![]() |
|
![]() |
||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
Wednesday, October 22, 2008
Friday, September 12, 2008
صالح العريضي يشيع اليوم
والد شهيد « الحزب الديموقراطي » منع الحديث عن الجريمة ... والصراخ والشتائم . لبنان : صالح العريضي يشيع اليوم والاتهامات تركز على « أعداء المصالحة »
منال أبو عبس
Al-Hayat (899 كلمة)
تاريخ النشر 12 سبتمبر 2008
منال أبو عبس
Al-Hayat (899 كلمة)
تاريخ النشر 12 سبتمبر 2008
عند التاسعة والنصف ليل الاربعاء، أودى انفجار عبوة ناسفة بحياة القيادي في « الحزب الديموقراطي اللبناني » صالح فرحان العريضي في بلدته بيصور في جبل لبنان. ومعه عاد شبح مسلسل الاغتيالات السياسية الذي كان شهد لبنان آخر حلقاته مع اغتيال الرائد في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام عيد في كانون الثاني (يناير) الماضي.
ويأتي اغتيال العريضي (55 عاما) وهو الأول بعد توقيع اتفاق الدوحة بين الزعماء اللبنانيين في أيار (مايو) الماضي، في مرحلة هدوء سياسي »نسبي«، مع انطلاق المصالحة في طرابلس، ودعوة الرئيس اللبناني ميشال سليمان الزعماء اللبنانيين إلى الحوار الوطني الأسبوع المقبل، في ظل آمال بمصالحات جديدة.
يذكر أن العريضي الذي كان ينتمي إلى »الحزب التقدمي الاشتراكي« برئاسة رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط قبل أن ينتقل عام 1999 إلى »الحزب الديموقراطي اللبناني« الذي يرئسه الوزير طلال ارسلان، لعب دورا في التقارب بين الزعيمين الدرزيين جنبلاط وأرسلان، وكان يتولى ملف اتصالات »الديموقراطي« مع الأحزاب. وهو أب لأربعة أولاد وفتاة.
وعند الثانية عشرة ظهر اليوم يشيع العريضي في بيصور، على أن يتخلل التشييع كلمات لكل من أرسلان ولعائلة الشهيد، ومن المتوقع أن يكون هناك كلمة أيضا لجنبلاط.
< يلف الشــريط الأصفر الساحة الأمامية لمنزل العريضي، مانعا أيا كان من الاقتراب. السيارة ما زالت في الســـاحة هـــنا، محترقة وقد تطايرت أجزاء كثيرة منها، فبدت مثل »علكة« رميت للتو. في الطابق الأول من المـــبنى المطل على الســاحة شرفة منزل محترقة بالكامل من جراء الانفجار. هو منزل شقيق صالح. أما منزل صالح الملاصق لمنزل أخيه، فلم تحترق شرفته.
داخل الشريط الأصفر خبراء وفنيون كثر. يلبسون قفازات بيضا ويرفعون أدلة من السيارة وعن الأرض، ويدونون على أوراق بيض أمامهم. حركاتهم الدقيقة والفنية لا تطمئن قلة من الشبان يقفون على مقربة من مكان الانفجار. »التفجيرات السابقة كانت أكثر وضوحا من هذا«، يقول رواد ويضيف: »القاتل فيها كان معروفا، وعلى رغم ذلك لم يصل المحققون إلى نتيجة«. إلى جانب رواد يقف شاب آخر كان أول الواصلين لحظة وقوع الانفجار. قبل قليل كان يروي الحادثة بالتفصيل لعناصر من الجيش اللبناني متمركزين بأسلحتهم في جيب عسكري أمام موقع الانفجار. يقول الشاب إنه كان في مقهى للإنترنت يبعد عشرين مترا من منزل العريضي. سمع دويا كبيرا، غير أنه لم يرد على باله أو بال أي من الذين في الداخل أنه انفجار، ظنوا أنه »حادث سير ضخم«. خرج الشاب ومن معه ليتفقدوا ما حصل، ففاجأتهم السنة النار ترتفع من سيارة أمام منزل العريضي، قبل أن يبدأ إطلاق النار في الهواء.
يتحدث الشاب عن حال الهلع التي سادت المنطقة: »لا أحد كان يعتقد أن انفجارا سيقع في هذه الفترة في بيصور«. إذ أن البلدة مختلطة طائفيا وتضم إلى »الحزب التقدمي الاشتراكي« و«الحزب الديموقراطي اللبناني« أنصارا لـ »الحزب القومي السوري« و »الحزب الشيوعي«.
يشيد رجل من البلدة بمسيرة العريضي الشهيد. الرجل »اشتراكي«، لكنه يعترف بدور بارز للعريضي في »العمل على تقريب وجهات النظر بين الزعماء الدروز لتحييد الجبل في أحداث أيار«.
في الطابق الأرضي لمنزل العريضي، ملحمة وصيدلية ومحل لبيع الألعاب. المحلات الثلاثة أصيبت بأضرار بالغة، وسقط فيها ثلاثة جرحى. وبين الجرحى اثنان من المارة، وآخر كان يتناول الطعام في المطعم المقابل.
»شهيد وحدة الجبل«
أمام ساحة الانفجار أولاد يلعبون بالحجارة، وشبان لا يتجاوز عددهم العشرة. كل ما يحصل هنا لا يشبه ما كان يحصل غداة أي من الانفجارات السابقة. لا اتهامات أكيدة ولا شتائم ولا تحميل للمسؤولية... العبارات نفسها التي تلفظ بها زعماء الدروز تتكرر على ألسنة من نصادفهم، فيكون العريضي »شهيد وحدة الجبل«، أما الفاعل، فـ«من ليس له مصلحة في وحدة الدروز«، أي المجهول. وإجماع على أن »الاغتيال سياسي لضرب المصالحة« بين جنبلاط وإرسلان.
من ساحة الانفجار، يمكن تتبع خطوات النسوة المتشحات بالأسود والمناديل البيض للوصول إلى قاعة التعزية التي تبعد بضع عشرات من الأمتار. تنقسم القاعة إلى قسمين، واحد خاص بالرجال وآخر بالنساء، ولا تطل أي منهما على الأخرى.
في قاعة الرجال يجلس والد الفقيد الشيخ أبو صالح فرحان وبجواره الوزير غازي العريضي وسياسيون ومعزون، فيما تتلى آيات من القرآن الكريم. والد الفقيد من مشايخ الدورز البارزين في بيصور. وهو اتخذ منذ اليوم السابق قرارا حظر فيه على العائلة والمقربين الحديث عن الجريمة أو العائلة. وحده الأمين العام لـ »الحزب الديموقراطي« زياد شويري تحدث قليلا عن الحادث، وقال إن العريضي خرج مساء من منزله وتوجه إلى ساحة بيصور لوقت قصير، ثم عاد إلى منزله، وأوقف سيارته بعيدا من المنزل، ثم عاد بعد فترة ليركنها قرب المنزل، ولدى وصوله، وقع الانفجار.
في القسم بالخاص بالنساء يبدو الحزن أكثر بروزا. هنا تلتف أخوات صالح حول النعش. وتتوسطه صورة لصالح مبتسما والخلفية حمراء. على مقربة من النعش أيضا تجلس زوجة صالح ووالدته تتوسطهما زوجة ارسلان، لتقبل التعازي.
للحزن هنا طــابع رسمي فرضــته إرادة الشيخ أبو صالح، فلا شتــائم ولا صراخ، إنما نحيـــب يرتــفع ويــخفت، وعــبارات: »يا خيي« و »يا صالح«.
إجماع على المصالحة
يخيم الحزن على قسمي القاعة. في القسم الخاص بالرجال الطابع السياسي الرسمي، وإن لم تغب العاطفة. فأرسلان الذي قطع سفره وعاد بسبب الاغتيال، لم يفلح في الحفاظ على صلابته. وقف أمام المعزين كتفا بكتف مع الوزير العريضي. وخاطب ارسلان الفقيد كأنه يقف أمامه. تحدث عما هو مشترك، فغلبته عاطفته وذرف دموعا على من سماه »رفيق الدرب والعمر«. قبل ذلك بليلة واحدة، بعد وقت قليل من وقوع الجريمة في المساء كان جنبلاط يقف كتفا بكتف مع والد الفقيد. يخاطب الجمهور نفسه ويحذر من الفتنة ويؤكد »وحدة الجبل«.
وإلى جنبلاط وارسلان والعريضي توالى سياسيون كثر الى القاعة لتقديم التعازي، بينهم الوزير وائل أبو فاعور والنائب الياس عطا الله وعضو المجلس السياسي لـ«حزب الله« محمود قماطي الذي اتهم إسرائيل بالتفجير.
أمس، في محيط قاعة تقبل التعازي لم يكن ثمة شعارات مرفوعة في الهواء وعلى الوجوه. وحدها مشاعر يختلط فيها الحزن بالجهل. الجهل بهوية الفاعل أو على الأقل عدم القدرة على توجيه إصبع الاتهام في أي اتجاه.
ويأتي اغتيال العريضي (55 عاما) وهو الأول بعد توقيع اتفاق الدوحة بين الزعماء اللبنانيين في أيار (مايو) الماضي، في مرحلة هدوء سياسي »نسبي«، مع انطلاق المصالحة في طرابلس، ودعوة الرئيس اللبناني ميشال سليمان الزعماء اللبنانيين إلى الحوار الوطني الأسبوع المقبل، في ظل آمال بمصالحات جديدة.
يذكر أن العريضي الذي كان ينتمي إلى »الحزب التقدمي الاشتراكي« برئاسة رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط قبل أن ينتقل عام 1999 إلى »الحزب الديموقراطي اللبناني« الذي يرئسه الوزير طلال ارسلان، لعب دورا في التقارب بين الزعيمين الدرزيين جنبلاط وأرسلان، وكان يتولى ملف اتصالات »الديموقراطي« مع الأحزاب. وهو أب لأربعة أولاد وفتاة.
وعند الثانية عشرة ظهر اليوم يشيع العريضي في بيصور، على أن يتخلل التشييع كلمات لكل من أرسلان ولعائلة الشهيد، ومن المتوقع أن يكون هناك كلمة أيضا لجنبلاط.
< يلف الشــريط الأصفر الساحة الأمامية لمنزل العريضي، مانعا أيا كان من الاقتراب. السيارة ما زالت في الســـاحة هـــنا، محترقة وقد تطايرت أجزاء كثيرة منها، فبدت مثل »علكة« رميت للتو. في الطابق الأول من المـــبنى المطل على الســاحة شرفة منزل محترقة بالكامل من جراء الانفجار. هو منزل شقيق صالح. أما منزل صالح الملاصق لمنزل أخيه، فلم تحترق شرفته.
داخل الشريط الأصفر خبراء وفنيون كثر. يلبسون قفازات بيضا ويرفعون أدلة من السيارة وعن الأرض، ويدونون على أوراق بيض أمامهم. حركاتهم الدقيقة والفنية لا تطمئن قلة من الشبان يقفون على مقربة من مكان الانفجار. »التفجيرات السابقة كانت أكثر وضوحا من هذا«، يقول رواد ويضيف: »القاتل فيها كان معروفا، وعلى رغم ذلك لم يصل المحققون إلى نتيجة«. إلى جانب رواد يقف شاب آخر كان أول الواصلين لحظة وقوع الانفجار. قبل قليل كان يروي الحادثة بالتفصيل لعناصر من الجيش اللبناني متمركزين بأسلحتهم في جيب عسكري أمام موقع الانفجار. يقول الشاب إنه كان في مقهى للإنترنت يبعد عشرين مترا من منزل العريضي. سمع دويا كبيرا، غير أنه لم يرد على باله أو بال أي من الذين في الداخل أنه انفجار، ظنوا أنه »حادث سير ضخم«. خرج الشاب ومن معه ليتفقدوا ما حصل، ففاجأتهم السنة النار ترتفع من سيارة أمام منزل العريضي، قبل أن يبدأ إطلاق النار في الهواء.
يتحدث الشاب عن حال الهلع التي سادت المنطقة: »لا أحد كان يعتقد أن انفجارا سيقع في هذه الفترة في بيصور«. إذ أن البلدة مختلطة طائفيا وتضم إلى »الحزب التقدمي الاشتراكي« و«الحزب الديموقراطي اللبناني« أنصارا لـ »الحزب القومي السوري« و »الحزب الشيوعي«.
يشيد رجل من البلدة بمسيرة العريضي الشهيد. الرجل »اشتراكي«، لكنه يعترف بدور بارز للعريضي في »العمل على تقريب وجهات النظر بين الزعماء الدروز لتحييد الجبل في أحداث أيار«.
في الطابق الأرضي لمنزل العريضي، ملحمة وصيدلية ومحل لبيع الألعاب. المحلات الثلاثة أصيبت بأضرار بالغة، وسقط فيها ثلاثة جرحى. وبين الجرحى اثنان من المارة، وآخر كان يتناول الطعام في المطعم المقابل.
»شهيد وحدة الجبل«
أمام ساحة الانفجار أولاد يلعبون بالحجارة، وشبان لا يتجاوز عددهم العشرة. كل ما يحصل هنا لا يشبه ما كان يحصل غداة أي من الانفجارات السابقة. لا اتهامات أكيدة ولا شتائم ولا تحميل للمسؤولية... العبارات نفسها التي تلفظ بها زعماء الدروز تتكرر على ألسنة من نصادفهم، فيكون العريضي »شهيد وحدة الجبل«، أما الفاعل، فـ«من ليس له مصلحة في وحدة الدروز«، أي المجهول. وإجماع على أن »الاغتيال سياسي لضرب المصالحة« بين جنبلاط وإرسلان.
من ساحة الانفجار، يمكن تتبع خطوات النسوة المتشحات بالأسود والمناديل البيض للوصول إلى قاعة التعزية التي تبعد بضع عشرات من الأمتار. تنقسم القاعة إلى قسمين، واحد خاص بالرجال وآخر بالنساء، ولا تطل أي منهما على الأخرى.
في قاعة الرجال يجلس والد الفقيد الشيخ أبو صالح فرحان وبجواره الوزير غازي العريضي وسياسيون ومعزون، فيما تتلى آيات من القرآن الكريم. والد الفقيد من مشايخ الدورز البارزين في بيصور. وهو اتخذ منذ اليوم السابق قرارا حظر فيه على العائلة والمقربين الحديث عن الجريمة أو العائلة. وحده الأمين العام لـ »الحزب الديموقراطي« زياد شويري تحدث قليلا عن الحادث، وقال إن العريضي خرج مساء من منزله وتوجه إلى ساحة بيصور لوقت قصير، ثم عاد إلى منزله، وأوقف سيارته بعيدا من المنزل، ثم عاد بعد فترة ليركنها قرب المنزل، ولدى وصوله، وقع الانفجار.
في القسم بالخاص بالنساء يبدو الحزن أكثر بروزا. هنا تلتف أخوات صالح حول النعش. وتتوسطه صورة لصالح مبتسما والخلفية حمراء. على مقربة من النعش أيضا تجلس زوجة صالح ووالدته تتوسطهما زوجة ارسلان، لتقبل التعازي.
للحزن هنا طــابع رسمي فرضــته إرادة الشيخ أبو صالح، فلا شتــائم ولا صراخ، إنما نحيـــب يرتــفع ويــخفت، وعــبارات: »يا خيي« و »يا صالح«.
إجماع على المصالحة
يخيم الحزن على قسمي القاعة. في القسم الخاص بالرجال الطابع السياسي الرسمي، وإن لم تغب العاطفة. فأرسلان الذي قطع سفره وعاد بسبب الاغتيال، لم يفلح في الحفاظ على صلابته. وقف أمام المعزين كتفا بكتف مع الوزير العريضي. وخاطب ارسلان الفقيد كأنه يقف أمامه. تحدث عما هو مشترك، فغلبته عاطفته وذرف دموعا على من سماه »رفيق الدرب والعمر«. قبل ذلك بليلة واحدة، بعد وقت قليل من وقوع الجريمة في المساء كان جنبلاط يقف كتفا بكتف مع والد الفقيد. يخاطب الجمهور نفسه ويحذر من الفتنة ويؤكد »وحدة الجبل«.
وإلى جنبلاط وارسلان والعريضي توالى سياسيون كثر الى القاعة لتقديم التعازي، بينهم الوزير وائل أبو فاعور والنائب الياس عطا الله وعضو المجلس السياسي لـ«حزب الله« محمود قماطي الذي اتهم إسرائيل بالتفجير.
أمس، في محيط قاعة تقبل التعازي لم يكن ثمة شعارات مرفوعة في الهواء وعلى الوجوه. وحدها مشاعر يختلط فيها الحزن بالجهل. الجهل بهوية الفاعل أو على الأقل عدم القدرة على توجيه إصبع الاتهام في أي اتجاه.
Friday, July 18, 2008
احتفال عبيه ترحيبا بالقنطار
احتفال حاشد في بلدة عبيه ترحيبا بالقنطار في حضور موال ومعارض . جنبلاط : لا سلاح لحماية السلاح إلا الوحدة فنيش : لن ننسى تاريخنا المشترك
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,343 كلمة)
تاريخ النشر 18 يوليو 2008
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,343 كلمة)
تاريخ النشر 18 يوليو 2008
تحول الاحتفال بعودة الأسير اللبناني المحرر سمير القنطار في عبيه أمس، مناسبة لتظهير روحية « الشراكة » و« المشاركة » السياسية بين خصوم الأمس، على مرأى ومسمع من جماهيرهم. فالاحتفال ضم رئيس »اللقاء النيابي الديموقراطي« وليد جنبلاط ونجله تيمور جنبا الى جنب مع الوزير طلال ارسلان والوزير محمد فنيش ممثلا »حزب الله«. ووضع مناصرو »الحزب التقدمي الاشتراكي« (أكثرية) و»الحزب الديموقراطي اللبناني« و»السوري القومي الاجتماعي« (معارضان)، المتناحرون حتى الأمس القريب أمام اختبار »الشراكة« الذي ما لبث أن انفجر حرب هتافات بين الجمهورين.
وعلى رغم هتافات »الله، لبنان، وليد وبس«، تقابلها: »بالروح بالدم نفديك يا طلال«، »الله ونصر الله والضاحية كلها« من »القوميين« وبعض صيحات الاستهجان عند ذكر المحكمة الدولية وغيرها، سار احتفال الأمس، بتناغم سياسي يلامس »الغزل« بين جنبلاط وفنيش وارسلان، وبروح ثورية مستقاة من عالم السبعينات في خطاب القنطار العائد من الأسر، وبـ »استفزاز« لم يتجاوز حد الهتافات بين الجمهورين المنقسمين في جانبي الساحة.
جنبلاط
ووجه جنبلاط كلمة عدد فيها قرى الجبل وبلداته، لافتا الى انها »ممر المجاهدين والمقاومين«. وقال: »باسم الجبل، جبل الأحرار والعروبة والعيش المشترك، جبل المصالحة التاريخية مع البطريرك نصر الله صفير، جبل كمال جنبلاط الذي حصدته رصاصات الغدر وما أدراكم، وما أدراك يا سمير ما اصعب الغدر وأمره وأحقره على الأحرار والمناضلين، ليت كمال جنبلاط نال نعمة الاستشهاد في ساحات الوغى والقتال، كالمئات والآلاف من المجاهدين والمقاومين والثوار، باسم بيروت المقاومة والأبية والعربية، بيروت جمال عبد الناصر، بيروت الحصار، بيروت الجريحة، بيروت العزة والانتصار، باسم شهداء الثورة الفلسطينية، والتلاحم اللبناني- الفلسطيني المشترك، حيث لا فارق بين دم ودم سوى دم المقاومة. وباسم القرار الفلسطيني المستقل والوطني والعربي، باسمك يا أبو عمار وأبو جهاد، يا أغلى الرجال، يا رفاق الكمال، باسم القرار الوطني اللبناني المستقل، باسم ثورة الاستقلال في 14 آذار، باسم عميد الشهداء، شهداء »ثورة الأرز« الرئيس رفيق الحريري، باسم كل لبناني أيا كانت مشاربه وانتماءاته من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، باسم العلاقة السياسية والتاريخية مع دار خلدة، مع الأمير مجيد ارسلان واليوم مع الأمير طلال، بغض النظر عن التوجه السياسي الذي يجمعنا أحيانا أو يفرقنا أحيانا في علاقة احترام وتفهم مشترك، ارحب كل ترحيب بعميد الأسرى اللبنانيين والعرب سمير القنطار ورفاقه. وأحيي قافلة الشهداء من لبنانيين وعرب«.
وجدد جنبلاط دعوته إلى أن »تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، ويقر حق العودة من دون تردد أو مساومة تنفيذا للمبادرة العربية في بيروت وقمة الرياض والقرارات الدولية«، مرحبا بـ »ممثل المقاومة الإسلامية، ممثل »حزب الله« في ارض بني معروف محمد فنيش، في سياق تأكيد التراث النضالي والمقاوم المشترك للجبل والضاحية والجنوب وبيروت وكل لبنان«.
وأكد جنبلاط أن »لا تناقض بين الحرية والمقاومة، بين الاستقلال والمقاومة وبين السيادة والمقاومة، بين الصمود والازدهار والمقاومة، بين التعدد والتنوع والعيش المشترك والمقاومة، بين صيغة لبنان وفكرته وكيانه والمقاومة، بين العدالة والمقاومة، بين المحكمة والمقاومة، بين سياسة لبنانية رسمية في عدم الانحياز لا شرقا ولا غربا والمقاومة«. وأضاف جنبلاط: »لا تناقص بين اتفاق الطائف والمقاومة، وبين علاقات صحية واحترام متبادل واعتراف بين لبنان وسورية والمقاومة، واخيرا لا تناقض بين الدولة والمقاومة بعد الاتفاق تدريجا على إتمام الخطة الدفاعية في الحوار، واسمحوا لي فقط بملاحظة أخيرة ولا سلاح لحماية السلاح إلا سلاح الوحدة الوطنية«.
فنيش
وخاطب فنيش النائب جنبلاط متجاوزا »مرحلة الخلافات«. وقال: »نحن يا أستاذ وليد بك جنبلاط لن ننسى أبدا تاريخنا المشترك ولن ننسى أبدا ما فعلناه معا ونتطلع الى ان نصنع معا مستقبل هذا الوطن لأننا لا نريد إلا ان نكون جنبا الى جنب في معركة استرداد الحق والكرامة، وجنبا الى جنب في إرساء مشروع دولة قوية قادرة عادلة يطمئن لها أبناء الجبل كما أبناء الجنوب والبقاع والشمال وبيروت«. وأكد أن »ليس لدى المقاومة مشروع خاص، فمشروع المقاومة هو مشروع الدولة لكن المقاومة التي تعزز دور الدولة وحضورها توفر لها الدفاع عن الأرض«.
وأضاف فنيش: »معا اذا عدنا الى تاريخنا والنهج المشترك مع طلال ارسلان ووليد بك جنبلاط ومع كل الشرفاء والأحرار في هذا البلد نستطيع ان نصنع معجزة جديدة. وكما كانت المقاومة احد إنجازات هذا الوطن وإعجازاته نستطيع معا ان ندرأ الخطر عن هذا البلد والأخطار المقبلة، لا نستهين بها لأن العدو الإسرائيلي لا يزال على غطرسته وتوسعه ودوره«.
وقال فنيش: »جئنا باسم سيد المقاومة الأمين العام لـ »حزب الله« لنجدد التهنئة بتحرير الأسرى، ولنشارك أهلنا في الجبل فرحتهم باستعادة بطلهم«.
وخاطب أبناء الجبل بقوله: »كنتم من السباقين، يا بني معروف، في الانتماء الى خط المقاومة«، مشددا على أن »لا بد من ان نكمل هذه الطريق لاسترداد ما تبقى من ارض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مهما كان التباين والاجتهاد في الرأي السياسي«، مؤكدا أن »استكمال دور المقاومة ونهجها لا يتعارضان مع مشروع الدولة ودورها ومع الجهود الديبلوماسية«.
وقال فنيش: »نحن أمام مرحلة تتطلب منا جميعا بعدما تجاوزنا صفحة التباينات والخلافات، مرحلة الوفاق ومد الأيدي وانفتاح العقول والقلوب، مرحلة نحن في حاجة فيها للاستفادة من الوقت لانه يكفي هذا الوطن ما هدرناه من وقت في السجال والنكاف والمكايدة بعدما تجاوزنا خلافاتنا وأصبحنا شركاء في القرار في حكومة وحدة وطنية وبعدما أرسينا ونفذنا معظم ما تم إيراده في اتفاق الدوحة، علينا ان نكمل هذا الاتفاق ونحن نمد أيدينا بقلوب مفتوحة وعقول منفتحة من اجل ان نتعاون على طي صفحة الماضي، اما إذا برز تباين فالحوار هو الطريق ليكون لدينا قوة تحرير وقوة دفاع عن الأرض«.
وأكد فنيش أن »حزب الله ليست لديه أي عقدة تجاه أي رأي ولا نخشى الحوار لأننا أصحاب منطق وقضية ودعاة حق، ونريد ان نجتمع جميعا حول مصلحة هذا الوطن وبالتالي نحن معنيون ان نعتمد خطابا سياسيا موضوعيا بعيدا من التحريض والتوتير والتشنج. نحن بحاجة لخطاب سياسي يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يقسم لأن المرحلة المقبلة مليئة بالأخطار والتحديات«. وقال: »كنا وسنبقى اوفياء لكل الذين شاركونا في هذا الخط ولمن صنع معنا تاريخ الانتصار على العدو وحولنا هذا البلد من موقع الانعزال الى موقع العروبة واضح الهوية والانتماء«.
ارسلان والقنطار
وخاطب ارسلان القنطار قائلا: »انها يا سمير، مهمتنا التاريخية نحن بني معروف، ان نكون المحافظين والداعمين للمقاومة ولمستواها الفكري والثقافي والعسكري والتوحيدي«.
وأضاف أرسلان: »لم يكن صدفة وجود وليد بك جنبلاط بالتنسيق مع طلال ارسلان ومع جميع الأحزاب والقوى الوطنية في هذا الجبل في حفظ هوية الجبل والمقاومة في لبنان. ليس من قبيل الصدفة ان نقف اليوم الى جانب المقاومة اللبنانية الإسلامية. هذه المقاومة، ان شاء البعض أو أبى، فرضت على العالم اجمع حقيقة وجودها رأس حربة في وجه الظالمين العنصريين، وفرضت الحقيقة اللبنانية بديلا مشرفا من الواقع العربي المنحل«.
وأشار إلى أن »الجبل، جبل كمال جنبلاط ومجيد ارسلان سيظل ظهرا للمقاومة الإسلامية اللبنانية وسندا لها ولن يفك صلته الوثيقة بصاحب الوعد الصادق سيد المقاومة وقدوة المجاهدين حجة الاسلام والمسلمين سماحة السيد حسن نصرالله. ان حقيقة المقاومة هي الضمانة الفعلية لحماية لبنان من أخطار اسرائيل ومن يقف خلفها، وفرضت وجودها على التاريخ والسياسة والثقافة في لبنان وعلى امتداد العالمين الإسلامي والعربي«.
وبعد كلمة لنائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي محمود عبد الخالق، رد القنطار على تهديدات إسرائيلية باغتياله، فقال: »كرامتنا من الله شهادة، بالأمس وفي مثل هذه الساعة كنت بين أيديهم هناك، لكن في هذه اللحظة أنا اكثر شوقا للقائهم، وامل ان يكون ذلك قريبا جدا«.
ورأى القنطار أن »من يستطيع ان ينهي الصراع مع الإسرائيليين ديبلوماسيا فهو واهن، ان سلاح المقاومة هو من اجل شبعا وما بعدها ولا نخدع أنفسنا وأمامنا تجربة فلسطين، حيث بعد فترة قصيرة اغتالوا كل الذين كانوا يتفاوضون معهم، في أول فرصة، ولنا بشهادة الرئيس ياسر عرفات خير دليل«.
وحيا »شهداء الثورة الفلسطينية وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. ولا ننسى صاحب الوعد الصادق الذي له الفضل بهذا النصر«.
وتحدث عن »الشهيد القائد كمال جنبلاط الذي عندما أسس الحزب التقدمي الاشتراكي، طبع عنوانا للحزب: من تمتد يده لسلاح المقاومة الحزب التقدمي يجب ان يقطعها«، معتبرا أن »استشهاد الشهداء في معركة الجبل، لم يكن لقطع الطرق أو حربا أهلية، بل كان دفاعا عن الكرامة والعزة«، ومشددا على »أهمية مقاومة كمال جنبلاط مع أهمية الحفاظ على تراثه«. وأشار الى أنه »لولا سورية في فترة معينة لكان سقط الجبل«، ناقلا تحيات »الموحدين الدروز في الجولان وفلسطين«.
احتفال للوحدة الوطنية
وكانت الإعلام الحزبية غابت عن ساحات عبيه وطرقها، التزاما بقرار اتخذه رئيس بلديتها نزيه حمزة بالتنسيق مع القيادات السياسية، تفاديا لما قال إنه »الحساسيات التي طرأت على البيت الدرزي بعد أحداث أيار الأخيرة«. وحضر الاحتفال الوزير غازي العريضي والنواب: مروان حمادة، وائل ابو فاعور، فؤاد السعد، هنري حلو، اكرم شهيب، وعضو المكتب السياسي لـ«حزب الله« محمود قماطي ووفد من »حزب الله«، وشخصيات سياسية وحزبية.
وكان القنطار زار صباحا ضريح القيادي في »حزب الله« عماد مغنية في الضاحية الجنوبية وشارك في المؤتمر الدائم للمقاومة. وتلقى القنطار اتصالا من رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية هنأه فيه بالإفراج عنه.
وعلى رغم هتافات »الله، لبنان، وليد وبس«، تقابلها: »بالروح بالدم نفديك يا طلال«، »الله ونصر الله والضاحية كلها« من »القوميين« وبعض صيحات الاستهجان عند ذكر المحكمة الدولية وغيرها، سار احتفال الأمس، بتناغم سياسي يلامس »الغزل« بين جنبلاط وفنيش وارسلان، وبروح ثورية مستقاة من عالم السبعينات في خطاب القنطار العائد من الأسر، وبـ »استفزاز« لم يتجاوز حد الهتافات بين الجمهورين المنقسمين في جانبي الساحة.
جنبلاط
ووجه جنبلاط كلمة عدد فيها قرى الجبل وبلداته، لافتا الى انها »ممر المجاهدين والمقاومين«. وقال: »باسم الجبل، جبل الأحرار والعروبة والعيش المشترك، جبل المصالحة التاريخية مع البطريرك نصر الله صفير، جبل كمال جنبلاط الذي حصدته رصاصات الغدر وما أدراكم، وما أدراك يا سمير ما اصعب الغدر وأمره وأحقره على الأحرار والمناضلين، ليت كمال جنبلاط نال نعمة الاستشهاد في ساحات الوغى والقتال، كالمئات والآلاف من المجاهدين والمقاومين والثوار، باسم بيروت المقاومة والأبية والعربية، بيروت جمال عبد الناصر، بيروت الحصار، بيروت الجريحة، بيروت العزة والانتصار، باسم شهداء الثورة الفلسطينية، والتلاحم اللبناني- الفلسطيني المشترك، حيث لا فارق بين دم ودم سوى دم المقاومة. وباسم القرار الفلسطيني المستقل والوطني والعربي، باسمك يا أبو عمار وأبو جهاد، يا أغلى الرجال، يا رفاق الكمال، باسم القرار الوطني اللبناني المستقل، باسم ثورة الاستقلال في 14 آذار، باسم عميد الشهداء، شهداء »ثورة الأرز« الرئيس رفيق الحريري، باسم كل لبناني أيا كانت مشاربه وانتماءاته من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، باسم العلاقة السياسية والتاريخية مع دار خلدة، مع الأمير مجيد ارسلان واليوم مع الأمير طلال، بغض النظر عن التوجه السياسي الذي يجمعنا أحيانا أو يفرقنا أحيانا في علاقة احترام وتفهم مشترك، ارحب كل ترحيب بعميد الأسرى اللبنانيين والعرب سمير القنطار ورفاقه. وأحيي قافلة الشهداء من لبنانيين وعرب«.
وجدد جنبلاط دعوته إلى أن »تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، ويقر حق العودة من دون تردد أو مساومة تنفيذا للمبادرة العربية في بيروت وقمة الرياض والقرارات الدولية«، مرحبا بـ »ممثل المقاومة الإسلامية، ممثل »حزب الله« في ارض بني معروف محمد فنيش، في سياق تأكيد التراث النضالي والمقاوم المشترك للجبل والضاحية والجنوب وبيروت وكل لبنان«.
وأكد جنبلاط أن »لا تناقض بين الحرية والمقاومة، بين الاستقلال والمقاومة وبين السيادة والمقاومة، بين الصمود والازدهار والمقاومة، بين التعدد والتنوع والعيش المشترك والمقاومة، بين صيغة لبنان وفكرته وكيانه والمقاومة، بين العدالة والمقاومة، بين المحكمة والمقاومة، بين سياسة لبنانية رسمية في عدم الانحياز لا شرقا ولا غربا والمقاومة«. وأضاف جنبلاط: »لا تناقص بين اتفاق الطائف والمقاومة، وبين علاقات صحية واحترام متبادل واعتراف بين لبنان وسورية والمقاومة، واخيرا لا تناقض بين الدولة والمقاومة بعد الاتفاق تدريجا على إتمام الخطة الدفاعية في الحوار، واسمحوا لي فقط بملاحظة أخيرة ولا سلاح لحماية السلاح إلا سلاح الوحدة الوطنية«.
فنيش
وخاطب فنيش النائب جنبلاط متجاوزا »مرحلة الخلافات«. وقال: »نحن يا أستاذ وليد بك جنبلاط لن ننسى أبدا تاريخنا المشترك ولن ننسى أبدا ما فعلناه معا ونتطلع الى ان نصنع معا مستقبل هذا الوطن لأننا لا نريد إلا ان نكون جنبا الى جنب في معركة استرداد الحق والكرامة، وجنبا الى جنب في إرساء مشروع دولة قوية قادرة عادلة يطمئن لها أبناء الجبل كما أبناء الجنوب والبقاع والشمال وبيروت«. وأكد أن »ليس لدى المقاومة مشروع خاص، فمشروع المقاومة هو مشروع الدولة لكن المقاومة التي تعزز دور الدولة وحضورها توفر لها الدفاع عن الأرض«.
وأضاف فنيش: »معا اذا عدنا الى تاريخنا والنهج المشترك مع طلال ارسلان ووليد بك جنبلاط ومع كل الشرفاء والأحرار في هذا البلد نستطيع ان نصنع معجزة جديدة. وكما كانت المقاومة احد إنجازات هذا الوطن وإعجازاته نستطيع معا ان ندرأ الخطر عن هذا البلد والأخطار المقبلة، لا نستهين بها لأن العدو الإسرائيلي لا يزال على غطرسته وتوسعه ودوره«.
وقال فنيش: »جئنا باسم سيد المقاومة الأمين العام لـ »حزب الله« لنجدد التهنئة بتحرير الأسرى، ولنشارك أهلنا في الجبل فرحتهم باستعادة بطلهم«.
وخاطب أبناء الجبل بقوله: »كنتم من السباقين، يا بني معروف، في الانتماء الى خط المقاومة«، مشددا على أن »لا بد من ان نكمل هذه الطريق لاسترداد ما تبقى من ارض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مهما كان التباين والاجتهاد في الرأي السياسي«، مؤكدا أن »استكمال دور المقاومة ونهجها لا يتعارضان مع مشروع الدولة ودورها ومع الجهود الديبلوماسية«.
وقال فنيش: »نحن أمام مرحلة تتطلب منا جميعا بعدما تجاوزنا صفحة التباينات والخلافات، مرحلة الوفاق ومد الأيدي وانفتاح العقول والقلوب، مرحلة نحن في حاجة فيها للاستفادة من الوقت لانه يكفي هذا الوطن ما هدرناه من وقت في السجال والنكاف والمكايدة بعدما تجاوزنا خلافاتنا وأصبحنا شركاء في القرار في حكومة وحدة وطنية وبعدما أرسينا ونفذنا معظم ما تم إيراده في اتفاق الدوحة، علينا ان نكمل هذا الاتفاق ونحن نمد أيدينا بقلوب مفتوحة وعقول منفتحة من اجل ان نتعاون على طي صفحة الماضي، اما إذا برز تباين فالحوار هو الطريق ليكون لدينا قوة تحرير وقوة دفاع عن الأرض«.
وأكد فنيش أن »حزب الله ليست لديه أي عقدة تجاه أي رأي ولا نخشى الحوار لأننا أصحاب منطق وقضية ودعاة حق، ونريد ان نجتمع جميعا حول مصلحة هذا الوطن وبالتالي نحن معنيون ان نعتمد خطابا سياسيا موضوعيا بعيدا من التحريض والتوتير والتشنج. نحن بحاجة لخطاب سياسي يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يقسم لأن المرحلة المقبلة مليئة بالأخطار والتحديات«. وقال: »كنا وسنبقى اوفياء لكل الذين شاركونا في هذا الخط ولمن صنع معنا تاريخ الانتصار على العدو وحولنا هذا البلد من موقع الانعزال الى موقع العروبة واضح الهوية والانتماء«.
ارسلان والقنطار
وخاطب ارسلان القنطار قائلا: »انها يا سمير، مهمتنا التاريخية نحن بني معروف، ان نكون المحافظين والداعمين للمقاومة ولمستواها الفكري والثقافي والعسكري والتوحيدي«.
وأضاف أرسلان: »لم يكن صدفة وجود وليد بك جنبلاط بالتنسيق مع طلال ارسلان ومع جميع الأحزاب والقوى الوطنية في هذا الجبل في حفظ هوية الجبل والمقاومة في لبنان. ليس من قبيل الصدفة ان نقف اليوم الى جانب المقاومة اللبنانية الإسلامية. هذه المقاومة، ان شاء البعض أو أبى، فرضت على العالم اجمع حقيقة وجودها رأس حربة في وجه الظالمين العنصريين، وفرضت الحقيقة اللبنانية بديلا مشرفا من الواقع العربي المنحل«.
وأشار إلى أن »الجبل، جبل كمال جنبلاط ومجيد ارسلان سيظل ظهرا للمقاومة الإسلامية اللبنانية وسندا لها ولن يفك صلته الوثيقة بصاحب الوعد الصادق سيد المقاومة وقدوة المجاهدين حجة الاسلام والمسلمين سماحة السيد حسن نصرالله. ان حقيقة المقاومة هي الضمانة الفعلية لحماية لبنان من أخطار اسرائيل ومن يقف خلفها، وفرضت وجودها على التاريخ والسياسة والثقافة في لبنان وعلى امتداد العالمين الإسلامي والعربي«.
وبعد كلمة لنائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي محمود عبد الخالق، رد القنطار على تهديدات إسرائيلية باغتياله، فقال: »كرامتنا من الله شهادة، بالأمس وفي مثل هذه الساعة كنت بين أيديهم هناك، لكن في هذه اللحظة أنا اكثر شوقا للقائهم، وامل ان يكون ذلك قريبا جدا«.
ورأى القنطار أن »من يستطيع ان ينهي الصراع مع الإسرائيليين ديبلوماسيا فهو واهن، ان سلاح المقاومة هو من اجل شبعا وما بعدها ولا نخدع أنفسنا وأمامنا تجربة فلسطين، حيث بعد فترة قصيرة اغتالوا كل الذين كانوا يتفاوضون معهم، في أول فرصة، ولنا بشهادة الرئيس ياسر عرفات خير دليل«.
وحيا »شهداء الثورة الفلسطينية وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. ولا ننسى صاحب الوعد الصادق الذي له الفضل بهذا النصر«.
وتحدث عن »الشهيد القائد كمال جنبلاط الذي عندما أسس الحزب التقدمي الاشتراكي، طبع عنوانا للحزب: من تمتد يده لسلاح المقاومة الحزب التقدمي يجب ان يقطعها«، معتبرا أن »استشهاد الشهداء في معركة الجبل، لم يكن لقطع الطرق أو حربا أهلية، بل كان دفاعا عن الكرامة والعزة«، ومشددا على »أهمية مقاومة كمال جنبلاط مع أهمية الحفاظ على تراثه«. وأشار الى أنه »لولا سورية في فترة معينة لكان سقط الجبل«، ناقلا تحيات »الموحدين الدروز في الجولان وفلسطين«.
احتفال للوحدة الوطنية
وكانت الإعلام الحزبية غابت عن ساحات عبيه وطرقها، التزاما بقرار اتخذه رئيس بلديتها نزيه حمزة بالتنسيق مع القيادات السياسية، تفاديا لما قال إنه »الحساسيات التي طرأت على البيت الدرزي بعد أحداث أيار الأخيرة«. وحضر الاحتفال الوزير غازي العريضي والنواب: مروان حمادة، وائل ابو فاعور، فؤاد السعد، هنري حلو، اكرم شهيب، وعضو المكتب السياسي لـ«حزب الله« محمود قماطي ووفد من »حزب الله«، وشخصيات سياسية وحزبية.
وكان القنطار زار صباحا ضريح القيادي في »حزب الله« عماد مغنية في الضاحية الجنوبية وشارك في المؤتمر الدائم للمقاومة. وتلقى القنطار اتصالا من رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية هنأه فيه بالإفراج عنه.
Thursday, July 3, 2008
بريطانيا تتهم حزب الله بتدريب ميليشيات عراقية
القرار يعتمد على معلومات المسؤول في الحزب علي دقدوق المعتقل في البصرة
بريطانيا توسع حظرها على «حزب الله»
وتتهمه بالتورط بتدريب ميليشيات عراقية وتسليحها
كميل الطويل - منال أبو عبس
Al-Hayat (1,102 كلمة)
تاريخ النشر 03 يوليو 2008
< وسعت بريطانيا، أمس، الحظر الذي تفرضه على « حزب الله » اللبناني ليشمل جناحه المسلح بالكامل، واتهمته بالتورط في عمليات عنف تستهدف قوات التحالف في العراق ودعم منظمات فلسطينية »إرهابية«. ولا تطاول الخطوة البريطانية النشاط السياسي للحزب اللبناني.
ويعتمد القرار البريطاني الذي يجعل »حزب الله« المنظمة »الإرهابية الـ45« على لوائح المنظمات المحظورة، في جزء أساسي منه على معلومات حصل عليها البريطانيون والأميركيون من التحقيق مع مسؤول في »حزب الله« يدعى علي موسى دقدوق اعتقل في البصرة في آذار (مارس) 2007 وأقر بأنه كان مكلفا من »فيلق القدس« في »الحرس الثوري الإيراني« في تدريب وتسيلح جماعات عراقية شيعية متشددة لمهاجمة قوات التحالف في العراق.
وتقول وزارة الدفاع الأميركية، في إيجاز عن دقدوق، إنه قريب من زعيم الحزب السيد حسن نصر الله، وعمل في »حزب الله« منذ بداية الثمانينات. وسألت »الحياة« منسق الشؤون العراقية ديفيد ساترفليد في مقابلة خاصة الأسبوع الماضي عن قضية دقدوق ومتى سيقدم للمحاكمة، فقال إنه لا يعلق على قضية تتعلق بمحتجز، لكن »حزب الله متورط منذ زمن، من خلال التعاون مع الحرس الثوري الإيراني - قوات القدس، في توفير التدريب لعناصر الميليشيات التي تستخدم العنف والعناصر الإجرامية المشاركة في »المجموعات الخاصة« لـ »جيش المهدي« التي تتحدى سلطة الدولة العراقية«.
وشرح وزير الدولة في وزارة الداخلية البريطانية توني مكنلتي، أمس، إن قرار الحظر الذي قدم إلى البرلمان لإقراره يعني »أن الانتماء إلى الجناح العسكري لحزب الله وجمع الأموال لمصلحته وتشجيع الدعم له سيعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. إلا أن النشاطات السياسية والاجتماعية والإنسانية لحزب الله لن تتأثر بهذا الأمر«.
وبمجرد دخول قرار وزيرة الداخلية حيز التنفيذ يصير الانتماء إلى منظمة محظورة أو تشجيع الدعم لها »جريمة يعاقب عليها القانون. كما أن تنظيم اجتماع دعما لمنظمة محظورة أو ارتداء ملابس أو حمل مواد في العلن تثير شكوكا معقولة بأن الشخص المعني عضو في منظمة محظورة أو داعم لها، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون«.
وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية باري مارتسون: »اتخذنا هذا القرار لأن الجناح العسكري لحزب الله، بالتنسيق مع عناصر إيرانية، يدعم نشاط جماعات شيعية في جنوب العراق مثل جيش المهدي. وهذه الجماعات مسؤولة عن الهجمات التي تشن ضد قوات التحالف والمدنيين العراقيين، بما في ذلك التدريب على استخدام القذائف المتفجرة التي تستخدم كقنابل موضوعة إلى جانب الطريق.
وشرح سبب التركيز على الجانب العراقي في موضوع »حزب الله«، قائلا: »لدينا معلومات مؤكدة ومباشرة في شأن دعم حزب الله للجماعات العسكرية في العراق. قبضت قوات التحالف على أحد كبار القياديين الناشطين في حزب الله وهو علي موسى دقدوق في العراق يوم 20 آذار 2007.
ودقدوق هو مواطن لبناني خدم في »حزب الله« طوال 24 عاما، وفي عام 2005 تلقى توجيهات من كبار القياديين اللبنانيين في »حزب الله« للعمل على تدريب الميليشيات الشيعية في العراق. وقد تولى تنفيذ هذه العملية عام 2006، وفي العام الذي سبق القبض عليه قام بأربع زيارات الى العراق وأشرف على تسليح الجماعات العسكرية وعلى تدريبها على استخدام الأسلحة والمتفجرات وتنفيذ غير ذلك من العمليات. وأهم ما في الأمر انه كلف بتنظيم الجماعات العسكرية (في العراق) في شكل يعكس تنظيم حزب الله داخل لبنان«.
وقال إن قرار الحظر يعتمد كليا تقريبا على دور الحزب في العراق، وأيضا دوره في مساندة الجماعات الفلسطينية »الإرهابية«، »لكن دور حزب الله في داخل لبنان لم يساهم في صدور هذا القرار«.
وقال إن القرار الجديد »لا يشمل الجناح السياسي ولا النشاطات الثقافية والاجتماعية لحزب الله«. وعن حظر جمع الأموال للحزب في بريطانيا، قال: »إذا كان واضحا أن الأموال التي يتم جمعها ستذهب الى نشاطات اجتماعية وثقافية وليس عسكرية، فلن يشملها القانون الجديد«.
وسئل هل يعني القرار الجديد منع الاحتفالات الممكن أن يقيمها »حزب الله« بمناسبة إطلاق إسرائيل الأسرى من سجونها قريبا، فأجاب: »إذا كانت لدينا معلومات عن طابع عسكري لهذه الاحتفالات فسيكون علينا حظرها. ولكن إذا كان الاجتماع مجرد نشاط سياسي، فلن يطاولها القرار. وعلينا في النهاية أن ننظر إلى كل قضية بمفردها«.ويجب أن يقر مجلسا العموم واللوردات قرار الحظر قبل 22 تموز (يوليو) الجاري، عندما يدخل البرلمان البريطاني في عطلته الصيفية.
وفي بيروت، كررت السفيرة البريطانية فرنسيس غاي اعتزام حكومة بلادها حظر الجناح العسكري لـ »حزب الله« بكامله، تزامنا مع الإعلان عن الإجراء في لندن. وقالت في مؤتمر صحافي في مقر السفارة البريطانية إن »وزيرة الداخلية البريطانية عرضت أمر حظر سيؤدي في حال إقراره في البرلمان إلى حظر الجناح العسكري لـ »حزب الله« بكامله، بدلا من الجماعة المدرجة حاليا تحت اسم »منظمة الأمن الخارجي لحزب الله«.
وأضافت في بيان تلته بالعربية أن »الوزير مكنتلي قال إن أمر الحظر يعني أن الانتماء إلى الجناح العسكري لـ »حزب الله« وجمع الأموال لمصلحته وتشجيع الدعم له سيعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، إلا أن النشاطات السياسية والاجتماعية والإنسانية لـ »حزب الله« لن تتأثر بهذا الأمر«.
وشرحت غاي أن »حزب الله يقدم دعما فعالا للميليشيات في العراق المسؤولة عن الهجمات ضد كل من قوات التحالف والمدنيين العراقيين، بما في ذلك تدريبها على استخدام القنابل الموضوعة على جانب الطريق. كما يقدم الجناح العسكري للحزب الدعم للجماعات المسلحة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية«. وقالت: »اتخذ هذا الإجراء بسبب هذا الدعم للإرهاب في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة«، مؤكدة أن »حظر الجناح العسكري لن يؤثر في الدور المشروع للحزب في لبنان، في المجالات السياسية والاجتماعية والإنسانية، لكنه يرسل رسالة واضحة بأننا ندين أعمال العنف التي ينفذها »حزب الله« ودعمه الإرهاب«.
وأكدت غاي استمرار بلادها بـ »مناشدة »حزب الله« إنهاء نشاطاته الإرهابية ودعمه الإرهاب في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة، والتخلي عن كيانه كجماعة مسلحة والمشاركة في العملية الديموقراطية تماما كما تفعل الأحزاب السياسية اللبنانية الأخرى«.
وردا على سؤال عن توقيت إعلان الإجراء، أكدت غاي أن »التوقيت لا علاقة له بالتطورات الجارية في لبنان، وليس على خلفية استخدام الحزب سلاحه في بيروت«. وقالت: »كنا ندرس هذا الأمر منذ وقت طويل، على ضوء التطورات في العراق في شكل خاص. وأردنا أن نتأكد أن العملية تجرى في الإطار القانوني الصحيح، وأن يمر القرار إلى البرلمان البريطاني في دورته الحالية التي تنتهي في 22 (تموز) يوليو الجاري. يجب أن يتوافر لنا بعض الوقت، حتى يحصل نقاش ويسير القرار في شكل صحيح«.
كما لفتت إلى أن »القرار يتماشى مع قرارات مجلس الأمن بأن كل المجموعات المسلحة في لبنان يجب أن تنزع سلاحها. هناك مكان لكل حركة سياسية بأن تأخذ مكانها في العملية السياسية«، مؤكدة أنه يسهل التمييز بين »الأشخاص المشاركين في أي نشاط عسكري خارج لبنان وبين المشاركين في نشاط سياسي داخل البلد«.
وردا على سؤال آخر، أوضحت غاي أن »القرار بريطاني ولا علاقة له بدول الاتحاد الأوروبي، ولن نسألهم أن يتخذوا أي إجراء مماثل«، مجددة التأكيد أن »القرار لا علاقة له في الشأن الداخلي اللبناني، وهو يخص ما يقوم به »حزب الله« ويؤثر في المملكة المتحدة وجنودنا في الخارج«. وقالت: »بموجب القرار لن يتمكن الجانح العسكري لـ »حزب الله« من القيام بأي نشاط قانوني داخل المملكة المتحدة، سواء لجمع الأموال دعما للعمل الإرهابي أم الدعوة الى دعم تلك الأعمال«.
وفي ختام المؤتمر، أوضحت غاي أنها أبلغت المسؤولين اللبنانيين صباح أمس، قرار حكومة بلادها.
وزارت غاي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال فوزي صلوخ.
Tuesday, July 1, 2008
حكاية سمير القنطار والأسرى والشهداء
حكاية سمير القنطار والأسرى والشهداء في صفقة التبادل بين اسرائيل و« حزب الله »
منال أبو عبس
Al-Hayat (914 كلمة)
تاريخ النشر 01 يوليو 2008
< تشير التوقعات إلى أن صفقة تبادل الأسرى والجثث بين إسرائيل و « حزب الله » ستنفذ خلال مهلة تتراوح بين أسبوع واحد وأسبوعين. وبموجب الصفقة، يستعيد لبنان خمسة من أبنائه الأسرى أحياء وجثامين عدد من الشهداء الذين سقطوا في مراحل متفرقة من الصراع مع إسرائيل.
غير أن البارز في الصفقة الأخيرة أن إسرائيل ستفرج عن سمير القنطار المعتقل لديها منذ 22 نيسان (أبريل) 1979، بعدما كانت رفضت خلال صفقات التبادل السابقة مع لبنان الإفراج عنه، تمسكا بمبدئها الرافض الإفراج عن »أشخاص تلطخت أيديهم بدماء إسرائيليين«. وهذا الرفض كان يلقى تأييدا شعبيا، على اعتبار أن القنطار متورط بـ »قتل أطفال إسرائيليين«.
لكن، من هو القنطار، الذي حكمت المحاكم الإسرائيلية عليه بالسجن لمدة 542 عاما؟
ولد القنطار في بلدة عبيه في جبل لبنان لعائلة درزية. انضوى منذ صغره تحت لواء »جبهة التحرير الفلسطينية«. عام 1978 اعتقل للمرة الأولى على يد الاستخبارات الأردنية، عندما حاول تجاوز الحدود الأردنية - الإسرائيلية لخطف حافلة مسافرين إسرائيلية على الطريق بين بيسان وطبريا للمطالبة بإطلاق سراح سجناء لبنانيين مقابل المسافرين. أمضى 11 شهرا في السجن الأردني وافرج عنه.
في 22 نيسان 1979 تسلل القنطار على رأس مجموعة من ثلاثة عناصر من جبهة التحرير هم عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد وأحمد الأبرص إلى إسرائيل من طريق شاطئ صور بقارب مطاطي. عند وصولهم إلى مستعمرة نهاريا الإسرائيلية أطلقوا النار على سيارة شرطة إسرائيلية وقتلوا شرطيا. ثم توجهوا إلى أحد المنازل واحتجزوا صاحبه داني هاران (28 سنة) وطفلته (4 سنوات)، فيما اختبأت زوجته هاران في خزانة المنزل مع طفلتها الصغرى يائيل. ولحقت الشرطة بالمجموعة التي لجأت الى شاطئ قريب حيث بدأ تبادل لاطلاق النار بين الشرطيين والقنطار ومجموعته، فقتل هاران وابنته قبل أن تقبض الشرطة على المجموعة. وفي بيت العائلة ماتت الطفلة الصغرى اختناقا عندما حاولت الأم إسكاتها خشية من اكتشاف المخبأ. في تلك العملية، قتل أصلان والمؤيد بنيران رجال الشرطة الإسرائيليين، في حين اعتقل القنطار والابرص.
في 28 كانون الثاني (يناير) 1980 حكمت المحكمة الإسرائيلية على القنطار بخمسة احكام بالسجن المؤبد، مضافا إليها 47 عاما (إذ اعتبرته مسؤولا عن موت 5 أشخاص وعن إصابة آخرين). وعلى مدى 29 عاما، رفضت اسرائيل اطلاق سراح القنطار، وربطت مصيره بحصولها على معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي فقد بعد تحطم طائرته فوق لبنان عام 1986. وخلال وجوده في السجن الاسرائيلي، انتسب القنطار إلى الجامعة الاسرائيلية المفتوحة في القدس المحتلة، والتي تستخدم طريقة التعليم من بعد. وحاز عام 1998 شهادة بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية.
أما الأبرص فأطلق سراحه في 21 أيار (مايو) 1985 في إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة«.
إلى جانب القنطار، تشمل الصفقة الإفراج عن الأسرى الأربعة الذين اعترفت إسرائيل بوجودهم لديها منذ حرب تموز (يوليو) عام 2006، وحوكموا صوريا أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية. الأسرى الأربعة كانوا يقاتلون خلال حرب تموز، واعتقل كلا منهم في واحد من أيامها الـ33 الطويلة. وهم:
- ماهر كوراني مواليد عام 1981 من بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل جنوب لبنان. متزوج وله طفل عمره ثلاث سنوات يدعى حسن ويقيم مع عائلته في البلدة. خلال حرب تموز دمرت إسرائيل منزله ومنزل أهله، فانتقلت زوجته وطفله ووالده ووالدته إلى منزل أخيه في البلدة.
- حسين سليمان مواليد عام 1985 من قضاء جبيل. أعزب ويقيم مع عائلته في ضاحية بيروت الجنوبية. كان يتابع دراسته في الجامعة اللبنانية عندما بدأت حرب تموز. شارك فيها واعتقل. دمرت إسرائيل منزل عائلته خلال الحرب، فانتقلت العائلة للسكن في بيروت.
- محمد سرور مواليد 1987 من بلدة عيتا الشعب على الحدود اللبنانية- الفلسطينية. غير متأهل، كان يتابع دراسته في أحد المعاهد، ويقيم مع عائلته في البلدة. بعد اعتقاله، دمرت إسرائيل منزل العائلة، فانتقل أهله للسكن عند أقرباء لهم في عيتا الشعب.
- خضر زيدان من بلدة المروانية.
ولم تتضمن الأسماء التي شملتها الصفقة للأسرى الأحياء، اسم الأسير يحيى سكاف الذي كانت إسرائيل تنفي علمها بوجوده لديها، في حين تؤكد عائلته وبعض الأسرى المحررين وجوده في إسرائيل.
وكان سكاف المولود في المنية في شمال لبنان، وقع في الأسر في 11 آذار (مارس) 1978 أثناء عملية استشهادية بقيادة الشهيدة دلال المغربي بين حيفا وتل أبيب. وأخيرا، لفتت معلومات صحافية إلى احتمال أن يكون سكاف استشهد في العملية أو بعدها. وبالتالي، فإن جثمانه سيكون بين جثامين الأسرى المشمولين في الصفقة الأخيرة. كما لم تشر الصفقة إلى الأسير الصياد محمد فران الذي اختفى من على متن زورقه قرب ميناء صور في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 ووجدت على زورقه آثار رصاص ودماء ولم تقدم إسرائيل أي معلومات عنه.
ومن المتوقع أيضا، أن تفرج إسرائيل عن عدد من جثامين الشهداء الذين سقطوا في حرب تموز. ومنهم:
- الشهيد موسى خنافر الذي قضى في 25 تموز 2006 وهو يقاتل في بلدته عيناتا جنوب لبنان عن 28 سنة. متأهل وله ثلاث بنات.
- الشهيد زيد حيدر (24 سنة) من عيناتا. عازب، استشهد في 24 تموز 2006 أثناء المواجهات.
- الشهيد مروان سمحات (21 سنة) من عيناتا. استشهد في 24 تموز 2006 خلال المواجهات.
- الشهيد علي الوزواز (32 سنة) من بلدة ميس الجبل جنوب لبنان. متأهل وله ولدان. استشهد خلال المواجهات في بلدة مارون الراس.
- الشهيد محمد دمشق المعروف بـ »جواد عيتا« (27 سنة) من بلدة عيتا الجبل. متأهل وله بنت وحيدة ولدت بعد استشهاده خلال مواجهات في مارون الراس.
- الشهيد موسى فارس (27 سنة) من بلدة مارون الراس. استشهد في 23 تموز بعد أسبوع من إصابته في المواجهات.
ويضاف إلى الأسرى الشهداء، المفقودان هلال علوية من بلدة ارنون وحسن كرنيب من بلدة مارون الراس الذي فقد أيضا أثناء المواجهات في مربع التحرير في بنت جبيل. ويضاف إلى الشهداء الذين سقطوا خلال عدوان تموز 2006، العديد من الشهداء الذين لم تستعد جثامينهم، ويعتقد بأن إسرائيل تحتجزهم في »مقابر الأرقام« في فلسطين المحتلة. وتتضمن قائمة هؤلاء الشهداء لبنانيين وفلسطينيين وعربا سقطوا في فترات متعاقبة بدءا بالاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وصولا إلى عام 2006.
منال أبو عبس
Al-Hayat (914 كلمة)
تاريخ النشر 01 يوليو 2008
< تشير التوقعات إلى أن صفقة تبادل الأسرى والجثث بين إسرائيل و « حزب الله » ستنفذ خلال مهلة تتراوح بين أسبوع واحد وأسبوعين. وبموجب الصفقة، يستعيد لبنان خمسة من أبنائه الأسرى أحياء وجثامين عدد من الشهداء الذين سقطوا في مراحل متفرقة من الصراع مع إسرائيل.
غير أن البارز في الصفقة الأخيرة أن إسرائيل ستفرج عن سمير القنطار المعتقل لديها منذ 22 نيسان (أبريل) 1979، بعدما كانت رفضت خلال صفقات التبادل السابقة مع لبنان الإفراج عنه، تمسكا بمبدئها الرافض الإفراج عن »أشخاص تلطخت أيديهم بدماء إسرائيليين«. وهذا الرفض كان يلقى تأييدا شعبيا، على اعتبار أن القنطار متورط بـ »قتل أطفال إسرائيليين«.
لكن، من هو القنطار، الذي حكمت المحاكم الإسرائيلية عليه بالسجن لمدة 542 عاما؟
ولد القنطار في بلدة عبيه في جبل لبنان لعائلة درزية. انضوى منذ صغره تحت لواء »جبهة التحرير الفلسطينية«. عام 1978 اعتقل للمرة الأولى على يد الاستخبارات الأردنية، عندما حاول تجاوز الحدود الأردنية - الإسرائيلية لخطف حافلة مسافرين إسرائيلية على الطريق بين بيسان وطبريا للمطالبة بإطلاق سراح سجناء لبنانيين مقابل المسافرين. أمضى 11 شهرا في السجن الأردني وافرج عنه.
في 22 نيسان 1979 تسلل القنطار على رأس مجموعة من ثلاثة عناصر من جبهة التحرير هم عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد وأحمد الأبرص إلى إسرائيل من طريق شاطئ صور بقارب مطاطي. عند وصولهم إلى مستعمرة نهاريا الإسرائيلية أطلقوا النار على سيارة شرطة إسرائيلية وقتلوا شرطيا. ثم توجهوا إلى أحد المنازل واحتجزوا صاحبه داني هاران (28 سنة) وطفلته (4 سنوات)، فيما اختبأت زوجته هاران في خزانة المنزل مع طفلتها الصغرى يائيل. ولحقت الشرطة بالمجموعة التي لجأت الى شاطئ قريب حيث بدأ تبادل لاطلاق النار بين الشرطيين والقنطار ومجموعته، فقتل هاران وابنته قبل أن تقبض الشرطة على المجموعة. وفي بيت العائلة ماتت الطفلة الصغرى اختناقا عندما حاولت الأم إسكاتها خشية من اكتشاف المخبأ. في تلك العملية، قتل أصلان والمؤيد بنيران رجال الشرطة الإسرائيليين، في حين اعتقل القنطار والابرص.
في 28 كانون الثاني (يناير) 1980 حكمت المحكمة الإسرائيلية على القنطار بخمسة احكام بالسجن المؤبد، مضافا إليها 47 عاما (إذ اعتبرته مسؤولا عن موت 5 أشخاص وعن إصابة آخرين). وعلى مدى 29 عاما، رفضت اسرائيل اطلاق سراح القنطار، وربطت مصيره بحصولها على معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي فقد بعد تحطم طائرته فوق لبنان عام 1986. وخلال وجوده في السجن الاسرائيلي، انتسب القنطار إلى الجامعة الاسرائيلية المفتوحة في القدس المحتلة، والتي تستخدم طريقة التعليم من بعد. وحاز عام 1998 شهادة بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية.
أما الأبرص فأطلق سراحه في 21 أيار (مايو) 1985 في إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة«.
إلى جانب القنطار، تشمل الصفقة الإفراج عن الأسرى الأربعة الذين اعترفت إسرائيل بوجودهم لديها منذ حرب تموز (يوليو) عام 2006، وحوكموا صوريا أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية. الأسرى الأربعة كانوا يقاتلون خلال حرب تموز، واعتقل كلا منهم في واحد من أيامها الـ33 الطويلة. وهم:
- ماهر كوراني مواليد عام 1981 من بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل جنوب لبنان. متزوج وله طفل عمره ثلاث سنوات يدعى حسن ويقيم مع عائلته في البلدة. خلال حرب تموز دمرت إسرائيل منزله ومنزل أهله، فانتقلت زوجته وطفله ووالده ووالدته إلى منزل أخيه في البلدة.
- حسين سليمان مواليد عام 1985 من قضاء جبيل. أعزب ويقيم مع عائلته في ضاحية بيروت الجنوبية. كان يتابع دراسته في الجامعة اللبنانية عندما بدأت حرب تموز. شارك فيها واعتقل. دمرت إسرائيل منزل عائلته خلال الحرب، فانتقلت العائلة للسكن في بيروت.
- محمد سرور مواليد 1987 من بلدة عيتا الشعب على الحدود اللبنانية- الفلسطينية. غير متأهل، كان يتابع دراسته في أحد المعاهد، ويقيم مع عائلته في البلدة. بعد اعتقاله، دمرت إسرائيل منزل العائلة، فانتقل أهله للسكن عند أقرباء لهم في عيتا الشعب.
- خضر زيدان من بلدة المروانية.
ولم تتضمن الأسماء التي شملتها الصفقة للأسرى الأحياء، اسم الأسير يحيى سكاف الذي كانت إسرائيل تنفي علمها بوجوده لديها، في حين تؤكد عائلته وبعض الأسرى المحررين وجوده في إسرائيل.
وكان سكاف المولود في المنية في شمال لبنان، وقع في الأسر في 11 آذار (مارس) 1978 أثناء عملية استشهادية بقيادة الشهيدة دلال المغربي بين حيفا وتل أبيب. وأخيرا، لفتت معلومات صحافية إلى احتمال أن يكون سكاف استشهد في العملية أو بعدها. وبالتالي، فإن جثمانه سيكون بين جثامين الأسرى المشمولين في الصفقة الأخيرة. كما لم تشر الصفقة إلى الأسير الصياد محمد فران الذي اختفى من على متن زورقه قرب ميناء صور في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 ووجدت على زورقه آثار رصاص ودماء ولم تقدم إسرائيل أي معلومات عنه.
ومن المتوقع أيضا، أن تفرج إسرائيل عن عدد من جثامين الشهداء الذين سقطوا في حرب تموز. ومنهم:
- الشهيد موسى خنافر الذي قضى في 25 تموز 2006 وهو يقاتل في بلدته عيناتا جنوب لبنان عن 28 سنة. متأهل وله ثلاث بنات.
- الشهيد زيد حيدر (24 سنة) من عيناتا. عازب، استشهد في 24 تموز 2006 أثناء المواجهات.
- الشهيد مروان سمحات (21 سنة) من عيناتا. استشهد في 24 تموز 2006 خلال المواجهات.
- الشهيد علي الوزواز (32 سنة) من بلدة ميس الجبل جنوب لبنان. متأهل وله ولدان. استشهد خلال المواجهات في بلدة مارون الراس.
- الشهيد محمد دمشق المعروف بـ »جواد عيتا« (27 سنة) من بلدة عيتا الجبل. متأهل وله بنت وحيدة ولدت بعد استشهاده خلال مواجهات في مارون الراس.
- الشهيد موسى فارس (27 سنة) من بلدة مارون الراس. استشهد في 23 تموز بعد أسبوع من إصابته في المواجهات.
ويضاف إلى الأسرى الشهداء، المفقودان هلال علوية من بلدة ارنون وحسن كرنيب من بلدة مارون الراس الذي فقد أيضا أثناء المواجهات في مربع التحرير في بنت جبيل. ويضاف إلى الشهداء الذين سقطوا خلال عدوان تموز 2006، العديد من الشهداء الذين لم تستعد جثامينهم، ويعتقد بأن إسرائيل تحتجزهم في »مقابر الأرقام« في فلسطين المحتلة. وتتضمن قائمة هؤلاء الشهداء لبنانيين وفلسطينيين وعربا سقطوا في فترات متعاقبة بدءا بالاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وصولا إلى عام 2006.
Friday, May 23, 2008
الحياة تتابع جلسة في قضية يوغوسلافيا السابقة
«الحياة» تتابع جلسة في قضية يوغوسلافيا السابقة
تأهيل مبنى المحكمة الدولية في لاهاي يستغرق سنة
... لكن الأعمال لن تعيق سير المحاكمة
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,666 كلمة)
تاريخ النشر 23 مايو 2008
لا تشير الإجراءات الأمنية خارج المقر السابق للاستخبارات الهولندية في بلدة ليدسكندام في الضاحية الشمالية لمدينة لاهاي، إلى أن حدثا ذا أهمية سيحصل هناك. فلا شيء في المبنى الأصفر والرمادي الواقع في ضاحية سكنية خضراء، يدل على اختياره مقرا للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومحاكمة مرتكبي سلسلة اغتيالات دفعت البلد الصغير إلى حافة الهاوية.
مقر المحكمة العتيد لا يبعد إلا دقائق من محطة القطار. وللوصول إليه والتجول في بعض أرجائه، لن يجد الزائر عوازل كثيرة. إذ يمكن الاقتراب كثيرا من المبنى. ويمكن تفحص بوابة الحديد التي كانت تستخدم للتفتيش، ومشاهدة البحيرات التي تحيط به، فتجعل شكله أقرب إلى شكل القصور القديمة، محاطا ببنايات سكنية كثيرة.
هارولد شاب من اصل مغربي، يقطن في مبنى قريب من مبنى المحكمة، يقول: إنه عرف منذ فترة أن هذا المبنى سيشهد أعمال تأهيل وورشة أشغال ليصير مقرا للمحكمة الخاصة بلبنان، غير أنه لا يبدي انزعاجا من هذا الأمر. الإجراءات الأمنية التي يشير إلى أنها ستزعج بعض جيرانه، لا تؤثر سلبا عليه، فـ »الأمن سيتعزز أكثر في الأرجاء، وسيصير بمقدرونا أن نترك سياراتنا مفتوحة«، يقولها بسخرية.
لكن، ما هي الأسباب التي جعلت المحكمة الخاصة بلبنان تقام في جوار هارولد؟
يعدد مصدر من الخارجية الهولندية الخطوات التي جعلت القرار يرسو على هذا المبنى، والتي بدأت بطلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من لاهاي درس إمكان أن تكون المحكمة على أراضيها. ويقول: »الحكومة الهولندية تعاطت بإيجابية، لكن لم تكن عندنا مبان فارغة تتسع لـ400 إلى 500 موظف في المحكمة. غير أننا قمنا بجردة على 18 مكانا محتملا واخترنا من بينها واحدا«.
يتحدث المصدر عن الخطوات التي تلت اختيار المقر، ومنها »قرارات كان علينا أن نتخذها، خاصة بكيفية تقسيم النفقات وإجراء المفاوضات مع الأمم المتحدة للوصول إلى اتفاق في شأن المحكمة«، ويضيف: »قمنا بذلك، ووافقنا على أن تكون المساهمة الهولندية تقدمة المبنى من دون إيجار لمدة لا تتجاوز ست سنوات«، أي بزيادة ثلاث سنوات كضمانة مسبقة على المدة التي حددها مجلس الأمن للمحكمة، مع الإشارة إلى أن إيجار المبنى يبلغ، بحسب المصدر 3.4 مليون يورو سنويا.
ويوضح المصدر أن »الحكومة الهولندية ستتولى النفقات والمهمات المتعلقة بالأمن خارج المبنى، ما يعني أيضا نقل المشتبه بهم والشهود والقضاة والعاملين وحمايتهم وكذلك أمن منازل الموظفين«.
وعن الخطوات المقبلة، يقول المصدر: »المبنى في حاجة إلى ترميم، وإلى بناء قاعة للمحكمة وزنازين لاحتجاز المعتقلين. وهذه الإصلاحات ستستغرق سنة كاملة، وهي لم تبدأ بعد، ونتوقع أن تبدأ خلال وقت قريب«، في انتظار أن يتخذ »ممثلون عن الدول المانحة (منها لبنان وفرنسا وأميركا وبريطانيا وهولندا) القرارات النهائية في شأن المحكمة« وتوقع أن يتم ذلك خلال أيام، وبعدها تنطلق عملية التأهيل، مؤكدا أن عملية التأهيل لن تعيق سير المحكمة إذ »أن عملية التأهيل ستستغرق سنة، وخلال هذه الفترة يمكن للموظفين ممارسة عملهم. ونتوقع أن يصل المسجل أول حزيران (يونيو) المقبل، وان يجلب معه عددا من الموظفين الأساسيين ويواصل بناء هيئة المحكمة«. ويضيف: »نتوقع في نهاية العام أن يكون هناك مئة موظف في المبنى. وقبل أيار (مايو) المقبل ستكون قاعة المحكمة جاهزة«.
وعن الإجراءات الرسمية، يقول: »بما أن الاتفاق بمثابة المعاهدة ينبغي أن يقرها البرلمان، وهذا ما ننتظره، لكن عمليا الاتفاق دخل حيز التنفيذ«.
ولا ينفي المصدر المخاوف من حصول مشاكل أمنية، معتبرا أنه »لا يمكن تجاهل وجود هذه المخاطر مع تشكيل محاكم كهذه، لكن لا بد من معالجتها. فالمسؤولون الأمنيون يعملون على ذلك، ويعدون الخطط للتأكد من انه لن يكون هناك مخاطر أمنية نحن في غنى عنها«.
ويضيف أن هولندا لن تعتمد على خبراء دوليين في الأمن، لأنه »إذا كانت هولندا ستتولى الأمن، فمن الأفضل عدم وجود طرف خارجي«، مشيرا إلى أن بلاده لم تقدر »التكلفة المادية للأمن، فهي رهن بالمتغيرات. والمؤسسات الأمنية هي التي ستقدر ما ينبغي حمايته من منازل قضاة أو موظفين وغيرهم«.
المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا
لا يمكن تمييز مبنى »المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة« عن غيره من المباني الرسمية في لاهاي. الإجراءات الأمنية المحيطة به خفية تماما، ولا تشبه تلك المتبعة في الدول العربية، ولبنان تحديدا. فقط علم أزرق للأمم المتحدة ولافتة عليها اسم المحكمة، لا يكفيان بالطبع لإرشاد المار إلى أن حدثا غير عادي يحصل هناك.
تقود المساحة الضيقة بمحاذاة الحديقة الخضراء الواسعة ونافورة المياه فيها، إلى بوابة حديد مخصصة لعبور شخص واحد. أمام البوابة يقف أمنيون ثلاثة بثياب موحدة. النقطة هذه ستكون المصفاة الأولى لكل ما لدى الزائر من معادن، حتى الحزام والهاتف الخليوي وجهاز الكومبيوتر تتجمع في صندوق بلاستيك. جواز السفر أو بطاقات الهوية لحملة الجنسية الهولندية أيضا يجب تركها هنا، لتستبدل بها بطاقة كرتون عليها كلمة: زائر.
في هذه المرحلة، تكون انتهت مهمة الرجال الثلاثة خارج المبنى. ويأتي دور آخرين موزعين بين حرس على خزانات خشب لحفظ حقائب الزائرين، وبين أشخاص يديرون بروية عملية التفتيش الدقيق قبل السماح بمرور الزائر تحت قوس آلي إلى قاعة الاستقبال داخل المحكمة.
في قاعة الاستقبال الفسيحة في مبنى المحكمة، تتغير الصورة. اللون الأبيض للجدران، والوجوه الباسمة للموظفين تبعث الإحساس بالأمان الذي يفتقده الزائر في غرفة الحرس. في هذه القاعة ركن صغير يبدو أنه للانتظار، ومكتب لاستقبال الزائرين وتوجيههم. وراء المكتب ساعتان الأولى بتوقيت نيويورك والثانية بتوقيت لاهاي، وعلى مقربة منهما أربع شاشات تلفزيون لنقل المجريات من داخل غرفة المحاكمة. عند العاشرة والربع ظهرا، لم يكن ثمة محاكمة في القاعة، والشاشات تبث عبارة: »المحكمة في فرصة«، باستثناء واحدة تحمل شعار »ICTY« أي »المركز الدولي للعدالة الانتقالية« تبث مشاهد قديمة عن المحاكمة. ويبدو في الصورة وجه مموه نعرف لاحقا أنه لأحد الشهود.
في الطابق الأول من المبنى غرف عدة للاجتماعات. في واحدة منها يطلعنا مصدر في الاستشارات السياسية للمحكمة، على تفاصيل ما يجري هناك، ويقول إن »أي محكمة ستنشأ حديثا، من الطبيعي أن تستفيد من تجربة محكمة يوغوسلافيا« التي نشأت بقرار عن مجلس الأمن عام 1993، »حتما سيكون هناك نقاط اختلاف، لكن أيضا سنجد تشابها«.
ويروي مصدر آخر على صلة بعمل المحكمة، أن ما يتذكره العالم عن هذه المحكمة هو »الأحداث التي نشأت على أثرها عام 1991 واعمال الخطف والقتل والقصف والتطهير العرقي والاغتصاب وفصل النساء عن الرجال والتأسيس لمراكز اعتقال واستخدام المدنيين لتنظيف الحقول من الألغام، والتي رافقت النزاعات بين القوات الكرواتية التي أرادت أن تعبر عن استقلاليتها وبين بعض عناصر جيش كرواتيا الصرب الذين حاولوا منعهم«.
ويذكر المصدر أن »قرار تأسيس المحكمة ساهم في وضع حد لهذه الحرب، غير أن الأطراف المتقاتلين لم يأخذوه على محمل الجد في الفترة الأولى«، وأن »المحكمة تأسست بداية بعدد محدود من الموظفين. واستغرقت 18 شهرا حتى إصدار أول اتهام. ولم تكن الاتهامات تطال العقول المدبرة التي مولت الجرائم وسهلتها، بل طالت بعض أعضاء الشرطة في اسفل الهرم. وهذا الوضع دفع الأسرة الدولية إلى الإصرار على وجود اتهامات ذات قيمة«.
عام 1995 انتهت الحرب، و«كان على المحكمة أن تناضل لتضمن عدم الإطاحة بها في إطار عملية السلام«، يضيف المصدر، لكن: »لحسن الحظ، القانون الدولي (الذي يعمل على اساسه في هذه المحكمة) لم يكن ينص على العفو العام، ما أتاح للمحكمة أن تتابع عملها. وبعد ثلاث سنوات، تمكنت من إرسال محققين إلى عدد من الدول«.
اليوم ينظر المصدر بإيجابية تجاه المحكمة، من دون أن ينكر العقبات الكثيرة التي واجهتها، والتي يتوقع أن تواجه محاكم أخرى ستتشكل بعدها: »لم يدعموا عملنا، واستخدموا نفوذهم الكبير لمنع التحقيقات ووصول المعلومات والشهود. كما بثوا الدعايات العدائية تجاه المحكمة. وادعوا أننا لسنا حيادين«، مؤكدا أن »السياسيين سيحاولون الضغط تعبيرا عن الانزعاج من وجود هيئة قضائية مستقلة عنهم«.
وعن المشاكل التي يمكن أن تواجه الشهود داخل المحكمة، يقول المصدر: »الشهود في العادة ليسوا مستعدين للإدلاء بشهاداتهم ما لم نتخذ إجراءات لحمايتهم. نحن في العادة نحجب وجوههم عن الكاميرا والصحافيين وأحيانا نعمد إلى تمويه الصوت«، ويوضح أن »الإجراءات الوقائية تطال أيضا طرق البث، حيث تزود وسائل الإعلام بشرائط من الكاميرا المثبتة في داخل قاعة المحكمة، وبفارق زمني صغير، يسمح بحذف العبارات التي يمكن أن يتلفظ بها أحدهم داخل القاعة وتؤدي إلى معرفة هوية الشاهد«.
ويضيف أنه »في بعض الأحيان ينقل الشهود إلى دول أخرى تتولى حمايتهم، أما إذا كانوا من المجموعة الأساســـية فتحميهم الدولة هنا«، مشددا على دور المنظمات الدولية والمجتمع الدولي اللذين من دونهما »لن تتمكن المحكمة من القيام بعملها مهما كانت طبيعتها«.
وعن المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان، يولي المصدر الحكومة اللبنانية مسؤولية كبيرة في ضمان تنفيذ قرارات المحكمة، ويقول: »على الحكومة اللبنانية أن تستخدم كل الآليات التي بمتناولها لضمان تنفيذ قرارات المحكمة. فإذا استدعت المحكمة شخصية سياسية أو عسكرية أو رسمية على هذه الحكومة أن تضمن تسليمها أينما كانت على أراضيها. وفي لبنان هذا ينطوي على تحد كبير«.
وعن احتمال تهرب الشهود من المثول أمام المحكمة، يجيب المصدر: »المعروف أن بعضهم يرفض المثول أمام المحكمة، والنتيجة هنا كانت صدور قرار اتهامي بحق شخص لعدم استجابته لقرار المحكمة«.
وينفي المصدر ردا على سؤال، »حصول أعمال تعذيب في مراكز الاعتقال التابعة للمحاكم الدولية«، مؤكدا أن »منظمات دولية مثل الصليب الأحمر الدولي وبعض وسائل الإعلام تزور المراكز في شكل مستمر، وبما يؤمن احترام كرامة المحتجزين«، كما يلفت إلى »إجراءات خاصة تتيح للمحتجزين الالتقاء بأقاربهم في أوقات معينة«.
مشاهد من محاكمة شيشل
يتفرع من قاعة الاستقبال درج صغير يقود إلى غرفة تفتيش دقيق جديدة. وتؤدي الغرفة إلى قاعة فيها مقاعد كثيرة خاصة بالصحافيين، يفصلها حائط من الزجاج عن قاعة المحكمة.
الجلسة هنا هي واحدة من جلسات محاكمة رئيس اكبر حزب سياسي في صربيا، وزير الدفاع السابق في مقدونيا فوجيسلاف شيشل. يجلس شيشل المتهم بجرائم حرب بملابس رسمية أنيقة في الجانب الأيسر من القاعة، ويتولى مهمة الدفاع عن نفسه، فلا يبدو في الكراسي الخاصة بالدفاع وراءه أي محام.
المساحة في وسط الغرفة يحتلها في مواجهة الصحافيين تماما، رئيس قلم المحكمة، ووراءه صف من القضاة بلباس المحامين الأسود وشالات حمراء. في الجهة المقابلة لمقاعد القضاة، يجلس الشاهد. ويمنع ستار أسود الصحافيين من رؤيته، في حين يظهر وجهه على شاشة التلفزيون أمامهم مموها وصوته غير واضح، وإن كان كلامه مفهوما«.
يمنع عناصر الحرس الصحافيين من الحديث في الغرفة. فالمحاكمة في منتصفها، وشيشل والشاهد يتبادلان الاتهامات والردود.
يتحدث الشاهد عن أدلة لديه على »استخدام الجيش المدفعية لتدمير فوكافار«، فيجد شيشل الكلام »غير منطقي، إذ أن الشاهد لم ير الضابط، ولا يستطيع تحديد رتبته«.
يعلو صوت شيشل خلال مقاطع من المحاكمة، ويردد في أحيان كثيرة أن »الشاهد يدلي بتحليلات وليس معلومات«. ويقول عبارته الأخيرة قبل مغادرتنا القاعة: »كان يمكن أن أنتحر حين رأيت ما رأيت، لكنني لم افعل ذلك. وسأدافع عن نفسي«.
في قاعة المحكمة، لا يبدو المدعي العام حاضرا. ويقول مصدر من داخل المحكمة: »ليس من الضروري أن يحضر دائما. ففي بعض الأحيان تشهد المحكمة ثلاث محاكمات منفصلة في الوقت نفسه«.
ويضيف أن »كل قضية يكلف بها فريق يقوده شخص محدد، والمحاكمة تجرى في حضور كبير المحامين«.
وعن التهديدات الأمنية للعاملين في المحكمة، يقول: »نحن على بعد مئات الأميال من مكان وقوع الجرائم. وعلى مدى 15 سنة، لم يحصل لأحد منا شيء«.
Thursday, May 22, 2008
نهاية اعتصام عمره 537 يوما
لبنان : الوساطة العربية - 2000 شخص أزالوا الخيم من وسط العاصمة . نهاية اعتصام عمره 537 يوما
منال أبو عبس
Al-Hayat (880 كلمة)
تاريخ النشر 22 مايو 2008
منال أبو عبس
Al-Hayat (880 كلمة)
تاريخ النشر 22 مايو 2008
عند الحادية عشرة إلا دقائق قليلة أطلقت كلمة السر من العاصمة القطرية. قدم رئيس المجلس النيابي نبيه بري »هدية لاتفاق الدوحة«، وفيها: »ابتداء من اليوم (أمس) باسم المعارضة يرفع الاعتصام من وسط بيروت«. ولم يمض وقت طويل حتى عاد الدم يسري في شرايين قلب العاصمة.
لا يحتاج المتجول في وسط بيروت قرابة ظهر أمس، إلى جهد كبير ليلاحظ الفرحة المرسومة على الوجوه. الفرحة العارمة هنا لها ما يبررها بالنسبة الى الموجودين، سواء كانوا من مناصري فريق الأكثرية أو المعارضة. فمجرد خروج المعتصمين من الوسط التجاري المقفل منذ عام و172 يوما وعودة المطاعم والملاهي والحياة فيها الى طبيعتها »مكسب للجميع وللمعارضة«. وبحسب أحد المسؤولين الأمنيين للاعتصام »السابق«، فإن »الخروج من هنا كان مطلبنا منذ مدة، لكن لم يكن بإماكننا ان نرحل من دون تحقيق مطالبنا«. اليوم مطالب المعارضة »تحققت«، بحسب المسؤول، و«إزالة الخيم والحواجز الحديد، هي الخطوة الأخيرة قبل مغادرتنا الى بيوتنا«.
أمام المسؤول يحتشد جمع من الصحافيين والمصورين منذ ساعات. تتجه الكاميرات في اتجاه رجال يوضبون خيمة كبيرة من موقف السيارات القريب من جسر فؤاد شهاب. ويفككون الى قطع صغيرة هيكلها الحديد، فيما يختص واحد منهم برفع الأعلام التي صارت ألوانها باهتة، ويلفها برفق فوق بعضها بعضا.
»طبعا مبسوطين ومتفائلين«، يقول، وقد سره إعلان الاتفاق بين القادة اللبنانيين، والذي استمد منه ان »المعارضة حققت مطالبها، ونحن عندما سمعنا كلمة الرئيس (بري) بدأنا بإجراءات التنفيذ«.
عند الثانية عشرة ظهرا، يأتي الأمر بوقف التصوير. »حتى الخامسة، لا داعي لوجود الصحافيين هنا«، يقول المسؤول. فمن وجهة نظره: »لا داعي للانتظار تحت الشمس. الشبان سيرفعون الخيم على مهل، وبعد الظهر يمكن لمن يشاء ان يصور«. قرار منع التصوير يتلقفه بحماسة شاب بسترة عليها شعار »حركة أمل«، فيتولى على عاتقه منع التصوير. وتبدأ سيارات قليلة تتسرب الى قلب الوسط.
دقائق قليلة وينتقل التجمع الصحافي الى الخيمة الكبيرة في ساحة اللعازارية، بناء لتوجهات شبان »الانضباط« بأن »حزب الله« سيعقد مؤتمرا في الساحة. هنا أيضا، التصوير ممنوع، لأسباب يقول أحد الأمنيين من الحزب إنها »لمنع عرقلة الشبان العاملين على فك الخيم«. أما الصحافيون فعليهم التجمع »لنعطيكم شوية ملاحظات، وحتى نتعرف على وسائل الإعلام الموجودة«، يضيف، قبل أن يطلق نداء عبر جهازه اللاسكلي: »أنت الـ101. أرسل كل الصحافيين عندك الى الخيمة الكبيرة«. ينتظر الصحافيون أكثر من ساعة تحت الخيمة الكبيرة من دون ان تلوح بوادر المؤتمر الصحافي في الأفق.
على بعد خطوات مقهى للمعارضة بدأ أصحابه بإزالة الدعائم الحديد التي تثبته بالأرض. يسخر أحدهم من الواقع، ويقول متهكما أمام رفاقه: »غدا سأقطع الطريق هنا احتجاجا على إنهاء الاعتصام. لقد قطعوا مورد رزقي«، فيضحك آخر: »مورد رزقك غير مهم. الأهم هو أننا حققنا مطالبنا. أسقطنا الحكومة واحتفظنا بالسلاح«. على مقربة من الاثنين يبدو رجل غير معني بما يدور من حوله. يجلس على كرسيه محتسيا كوبا من الشاي، وخلفه لافتة: »نحن. نريد حكومة نظيفة«، وعلى مقربة منه مساحة كان أحدهم زرع فيها أنواعا من الخضار.
من موقف اللعازارية هذا كان يدار الاعتصام. في صدر خيمته الكبيرة كانت خريطة لشوارع الوسط ولكل خيمة فيه، بالأرقام والألوان. الخيمة الآن تفرغ من محتوياتها. ويتولى الشبان يعاونهم نجارون وحدادون فك الأخشاب والحديد، فيما يزيل الباقون فرش النوم الإسفنجية وآلات التدفئة والتبريد ولوازم حياة يومية امتدت نحو سنة ونصف سنة.
من هذا الموقف أيضا، يبدو جسر فؤاد شهاب مكتظا بالسيارات والمارة. عليه يقف مراقبون كثر. مواطنون عاديون، ومراسلون لمحطات كثيرة عــربية وأجــنبية مــع سيارات النقل المباشــر. معهم يقف عــناصر مــن الــجيش وقــوى الأمــن يتفرجون على الحدث من بعيد.
يضج موقف السيارات الأقرب الى السراي الحكومية بالصحافيين وسياسيي المعارضة، فيبدو كأنما يعيش احتفالا. يرتفع صوت أغاني المعارضة، فيغطي على صوت عضو كتلة »التحرير والتنمية« النيابية علي بزي يقول: »لا أحد يريد ان ينبش الماضي، على الأقل علينا ان نتعظ من الماضي«.
ويضيف أن »اللبنانيين ينتظرون منا ان نفتح صفحة جديدة. فلنفتح صفحة مشرقة. فليبنوا معا دولة يشعر فيها الجميع بأنهم سعداء«، وأن »اللبناني عنده إصرار على البقاء. في الأيام المقبلة يجب أن يكون عندنا إصرار على إرادة الإعمار والنهوض والازدهار«. إلى جانب بزي يأتي سياسيون آخرون ويجولون في أنحاء المخيم، داعين الى الاتفاق بين اللبنانيين ونسيان الماضي. ومنهم عضو تكتل »التغيير والإصلاح« النيابي نبيل نقولا الذي يحمل مرة جديدة »السلطة مسؤولية التأخير في رفع الاعتصام«.
بين الجميع ينتشر عمال شركة التنظيفات »سوكلين« يرفعون ما تيسر، فيما يواصل الشبان فك الخيم بتأن، وإزالة الأسلاك الشائكة والعوائق الإسمنتية تمهيدا لمرور السيارات الى الوسط. ويؤكد المسؤول الإعلامي في »حزب الله« غسان درويش أن »فريق عمل من ألفي شخص سيواصل العمل حتى فجر الخميس (اليوم) لرفع كل مخلفات الاعتصام«.
الحاجز المؤدي الى شارع المصارف ما زال على حاله. وكعادته يتولى عسكري ومدني من حرس المجلس تفتيش الداخلين. أمس، تلقف أصحاب المحال المقفلة وبعضها منذ بدء الاعتصام - الخبر الجميل. وتحول الوسط الى ورشة تنظيف وإصلاحات لبدء العمل مطلع الأسبوع المقبل.
ويقول موظف في مطعم »انتركوت« وهو واحد من ثلاثة تابعة لمجموعة »بوبس« إن »أعمال التنظيف بدأت منذ ثلاثة أيام. كنا متفائلين بذهاب الزعماء الى الدوحة، واليوم بدأنا بإصلاح الكهرباء وأضرار أخرى«، في حين يتأسف آخر على »الشهداء الذين سقطوا قبل أيام من دون سبب«.
مطعم »سكوزي« أيضا، تحول الى ورشة. ويقول أحد الموظفين فيه إن »الأضرار طاولت البرادات والخشب، لكننا مستعدون لإصلاحها، ونراهن على عودة الحياة الى المنطقة«.
وأمس، عادت الضحكة الى وجوه العاملين هنا. بينهم عامل سوداني يقول إن »وضع البلد تحسن، وبالتالي وضعنا سيتحسن«. لكن، على بعد خطوات من الفرحين بعودة الحياة، ما زالت خيمة تنتصب في حديقة جبران مقابل مبنى »اسكوا«.
الخيمة هذه لن ترفع على رغم أن وجودها سبق نصب اعتصام المعارضة. وفيها ستبقي أمهات المفقودين اللبنانيين في السجون السورية على صور أبنائهم مرفوعة بانتظار خبر جميل من مكان ما يزيد عدد الوجوه الباسمة.
لا يحتاج المتجول في وسط بيروت قرابة ظهر أمس، إلى جهد كبير ليلاحظ الفرحة المرسومة على الوجوه. الفرحة العارمة هنا لها ما يبررها بالنسبة الى الموجودين، سواء كانوا من مناصري فريق الأكثرية أو المعارضة. فمجرد خروج المعتصمين من الوسط التجاري المقفل منذ عام و172 يوما وعودة المطاعم والملاهي والحياة فيها الى طبيعتها »مكسب للجميع وللمعارضة«. وبحسب أحد المسؤولين الأمنيين للاعتصام »السابق«، فإن »الخروج من هنا كان مطلبنا منذ مدة، لكن لم يكن بإماكننا ان نرحل من دون تحقيق مطالبنا«. اليوم مطالب المعارضة »تحققت«، بحسب المسؤول، و«إزالة الخيم والحواجز الحديد، هي الخطوة الأخيرة قبل مغادرتنا الى بيوتنا«.
أمام المسؤول يحتشد جمع من الصحافيين والمصورين منذ ساعات. تتجه الكاميرات في اتجاه رجال يوضبون خيمة كبيرة من موقف السيارات القريب من جسر فؤاد شهاب. ويفككون الى قطع صغيرة هيكلها الحديد، فيما يختص واحد منهم برفع الأعلام التي صارت ألوانها باهتة، ويلفها برفق فوق بعضها بعضا.
»طبعا مبسوطين ومتفائلين«، يقول، وقد سره إعلان الاتفاق بين القادة اللبنانيين، والذي استمد منه ان »المعارضة حققت مطالبها، ونحن عندما سمعنا كلمة الرئيس (بري) بدأنا بإجراءات التنفيذ«.
عند الثانية عشرة ظهرا، يأتي الأمر بوقف التصوير. »حتى الخامسة، لا داعي لوجود الصحافيين هنا«، يقول المسؤول. فمن وجهة نظره: »لا داعي للانتظار تحت الشمس. الشبان سيرفعون الخيم على مهل، وبعد الظهر يمكن لمن يشاء ان يصور«. قرار منع التصوير يتلقفه بحماسة شاب بسترة عليها شعار »حركة أمل«، فيتولى على عاتقه منع التصوير. وتبدأ سيارات قليلة تتسرب الى قلب الوسط.
دقائق قليلة وينتقل التجمع الصحافي الى الخيمة الكبيرة في ساحة اللعازارية، بناء لتوجهات شبان »الانضباط« بأن »حزب الله« سيعقد مؤتمرا في الساحة. هنا أيضا، التصوير ممنوع، لأسباب يقول أحد الأمنيين من الحزب إنها »لمنع عرقلة الشبان العاملين على فك الخيم«. أما الصحافيون فعليهم التجمع »لنعطيكم شوية ملاحظات، وحتى نتعرف على وسائل الإعلام الموجودة«، يضيف، قبل أن يطلق نداء عبر جهازه اللاسكلي: »أنت الـ101. أرسل كل الصحافيين عندك الى الخيمة الكبيرة«. ينتظر الصحافيون أكثر من ساعة تحت الخيمة الكبيرة من دون ان تلوح بوادر المؤتمر الصحافي في الأفق.
على بعد خطوات مقهى للمعارضة بدأ أصحابه بإزالة الدعائم الحديد التي تثبته بالأرض. يسخر أحدهم من الواقع، ويقول متهكما أمام رفاقه: »غدا سأقطع الطريق هنا احتجاجا على إنهاء الاعتصام. لقد قطعوا مورد رزقي«، فيضحك آخر: »مورد رزقك غير مهم. الأهم هو أننا حققنا مطالبنا. أسقطنا الحكومة واحتفظنا بالسلاح«. على مقربة من الاثنين يبدو رجل غير معني بما يدور من حوله. يجلس على كرسيه محتسيا كوبا من الشاي، وخلفه لافتة: »نحن. نريد حكومة نظيفة«، وعلى مقربة منه مساحة كان أحدهم زرع فيها أنواعا من الخضار.
من موقف اللعازارية هذا كان يدار الاعتصام. في صدر خيمته الكبيرة كانت خريطة لشوارع الوسط ولكل خيمة فيه، بالأرقام والألوان. الخيمة الآن تفرغ من محتوياتها. ويتولى الشبان يعاونهم نجارون وحدادون فك الأخشاب والحديد، فيما يزيل الباقون فرش النوم الإسفنجية وآلات التدفئة والتبريد ولوازم حياة يومية امتدت نحو سنة ونصف سنة.
من هذا الموقف أيضا، يبدو جسر فؤاد شهاب مكتظا بالسيارات والمارة. عليه يقف مراقبون كثر. مواطنون عاديون، ومراسلون لمحطات كثيرة عــربية وأجــنبية مــع سيارات النقل المباشــر. معهم يقف عــناصر مــن الــجيش وقــوى الأمــن يتفرجون على الحدث من بعيد.
يضج موقف السيارات الأقرب الى السراي الحكومية بالصحافيين وسياسيي المعارضة، فيبدو كأنما يعيش احتفالا. يرتفع صوت أغاني المعارضة، فيغطي على صوت عضو كتلة »التحرير والتنمية« النيابية علي بزي يقول: »لا أحد يريد ان ينبش الماضي، على الأقل علينا ان نتعظ من الماضي«.
ويضيف أن »اللبنانيين ينتظرون منا ان نفتح صفحة جديدة. فلنفتح صفحة مشرقة. فليبنوا معا دولة يشعر فيها الجميع بأنهم سعداء«، وأن »اللبناني عنده إصرار على البقاء. في الأيام المقبلة يجب أن يكون عندنا إصرار على إرادة الإعمار والنهوض والازدهار«. إلى جانب بزي يأتي سياسيون آخرون ويجولون في أنحاء المخيم، داعين الى الاتفاق بين اللبنانيين ونسيان الماضي. ومنهم عضو تكتل »التغيير والإصلاح« النيابي نبيل نقولا الذي يحمل مرة جديدة »السلطة مسؤولية التأخير في رفع الاعتصام«.
بين الجميع ينتشر عمال شركة التنظيفات »سوكلين« يرفعون ما تيسر، فيما يواصل الشبان فك الخيم بتأن، وإزالة الأسلاك الشائكة والعوائق الإسمنتية تمهيدا لمرور السيارات الى الوسط. ويؤكد المسؤول الإعلامي في »حزب الله« غسان درويش أن »فريق عمل من ألفي شخص سيواصل العمل حتى فجر الخميس (اليوم) لرفع كل مخلفات الاعتصام«.
الحاجز المؤدي الى شارع المصارف ما زال على حاله. وكعادته يتولى عسكري ومدني من حرس المجلس تفتيش الداخلين. أمس، تلقف أصحاب المحال المقفلة وبعضها منذ بدء الاعتصام - الخبر الجميل. وتحول الوسط الى ورشة تنظيف وإصلاحات لبدء العمل مطلع الأسبوع المقبل.
ويقول موظف في مطعم »انتركوت« وهو واحد من ثلاثة تابعة لمجموعة »بوبس« إن »أعمال التنظيف بدأت منذ ثلاثة أيام. كنا متفائلين بذهاب الزعماء الى الدوحة، واليوم بدأنا بإصلاح الكهرباء وأضرار أخرى«، في حين يتأسف آخر على »الشهداء الذين سقطوا قبل أيام من دون سبب«.
مطعم »سكوزي« أيضا، تحول الى ورشة. ويقول أحد الموظفين فيه إن »الأضرار طاولت البرادات والخشب، لكننا مستعدون لإصلاحها، ونراهن على عودة الحياة الى المنطقة«.
وأمس، عادت الضحكة الى وجوه العاملين هنا. بينهم عامل سوداني يقول إن »وضع البلد تحسن، وبالتالي وضعنا سيتحسن«. لكن، على بعد خطوات من الفرحين بعودة الحياة، ما زالت خيمة تنتصب في حديقة جبران مقابل مبنى »اسكوا«.
الخيمة هذه لن ترفع على رغم أن وجودها سبق نصب اعتصام المعارضة. وفيها ستبقي أمهات المفقودين اللبنانيين في السجون السورية على صور أبنائهم مرفوعة بانتظار خبر جميل من مكان ما يزيد عدد الوجوه الباسمة.
Wednesday, May 21, 2008
محكمة لبنان لن تستمع إلى الشاهد الأول قبل 2010
رئيس الادعاء في محكمة سييراليون: محكمة لبنان
لن تستمع إلى الشاهد الأول قبل 2010
منال أبو عبس
Al-Hayat (642 كلمة)
تاريخ النشر 21 مايو 2008
لا يبدي رئيس قسم الادعاء في محكمة سييراليون المستشار القانوني لوك كوتيه تفاؤلا كبيرا بإمكان مباشرة المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان عملها الفعلي قبل عامين من الآن. واستنادا إلى تجربة القانوني الفرنسي- الكندي التي تمتد إلى نحو 20 سنة من العمل على التحقيقات في جرائم الحرب في كندا ورواندا، ثمة خطوات ستلي تشكيل المحكمة ويسهل التنبؤ بها. ويقول: »بحلول كانون الثاني (يناير) 2009، المحكمة ستكون أنشئت. وإذا قلنا أن المتهم الأول سيكون موجودا لديها بحلول شهر آذار (مارس) أو نيسان (أبريل)، فإن الخطوة الأولى للدفاع بحسب اعتقادي ستكون الطعن في اختصاص المحكمة، ما سيؤدي إلى تجميد الإجراءات مدة شهر أو اثنين، للنظر في الاختصاص. ثم يأتي دور الاستئناف«. ويضيف: »أرى أن المحكمة لن تباشر عملها وتستمع إلى الشاهد الأول قبل الوصول إلى قرار محكمة الاستئناف. وذلك لن يتم ذلك قبل سنة من تأسيسها أي بحلول العام 2010«.
وبحسب كوتيه الذي التقته »الحياة« على هامش ورشة عمل نظمتها مؤسسة »فريديريتش ايبرت« و«المركز الدولي للعدالة الانتقالية« في برلين ولاهاي، فإن سير المحكمة لن يتأثر بأي أحداث أو تغيرات في تركيبة الحكومة أو المجلس النيابي اللبناني، فـ«المحكمة أنشئت تبعا لقرار من مجلس الأمن. وهي ستأخذ طريقها إلى التنفيذ بصرف النظر عما يجرى في الداخل«. غير أن إجاباته لا تعكس تطمينات عندما يتعلق الأمر بتسوية محتملة بين سورية وأميركا أو غيرها: »عندها يمكن أن يطرأ تغيير«. »أن يصدر مجلس الأمن قرارا يلغي قراره السابق؟« نسأله، فيجيب: »كل شيء جائز«.
وعلى رغم إصرار كوتيه على عدم توجيه اتهامات، إلا أنه يرى أن »سورية لن تقدم الشهود إلى المحكمة«، وأن الضغط عليها لا يمكن أن يتم إلا من خلال »اللجوء إلى مجلس الأمن«، غير أنه يضيف أن »مجلس الأمن في العادة لا يفرض عقوبات على دول لم تتعاون مع المحكمة«.
وعن تصريحات أشخاص من المعارضة اللبنانية بأنها لن تقدم شهودا للمحكمة، يوضح كوتيه: »من الناحية القانونية لدى المحكمة صلاحية إصدار أمر اعتقال عن المحكمة كشاهد«، معتبرا أنه »قد يكون ضارا للشاهد أن يمتنع عن المجيء للإدلاء بشهادته«.
يتحدث كوتيه بأسف عن الوضع الأمني في لبنان، إذ أنه »أكثر خطورة من بقية الدول التي شهدت محاكم دولية«، لكن من وجهة نظره إليه »الوصول إلى العدالة هذه المرة ضروري من أجل مصلحة البلد«.
وعن الضغوط السياسية على المحكمة، يجيب: »ما من محكمة دولية إلا وتعرضت للضغط السياسي. كلها شكلت لأسباب سياسية. غير أن نظامها الأساسي هو الذي عليه أن يضمن معايير الاستقلالية عن الحياة السياسية. القضاة المحليون عندهم خلفيات وهذا موجود في كل المحاكمات، غير أن القضاة الدوليين سيضمنون حيادية المحاكمة«
وفي شأن حصانة رؤساء الدول، يقول: »إذا حدد النظام الأساسي للمحكمة أن لا حصانة للرؤساء، فهذا يسري حتى على رئيس لبنان، لكن في النظام الأساسي لمحكمة لبنان لا وجود لهذا الأمر. وكونهم لم يذكروا ذلك في النظام الأساسي، فمن المؤكد أن ثمة سببا ما وراء ذلك«.
ويرى كوتيه أن »السمة الأهم لمحكمة لبنان هي أنها دولية، لكنها تتناول أحداثا محلية محددة«، معتبرا أن »حصر الأحداث يزيح عن المدعي العام عبء الضغط السياسي، لأنه طلب منه مسبقا أن ينظر في جرائم محددة«، ولافتا إلى أن موضوع مسؤولية الرئيس عن المرؤوس »يخص المدعي العام الذي عليه أن يحدد من هو المتهم«. ويضيف: »المدعي العام أيضا يحدد من سيحاكمون معا. وهل ستكون المحاكمة لكل شخص على حدة. ومن سينضم إلى من في هذه القضية، وسيتخذ قرار عن الأدلة التي سيقدمها«. ويتطرق كوتيه إلى لجنة التحقيق الدولية، معتبرا أن »التقرير الذي ستقدمه اللجنة مهم جدا للمدعي العام، لكن لا بد من أدلة إضافية مثل شهود ومستندات«، موضحا أن »المعلومات الاستخباراتية ليست أدلة جيدة في المحكمة، لكنها عادة تعطي طريقا للوصول إلى الأدلة الجيدة. فقد يكون هناك تضليل من أجهزة استخبارات وهذا أمر معروف ويحصل. والمدعي العام يعرف ذلك وهو سيشكك في كل معلومة استخباراتية حتى لو كانت من الحكومة اللبنانية«.
ويلفت كوتيه إلى خطوات تميز محكمة لبنان عن المحاكم الأخرى وتسرع من عملها، منها »تعيين قاضي الإجراءات التمهيدية مسبقا، إضافة إلى إنهاء لجنة التحقيق الدولية عملها قبل بدء المحكمة«. ويقول: »هناك تدابير صارمة تحول دون أي تأخير. هذه المحكمة ستكون الأسرع، وهذا لا يعني أنها ستكون غير عادلة«.
Sunday, May 18, 2008
المحكمة أصبحت حقيقة... وقد تعترضها مشاكل
تعارض فرض عقوبات على سورية إذا لم تتعاون
رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني:
المحكمة أصبحت حقيقة... وقد تعترضها مشاكل
منال أبو عبس
Al-Hayat (484 كلمة)
تاريخ النشر 18 مايو 2008
< شددت وزيرة العدل الألمانية السابقة ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني هيرتا دوبلر جميلين على أهمية الدور الذي ستلعبه المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان، معتبرة أن مجرد مباشرة المحكمة عملها سيعني التقدم »خطوة أو خطوتين في اتجاه تحقيق العدالة« في البلد الذي عرف عددا ملحوظا من الاغتيالات السياسية.
وأعربت جميلين لـ?»الحياة« عن معارضتها فرض عقوبات على سورية في حال رفضت التعاون مع المحكمة وتسليم المطلوبين لديها. وقالت: »هناك الآن علاقات سياسية افضل بين سورية والدول الأوروبية، وربما عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وهناك أمل كبير في الوصول إلى إقناع سورية بأن التعاون سيكون افضل بالنسبة اليها، من عدم التعاون«، مجددة التأكيد أن »التفاوض والتعاون من أفضل السبل الممكنة، وأنا شخصيا لا أؤمن بالعقوبات«، وأن »المحكمة صارت قوة واقعية وحقيقية في المنطقة، ولن يكون ممكنا التنازل عنها«.
وعن حال الانقسام الداخلي بين الفرقاء السياسيين في لبنان، رأت جميلين أن »المحاكم الدولية لم تكن تعمل عادة في ظل توافق داخلي«، مشيرة إلى أن »المحكمة لا يمكنها أن تحل الخلافات السياسية في لبنان، بل أن تأخذ إجراءات محددة لتردع مرتكبي الجرائم«.
وقللت جميلين من أهمية التشكيك في نزاهة القضاة المشاركين في المحكمة، معتبرة أن »لا يجوز في هذه المرحلة التركيز على البحث عن هويات القضاة وأسمائهم، لأن هذا سيعرض حياتهم للخطر«، ومطمئنة المشككين بأن »ليس هناك أي سبب للتشكيك في نزاهة القضاة. فلا محكمة دولية تختار قضاة غير كفوئين وذوي الثقة«.
وردا على سؤال عن الوضع الأمني في لبنان، قالت جميلين: »قد يكون الوضع خطيرا في لبنان إلى حين مباشرة المحكمة عملها، وما يمكن عمله لتفادي هذه المخاطر هو أن تبدأ المحكمة عملها في أسرع وقت حتى تتوقف هذه المخاطر، في حال وجودها«، رافضة الدخول في تفاصيل الحياة السياسية والانقسام السياسي في لبنان، معتبرة أن »هذا شأن داخلي لبناني، والإجابة متروكة للشعب اللبناني«.
وأكدت جميلين التي التقت عددا من الإعلاميين في إطار زيارة نظمتها مؤسسة »فريدريش ايبرت« و?»المركز الدولي للعدالة الانتقالية« إلى ألمانيا أن »المحكمة قد تساعد في الوصول إلى العدالة«، من دون أن تنفي إمكان مواجهتها عددا من المشاكل«. وقالت: »طبعا هناك مشاكل ستصادفها، كما هناك مهمات عدة يجب على لبنان القيام بها، لكن في النهاية المحكمة تبقى خطوة أساسية في اتجاه الوصول إلى العدالة«.
وأبدت جميلين أسفها للوضع الأمني في لبنان، مؤكدة أن »الشعب متألم من الوضع والانقسام بين الفريقين السياسيين، وهناك الكثير من التدخلات الخارجية«، ومشددة على أن »ربما الوسائل السياسية هي خطوة لمساعدة لبنان، والخطوة الأخرى هي المحكمة«. كما أكدت أن »الاستقرار والسلام من دون عدالة غير ممكنين«.
وعن تأثير كون المحكمة خارج لبنان، أجابت جميلين: »ربما كان من الأفضل لو أن المحاكمة أجريت في لبنان، لكن لم يكن هناك أمل. اعتقد بأن المحاكمة خارج لبنان قد تعطي الأمل بالتقدم خطوة أو اثنتين في اتجاه العدالة«.
ويشار إلى أن جميلين كادت تثير مشكلة بين ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية على أثر تصريحات نقلتها عنها إحدى الصحف عام 2002 وشبهت فيها منهج الرئيس الأميركي جورج بوش السياسي في العراق بسياسات أدولف هتلر. ولم تحل الازمة إلا بعدما أعلن المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر أنها قدمت استقالتها.
وأعربت جميلين لـ?»الحياة« عن معارضتها فرض عقوبات على سورية في حال رفضت التعاون مع المحكمة وتسليم المطلوبين لديها. وقالت: »هناك الآن علاقات سياسية افضل بين سورية والدول الأوروبية، وربما عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وهناك أمل كبير في الوصول إلى إقناع سورية بأن التعاون سيكون افضل بالنسبة اليها، من عدم التعاون«، مجددة التأكيد أن »التفاوض والتعاون من أفضل السبل الممكنة، وأنا شخصيا لا أؤمن بالعقوبات«، وأن »المحكمة صارت قوة واقعية وحقيقية في المنطقة، ولن يكون ممكنا التنازل عنها«.
وعن حال الانقسام الداخلي بين الفرقاء السياسيين في لبنان، رأت جميلين أن »المحاكم الدولية لم تكن تعمل عادة في ظل توافق داخلي«، مشيرة إلى أن »المحكمة لا يمكنها أن تحل الخلافات السياسية في لبنان، بل أن تأخذ إجراءات محددة لتردع مرتكبي الجرائم«.
وقللت جميلين من أهمية التشكيك في نزاهة القضاة المشاركين في المحكمة، معتبرة أن »لا يجوز في هذه المرحلة التركيز على البحث عن هويات القضاة وأسمائهم، لأن هذا سيعرض حياتهم للخطر«، ومطمئنة المشككين بأن »ليس هناك أي سبب للتشكيك في نزاهة القضاة. فلا محكمة دولية تختار قضاة غير كفوئين وذوي الثقة«.
وردا على سؤال عن الوضع الأمني في لبنان، قالت جميلين: »قد يكون الوضع خطيرا في لبنان إلى حين مباشرة المحكمة عملها، وما يمكن عمله لتفادي هذه المخاطر هو أن تبدأ المحكمة عملها في أسرع وقت حتى تتوقف هذه المخاطر، في حال وجودها«، رافضة الدخول في تفاصيل الحياة السياسية والانقسام السياسي في لبنان، معتبرة أن »هذا شأن داخلي لبناني، والإجابة متروكة للشعب اللبناني«.
وأكدت جميلين التي التقت عددا من الإعلاميين في إطار زيارة نظمتها مؤسسة »فريدريش ايبرت« و?»المركز الدولي للعدالة الانتقالية« إلى ألمانيا أن »المحكمة قد تساعد في الوصول إلى العدالة«، من دون أن تنفي إمكان مواجهتها عددا من المشاكل«. وقالت: »طبعا هناك مشاكل ستصادفها، كما هناك مهمات عدة يجب على لبنان القيام بها، لكن في النهاية المحكمة تبقى خطوة أساسية في اتجاه الوصول إلى العدالة«.
وأبدت جميلين أسفها للوضع الأمني في لبنان، مؤكدة أن »الشعب متألم من الوضع والانقسام بين الفريقين السياسيين، وهناك الكثير من التدخلات الخارجية«، ومشددة على أن »ربما الوسائل السياسية هي خطوة لمساعدة لبنان، والخطوة الأخرى هي المحكمة«. كما أكدت أن »الاستقرار والسلام من دون عدالة غير ممكنين«.
وعن تأثير كون المحكمة خارج لبنان، أجابت جميلين: »ربما كان من الأفضل لو أن المحاكمة أجريت في لبنان، لكن لم يكن هناك أمل. اعتقد بأن المحاكمة خارج لبنان قد تعطي الأمل بالتقدم خطوة أو اثنتين في اتجاه العدالة«.
ويشار إلى أن جميلين كادت تثير مشكلة بين ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية على أثر تصريحات نقلتها عنها إحدى الصحف عام 2002 وشبهت فيها منهج الرئيس الأميركي جورج بوش السياسي في العراق بسياسات أدولف هتلر. ولم تحل الازمة إلا بعدما أعلن المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر أنها قدمت استقالتها.
فؤاد شهاب لإدخال «الكتائب» إلى السلطة
قانون سنه فؤاد شهاب لإدخال «الكتائب» إلى السلطة بعد أحداث 1958
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,144 كلمة)
تاريخ النشر 18 مايو 2008
مع انتهاء حال العصيان المدني »المسلح« الذي اجتاحشوارع بيروت والمناطق خلال الأسبوع المنصرم، وانطلاق الحوار بين الفرقاء اللبنانيين في العاصمة القطرية الدوحة، بدأت ملامح مرحلة جديدة ترتسم في الأفق. ولما كان قانون 1960 واحدا من محاور الخلافات »القديمة« بين الفريقين، ما جوهره، وأية تقسيمات للدوائر الانتخابية يستند اليها؟
في 26 نيسان (أبريل) 1960 وضع الرئيس اللبناني فؤاد شهاب قانونا انتخابيا جديدا موضع التنفيذ. فلسفة القانون، الذي عرف لاحقا بقانون الستين، كانت تنبع من وحي العهد الجديد. فلبنان كان خرج للتو من ثورة 1958 الدامية، فيما المتاريس لا تزال مرفوعة فاصلة بين أبنائه. والهدف الأهم لشهاب الذي خلف لتوه الرئيس كميل شمعون، كان قــانون انتــخاب يــضمن حــدا أدنى مــن الاستقرار في الــشارع، رأى شهاب أنه يتحقق عبر إدخال الأطراف الــمتنازعين إلى المؤســســات الدســتورية.
أدخل القانون الجديد تقسيمات إدارية على البلد، قيل إنها لـ »ضرب« خصوم شهاب، أي شمعون وعميد »الكتلة الوطنية« ريمون اده. وأيضا من أجل ضم قوة مسيحية ضاربة إلى صف شهاب، فكان الحلف بين حزب »الكتائب اللبنانية« برئاسة بيار الجميل والشهابية.
بعد انتخابات عام 1960 بدا واضحا أن القانون الجديد أمن الاستقرار على المستوى السياسي وفي الشارع. وأجريت على أساسه أربع دورات انتخابية متتالية في الأعوام: 1960 و1964 و1968 و1972، فكان القانون الانتخابي الوحيد الذي لم يعدل عشية أية انتخابات.
رفع قانون الـ1960 عدد النواب من 66 إلى 99 نائبا، 54 منهم للمسيحيين و45 للمسلمين. وقسم الدوائر الانتخابية إلى 26 دائرة على أساس القضاء، باستثناء حالات عدة، دمج فيها قضاءان معا: حاصبيا ومرجعيون والبقاع الغربي وراشيا وبعلبك والهرمل التي صار كل قضاء منها دائرة انتخابية واحدة.
واعتمدت عواصم المحافظات دوائر انتخابية: بعبدا وطرابلس وزحلة وصيدا، فيما قسمت بيروت إلى ثلاث دوائر انتخابية: أولى تضم الأشرفية والرميل والمدور والصيفي والمرفأ وميناء الحصن، وهي ذات غالبية مسيحية (8 مقاعد: 1 ماروني و1 كاثوليك و1 أرثوذكس و1 إنجيلي و1 أرمن كاثوليك و3 مقاعد للأرمن الأرثوذكس). وثانية تضم زقاق البلاط والباشورة ودار المريسة، وهي ذات غالبية إسلامية سنية وشيعية (3 مقاعد: سني وشيعي وأقليات)، وثالثة تضم رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة (5 مقاعد: 4 سني ومقعد أرثوذكسي)، وهي ذات غالبية سنية.
وأدت التقسيمات آنذاك، إلى وصول بيار الجميل إلى البرلمان، عن المقعد الماروني في الدائرة الأولى التي كان يقال إن المعركة الانتخابية فيها مارونية تجرى على أرض أرثوذكسية بأصوات أرمنية وأموال كاثوليكية. كما راعت حليف شهاب الدرزي الزعيم كمال جنبلاط، إذ جمع قانون 1960 الدائرتين الشوفيتين: بعقلين وجون، ودير القمر وشحيم. وكان شمعون قسمهما قبلا ليضعف خصمه جنبلاط.
بين 1960 و2008
تفيد دراسة حديثة لمؤسسة »الدولية للمعلومات« عن قانون 1960، بأنه لا يؤمن المساواة بين المسلمين والمسيحيين ولا يسمح للمسيحيين بانتخاب جميع نوابهم.
وتستند الدراسة إلى أعداد الناخبين المسجلين في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2005، لتقول إن في حال اعتماد القضاء دائرة انتخابية وفقا لقانون الـ1960، يمكن ملاحظة عدم المساواة بين الناخبين من الناحية الطائفية (المسلمون أكثر عددا من المسيحيين)، كما أنه لا يسمح للمسيحيين باختيار نوابهم جميعا، بل هناك عدد من النواب المسيحيين يختارهم في شكل تام أو يتحكم في اختيارهم الناخب المسلم.
وإلى جانب الدراسة، فإن الأصوات الرافضة لقانون 1960 بصيغته القديمة تبدو مرتفعة في هذه المرحلة. فبالنسبة إلى كثيرين من مطلقي هذه الأصوات، لا يمكن مناقشة قانون الانتخاب العادل بمعزل عن التغييرات الإدارية التي أوجدها اتفاق الطائف.
فهو فرض عام 1989 المناصفة في توزيع المقاعد بين المسلمين والمسيحيين. كما نص على تعيين نواب بدل المتوفين خلال الحرب، ورفع العدد إلى 128 نائبا (من 99 في قانون الـ?1960). كما أشار إلى اعتماد المحافظة دائرة انتخابية (ارتفع عدد المحافظات إلى 9، بعدما كانت 5 في القانون القديم) بعد إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية.
ومنذ انتهاء الحرب حتى الأشهر الأولى من العام الحالي، كان قانون الـ?1960 بالنسبة إلى البطريرك نصرالله صفير (المرجعية المارونية الأكثر تأثيرا)، أفضل من قوانين الأعوام 1992 و1996 و2000 التي كشفت الخلل الفعلي في التمثيل المسيحي. غير أن موقف البطريرك لم يدفع الفرقاء السياسيين في السنوات الماضية إلى الأخذ بالقانون القديم.
وقبل أشهر أثار صفير زوبعة في فنجان الحياة السياسية، معلنا تراجعه عن دعم القانون القديم بسبب التغييرات التي طرأت على واقع التقسيمات الإدارية والتغييرات السكانية، من دون أن يخفي تأييده أصغر دائرة ممكنة (الدائرة الفردية).
أطلق الموقف الجديد للبطريرك السجال في شأن القانون الانتخابي المرتقب. وسار الفرقاء في معركة بدت كأنها اختبار مسبق لقدرة كل فريق على جني الثمار السياسية في حال فرض القانون موضوع النقاش. وبما أن الدائرة الانتخابية هي التي تحدد المكاسب السياسية، رسم كل فريق الدائرة الانتخابية التي تناسبه. وأضاف إلى قائمة الخلافات العميقة عنوانا جديدا هو القانون الانتخابي.
فريق المعارضة بأطيافه الكثيرة، ينادي بالأخذ بقانون الـ1960 كما هو، ويرمي بمطلبه في وجه فريق الأكثرية، رافضا مجرد الحديث عن إدخال تعديلات. في حين تضع الأكثرية شرطا حاسما قبل استعدادها القبول بالقانون القديم هو تعديله مسبقا. الخلاف انحصر في مسالة التعديل أم عدمه. وبالتفصيل:
تميل الأكثرية النيابية إلى رفض قانون الـ1960 كما هو، والى إمكان الأخذ به بعد التعديل، أي بعد إعادة توزيع المقاعد الـ29 التي أضيفت إلى قانون 1960 وجعلت البرلمان يضم 128 نائبا، وبعضهم فرضته دمشق بغية إنابة حلفاء لها في دوائر تفتقر إلى عدد من الناخبين يستلزم وجود المقعد فيها. (إضافة إلى نزع الاستثناء عن قانون 1960 الذي دمج ستة أقضية في ثلاث دوائر انتخابية، الأمر الذي يحتم رفع الأقضية الـ26 في قــانون 1960 إلــى 29 قضاء تحقيقا للمساواة بين الأقضية تلك).?
وينادي »تيار المستقبل« برئاسة النائب سعد الحريري بالأقضية المتعارف عليها. في حين، يبدو رئيس »اللقاء الديموقراطي« وليد جنبلاط غير متمسك بالقضاء، في ظل تحالفاته الحالية.
ويتمسك فريق المعارضة بدوره، بقانون الـ1960 من دون تعديل، غير أن لكل طرف في داخله رأيا في القانون الانتخابي الأنسب في حال عدم اعتماد القانون القديم.
فتكتل »التغيير والإصلاح« النيابي برئاسة النائب ميشال عون، ينادي بالدوائر الصغرى في حال اعتماد النظام الأكثري، والكبرى في حال اعتماد النظام النسبي.
أما »حزب الله« فطالما كان مشروعه يرتكز على صيغة »القائمة الموحدة« على أساس المحافظة والنسبية. وحركة »أمل« بزعامة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أيضا مستعدة للقبول بأي قانون انطلاقا من قانون 1960 وما فوق (بلا تعديل) في إشارة إلى الدوائر الأكبر من القضاء.
مشروع "الهيئة الوطنية"
في 8 آب (أغسطس) 2005 شكلت الحكومة »الهيئة الوطنية الخاصة بوضع قانون الانتخابات النيابية« وكلفتها وضع مشروعها.
بعد تسعة أشهر، قدمت الهيئة »لجنة فؤاد بطرس«، واعتمد النسبية في دوائر واسعة فيها تنوع طائفي.
وعلى رغم عدم اعتراض الأطراف السياسيين (في العلن) على مشروع الهيئة، إلا أن المجلس النيابي لم يعقد جلسة يناقش فيها المشروع الذي أحالته الحكومة إليه.
المحامي زياد بارود العضو في الهيئة. يرى أن أي قانون انتخابي يجب أن يندرج في إطار المادة 24 من الدستور التي تقول بالتساوي في المقاعد بين المسلمين والمسيحيين وتوزيعها.
قانون الـ1960 بالنسبة إلى بارود لا يلبي طموحات اللبنانيين من ناحية إصلاح النــظام الانتخابي، فـ?»منذ عام 1960 تــطور الأداء الانــتخابي عبــر العالم، وصــارت الانتخابات علما قائما بذاته.
آنذاك، لم يكن واردا الكلام عن تنظيم الإعلام وضبط النفقات الانتخابية واقتراع غير المقيمين والكوتا النسائية ومكننة العملية الانتخابية«.
ويقول عن القانون القديم أيضا انه »لم يعتمد معيارا واحدا في التقسيم على مستوى حجم الدائرة وعدد المقاعد والحاصل الانتخابي«. غير أنه من وجهة نظر بارود »إذا كان المقصود من إعادة طرح قانون الستين هو الانطلاق من تقسيماته مع تعديلات طفيفة تأمينا لتوافق سياسي، فهذا أمر لا يمكن إلا أن ينظر إليه من باب التسوية، وبالتالي لا يمكن الوقوف في وجهه«.
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,144 كلمة)
تاريخ النشر 18 مايو 2008
مع انتهاء حال العصيان المدني »المسلح« الذي اجتاحشوارع بيروت والمناطق خلال الأسبوع المنصرم، وانطلاق الحوار بين الفرقاء اللبنانيين في العاصمة القطرية الدوحة، بدأت ملامح مرحلة جديدة ترتسم في الأفق. ولما كان قانون 1960 واحدا من محاور الخلافات »القديمة« بين الفريقين، ما جوهره، وأية تقسيمات للدوائر الانتخابية يستند اليها؟
في 26 نيسان (أبريل) 1960 وضع الرئيس اللبناني فؤاد شهاب قانونا انتخابيا جديدا موضع التنفيذ. فلسفة القانون، الذي عرف لاحقا بقانون الستين، كانت تنبع من وحي العهد الجديد. فلبنان كان خرج للتو من ثورة 1958 الدامية، فيما المتاريس لا تزال مرفوعة فاصلة بين أبنائه. والهدف الأهم لشهاب الذي خلف لتوه الرئيس كميل شمعون، كان قــانون انتــخاب يــضمن حــدا أدنى مــن الاستقرار في الــشارع، رأى شهاب أنه يتحقق عبر إدخال الأطراف الــمتنازعين إلى المؤســســات الدســتورية.
أدخل القانون الجديد تقسيمات إدارية على البلد، قيل إنها لـ »ضرب« خصوم شهاب، أي شمعون وعميد »الكتلة الوطنية« ريمون اده. وأيضا من أجل ضم قوة مسيحية ضاربة إلى صف شهاب، فكان الحلف بين حزب »الكتائب اللبنانية« برئاسة بيار الجميل والشهابية.
بعد انتخابات عام 1960 بدا واضحا أن القانون الجديد أمن الاستقرار على المستوى السياسي وفي الشارع. وأجريت على أساسه أربع دورات انتخابية متتالية في الأعوام: 1960 و1964 و1968 و1972، فكان القانون الانتخابي الوحيد الذي لم يعدل عشية أية انتخابات.
رفع قانون الـ1960 عدد النواب من 66 إلى 99 نائبا، 54 منهم للمسيحيين و45 للمسلمين. وقسم الدوائر الانتخابية إلى 26 دائرة على أساس القضاء، باستثناء حالات عدة، دمج فيها قضاءان معا: حاصبيا ومرجعيون والبقاع الغربي وراشيا وبعلبك والهرمل التي صار كل قضاء منها دائرة انتخابية واحدة.
واعتمدت عواصم المحافظات دوائر انتخابية: بعبدا وطرابلس وزحلة وصيدا، فيما قسمت بيروت إلى ثلاث دوائر انتخابية: أولى تضم الأشرفية والرميل والمدور والصيفي والمرفأ وميناء الحصن، وهي ذات غالبية مسيحية (8 مقاعد: 1 ماروني و1 كاثوليك و1 أرثوذكس و1 إنجيلي و1 أرمن كاثوليك و3 مقاعد للأرمن الأرثوذكس). وثانية تضم زقاق البلاط والباشورة ودار المريسة، وهي ذات غالبية إسلامية سنية وشيعية (3 مقاعد: سني وشيعي وأقليات)، وثالثة تضم رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة (5 مقاعد: 4 سني ومقعد أرثوذكسي)، وهي ذات غالبية سنية.
وأدت التقسيمات آنذاك، إلى وصول بيار الجميل إلى البرلمان، عن المقعد الماروني في الدائرة الأولى التي كان يقال إن المعركة الانتخابية فيها مارونية تجرى على أرض أرثوذكسية بأصوات أرمنية وأموال كاثوليكية. كما راعت حليف شهاب الدرزي الزعيم كمال جنبلاط، إذ جمع قانون 1960 الدائرتين الشوفيتين: بعقلين وجون، ودير القمر وشحيم. وكان شمعون قسمهما قبلا ليضعف خصمه جنبلاط.
بين 1960 و2008
تفيد دراسة حديثة لمؤسسة »الدولية للمعلومات« عن قانون 1960، بأنه لا يؤمن المساواة بين المسلمين والمسيحيين ولا يسمح للمسيحيين بانتخاب جميع نوابهم.
وتستند الدراسة إلى أعداد الناخبين المسجلين في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2005، لتقول إن في حال اعتماد القضاء دائرة انتخابية وفقا لقانون الـ1960، يمكن ملاحظة عدم المساواة بين الناخبين من الناحية الطائفية (المسلمون أكثر عددا من المسيحيين)، كما أنه لا يسمح للمسيحيين باختيار نوابهم جميعا، بل هناك عدد من النواب المسيحيين يختارهم في شكل تام أو يتحكم في اختيارهم الناخب المسلم.
وإلى جانب الدراسة، فإن الأصوات الرافضة لقانون 1960 بصيغته القديمة تبدو مرتفعة في هذه المرحلة. فبالنسبة إلى كثيرين من مطلقي هذه الأصوات، لا يمكن مناقشة قانون الانتخاب العادل بمعزل عن التغييرات الإدارية التي أوجدها اتفاق الطائف.
فهو فرض عام 1989 المناصفة في توزيع المقاعد بين المسلمين والمسيحيين. كما نص على تعيين نواب بدل المتوفين خلال الحرب، ورفع العدد إلى 128 نائبا (من 99 في قانون الـ?1960). كما أشار إلى اعتماد المحافظة دائرة انتخابية (ارتفع عدد المحافظات إلى 9، بعدما كانت 5 في القانون القديم) بعد إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية.
ومنذ انتهاء الحرب حتى الأشهر الأولى من العام الحالي، كان قانون الـ?1960 بالنسبة إلى البطريرك نصرالله صفير (المرجعية المارونية الأكثر تأثيرا)، أفضل من قوانين الأعوام 1992 و1996 و2000 التي كشفت الخلل الفعلي في التمثيل المسيحي. غير أن موقف البطريرك لم يدفع الفرقاء السياسيين في السنوات الماضية إلى الأخذ بالقانون القديم.
وقبل أشهر أثار صفير زوبعة في فنجان الحياة السياسية، معلنا تراجعه عن دعم القانون القديم بسبب التغييرات التي طرأت على واقع التقسيمات الإدارية والتغييرات السكانية، من دون أن يخفي تأييده أصغر دائرة ممكنة (الدائرة الفردية).
أطلق الموقف الجديد للبطريرك السجال في شأن القانون الانتخابي المرتقب. وسار الفرقاء في معركة بدت كأنها اختبار مسبق لقدرة كل فريق على جني الثمار السياسية في حال فرض القانون موضوع النقاش. وبما أن الدائرة الانتخابية هي التي تحدد المكاسب السياسية، رسم كل فريق الدائرة الانتخابية التي تناسبه. وأضاف إلى قائمة الخلافات العميقة عنوانا جديدا هو القانون الانتخابي.
فريق المعارضة بأطيافه الكثيرة، ينادي بالأخذ بقانون الـ1960 كما هو، ويرمي بمطلبه في وجه فريق الأكثرية، رافضا مجرد الحديث عن إدخال تعديلات. في حين تضع الأكثرية شرطا حاسما قبل استعدادها القبول بالقانون القديم هو تعديله مسبقا. الخلاف انحصر في مسالة التعديل أم عدمه. وبالتفصيل:
تميل الأكثرية النيابية إلى رفض قانون الـ1960 كما هو، والى إمكان الأخذ به بعد التعديل، أي بعد إعادة توزيع المقاعد الـ29 التي أضيفت إلى قانون 1960 وجعلت البرلمان يضم 128 نائبا، وبعضهم فرضته دمشق بغية إنابة حلفاء لها في دوائر تفتقر إلى عدد من الناخبين يستلزم وجود المقعد فيها. (إضافة إلى نزع الاستثناء عن قانون 1960 الذي دمج ستة أقضية في ثلاث دوائر انتخابية، الأمر الذي يحتم رفع الأقضية الـ26 في قــانون 1960 إلــى 29 قضاء تحقيقا للمساواة بين الأقضية تلك).?
وينادي »تيار المستقبل« برئاسة النائب سعد الحريري بالأقضية المتعارف عليها. في حين، يبدو رئيس »اللقاء الديموقراطي« وليد جنبلاط غير متمسك بالقضاء، في ظل تحالفاته الحالية.
ويتمسك فريق المعارضة بدوره، بقانون الـ1960 من دون تعديل، غير أن لكل طرف في داخله رأيا في القانون الانتخابي الأنسب في حال عدم اعتماد القانون القديم.
فتكتل »التغيير والإصلاح« النيابي برئاسة النائب ميشال عون، ينادي بالدوائر الصغرى في حال اعتماد النظام الأكثري، والكبرى في حال اعتماد النظام النسبي.
أما »حزب الله« فطالما كان مشروعه يرتكز على صيغة »القائمة الموحدة« على أساس المحافظة والنسبية. وحركة »أمل« بزعامة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أيضا مستعدة للقبول بأي قانون انطلاقا من قانون 1960 وما فوق (بلا تعديل) في إشارة إلى الدوائر الأكبر من القضاء.
مشروع "الهيئة الوطنية"
في 8 آب (أغسطس) 2005 شكلت الحكومة »الهيئة الوطنية الخاصة بوضع قانون الانتخابات النيابية« وكلفتها وضع مشروعها.
بعد تسعة أشهر، قدمت الهيئة »لجنة فؤاد بطرس«، واعتمد النسبية في دوائر واسعة فيها تنوع طائفي.
وعلى رغم عدم اعتراض الأطراف السياسيين (في العلن) على مشروع الهيئة، إلا أن المجلس النيابي لم يعقد جلسة يناقش فيها المشروع الذي أحالته الحكومة إليه.
المحامي زياد بارود العضو في الهيئة. يرى أن أي قانون انتخابي يجب أن يندرج في إطار المادة 24 من الدستور التي تقول بالتساوي في المقاعد بين المسلمين والمسيحيين وتوزيعها.
قانون الـ1960 بالنسبة إلى بارود لا يلبي طموحات اللبنانيين من ناحية إصلاح النــظام الانتخابي، فـ?»منذ عام 1960 تــطور الأداء الانــتخابي عبــر العالم، وصــارت الانتخابات علما قائما بذاته.
آنذاك، لم يكن واردا الكلام عن تنظيم الإعلام وضبط النفقات الانتخابية واقتراع غير المقيمين والكوتا النسائية ومكننة العملية الانتخابية«.
ويقول عن القانون القديم أيضا انه »لم يعتمد معيارا واحدا في التقسيم على مستوى حجم الدائرة وعدد المقاعد والحاصل الانتخابي«. غير أنه من وجهة نظر بارود »إذا كان المقصود من إعادة طرح قانون الستين هو الانطلاق من تقسيماته مع تعديلات طفيفة تأمينا لتوافق سياسي، فهذا أمر لا يمكن إلا أن ينظر إليه من باب التسوية، وبالتالي لا يمكن الوقوف في وجهه«.
Friday, May 16, 2008
بيروت ليست تل أبيب
أبناء العاصمة يصرخون : بيروت ليست تل أبيب
منال أبو عبس
Al-Hayat (1,374 كلمة)
تاريخ النشر 16 مايو 2008
في محلة الضناوي في قلب بيروت، ترتفع لافتة كبيرة وحديثة، تحمل من الجانبين صورتي رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله تتوسطهما نجمة داود. وفوق النجمة مباشرة الآية القرآنية الكريمة: »وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة«.
قبل أسبوع واحد من اليوم كانت ترتفع مكان اللافتة الكبيرة، صورة للإمام المغيب موسى الصدر، خلفه راية لـ?»حركة أمل«، من الواضح أنها استبدلت بأخرى بعد انتفاضة المعارضة في شوارع بيروت لتطبع الأحداث الأخيرة بطابع التصدي لإسرائيل.
إلى اليمين من اللافتة، كتب بخط عريض على الحائط، عبارة: »الحرب ليست ضد أهلنا السنة. بل ضد »القوات« و«الاشتراكيين« و?»المستقبل«، وبتوقيع: »من يريد أن يحاسبنا، أهلا وسهلا«.
في مناطق »الصراع« الأخرى: كورنيش المزرعة وبربور ورأس النبع والطريق الجديدة ومار الياس، يروي كثر عن أيام يتمنون ألا تعود. ويعكس وجوم وجوههم حنقا وخيبة. إذ بحسب عباراتهم: »ما حصل أحدث جرحا من الصعب جدا أن يندمل«.
هكذا تنظر بيروت الى الأحداث التي ضربت قلبها. تتحول شوارعها إلى غابة من رايات »حزب الله« وحركة »أمل« و?»القومي السوري الاجتماعي« وصور قادتهم. وتظهر خجولة في بعض مناطقها صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله النائب سعد الحريري ورايات »تيار المستقبل«، فيما تغيب كليا رايات »التيار الوطني الحر«.
في مار الياس تروى حكايات كثيرة عن يوم الخميس الأسود وما سبقه وما تلاه. يومها كانت انطوانيت تقف على شرفة منزلها في الطبقة الرابعة، وإذا بجندي من الجيش اللبناني يصرخ فيها أن تدخل إلى البيت. تسأله عن الذي يحصل، فلا يجيب. تدخل انطوانيت. ويغطي الرصاص صوت الصراخ. تبيت ليلتها في الحمام، ومن هناك تتصل بابنها كل 5 دقائق. ترجوه ألا يعود إلى بيته، وأن ينام عند خطيبته في »الشرقية«. فبالنسبة اليها »هناك الوضع أكثر أمانا«. في المبنى المجاور من مبنى انطوانيت، تقطن أم محمد. بيتها في الطبقة الأولى، وتقول إنها سمعت أحد العسكريين يصرخ: »وصلوا«، أي المسلحون، قبل أن يختفي كل الجنود، وتترك الساحة للمسلحين الملثمين. يصرخ أحدهم ووجهه إلى الأعلى: »من كان في منزله صورة للحريري، فليحضرها إلى هنا ويمزقها أمام أعيننا، وما لم يفعل ذلك فلن نعفو عنه«.
تتشابه روايتا السيدتين عن المرحلة التي تلت انسحاب الجيش: »ينقسم المسلحون إلى فرق يتألف كل منها من اثنين أو ثلاثة شبان. بعضهم يتوسطون الشوارع ويطلقون النار في الهواء وفي اتجاه شرفات الأبنية، وبعضهم يدخلون إلى نواطير الأبنية ويسألونهم ما إذا كان في المبنى شبان من »تيار المستقبل«. النواطير في الأغلب ينفون، غير أن المسلحين يجدون ضالتهم في الأسماء المسجلة على الانترفون. من هناك يختارون الشقق »الواجب تفتيشها والتحقيق مع قاطنيها«.
حكاية النواطير مع المسلحين لم تقف عند حد السؤال والإجابة عنه. كثر منهم تعرضوا للشتم والإهانة. وكثر أيضا، اختفت نقودهم بعد تفتيش المسلحين للحقائب، بحسب روايات النواطير وأبناء المنطقة.
في الطريق الجديدة الرواية مختلفة. هنا »قلعة الصمود« بالنسبة إلى »تيار المستقبل«. وعلى مداخلها ومتفرعاتها ما زالت تلوح صور الحريري وعبارات: أنت زعيمنا. وتصل حبال الشرائط الزرق بين الشرفات. غير أن الجديد هنا صورة لمن سقطوا خلال التشييع الأسبوع الماضي، مكتوب عليها: »مجزرة »حزب الله« وحركة »أمل«. وبجانبها لافتة كبيرة: »أهل بيروت لا يوجهون سلاحهم إلا إلى العدو الصهيوني«.
يختصر تاجر في الطريق ما حصل: »حاول مسلحون من حركة »أمل« الدخول إلى المنطقة من ناحية جامع عبد الناصر. قابلهم من الناحية الأخرى مسلحو »حزب الله«. تصدى لهم شباب المنطقة، فلم يتمكن المسلحون من الدخول. في اليوم التالي، دخل الجيش«.
إلى جانب رواية التاجر، رواية على لسان شابة من المنطقة. تقول إنها رأت الشبان يبكون متوسلين وسطاء أن يخبروا سعد الحريري أن يمدهم بالسلاح. هؤلاء بنظرها ما كانوا ليسكتوا عن استباحة بيروت. غير أن السلاح لم يصل. »وقف بعضهم وسط الطريق وراح يشتم. شتموا 14 آذار وسعد الحريري الذي لم يسلحهم. وصاروا يشترون رصاصة الكلاشينكوف بدولار ونصف الدولار«.
تشيـــر سيدة إلى أحد الأبنية التـــي تعرضت لرصاص المسلحين. تقول إن بيتها في احدى طبقاته، وإنه تعرض لضرر كبير. توجه كلامها إلى فريق المعارضة، غامزة من قناة »حزب الله«، وتقول: »من يريد أن يحمي سلاحه، فليرحل بعيدا من بيروت. نحن لا نريده ولا نريد سلاحه، فليرحل إلى الصحراء وليقاتل من يشاء«. وتستدرك: »لماذا يقاتلنا، هل وجهنا سلاحنا صوبه يوما؟ من أعطاه حق القتل والتدمير؟ هل صار أهل بيروت هم الإسرائيليون بنظره؟ وبيروت هل صارت تل أبيب؟ حرام عليه. نحن وقفنا في وجه إسرائيل قبل أن يظهر هو وحزبه. فليرحل عنا«. الحنق على المقاومة يقابله حنق كبير على الجيش هنا. وأقل ما سمعناه في هذا الإطار كان: »الجيش تركنا تحت رحمة المسلحين وقت المعارك«.
على تقاطع مسجد جامع عبدالناصر في اتجاه بربور، تتكثف رايات حركة »أمل« وصور بري وعبارات الولاء للمعارضة والتهديد لإسرائيل ولرئيس الحكومة فؤاد السنيورة. على مقربة من المدخل يقف شاب مع جهاز اتصال لا سلكي. الشاب، لم يبلغ العشرين، مقاتل من حركة »أمل«، كما يقول. ويروي الأحداث التي عاشها لحظة بلحظة: »التطورات بدأت على اثر تظاهرة الأربعاء. »المستقبل« رموا قنبلة على تظاهرة في كورنيش المزرعة وأصيب 5 بجروح. بدأ التشنج، وبعدما تحدث الزعماء وبدأ إطلاق الرصاص«. المنطقة شهدت بحسب الشاب معارك قوية دامت منذ السادسة مساء الخميس حتى السابعـــة صباح الجمعة. نسأله عن الحواجـــز والسلاح ورأيه في قتال ابن البلد، فيجــيب: »لم نقم حواجز هوية ولم نحتجز أحدا. لم يمدنا أحد بالسلاح، هو موجود دائما في المراكز. وأنا لم أشارك في إطلاق النار«. وإذا طلب منك ان تفعل؟ يجيب: »عندها لكل حادث حديث«.
يستفز السؤال رفيق الشاب، فيقول: »لا مشكلة عندي من أن أطلق النار على أحدهم. أنت لا تعرفينهم. هؤلاء باعونا لأميركا وإسرائيل، ويتعرضون لسلاح المقاومة. أنا مستعد لأن أقتل فداء للمشروع (شبكة الاتصالات)«.
من بربور إلى راس النبع، صور كثيرة للحريري وقد مزقت. وفي راس النبع ألصقت فوق بعضها صور للرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني السابق اميل لحود. شارع محمد الحوت الذي شهد الاشتباكات الأعنف، مقفل أمام السيارات بأمر الجيش. على مدخله سيارات كثيرة مصابة باعيره نارية وزجاج متناثر على الأرض. يروي أحد أبناء المنطقة الأحداث الأخيرة، فيقول: »فجأة ظهروا على المداخل مدججين بالأسلحة«. يشير إلى أبنية مصابة بالرصاص وبقاذفات »ار بي جي«. ويضيف: »هنا كان مكتب تابع لتيار المستقبل. عندما هاجمنا المسلحون فر الحراس الأربعة الموجودون في المكتب، فاعتقلهم عناصر حركة »أمل« في نهاية الشارع. أطلق المسلحون الرصاص في الهواء ولم يتصدى لهم أحد. جالوا الطرق يشتمون الرجال، ويقولون إذا في رجال ينزلوا. جاري في البناية المقابلة رأيته يحمل سلاحا ويطلق النار على أبنية جيرانه«. وأضاف: »رأيتهم يطلقون النار على الجامع، هل كانوا يحررون فلسطين من الجامع؟ وعلى مدخل أحد الأبنية كتبوا: احذروا أيها السنة، »أمل« قادمة. هذا عيب«.
المنطقة صارت خالية من السيدات والبنات. يقول الراوي: »كانوا يتوعدون نساءنا، فأجليناهن إلى خارج بيروت«. يستطرد الراوي في الحديث عن أبناء المنطقة ومشاعر السخط والغضب التي تعتريهم: »دخلوا إلينا ليحاربوا إسرائيل في مناطقنا, إسرائيل لم تفعل بنا ما فعلوه هم. صحيح أن السياسة بلا دين، لكن هم أيضا بلا دين«.
يتحدث عن المسلحين اليوم، قائلا: »يجتازون حاجز الجيش ومسدساتهم على خصورهم، فلا يوجه الجنود إليهم أي كلمة اعتراض. وعند الظهر تصلهم وجبات الطعام من مطعم في الضاحية. كأنهم كانوا يقاتلون إسرائيل وتجب مكافأتهم«. يستفيض في الكلام عن »جبروت« المسلحين، ويروي حكاية محام ووالدته من آل طباره »بينما كانا يجتازان الشارع للهرب من المنطقة، أطلق المسلحون قذيفة »آر بي جي« في اتجاههم، فقضيا على الفور«، سائلا: »ما ذنب هذا الشاب ووالدته. هل كانت الحاجة ابنة الـ78 سنة تستهدف مشروع المقاومة وهي هاربة من المسلحين«. ويختم حديثه بالقول: »الحكاية لن تنتهي هنا. بالقلب ما رح تخلص«، ويضيف: »ديننا لا يسمح أن نكون اتباع اليهود أو الأميركيين أو نتعامل معهم، لكن ديننا أيضا لا يسمح لنا أن نوجه سلاحنا إلى صدور المسلمين. زرعوا في قلوبنا الكره والحقد وحرمونا النفس الحلو«.
في الزيدانية، لا تبدو الصورة افضل حالا. يصب صاحب أحد المحال التجارية جام غضبه على الجيش، متهما الجنود بأنهم »كانوا ينتظرون المسلحين خارج المكاتب إلى أن يفرغوا من التحقيق مع شبابنا وضربهم، بعدها كان الجيش يتسلمهم. ضاعت ثقتنا بالجيش«. يشير بإصبعه إلى زاوية حيث يجلس جنود من الجيش تحت راية لـ»حركة أمل«، ويقول: »منذ متى كان الجيش يرضى بأن يجلس عناصره تحت راية ميليشيا«.
بحسب التاجر، الأحداث التي مرت على الزيدانية، تشبه ما مر على مار الياس وراس النبع. غير أن خلاصته منها تبدو أكثر وضوحا: »قبل الأحداث كنت مع »حزب الله« حتى الموت. اليوم لم اعد أثق به. كان قائدهم يقول إنه لن يقوم بانقلاب ولن يوجه سلاحه إلى الداخل، وها هو فعلها. انظر إلى الحزب فلا أراه إلا ميليشيا مثل غيره، وإن كان اكثر قوة من الباقين«.
لا يبدو التاجر متفائلا بالمرحلة المقبلة على رغم الأنباء عن اتفاق وشيك، وغياب مظاهر الاستفزاز. ويقول: »مجرد وجود راياتهم مرفوعة في شوارعنا هو تحد لنا. كما أن سياراتهم تجوب شوارعنا كل يوم احتفالا بالنصر، كأنهم غزوا تل أبيب وليس بيروت«. ويشير إلى شجرة أمام محله، قائلا: »قطعوا أشجارنا وزرعوا عليها راياتهم. ألم ينتقدوا إسرائيل لقطعها أشجار الزيتون في فلسطين؟ الذي فعلوه ببيروت اكثر قسوة، لو يدركون«.
Subscribe to:
Posts (Atom)