعتين من الغناء المتواصل.

وكانت سمية بدأت مسيرتها الفنية عام 1994، مع غناء القصيدة التي قيل لها آنذاك أن «غناء القصيدة انتهى عهده، ولم يعد هناك من يستمع إليه من الأجيال الجديدة. أما أنا فكنت أحارب هذه المقولة لأن القصيدة لا تنتهي»، تقول في إحدى مقابلاتها.

«مؤجرو النراجيل»

« مؤجرو النراجيل » قرب السور و« الحجة » تدير ظهرها الى البحر وتراقب احفادها . مقاهي رصيف مجانية ... وكورنيش بيروت للعائلات والعشاق والمتنزهين

منال أبو عبس
Al-Hayat (688 كلمة)
تاريخ النشر 28 أغسطس 2004


تتوقف السيارة الى جانب رصيف الكورنيش البحري في بيروت. تترجل منها سيدة غربية الملامح، وتنطلق باتجاه السور الذي يسيج الحافة. تسير ذهابا وايابا مرات عدة، قبل ان يستقر رأيها اخيرا على زاوية تقع بين محيط فندق السان جورج وحي عين المريسة. تومئ برأسها الى السائق، فيفهم انها وجدت المكان المناسب لسهرة الليلة. يخرج من صندوق السيارة كرسيين قابلين للنقل، براد ثلج صغيرا وسلة قش تحوي مأكولات ومشروبات. يضعها في المكان الذي اشارت اليه السيدة، ثم يجلسان في مواجهة البحر.

المشهد السالف لم يعد غريبا، نظرا الى تكراره ليليا في تلك المنطقة من بيروت. اذ، ما ان تبدأ الشمس في الغروب، حتى تتبدل الصورة على كورنيش البحر. يتقلص عدد ممارسي رياضة المشي، ليحل محلهم الساهرون بأعمارهم ولوازمهم المختلفة. الكراسي والطاولات القابلة للنقل، المأكولات والمشروبات والنراجيل عناصر اضيفت حديثا الى المكان، فتحول معها الى ما يشبه «مقاهي الرصيف».

«اريد ان ترى زوجتي الأشياء الجميلة من بيروت. ان ترى البحر والناس»، بهذه العبارة يعلل سامي (لبناني - أميركي)، اختياره الكورنيش البحري للسهر مع زوجته الأميركية التي تزور لبنان للمرة الأولى. زوجة سامي بدورها تبدو سعيدة في السهرة على الكورنيش اكثر منها في غيره من الأماكن، لأن «المقاهي السياحية في لبنان تشبه تلك الموجودة في اميركا، والأسعار متشابهة الى حد بعيد». أما الأهم من ذلك بالنسبة اليها فيكون «رؤية المكان الذي اعتاد سامي ان يقضي فيه سهراته ايام الجامعة».

على بعد امتار قليلة، تجلس حاجة في العقد السادس من العمر. تدير ظهرها الى البحر وتراقب احفادها الثلاثة فيما يلعبون الكرة. «الملاعب المغلقة تتطلب الكثير من المال. في هذا المكان يمكن الأولاد اللعب، ويمكنني مراقبتهم... مجانا»، تقول الحاجة فيما تدخن نرجيلة العجمي التي يفضلها المسنون عادة على «المعسل» المنتشرة بكثرة بين شباب الكورنيش.

بائعو الكعك والترمس والمكسرات والحلويات لا يكادون يفارقون المكان ليلا ولا نهارا، غير ان التطور الذي يلحق بالكورنيش دوريا، يضيف إليهم عناصر جديدة، آخرها: «مؤجرو النراجيل». يجلس الشبان على السور الحديد، خلف لافتة تدل على ان اصحابها يؤجرون النراجيل لرواد الكورنيش لقاء مبلغ زهيد، موضحين ان النرجيلة «تصل جاهزة للاستعمال وبالنكهة التي يطلبها الزبون». يتمركزون منذ بداية السهرة، وينتظرون وقت الذروة الذي يبدأ في التاسعة مساء.

«الخطوة تندرج في اطار التسلية، غير انها تؤمن لنا مدخولا ماديا لا بأس به»، يقول صاحب النراجيل الذي استوحى الفكرة من اصحابه الذين يؤمنون النراجيل الى منازل الزبائن تلبية لطلباتهم. يشير الى سيارة متوقفة على مقربة منه، ليوضح انه في سهرات السبت والأحد يضطر الى الاستعانة بتلك الموضبة في الصندوق، لأن «أجرة النرجيلة رخيصة، والكثير من الرواد يفضلون استئجارها عن الرصيف بدلا من المنزل».

الموسيقى جزء من الحياة على ذلك الكورنيش. تتنوع الأغنيات بتنوع اذواق الساهرين بين التراثية والدبكة اللبنانية التي تثيرالشباب غالبا فيعقدون حلقات الدبكة على الرصيف، الى فيروز وهاني شاكر ومطربي العشاق الكثر. السيارات المصطفة على جانب الرصيف تخدم عادة هذه الغاية، غير ان احد الشبان استحدث حلا آخر فأضاف الى دراجته الهوائية سلة بلاستيكية كبيرة، وضع داخلها مسجلة كبيرة، وانطلق حرا على الكورنيش.

رواد الكورنيش كثر، لكل منهم سبب يدفعه ليقصد هذا المكان طمعا بسهرة يكون البحر طرفا فيها. لكن، مهما تعددت الأسباب يبقى للحيز المادي جزء كبير من المعادلة. «احب ان ارى صديقتي كل ليلة. المطاعم والمقاهي تكلفني الكثير من المال، لذلك نقصد الكورنيش، نشرب فنجاني قهوة بألف ليرة، وأتغزل أمامها بالبحر والكورنيش»، يقول احد العاشقين مفاخرا بقدرته على اظهار رومانسيته امام صديقته بأقل كلفة ممكنة.

Monday, August 23, 2004

بدلات « مثيرة » للأولمبياد

نماذجها « كليماكول » و« جت كونسيبت ». بدلات « مثيرة » للأولمبياد من شركات الرياضة وملابسها وادواتها

منال أبو عبس
Al-Hayat (809 كلمة)
تاريخ النشر 23 أغسطس 2004

قد لا يكون العرض المشهدي الأخاذ، الذي استهلت به دورة أثينا، اكثر نقاطها إثارة. وما على محبي الرياضة سوى ان يدققوا، لا في اداء العضلات، بل في ما تلبسه اجساد الابطال من ملابس «غريبة». ويعلم متابعو الحدث الاولمبي، ان الملابس والتجهيزات التي تدعم الاداء الرياضي، وتساعد بالتالي على الفوز في المحفل الاولمبي، صارت جزءا اساسيا من تلك الالعاب نفسها. فبفضل العلماء الذين يعملون بصمت، في الشركات العملاقة، صار الاولمبياد ساحة لسوق دولية تعرض فيها الشركات ملابسها المتطورة. وتروج لها باعتبارها الأفضل. ولكي تدعم الشركات مزاعمها، تعمد الى انتقاء بعض الأبطال، لكي يرتدوا تلك الملابس والتجهيزات، اثناء خوض المسابقات الأولمبية. وبهذا المعنى، تشارك الشركات الابطال في لحظات فوزهم، وتظهر ملابسها ومنتجاتها على اجسادهم، التي تحولت الى منصات استعراض، فكأن اللاعبين جمع من عارضي الأزياء وعارضاتها.

«برد» المنافسة في الشمس الحارة

وفي هذا المعنى، توفر الدورة الراهنة لمحبي الرياضة فرصة الاستمتاع بأكثر اللحظات الرياضية إثارة على مدى 17 يوما. وبفضل الملابس المبتكرة، اصبح في إمكان افضل رياضيي العالم التنافس «ببرود»، على رغم حرارة الشمس اللاذعة في صيف أثينا، كما بات في امكانهم مواصلة تحطيم ارقام السباحة، متحدين عشرات الكيلو غرامات من المياه التي تثقل الاجساد الرياضية.

«كليماكول» ClimaCool، هو الاسم الذي أطلقته شركة «اديداس» على رداء تكنولوجي خاص بالألعاب الأولمبية، يحافظ على حرارة جسد الرياضي ضمن الحدود المثلى، من دون أن يتأثر بدرجة حرارة المكان حيث يمارس الرياضة.

وفي التفاصيل، ان «اديداس» درست الفيزيولوجيا الحرارية لجسم الإنسان، واستجابته لضغط الحرارة، بالتعاون مع الدكتور جورج هافينيث الأستاذ في جامعة لوغبوروغ الرياضية في إنكلترا.

أطلقت «اديداس» أجهزة تزيل العرق باستمرار، فينزلق على نسيج خاص من خيوط مطلية بالفضة، وألياف ثلاثية الأبعاد. وفي الوقت نفسه، يشكل بعض ذلك النسيج «ممرا» لاخراج الحرارة التي تصدر خلال حركة العضلات. وبذا، يصبح جسم الرياضي باردا باعتدال وجافا. تسمى الألياف الموصلة «اكس-ستاتيك» X-Static وتوضع اسفل قميص الرياضي. وتخاط بطريقة تجعلها تعمل مثل زجاجة القنديل الناقلة للحرارة. كما توصل الى رقبة القميص، فتخرج الحرارة بعيدا من مناطق السخونة. وترسل إشارات برودة إلى الدماغ، فتمنح الرياضي إحساسا بالبرودة.

وتتألف الألياف الثلاثية الأبعاد، المركزة في أماكن منتقاة من الثوب، من مئات من النتوءات. وقد صممت بطريقة تمنع اللباس من الالتصاق بالجسد، مما يزيد من تهوئة الجلد.

وأسهمت مجموعة من افضل رياضيي العالم في تطوير بذلة «كليماكول» واختبارها، ومنهم هايل جبري سيلاسي، الحائز على الميدالية الذهبية عن فئة الـ5000 والـ10000 متر في دورة سيدني 2000. ومن المتوقع أن يمثل هايل بلاده أثيوبيا في العاب أثينا، مرتديا قميصا وشورتا من ماركة «كليماكول»، وحذاء «ادي ستار» المزود بغشاء يعكس الحرارة، مع شبكة مفتوحة تساعد على تهوئته باستمرار.

وفضلا عن كونها مزودا معتمدا للملابس والاجهزة، لدى اللجنة الأولمبية في أثينا للعام 2004، تجهز «أديداس» 21 لجنة أولمبية وطنية وفرقها، اي اكثر من 4000 مشارك اولمبي، بالملابس الرياضية.

السباحة وبذلات الأرقام القياسية

لأسباب عدة، قد يكون أهمها الاستفادة من تلك الأجزاء القليلة من الثانية التي تفصل بين الميدالية الفضية والذهبية، ارتدى السباح الاميركي أيان ثورب بذلة «جت كونسيبت» JetConcept من «اديداس».

وتشبه تلك البذلة المركب الجوي التجاري أثناء طيرانه. ويرتكز عملها على قطع معدنية صغيرة شبيهة بحرشوف السمكة، تغطي ظهر السبــاح، فتشـــق المياه فوق جسده على شكل قناة، ما يقلل من قـوة الدفـــع المعاكـــس، ويرفع الاداء بمعدل 3 في المئة.

وبحسب الأبحاث، تقلل «جت كونسيبت» من تأثير 70 كيلو غراما من المياه التي يحملها السباح اثناء السباق. وتتكون البذلة من ألياف صممتها شركة «ليكرا باور»، تستعمل الضغط لضبط الحركة والدوران، وتلعب دور الغطاء الثاني. كما تقلل الدرزة المسطحة التي تشد جنبي الرياضي من البطن، من قوة الدفع وتزيد من راحة السباح.

Sunday, August 22, 2004

نوال خيبت جمهورها وراغب « ولع » المعجبات

سهرة فنية يعود ريعها لدعم أعمال خيرية . نوال خيبت جمهورها وراغب « ولع » المعجبات

منال أبو عبس
Al-Hayat (800 كلمة)
تاريخ النشر 22 أغسطس 2004





أن ينظم راغب علامة ونوال الزغبي سهرة يعود ريعها لدعم أعمال خيرية، ليس بالأمر الغريب. أما أن تمر نوال الزغبي على خشبة المسرح مرور الكرام، ثم يتلوها راغب علامة فـ«تولع الدنيا» مع قدومه، فهو الأمر الذي يستحق وقفة متأنية. ما الذي حدث في حفلة «بيتش بارتي» التي أحياها الفنانان اللبنانيان في مسبح «فوال بلو» في الرميلة جنوب بيروت، أول من أمس؟

المشهد الذي سبق بدء السهرة، تنظيمي بحت: عشرات الشبان من الصليب الأحمر ببذلاتهم الزرق ينتشرون في المكان لأن «الصليب الأحمر تكفل بتنظيم الحفلة، على ان يعود جزء من ريعها الى قسم الشباب فيه»، تقول احدى المتطوعات. هناك في الخارج يعرض صبي في العاشرة من عمره خدماته على الوافدين بسعر أرخص: «ابيع البطاقات بـ 10 و20 ألف ليرة لبنانية، بدلا من 11 دولارا و22 دولارا (السعر الرسمي لدى شباك التذاكر)».

الجمهور المتوافد الى المكان منذ السادسة مساء، يتشكل في غالبيته من المراهقين، وعدد محدود من الرجال والنساء ما دون الأربعين من العمر، جاؤوا لأن «سعر التذكرة رخيص نسبيا. لكن الأهم انه كان بوسع الجمهور المساهمة في دعم الصليب الأحمر، وفي الوقت نفسه حضور حفلة فنية»، كما تقول احداهن، مستدركة انها ليست من الـ«متيمين بنوال وراغب».

الإستعدادات التي تسبق العرض، تستمر حتى العاشرة. يتأفف الحاضرون الذين يبدو بعضهم اكثر اهتماما بمنظر البحر، خصوصا العشاق، فينصرفون للسير على رماله. دقائق قليلة وتعتلي ثلاث فتيات خشبة المسرح، يتمايلن على انغام موسيقى أجنبية، وتلي «لوحة» أخرى تقدمها «المطربة فانيسا» التي تجيد الرقص، وتغني اغنية وحيدة مسجلة مسبقا (بلاي باك)!

وما أن تغيب فانيسا، حتى تظهر مقدمة محطة «ام بي سي» التلفزيونية رزان مغربي، لتقدم «من يغني لنا عينيك كذابين، وكل الأغاني الحلوة»، على طريقتها المعهودة التي لا تخلو من صراخ يبدو عاليا، حتى على مكان الحفلة المكشوف.

تفتتح نوال وصلتها الغنائية بعد صعود افراد الفرقة الموسيقية الى الخشبة. وتوجه التحية الى الحاضرين، لأن «في من ورا هالحفلة مساعدات كثيرة».

يرفع عدد من محبي نوال بالونات بالأبيض والأسود. وتكون البداية بأغنيتي «الليالي» و«عينيك كذابين»، تليهما «بعينك» التي قدمت لها نوال قائلة: «كلما غنيت هذه الأغنية أجد الشباب والرجال فرحين. أتمنى لو يتمعنوا في الكلمات... لكن من دون ان يكرهوني»، تقول نوال.

تستخدم الزغبي الكثير من طرق التودد الى الجمهور، من ابتسامات وسلامات. في حين ينصرف مجموعة من الشبان الذين يفاخرون بدراستهم الموسيقى الى تعداد «الأخطاء التي تقع فيها نوال التي تطلع طلعات لا تناسب صوتها»!

ومع اختتام الوصلة الغنائية، يقرر احد الشبان الصعود الى المسرح، ليرقص مع مطربته، فيصرفه المنظمون بطريقة عنيفة. وتقول نوال:«هذا من محبته، انا بعتذر. في ناس بيحبوا يعبروا بهالطريقة... طيب»، وتكمل الغناء لدقائق أخرى. والنتيجة أن نوال بدت ضعيفة وغير مقنعة... وعلق أحد الحاضرين أنها «تنزف آخر رمق» على المسرح.

عند الثانية عشرة تكتسب الحفلة طابعا آخر. يطل مركب راغب علامة من البحر على الحاضرين. يتركون مقاعدهم وينصرفون لملاقاة «السوبر ستار» الذي يوزع عليهم قبلاته.

«سهروني»، «يا غايب»، واغنيات من الكاسيت الجديد، يفتتح بها راغب الحفلة، فترتفع النار للمرة الأولى من الأعمدة المثبتة إلى جانبي المسرح. تصعد مراهقة الى المسرح، فيعطي المطرب اشارته لمنظمين بالسماح لها بالإقتراب منه. تقبل الفتاة علامة وتحتضنه مرات عدة... تهم بالنزول، لكنها تبدل رأيها في اللحظة الأخيرة، فتعود وتكرر الحركة. جرأة المراهقة الأولى تفتح الطريق امام العشرات اللواتي تدافعن لإحتضان علامة وتقبيله على خشبة المسرح. ويبلغ تفاعل الجمهور، الفتيات في شكل خاص، مع مطربهم المفضل ذروته، مع اغنية «يلا يا شباب». اذ، ما ان يطلب راغب من احدى الحاضرات مشاركته الغناء، حتى تبدي الأخريات تأففا.

يتعاطف المطرب مع جمهوره النسائي، فيرفع العدد الى خمسة. لكنه لم «يقف عند كلمته»، ليرتفع العدد بعد دقيقة واحدة الى 12 فتاة على خشبة المسرح.

Thursday, August 19, 2004

تجربة في طريقها الى النضج

زياد سحاب ... تجربة في طريقها الى النضج

منال أبو عبس
Al-Hayat (470 كلمة)
تاريخ النشر 19 أغسطس 2004


قبل عام تقريبا، غنى زياد سحاب «يا قمر مولود في يافا» في قاعة الجامعة الأميركية في بيروت. حينها، صمت الحاضرون منصتين إلى شاب يدندن بصوت خافت متأبطا آلة العود التي يتقن العزف عليها. في تلك اللحظة سرى إحساس غريب بين المستمعين، غطى على وجود فرقة موسيقية تتألف في غالبيتها من شبان جامعيين.

لم يتبدل في زياد شيء يذكر منذ تلك اللحظة حتى ليل الأول من أمس، عندما كان يوقع شريطه الغنائي الأول في مبنــى «فيرجــين ميغا ستورز» في وسط بيروت. شعره الأسود المربوط إلى الخلف، وحمرة الخجل التي تعلو وجنتيه ما زالت ترافق ضحكته معظم الوقت. في تلك القاعة كان زياد بين عدد قليل من محبي فنه، يوقع على نسخهـم بعبارات تجمع بين الحب والشكر والتقدير. بدا سعيدا بإنجازه الأول، لكنه في أوقات متقطعة من اللقاء بدا أيضا شارد الذهن، ربما كان يفكر في مشروعه الأساسي، «التلحين».

«من اصعب الأمور على الملحن أن يسمع أغنيته تؤدى بطريقة لا ترضيه»، كان هذا السبب الأول الذي دفع زياد إلى الغناء، لأن «بعض الأصوات تؤدي اللحن بطريقة رائعة، لكنها لا تنجح في إيصال الأحاسيس نفسها التي يريدها الملحن».

في شريطه الأول ابتعد زياد عن «التعجيق الموسيقي»، معتمدا على آلتين موسيقيتين هما العود والرق، مبررا ذلك بأن «العود يضفي دفئا على المعنى، كما انه من المحتمل أن أعيد تسجيل الأغاني بأصوات مطربين آخرين، فلا يكون العمل مشابها».

في السابعة كان زياد مولعا بآلة العود، ما دفع أهله إلى استخدام أستاذ خاص يعلمه العزف في المنزل، نظرا إلى استحالة دخوله إلى «المعهد العالي للموسيقى - الكونسرفاتوار» بسبب صغر سنه. بعد خمس سنوات من الدرس المكثف أنهى زياد «الصولفاج» الذي يتطلب إنهاؤه 8 سنوات في الكونسرفاتوار.

في سن الحادية عشرة أصبح عضوا في فرقة «بيروت للموسيقى العربية» بقيادة عمه سليم سحاب. وحاز جائزة المركز الأول في برنامج «نجوم المستقبل» للعزف على العود في سن الثانية عشرة. بعد عام تقريبا، عزف منفردا في ذكرى رحيل عبدالحليم حافظ في دار الأوبرا المصرية. وأسس عام 2002 فرقة «شحادين يا بلدنا». كما لحن موسيقى مسرحيات عدة منها: «مارش» لعصام بوخالد، «في انتظار غودو» لروجيه عساف، وموسيقى أفلام مثل «حي في لمبو». وكانت الفرقة شاركت في مهرجانات عدة في تونس وفرنسا وتركيا.

تحية الى ادوار سعيد

تحية فنية بيروتية إلى إدوارد سعيد من خلال قصيدة محمود درويش

منال أبو عبس
Al-Hayat (463 كلمة)
تاريخ النشر 19 أغسطس 2004

في الذكرى الأولى لرحيل المفكر إدوارد سعيد وانطلاقا من قصيدة الشاعر محمود درويش "طباق- عن إدوارد سعيد" التي نشرت نصها جريدة "الحياة" في 8 آب (أغسطس) الجاري، افتتحت "الجمعية اللبنانية للرسم والنحت" أمس، معرضا عنوانه: "سماء عربية ونجمتان"، جمعت فيه بين صور سعيد ودرويش في صيغة فنية.

ما إن يفتح الزائر باب المصعد، حتى تستقبله صورة عملاقة لمحمود درويش رافعا يده كما لو انه يحيي الناظر. الصورة نفسها محاطة بقصاصات من أوراق الجرائد، ملصقة بعناية تدل على الهوية الثقافية للمكان. في الردهة الصغيرة التي تطل على المعرض علقت نبذة عن حياة سعيد، وأخرى عن درويش، "كي يتعرف الزائر إلى الشخصين المكرمين قبل أن يرى صورهما في المعرض"، يقول أحد المنظمين.

المعرض من الداخل يبدو راقيا، "أناقة الصيف كلها تتجسد في هذا العمل الذي أردته أن يكون مختلفا عما سبقه"، يقول رئيس الرابطة الثقافية للشرق الأوسط جورج زعني، مضيفا آن "العمل أنجز خلال أربعة أيام. الصور أخذت من مواقع الجرائد على شبكة الإنترنت، والمونتاج والإخراج تم تنسيقهما مع متخصصين عبر الهاتف".

العناصر التي استخدمها مصمم الديكور السوري أنيس الجراح للتعبير عن فكرة المعرض، بسيطة، تألفت في معظمها من أوراق بيض وملونة، وأقلام، وفنجاني قهوة، ولوحين خشبيين، وأدوات مكتبة وسلة زهور... تعلوها رقع قليلة من النايلون الشفاف، وقد زين بنجوم ذهبية صغيرة، مستوحاة من اسم المعرض. وفي الواجهة الأمامية للصالة علقت القصيدة كما نشرت في "الحياة"، وأضيفت إليها بعض الخطوط الذهبية على الجانبين.

صور المفكر والشاعر تجاورت في أرجاء المكان، وتلاءمت الخطوط التي أضيفت إلى جوانبها مع فكرة الإبداع الذي أراد المنظمون التعبير عنها وإيصالها إلى الجمهور.

ومن المعروف أن سعيد ودرويـــش يتـقــاسـمـان الكـثـيـر من الصفات، ومنها انهما فلسطينيا المولد والانتماء، عاشا تجربة الشتات، وسكنا بصورة متقطعة في بيروت، ونجحا في إيصال القضية الفلسطينية إلى العالم. ولعل هذا المعرض هو تحية من بيروت إلى هذين الكبيرين اللذين استطاعا أن يكونا في حجم القضية شعريا وثقاقيا وفكريا.

يستمر المعرض حتى 28 آب (أغسطس) الجاري، ومن المتوقع أن يعرض في صالة الشعب بالتعاون مع نقابة الفنانين في سورية في 21 الجاري.

Tuesday, August 17, 2004

الزجل والروك

... والزجل والروك مسك ختام مهرجانات ريفون

منال أبو عبس
Al-Hayat (575 كلمة)
تاريخ النشر 17 أغسطس 2004




اختتمت «مهرجانات ريفون السياحية السادسة» في لبنان أمس بسهرة شبابية لبنانية، تخللتها عروض «روك أند رول». ولم يؤثر غياب الإعلان أو اقتصاره على عدد محدود من القرى المجاورة سلبا على نجاح الحفلات، إذ مدد المنظمون المهرجان بعدما كان من المقرر أن ينهي أعماله أول من أمس.

وأسهمت اللافتة الوحيدة التي علقت أمام منطقة المهرجان، إلى جانب زحمة السيارات والوافدين من كل الأعمار في إرشاد الزائرين إلى مكان الحدث.

ولعل الحديث المتكرر عن فشل التنظيم في غالبية المهرجانات، أضاف نقطة إيجابية لمصلحة مهرجان ريفون، فتحولت الطريق المؤدية إلى المسرح إلى ساحة معارض، انتشرت فيها مقاهي الرصيف ورفوف عرض الملابس، والمطاعم والخيم التي تقدم مناقيش الصاج اللبنانية.

وفي إطار المهرجان، قدمت أول من أمس مباراة زجلية تحت عنوان «وبيبقوا العنوان- لقاء الصيف والشعر» على مسرح «ريفان» في الهواء الطلق، بعد تأخر الشعراء زغلول الدامور، موسى زغيب، سميح خليل وفيكتور ميرزا أكثر من ساعة. الشجرة وصحن الخضار طقسان تقليديان في حفلات الزجل، لم يغفلهما المنظمون، فأحاطوهما بأعلام لبنان التي سورت المسرح.

استهل الحفلة زغلول الدامور، بأبيات من الزجل، تطرق في الكثير منها إلى الوضع السياسي اللبناني الراهن، من دون أن يغفل الترحيب بالجمهور بالقول: «هاي حفلة النجوم بتشتهيها / شغلت بال العالم وراسي/ بحر عالم ما في شاعر وفيها / أمواجه قطعت كل المراسي/ لا شمسية ولا برانيط فيها». ولم يسلم الندى على رؤوس الحاضرين من شعر الزغلول الذي خصه بأبيات منها: «الندي لا تفزعوا لولا بينزل/ على زهور اللي هن عالكراسي».

بدوره رد زغيب مفاخرا بأمجاد اللبنانيين بالقول: «ونحنا بعدنا بهالشرق منبر/ عم يصدر زجل للكون كلو»، قبل ان يرد على الزغلول بـ«نحنا مقلعين بهيك موقع/ انقسمنا بالهبوط وبالتسامي» و «وقت راح الزجل ع باب داري/ يستنجد مثل طفل عاري... وبقي الزغلول من توبي المرقع/ يقصقص خام ويلبس جواري/ وحراير كلمتي اللي من غير مصنع/ بنات القصر لبسوهن صداري». وشارك الشاعران خليل وميرزا في المباراة التي تفوق فيها الأخير في شكل لافت.

وتميزت الحفلة بتفاعل كبير بين الشعراء والجمهور الذي تشكل في غالبيته من الرجال والنساء فوق سن الخمسين. فما ان يردد الشاعر بداية البيت حتى يكمله الجمهور بحماسة يصب في مصلحة أحد المتبارين، ما يسهم في إرباك الشاعر الخصم.

وكان المهرجان انطلق في 31 تموز (يوليو) الماضي تحت عنوان «لبنان في مهرجانات ريفون - معرض، فنون، مسرح». وشارك فيه كل من هيفا وهبي، وباسم فغالي ومايا نصري، وائل كفوري، (أيام زمان) استعراض الفرقة الفولكلورية السياحية اللبنانية، موسيقى أرمنية، مسرح الدبابير وكاظم الساهر... وشاركت في حفلة الافتتاح فرقة ايلي يمين الفولكلورية - زكريت التي قدمت عرضا تراثيا بالسيف والترس. وتبعد ريفون 28 كيلومترا عن العاصمة بيروت، وأصل التسمية «ريفان» تعني «مكان الاستشفاء».

11 شابا يتقاسمون غرفة في بيروت ويجهل بعضهم بعضا

11 شابا يتقاسمون غرفة في بيروت ويجهل بعضهم بعضا

منال أبو عبس
Al-Hayat (895 كلمة)
تاريخ النشر 17 أغسطس 2004



لا تدور الأحداث الآتية في منطقة نائية من لبنان، بل في واحدة من أرقى مناطق بيروت، وأكثرها هدوءا.

ينزل الشاب على سلم من درجتين ويسير أمتارا قليلة، قبل أن يصل إلى غرفته التي بنيت في باحة مبنى قديم. الباحة المصممة لتكون حديقة، لم تستغل لهذه الغاية، فأصحابها استحدثوا خلال الحرب غرفا صغيرة، تناثرت في شكل عشوائي، وأطلق المستأجرون عليها اسم «الدار». في وسط الدار بركة ماء تستعملها الجارة التي تسكن في المكان منذ ثلاثين عاما. لبركة الماء هذه وحدها الفضل في كشف النقاب عن حياة اختار 11 شابا حصرها بين جدران أربعة تحيط بما يقل عن سبعة أمتار مربعة. الغرفة تلك، استأجرها صاحب مطعم شهير أثناء الحرب، وخصصها لسكن موظفيه الأجانب في غالبيتهم. «في ما مضى لم يتعد عدد ساكني الغرفة الأربعة، أما اليوم فلا نرى إلا شبانا يدخلون ويخرجون... اكثر من عشرة»، تقول الجارة التي «ستسهر الليلة حتى الصباح في انتظار معرفة من الذي يسرق لها مياه البركة ليلا».

«نعمل في الفرن التابع لمطعم صاحب الغرفة»، هذا ما علل به أحد الشبان وجوده في الدار، مضيفا أنه ليس وحيدا بل هناك اكثر من عشرة عمال يشاطرونه المكان. لا يعرف جنسية جميع زملائه في السكن، فـ«الشبان يتناوبون على الحضور بحسب دوامات عملهم المختلفة. اثنان فقط موجودان خلال النهار».

الساعة الآن التاسعة مساء، والشاب الذي عاد لتوه من العمل يطلب الإذن من رفاقه ليريني مسكنه. تغيب عن الغرفة أبسط شروط ومواصفات السكن المناسب لحياة أي إنسان وإقامته. شباك واحد، فرشة وحصيرة، عدد من الكراسي البلاستيك، طاولة مستديرة وكنبة عتيقة، تلتصق ببعضها بعضا.

الحديث عن الوضع الصحي في مكان كهذا قد يبدو ترفا مبالغا فيه، إذا قارنا سعة المكان بعدد القاطنين. غير أن غياب التهوئة والإضاءة، يجعلان المكان يبدو اكثر فقرا وأقل نظافة. الشاب الذي وافق على التحدث عن الوضع سوري الجنسية، لم يتعد العشرين من العمر ويعمل في فرن للمناقيش. هو لا يعرف رفاقه جميعا غير انه قال إن جنسياتهم تختلف بين السورية والمصرية والعراقية والسودانية.

جاء الشاب إلى لبنان هربا من الفقر الذي يعانيه أهله في سورية. وعلى رغم أن معيشته في هذه الغرفة التي تقع تحديدا في الدرج الأخير من سلم الفقر، فإنه يبدو قانعا بها. «على رغم أن الحياة هنا ليست سهلة، إلا أنني على الأقل ادخر جزءا من يومياتي استعدادا للعودة ذات يوم إلى بلادي»، يقول محاولا إقناعنا بتقبله الأمر. ويضيف: «أصلا نحن لا نستخدم الغرفة إلا للنوم، نأتي متعبين إلى درجة تمنعنا من التفكير إذا كانت المنامة مريحة أم لا. المهم أن نغفو ونصحو في اليوم التالي إلى العمل». الاستحمام وغسل الملابس ضرورة تجاهلها الشاب أثناء حديثه، ربما لأن «السكن في الغرفة لا يشمل تأمين المياه، والمؤجر اخبرنا انه إذا كسبنا عطف الجارة القديمة تعطينا من المياه الخاصة بها». ينتقد رفاقه الذين يسرقون المياه من بركة الجارة، محملا إياهم مسؤولية ما سيتأتى عن غياب المياه، وغضب الجارة التي «ما إن رأتني ادخل حتى بدأت تصيح بي، أخبرتني أنها ستحضر الدرك، فخاف رفاقي وبتنا الآن بلا ماء».

رفيقاه في الداخل عراقيان، «هربا إلى لبنان عندما اندلعت الحرب»، يعللان عزوفهما عن الكلام بأنهما لا يملكان إقامة ويخافان أن يرحلهما رجال الأمن إذا علموا بوجودهما. الترحيل إلى العراق كابوس بالنسبة إلى الشابين. «في العراق كنا نعيش بين أهلنا، جاءت الحرب ودمرت المنزل. لم اعرف كيف تركت العراق، ولن أعود قبل أن يستتب الأمن، فالحياة في الفقر خير من الموت بصاروخ أميركي... أو الاعتقال في أبو غريب»، يقول احدهما ممازحا.

الغرفة المقابلة استأجرها حديثا شاب وزوجته. ويقول: «تزوجنا قبل شهرين، ولا نملك ثمن شقة. أجرة هذه الغرفة مع المطبخ والحمام رخيصة. تكفي لشخصين من دون أولاد». غرفة الزوجين مرتبة وتتمتع بمواصفات السكن الصحي، لكن مشكلتها الوحيدة أن «الشبان الذين يسكنون في المقابل يدخلون ويخرجون طوال الليل، مثيرين الريبة في قلوب الجيران».

الكفيل أو صاحب العمل، عنصر أساس في هذا الوضع. الجارة القديمة تعرف انه استأجر الغرفة منذ سنوات طويلة ليسكن بها أربعة من عماله، لكنها اليوم مستاءة من عدم اهتمامه بهم والأهم من ذلك كله «عدم تأمين المياه لهم».

«صاحب العمل قد لا يكون مدركا الوضع»، كان هذا الدافع غير المنطقي هو السبب الأساس لزيارة المطعم حيث يعمل الشبان، فضلا عن الرغبة في التحدث إلى الشبان الآخرين. «المطعم لا يبعد عن غرفة السكن الجماعي كثيرا»، قالت الجارة وهي تصف الطريق المؤدي إليه.

«المطعم اقفل منذ اكثر من خمس سنوات، وصاحبه هاجر إلى أميركا»، قال صاحب المحل المجاور.

Wednesday, August 11, 2004

هذا القوام فلا كلام!

نانسي عجرم ... هذا القوام فلا كلام !

منال أبو عبس
Al-Hayat (664 كلمة)
تاريخ النشر 11 أغسطس 2004

عقب انفصال فيروز عن الأخوين رحباني مطلع الثمانينات من القرن الماضي طرح سؤال: «هل أفلست فيروز؟». استعاضت فيروز عن الإجابة المباشرة بمجموعة من أجمل الأغاني مع زكي ناصيف، فيلمون وهبي وابنها زياد. بعد سنوات عدة تكرر السؤال، وللمرة الثانية ردت فيروز بكاسيت «مش كاين هيك تكون». اكتفت فيروز بالغناء، وابتعدت عن الإعلام، فكانت مقابلاتها الصحافية معدودة، ومشاركتها في البرامج الحوارية وغيرها نادرة، ان لم نقل معدومة.

في سهرة الأسبوع الماضي من برنامج «سوبر ستار» على فضائية «المستقبل» طرحت القضية نفسها... مع نانسي عجرم - ضيفة الحلقة - إنما في شكل معكوس...

تعتلي نانسي عجرم خشبة المسرح قبل بدء البث المباشر بدقائق. تمرين اللحظات الأخيرة يتيح للجمهور المراهق في غالبيته، فرصة إبداء الرأي في الضيفة. تختلف التعليقات باختلاف جنس موجهيها: «على التلفزيون أحلى»، «خصرها شو ضعيف»، للفتيات، تقابلها «بتعقد»، و«كثير حلوة»، للشبان.

يبدأ البث المباشر، وتتولى مقدمة البرنامج رانيا الكردي مهمة تقديم «الفنانة المليئة بالأنوثة» إلى الجمهور.

الـ«لوك» (المظهر) المتجدد دوما، الفستان، الشعر، سؤال لا يهدف إلى اختبار ذكاء الضيف، إلا أن تصدره كل مقابلة في برنامج تلفزيوني واجب لا بد منه. تطرح الكردي السؤال، وتنصرف للدردشة مع زميلها ايمن، إلى أن تفاجئها عجرم بالإجابة: «فستاني من تصميم المصمم العالمي...»، وتسكت. تدرك الكردي أن عجرم نسيت اسم المصمم الذي يبدو اقل أهمية من كونه «عالميا»!، فتجيب: «انه المصمم العالمي زهير مراد». ويفقد السؤال هدفه البديهي، ولا يعود طلبا لاستفسار يلي إعجاب الكردي بفستان الضيفة.

يمر الجزء الأول من السهرة على خير، تليه «البرنامج كتير شوي صغيرة عليي»!، التي تعبر بها نانسي عن الامتنان لاستضافتها. ثم دخول الياس الرحباني طرفا في الحوار، فيبدأ بمقاطعة الضيفة في المرحلة الأولى، ثم الإجابة بدلا منها. إذ، ما إن يسألها ايمن عن سر نجاحها، حتى يقاطعه الرحباني: «أنا أقول لك ما هو سر نجاح نانسي، عندما كان عمرها 14 عاما، أخذتها شركة ما عرفت تمشيها...».

وتتصاعد وتيرة التعاون ألـ «نانسي- رحباني» ليتحول اللقاء إلى حديث ثنائي، يعلن فيه الأخير للضيفة انه طلب من الشركة التي كانت تتعامل معها في بداياتها أن تنتج لها شريطا مصورا، و«أنت لا تعرفين هذا الأمر حتى اللحظة».

جي جي لامارا اسم يتكرر في مقابلات نانسي. لامارا هو اسم مدير أعمالها، بل اكثر تحديدا، هو الاسم المرتبط مباشرة بنجاحها. أجابت نانسي عن سؤال بهذا الخصوص عشرات المرات، ربما كان بينها ما يشبه جواب الليلة: «إذا واحد بدو يشتغل، لازم يكون في حدا بينشغل له، حتى يشتغل»!

في السهرة الماضية توجه عدد كبير من محبي نانسي إلى منطقة سن الفيل لمشاهدتها مباشرة. بعضهم أحب «عفويتها» وبعضهم الآخر أحب «طلتها». غير أن عددا كبيرا من محبي غناء نانسي عجرم انتقد اشتراكها في حوار لم تنجح في أن تكون طرفا فاعلا فيه، أو انتقد عبارات أطلقتها فنانته بـ«سذاجة» لا يمكن القبول بها. تنتهي السهرة وينصرف الحاضرون، بينما فضل عدد منهم لو استعاض عن الحضور بشراء شريط مسجل يسمعه كلما خطرت مطربته المفضلة على البال. وبالعودة إلى السؤال الوارد في الفقرة الثانية من المقال... فيروز مطربة، والمطربة تغني، فهل تحمل أحدكم عناء إعلام فنانينا الكثيرين بجدوى الاكتفاء بالغنـــاء والتخفيـــف من المقابلات المباشرة؟ الاكتفاء بالغنــاء والتخفيف من المقابلات المباشرة...

Monday, August 9, 2004

عندما تصبح الخادمة سيدة الحفلة

عندما تصبح الخادمة سيدة الحفلة . هيفا وهبي ... الاثارة في الدرجة الثانية !

منال أبو عبس
Al-Hayat (425 كلمة)
تاريخ النشر 09 أغسطس 2004


بعد تسجيل ألبومين، وتصوير أغنيات عدة، قد تبدو عبارة: «أنا لست مطربة، بل أنا مؤدية أغني ما يليق بصوتي»، التي قالتها هيفا وهبي في إحدى مقابلاتها، مثار تساؤل. إذ، ما الذي يدفع الفنانة التي وصل اسمها إلى العالمية بعد أقل من عشر سنوات على ظهورها الفني الأول إلى القول: «لن أكون مطربة وليس هذا طموحي؟». الجواب في فيديو كليب «يا حياة قلبي» الذي صور أحداثه سليم الترك بين سوق السمك في طرابلس وقصر نسيب بك جنبلاط في صيدا.

تعود الخادمة من السوق بعدما ابتاعت الخضراوات اللازمة لحفلة الليلة. تدخل إلى مطبخ القصر حيث يكون في انتظارها رفاقها الخدم بملابسهم ناصعة البياض وابتسامة الفرح تعلو وجوههم! يترك كل منهم عمله وينصرف للاحتفال بقدوم الخادمة من السوق. يؤدي الزملاء وصلة غنائية، ثم فجأة تخفت أنوار الغرفة، ترفع إحدى الطاولات وتغطى بقماشة ستارة شفافة، كي تبدل الخادمة ملابسها. بهذه المشاهد يبدأ سيناريو الأغنية المستقى إلى حد ما من قصة سندريللا المخصصة للأطفال.

في الأغنية المصورة تلعب هيفا دور الخادمة، أي سندريللا مع قليل من التغييرات... تخلع الخادمة (هيفا) ملابسها وراء الستار بطريقة فنية. افلح المخرج في تصويرها بما لا يظهر الكثير من جسمها، ولكنها تجاوزته، فاستعاضت عما يكشفه العري الجسدي، بحركات لم تقلل من الإثارة التي يستدعيها المشهد. وفي حين تقف سندريللا الحقيقية بين الحشود تنظر إلى الأمير من بعيد، تعتلي هيفا خشبة الحفلة وحدها من دون أية إيضاحات، بعدما ترتدي ملابس السهرة. ينظر الأمير غير العادي المظهر إليها من بعيد فتبهره بجمالها. يصعد بدوره إلى الخشبة، ويتشاركان الرقصة غير العادية هي أيضا، مع كل ما تستدعيه من إغماض للعينين وآهات، واحتكاك جسدي.

ولم يفلح مشهد الأرجوحة التقليدي في إضفاء جو الروايات الرومانسية على الأغنية المصورة، فيما غالت هيفا أثناء تأدية جملة «عمري ما قلت الآه»، التي جسدتها بالطريقة عينها، متمثلة بإرجاع الظهر قليلا إلى الوراء، ثم دفع القسم العلوي من الجسد إلى الأمام بطريقة سريعة.

الكليب لم يكشف عن قدرات هيفا الغنائية، غير انه أظهر موهبتها التمثيلية. الأغنية من كلمات والحان محمد الرفاعي، وتوزيع جان ماري رياشي.

.« غليفيك »: العلاج الشهير للوكيميا


اكتشفه براين دروكر .« غليفيك »: العلاج الشهير للوكيميا في لقاء علمي ببيروت

منال أبو عبس
Al-Hayat (567 كلمة)
تاريخ النشر 09 أغسطس 2004


غلب الطابع التسويقي على المؤتمر الصحافي الذي عقد في اطار «منتدى الشرق الأوسط الثاني لأمراض سرطان الدم المزمن»، في فندق «فاندوم - انتركونتيننتال» في بيروت اخيرا. اذ تركزت مداخلات الأطباء والباحثين المشاركين حول دواء «ايماتينيب» Imatinib، الذي يعرف ايضا باسمه التجاري «غليفيك» Glivec. ويستخدم لعلاج المرضى المصابين انواع خاصة من الاورام الخبيثة، وخصوصا في نوع محدد من اللوكيميا المزمنة Chronic Myleiod Leukemia. ولم يحضر أي من المرضى الذين خضعوا الى العلاج بالدواء المذكور للحديث عن تجربتهم. والمعروف ان الاختصاصي الاميركي براين دروكر اكتشف العلاج المذكور في اوائل تسعينات القرن الماضي. ولم يكن مسموحا بيعه خارج الولايات المتحدة.

وفي مستهل المؤتمر، توقع البروفسور علي طاهر، رئيس الجمعية اللبنانية لسرطان الدم، ان يبلغ عدد المصابين باللوكيميا المزمنة في الشرق الأوسط 3000، خلال السنوات الخمس المقبلة. واشار الى ان المنطقة تفتقر الى الأبحاث الملائمة في هذا المجال.

واشار رئيس قسم اللوكيميا في مستشفى ا«م دي اندرسون - تكساس» البروفيسور اللبناني هاغوب كانترجيان، الى ان عقار «غليفيك» يقدر على «اختراق الإنزيم المسبب للوكيميا المزمنة، وان يوقف عمله. ومن شأن هذا الأمر شفاء خمسين في المئة من المرضى». وبين ان نسبة الوفاة في صفوف الذين يعالجون بـ«غليفيك» تدنت الى حدود 21 في المئة. واشار الى امكان شفاء نصف المرضى من دون اخضاعهم لجراحة زرع للنخاع العظمي.

وتحدث الدكتور الأردني عبد الله عبادي عن الدواء الذي استخدم في الأردن منذ اكثر من ثلاث سنوات. واكد انه «آمن ومضاعفاته محدودة جدا». واوضح عبادي ان «غليفيك» حول اللوكيميا المزمنـة الى مرض «تمكن معالجته بالأدوية الكيماوية... وتمكن السيطرة عليه كذلك».

واعلن الدكتور العراقي علي العامري، ان العراق تجاوز النسبة العالمية المعروفة للإصابة بسرطان الدم، اذ يضم المركز الوطني لسرطان الدم في بغداد وحده 362 مريضا. كما اشار الى ان متوسط عمر المصابين في بلده لا يتجاوز 35 عاما، اي أقل من المتوسط العمري المعروف دوليا. واضاف العامري ان المشاهدات السريرية للمرضى الذين خضعوا للعلاج بعقار «غليفيك»، تظهر استجابة ثلثيهم بطريقة ايجابية.

وتطرقت الدكتورة زاهرة الفهد مستشارة طب الدم في مركز الطب النووي في سورية، الى كلفة العلاج المرتفعة، التي تصل الى 2500 دولار اميركي شهريا.

وتجدر الإشارة الى ان نوع اللوكيميا المزمنة التي تستجيب لـ«غليفيك» تمثل واحدا من الانواع الأربعة المعروفة لهذا المرض. ويقدر عدد المصابين به عالميا بنحو عشرين مليونا.

وينتج هذا المرض بعد خلل في خلايا الدم، سببه اضطراب اساسي في عمل خلايا نخاع العظم، الذي ينجم بدوره من بروتينات غير طبيعية. ومع ذلك لم يتمكن الباحثون والخبراء من معرفة السبب المؤدي الى هذاالخلل، على رغم اكتشافهم دور البروتين الذي يصيب النخاع العظمي المنتج لكريات الدم البيض.

Saturday, August 7, 2004

صغار يبيعون الورد

ظاهرة تنتعش خلال موسم السياحة في لبنان . صغار يبيعون الورد ويحصدون الشفقة

منال أبو عبس
Al-Hayat (976 كلمة)
تاريخ النشر 07 أغسطس 2004

يدق الفتى على زجاج السيارة المتوقفة أمام إشارة مرور بيده. «اعطني خمس مية ليرة، الله يخليك»، يقول للسائقة. ملامحه الحزينة تثير شفقتها، فتلبي طلبه. بعد قليل، يتقدم الفتى نحو سيارة أخرى. يعيد الطلب نفسه، غير أن السائق هذه المرة يصرخ بالفتى، محاولا اللحاق به، وضربه. كان هذا مضمون الإعلان المتلفز الذي بثته وزارة الداخلية اللبنانية، لدعوة المواطنين إلى عدم الامتثال لطلبات «أطفال الشوارع» وتبليغ الأجهزة الأمنية عن أماكن وجودهم، كي تبادر الأخيرة إلى «مساعدتهم وتأمين البيئة الملائمة لهم». مضمون الإعلان ليس إلا صورة مكررة يشهدها السائقون والمارة كلما صودف مرورهم في إحدى مناطق بيروت المزدحمة، فالأطفال كثر والوظائف التي يؤدونها على الطرقات تختلف باختلاف مهنة كل منهم واهتماماته: مسح الأحذية، بيع العلكة وأدوات المنزل والألعاب، مسح زجاج السيارات...

أطفال الشوارع في لبنان ظاهرة ليست جديدة، إلا أنها غالبا ما تشهد نموا ملحوظا مع ازدياد حدة الضائقة الاقتصادية. وتنتعش خلال موسم السياحة، حيث يزداد عدد الأطفال المتسولين، ويتمركزون في مناطق التسوق وأمام الفنادق والمنتجعات السياحية، حيث تكون الدوريات في انتظارهم.

يدخر القسط

يحمل علي (7 سنوات) «دلوا» صغيرا، في داخله اثنتا عشرة وردة حمراء، كل منها مغلفة بورقة بلاستيكية مزينة بقلوب صغيرة. ملامحه الطفولية وهندامه المرتب، لا يدلان على أنه متسول. «أنا بائع ورود». «أنا بائع ولست متسولا»، يقول موضحا.

عند السادسة من مساء كل يوم يقل والد علي ابنه إلى كورنيش البحر، قبل أن ينصرف الى العمل على سيارة الأجرة خاصته. عند العاشرة والنصف ليلا يعود لأخذه «بعد أن يكون أرهقني الذهاب والإياب على الكورنيش لبيع كل الورود».

لا يتأفف علي من عمله، بل يبدو مقتنعا به: «والدي يعمل منذ الفجر حتى الليل، ليعيل اخوتي. أنا اعمل لأساعده في المصروف وأعتمد على نفسي». وقد تكون الطبيعة اللطيفة لمهنة علي اكثر ما يريحه، فعلى عكس الأطفال العاملين الآخرين، لا يتعرض للإهانات أو الضرب. «عندما أرى عاشقين أحوم حولهما مناديا: ورد... ورد. إذا ابتسم أحدهما لي أتقدم عارضا البضاعة. أما إذا لم يفعل، فأكتفي بالمناداة من بعيد. لا أضايق أحدا، ولا أصر على بيع الورود لشخص لا يريد شراءها»، يعلق ممازحا.

علي الذي لا يعرف سبب «اختفاء» والدته، يقضي النهار كله في المنزل أو مع الرفاق في الحي، «لأن الحر يمنع العشاق من النزول إلى الكورنيش». وينتظر حين يسجله والده في المدرسة بعد أن «أدخر ثمن القسط».

إذا كان علي اتخذ من بيع الورود مهنة، فإن أطفالا آخرين اختاروا عملا اكثر صعوبة. احترفوا التسول المتعدد الوجوه، فغدا مورد رزق لهم ولعائلاتهم.

ما إن يظهر اللون الأحمر في الإشارة المقابلة لأحد اكثر تقاطعات بيروت زحمة، حتى يتدافعوا إلى منتصف الشارع. نحو عشرة أطفال، لا يزيد عمر أكبرهم عن 13 عاما، يتخذون من هذه المنطقة الخطرة مرتعا لكسب الرزق والعيش.

اسفنجة رطبة، ماسحة صغيرة، ودلو ماء هي كل ما يحتاج اليه شادي (12 عاما) لبدء نهار عمل جديد. جسده النحيل يساعده على التنقل بسرعة بين السيارات، ليؤدي عمله «قبل أن يفتح خط السير».

«النساء يدفعون عادة اكثر من الرجال»، يقول شادي مبديا انزعاجه من الشبان الذين يصرخون عليه أو يطلبون منه مسح الزجاج اكثر من مرة، و«يهربون». هذا عدا المرات الكثيرة التي يتعرض فيها للضرب أو الشتم من «الزعران وراكبي الدراجات النارية». رجال الأمن، شبح آخر يلاحق شادي ورفاقه، فيفرون من دون وعي ما إن يسمعوا صفير «سيارات الدورية».

وعلى رغم نفي الأطفال وجود ما يسمى بـ«عصابات التسول»، يؤكد أحد القاطنين مقابل تقاطع بشارة الخوري في بيروت أنه شاهد مرات عدة سيارة تنزل مجموعة من الأطفال أمام التقاطع صباحا، وتعود لجمعهم ليلا.

«عصابات التسول»، قد تكون سببا رئيسا يمنع الناس من التجاوب مع مطالب «أطفال الشوارع»، وهذا هو بالضبط ما تدعو إليه الجهات الرسمية والجمعيات المعنية. ومنها، جمعية «الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان» UPEL، التي تأسست قبل اعوام. وهي جمعية شبه رسمية ترعاها وتمولها كل من وزارتي الشؤون الاجتماعية والعدل والهيئة العليا للإغاثة. وتهدف الجمعية إلى حل مشكلات الأحداث وانحرافهم.

وعلى رغم سعي وزارة الداخلية اللبنانية منذ مطلع التسعينات إلى الحد من ظاهرة الأطفال المتسولين، إن من طريق مطاردتهم والقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى الإصلاحيات، أو التعاون مع الجمعيات غير الحكومية لتأمين رعايتهم، أو من طريق حث المواطنين على «مساعدتهم بالطريقة الصحيحة» من طريق الإعلانات التلفزيونية.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من «أطفال الشوارع» لا يحملون الجنسية اللبنانية، كما بينت دراسة نفذتها الجامعة الأميركية في بيروت أخيرا، وتضمنت مسحا ميدانيا للتحقيق في ظروف معيشة 4800 طفل مقيم. وقال المشرفون عليها إن 75 في المئة من «أطفال الشوارع» غير لبنانيين.

Tuesday, August 3, 2004

لبنانيون يعملون في قطاع الخدمات

لبنانيون يعملون في قطاع الخدمات ... الذي لا يخلو من تحرش !

منال أبو عبس
Al-Hayat (933 كلمة)
تاريخ النشر 03 أغسطس 2004


يقف شادي (20 عاما) خلف طاولة المحاسبة في أحد مطاعم الوجبات السريعة. يرتدي قبعة سوداء خطت عليها الحروف الأولى من اسم المطعم، و«مريول» تتماشى ألوانه مع الديكورات المحيطة به. يتقدم الزبون نحوه مستفسرا عن العروض الجديدة، فيتلون وجه شادي بينما يشرح للزبون فوائد العرض الذي يقدمه المطعم في مقابل شرائه بمبلغ معين. يعود الزبون أدراجه... فشادي لم يفلح في إقناعه.

في الزاوية المقابلة يقف المدير متجهما، يومئ برأسه، فيخرج شادي. بعد قليل يغادر المطعم وقد نزع عنه القبعة و«المريول».

شادي ليس إلا واحدا من شباب جامعيين لبنانيين كثيرين يعملون في المقاهي والمطاعم وغيرها من المؤسسات السياحية بدوام جزئي، طمعا بمردود مادي يوفر لهم جزءا من احتياجات السنة الجامعية المقبلة، علما أن هذا النوع من العمل لا يؤمن لـ«موظفيه» أي نوع من أنواع الضمانات الصحية أو التعويضات، ولا يتعدى كونه اتفاقا شفهيا بين صاحب العمل والمستخدم.

العمل «على الساعة» هي العبارة التي يستخدمها الجامعيون في وصف حالتهم، إذ غالبا ما تحتسب أجورهم وفقا لعدد ساعات عملهم. وسواء عمل الشبان والشابات في اشهر الإجازة الصيفية وعطلة نهاية الأسبوع، أو خلال العام الجامعي يبقى لهذا العمل أثر ملحوظ على أحوالهم وشخصياتهم.

تعمل سارة (23 عاما) نادلة في مطعم تابع لأحد الفنادق الفخمة في بيروت. الملابس الرسمية السوداء والحذاء عالي الكعب يكسبانها عمرا يفوق عمرها بسنوات عدة. يومئ لها الزبون فتفهم انه يطلب الفاتورة، تجيب بابتسامة وانحناءة بسيطة من رأسها. تتقدم نحو الزبون، تضع الفاتورة على الطاولة، فيهمس لها انه تعب ويرغب في النوم. تجيبه باقتضاب أن بإمكانه الذهاب إلى غرفته. ثم فجأة يحمر وجهها وهو يطلب منها مرافقته إلى غرفته لأنه يخاف من النوم وحيدا!

«النظرة الخاطئة التي يخص بها المجتمع النادلة أو فتاة الاستقبال» صعوبة وحيدة تعاني منها سارة في عملها. وتقول: «إنها تجربتي الأولى في العمل الذي اعتبره بمثابة تدريب مهني يسبق التخرج في الجامعة. أدرس العلاقات العامة، والعمل في الفنادق يخدم تخصصي».

«الاعتماد على نفسي والاستقلال ماديا عن أهلي»، كان السبب الوحيد الذي دفع حسام (23 عاما) إلى العمل أثناء الدراسة. عمل حسام للمرة الأولى في حياته قبل أن ينهي دراسته الثانوية، في «ميني ماركت» قريب من منزله. «كنت أبيع الألبان والأجبان، من الساعة الرابعة بعد الظهر حتى الحادية عشرة ليلا»، يقول، مضيفا أن «الهدف كان ماديا بحتا، فـ75 دولارا أميركيا شهريا تشكل اغراء مهما لصبي في سن المراهقة».

أمام رواق صغير يفصل بين ردهة الاستقبال وغرف تبديل ملابس الذكور في ناد رياضي شهير في بيروت، يجلس حسام اليوم. على الحائط القريب علقت لوحة عليها مفاتيح الغرف، والى جانبها دفتر يبدو متسخا. «مهمتي تقتصر على تسليم واستلام مفاتيح الخزائن، منذ الثانية والنصف ظهرا حتى الحادية عشرة ليلا، براتب ثابت يبلغ270 دولارا في الشهر، و«بقشيش» يبلغ أحيانا ضعف الراتب، يشرح حسام الذي لا يجد في العمل «على الساعة» حسنة مهنية تذكر، لأن «عقود العمل الموقت، في حال وجدت لا تتجاوز مدتها بض أسابيع أو أشهر، لذلك فهي لا تضيف شيئا إلى السيرة الذاتية للطالب».

لا يذكر جاد (20 عاما) المرة الأولى التي عمل فيها بدوام جزئي، إلا انه يذكر جيدا تلك المرات الكثيرة التي كان يغفو فيها على مقاعد الدراسة أو التي كان يضطر فيها إلى نسخ الفرض من زميله، لأنه لم يملك وقتا لتأديته ليلا. يسند جاد ظهره إلى حائط قريب من باب الخروج في أحد متاجر بيروت الكبرى، نظرة واحدة إلى الزبون، وكمية مشترياته، تجعله يدرك أن الأخير بحاجة إلى مساعدة. يتقدم صوب ماكينة المحاسبة، يضع البضائع في الأكياس، ويحملها إلى موقف السيارات القريب، يضعها في الصندوق، يحصل على «البقشيش»، ويعود أدراجه لاقتناص الزبون اللاحق.

«أعتمد على البقشيش في شكل أساسي، وإذا ذهبت إلى العمل وأنا مشمئز من الحياة لن أجني شيئا»، يقول جاد الذي يدرس الإخراج في إحدى الكليات الخاصة: «العمل ليس عيبا، أغنى أغنياء العالم كانوا يعملون في صغرهم في المتـاجـر بدوام جزئي»، عبارة يكررها كثيرا أثناء حديثه.

ينظر إلى عمله الحالي «كوسيلة تجعلني أتعرف إلى الحياة بكامل وجوهها. مرة أعمل في متجر للألبسة، وأخرى في دكان، مطعم، أو حانة». وفي كل مكان يتعلم شيئا جديدا: «تعرفت على الكثير من أرباب العمل والكثير من الزملاء الذين تحولت علاقتي بهم إلى صداقة، كما أصبحت اعرف أي المؤسسات تدفع أكثر، ونوعية الزبائن والرواد، يعني صار عندي خبرة».

«هو عمل يرضي الطرفين، فرصة موقتة للباحث عن عمل»، هكذا يصف صاحب إحدى المؤسسات السياحية في لبنان العمل بدوام جزئي. ويقول: «الطلاب هم أفضل العمال بدوام جزئي»، موضحا انه «خلال فترة الأعياد وأثناء العطلة الصيفية يبلغ الموسم الاقتصادي ذروته، فتصبح المؤسسات الخدماتية في حاجة إلى موظفين موقتين».