Tuesday, October 26, 2004

لبنانيات يبررن أسباب هجرتهن

لبنانيات يبررن أسباب هجرتهن ... استقلال مادي وهروب من التقاليد

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,077 كلمة)
تاريخ النشر 26 أكتوبر 2004


في الليلة السابقة لسفرها، تقف لينا على طاولة أحد مقاهي بيروت. يلتف أصدقاؤها حولها وينشدون: «يا مسافر وحدك»، و«بكرا لما تسافر». صديق لينا يجلس على الكرسي المقابل. ينظر إليها باسما. «فـما هي إلا شهور قليلة» ويلحق بها إلى لندن.

عملت لينا قبل سفرها في أحد المصارف اللبنانية، ثم درست مادة الرياضيات في مدرسة رسمية، قبل أن تقرر ترك العمل، والبحث عن «وظيفة العمر»... ولكن، بعد أربعة أعوام من حصولها على شهادة إدارة الأعمال من إحدى الجامعات الخاصة، لم تجد لينا تلك الوظيفة في بلدها فهاجرت إلى لندن للعمل في شركة تأمين خاصة.

تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لسفرها، وذكرى مولدها السادسة والعشرين. صديقها ما زال ينتظر «فرصة عمل» تخلصه من بطالته القسرية في لبنان. ويردد يوميا «يا مسافر وحدك» هازئا من «المثقفين القدامى الذين كانوا يفصلون كل شيء على مقاس الذكور. حتى أغاني السفر كتبت عن الشباب».

لا تعتبر لينا حالا شاذة تستوجب الاستفاضة في الحديث عنها. هي ليست إلا جامعية لبنانية لم تجد في بلدها الأم فرصة عمل ترضي طموحاتها... فهاجرت.

«هجرة البنات»، عبارة حديثة العهد في المجتمع اللبناني. وعلى رغم أن سفر اللبنانيات وإقامتهن في الخارج لأسباب متنوعة، يعود إلى عشرات السنين، إلا أن حجم هذه الهجرة يتزايد في شكل كبير في الأعوام الاخيرة. فما هي الأسباب التي تدفع فتيات لبنان إلى الهجرة؟

«غياب فرص العمل، الإحساس بعدم الانتماء السياسي، ضيق الآفاق الفكرية والثقافية، الطائفية، تبعات الحرب...»، أسباب لا يمل كثيرون من ترديدها قبل الصعود على متن الطائرة، هربا إلى بلد جديد. يجمع الشبان والشابات على نبذ هذه «العلل الداخلية»، ورفض «الحياة في بلد لا يؤمن لأبنائه متطلباتهم الحياتية، ولا يراعي تطورهم السياسي والفكري». وعلى رغم الدوافع الكثيرة التي يوردنها، تعلل معظم الفتيات هجرتهن «بالهروب من قيم اجتماعية وتقاليد بالية»، ثم «البحث عن فرصة عمل افضل».

الواسطة... إلى المهجر!

قبل الحصول على إجازة في الإعلام، لم يخطر على بال ريما (25 عاما) السفر. كل ما كانت تبحث عنه هو«الشهادة، ثم العمل في إحدى المؤسسات الصحافية في لبنان»، تقول. بعد التخرج، تدربت ريما في اكثر من جريدة محلية وفي مكاتب شركات خليجية، إلا أن «القيمين على المؤسسات لم يلتزموا في المسألة المادية»... وكما يحصل عادة، لم يتم توظيفها في أي منها.

أحست ريما بأنها تعمل «من دون مقابل». بحثت عن عمل لشهور عدة، ثم يئست. فكرت في السفر إلى الخليج. «هناك يمكنني أن ادخر، لم أعد أفكر سوى في المال»، تردد العبارة نفسها التي تتكرر يوميا على السنة فتيات كثيرات.

سافرت ريما إلى الكويت العام الماضي، لتعمل في إحدى الصحف. لكن البلد الجديد لم يكن مشرعا أبوابه لاستقبالها كما كانت تعتقد: «الوضع مختلف تماما في الخارج. هناك صعوبات كثيرة تواجهنا قبل التوظيف، بدءا من البحث عن الأشخاص الذين يمكن أن يرشدونا إلى أصحاب العمل... مفاتيح المؤسسات. وتماما كما في لبنان علينا مواجهة الفيتامين «و» او الواسطة»... منذ أيام عدة عادت ريما إلى الكويت، بعدما أنهت زيارتها السنوية لأهلها ورفاقها في لبنان.

وتقول هبة منتقدة التمييز في التعامل بين العربية والأجنبية المهاجرة: «يندهشون لأنني فتاة عربية غير متزوجة، أسافر بهدف العمل والحصول على مال».

سافرت هبة إلى دبي لتعيش «تجربة السفر والحصول على استقلاليتها الكاملة والهرب من تقاليد اجتماعية وقيم بالية لا تواكب العصر». لم يشغل البحث عن عمل بالها كثيرا، فهي اختارت عن اقتناع الانطلاق من نقطة الصفر. بدأت بالتعرف على الأماكن والمناطق التي عليها أن تقصدها، غير أن «المشكلة الأساسية للفتاة المهاجرة هي الحصول على مسكن. لم يكن لديهم الثقة بي، كيف سأسدد فواتير الشقة طالما أنني لا اعمل ولا أحد يكفلني»، تقول.

التعامل مع الشخصيات الغريبة مشكلة أخرى واجهت هبة أثناء سفرها: «عليك أن تتعامل مع أشخاص لا تعرفهم، ولا تعرف كيف يفكرون، ولا كيف هو أسلوب حياتهم وطريقة ممارستهم أعمالهم... يعني كان كل شي غريبا بالنسبة إلي». لم تبق هبه عاطلة من العمل لوقت طويل، «ففي الصيف تكثر الوظائف». وهكذا أصبحت الجامعية اللبنانية موظفة في إحدى شركات الإعلانات في دبي، و«بدخل يتجاوز ثلاثة أضعاف ما كنت أتقاضاه في لبنان»... ولكن ما ينغص «متعة الحياة» بالنسبة إلى هبه، هو «صاحب الأموال الذي يعامل الموظف كملكية خاصة. فلا يحس بأنه يتقاضى أجرا لقاء عمله».

تنتقد هبة ظروف العمل الصعبة في لبنان، التي غالبا ما «تخضعنا قسريا إلى ضغوطات العمل في الخارج». وتحن إلى أهلها الذين «شجعوني بعدما وجدوا أنني اتعب في لبنان، ولا احصل على نتيجة».

وتقول سهام (25 عاما): «البنت لا تسافر إلا طمعا بالنقود، أو رغبة في الاستقلال عن أهلها». قصة سهام تصلح نموذجا عن قصص جامعيات كثيرات لم يحالفهن الحظ بالعمل في اختصاصهن. حازت على ليسانس في التسويق، قبل أن تمضي سنة ونصف السنة عاملة في أحد المتاجر الكبرى في لبنان. منذ عامين سافرت سهام إلى قطر «لأسباب مادية بحتة»، بعدما أمن لها أحد الأقارب عقد عمل في مؤسسة خاصة.

غير أن الرغبة في الحصول على عمل افضل، لم يكن إلا السبب المعلن لسفر سهام: «لست مرتبطة عاطفيا وأرغب في العيش وحدي». يبدو المبرر كافيا في نظر سهام لتحمل اعباء الإقامة في الخارج.

حفلة فنية في الذكرى الثمانين للحزب الشيوعي اللبناني

حفلة فنية في الذكرى الثمانين للحزب الشيوعي اللبناني . جاء الشباب لـ« مشاهدة زياد »... فخيبهم خالد الهبر

منال أبو عبس
Al-Hayat (403 كلمة)
تاريخ النشر 26 أكتوبر 2004

في مناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، أحيا الفنانان خالد الهبر وزياد الرحباني حفلة فنية على مسرح قصر الأونيسكو في بيروت. وكان مئات الشبان تدافعوا لحضور الحفلة الأولى (مساء السبت)، ما دفع المنظمين إلى إقامة حفلة ثانية في اليوم التالي.

تلك الليلة توافد الشبان والشابات إلى المكان قبل ساعات لحجز أماكنهم، فيما اكتفى المتأخرون بمقاعد على الأرض ودرجات الصالة. ولم يثر تأخير الحفلة نصف ساعة تأففهم... فالجمهور في مقتبل العمر، ولا يتعدى عمر غالبيته العشرين عاما. وكما بدا، فهو كان مستعدا للتضحية بمزيد من الوقت لقاء «مشاهدة زياد وسماع تعليقاته الساخرة».

حنين الرفاق...

على خشبة المسرح وقف خالد الهبر لتحية الحزب الشيوعي. «سنديانة حمرا» كانت أغنيته الأولى. تلاها الكثير من الأغاني السياسية الملتزمة: «مصاري... مصاري»، «اكثر من أيا زمان»، «الحرب القادمة»، و«صيري أنت الجماهير»... إلا أن الهبر لم يكتف بأغانيه الخاصة، بل انشد «أغنية المقاومة» لفيروز، و«يا نور عينيا»، «أنا مش كافر»، «شو هالأيام اللي وصلنا لها» لجوزيف صقر. لكن الهبر لم يبد مقنعا الى حد كبير، على ما بدا من رد فعل الجمهور.

وقد طغت مؤلفات زياد الرحباني الموسيقية على الأمسية بغناها، لكن زيادا لم يشارك في الغناء، بل اكتفى بالعزف، مطلقا بين حين وآخر تعليقات متفرقة كانت كل مرة تثير ضحك الحاضرين. وبدورها، أعادت اسكتشات مأخوذة من نصوص زياد، ومقتطفات من برنامج «العقل زينة» الذي كانت تبثه إذاعة «صوت الشعب» العام 1987، حنين الرفاق القدامى إلى «زمن المقاومة السابق».

وعلى رغم أن الزمن مر على مواضيع «الاسكتشات» التي يتحدث زياد في بعضها عن الاتحاد السوفياتي والـ«مئة مليون فلاح الذين اصبحوا ملاكين»... فإنها أثارت تأييد الحاضرين وحماستهم، فعلا التصفيق المؤيد لـ«النظام الاشتراكي». أدى المقتطفات: رضوان حمزة، ليال ضو وداليا القاضي. وشارك في العزف عبود السعدي، إيمان حمصي، فؤاد عفره، فراس شاتيلا وغيرهم...

Monday, October 25, 2004

« حكايتهم وحكايتنا »

« حكايتهم وحكايتنا » رواها السوري نمر سلمون في بيروت . عرض تقليدي يغيب عنه الإبداع والفكاهة المتوقعة

منال أبو عبس
Al-Hayat (527 كلمة)
تاريخ النشر 25 أكتوبر 2004


لم يتعد عدد الجالسين على مقاعد مسرح «استرال» في بيروت، مساء أول من أمس، الثلاثين شخصا. بعضهم «مثقفون» معروفون، وبعضهم الآخر شبان غربيون أو لبنانيون تجدهم في كل حدث ثقافي... لكن، لا أحد يعرف ما الذي دفعهم إلى التصفيق بحرارة في تلك الليلة. قد تكون المعرفة الشخصية بالممثل السوري نمر سلمون الذي اعتلى خشبة المسرح ليومين متتالين وقدم أمسيتين حكواتيتين، الأولى تحمل عنوان: «لا تخشى شيئا فالموت إلى جانبك»، والثانية: «حكايتهم وحكايتنا». أو قد يكون الاهتمام بالنوع المسرحي الذي يقدمه سلمون. غير انه وفي الحالين كلتيهما، لم يمر اللقاء من دون طرح أسئلة عدة، منها: ما الذي أراد أن يقوله سلمون في عرضه؟ وإلى أي نوع من أنواع المسرح تنتمي أمسيات الممثل المغترب؟ لتصل إلى حد: أين الجديد في ما يقوله الحكواتي «الأندلسي»؟

عند التاسعة مساء الجمعة والسبت الماضيين صعد الممثل والمخرج والكاتب المسرحي على خشبة المسرح منفردا. ثيابه الأندلسية وطاقيته النبيذية مستوحاة من روح الحكاية. استهل عرضه بقصة عن الغربة، وما عاناه للحصول على بطاقة الإقامة. في مكتب تقديم الطلبات جلس الممثل، سنوات وسنوات في الزاوية، قاطعا العهد بعدم مغادرة المكان قبل الحصول على البطاقة... تنقضي السنوات وتنتهي الحكاية تماما كما يتوقعها المستمع العادي... خطأ مطبعي على التأشيرة يبدل مضمونها، ويمنح صاحبها الحق الشرعي بالتبول في أي مكان من العاصمة الفرنسية، بدل التجول فيها.

القصة التالية مستوحاة من معاناة سلمون بعد موت والدته. حينها كان يتابع دراسته العليا في جامعة السوربون الباريسية. حزن المغترب وخوفه من خسارة والده قبل أن يعود إلى بلده دفعاه إلى زيارة الطبيب النفسي. وما أن شرح سلمون للطبيب شارد الذهن معاناته، حتى صرخ الأخير مشتكيا من آلامه التي لا يأبه بها أحد.

ومن باريس إلى أحد مقاهي الأندلس «أرض الأجداد» تنقلنا قصص الحكواتي. في ذلك المقهى أوقعت النادلة التي بادرها سلمون بالتحية القهوة على الجالسين. عندها روى الممثل على مسامع الزبائن المثل العربي «دلق القهوة خير» ليخفف من غضبهم، فأعجبهم المثل ونال ثقتهم. في اليوم التالي راح كل زبون يطلب فنجانين من القهوة، واحد ليشربه والثاني ليرميه على الأرض، طمعا بالخير المتأتي من ورائه.

التواصل، كلمة كررها سلمون كثيرا في العرض، قبل أن يحط به الرحال أخيرا في بيروت. واختتم العرض بالقصة التي رافـقـت نزول الحكواتي من الطائرة في مطار بـيـروت. واستـقـبال أهلها له بالزغاريد والأناشيد التي تصف لبنان ببلد النور، ليفاجأ بعد لحظات قليلة بانقطاع الكهرباء.

وتجدر الإشارة إلى ان سلمون ألف كتبا عدة منها: «ذاكرة عميقة ومسرحيات أخرى»، عن جمعية كتاب المسرح الإسباني 2004، و«نزهة على ضفاف حبل المشنقة وقصص أخرى دخانية مثيرة للضحك» عن دار نشر موراندي - مدريد 2000.

Saturday, October 23, 2004

فوانيس رمضان ... تأتي من الصين

مظاهر الاحتفاء بشهر الصوم لم تفلت من العولمة . فوانيس رمضان ... تأتي من الصين

منال أبو عبس
Al-Hayat (609 كلمة)
تاريخ النشر 23 أكتوبر 2004

«اللي تمنيته في أحلامي دالوقت لقيته... حبيت الدنيا وأيامي على شان حبيته»... وإذ بالفانوس يتحول إلى جهاز راديو يردد آخر أغاني الموسم العربية والأجنبية. ويتخذ مكانه على رفوف محلات الألعاب في بيروت.

فانوس رمضان ظاهرة احتفالية بقدوم الشهر الكريم، تلقى رواجا في دول عربية عدة، أبرزها مصر. غير أنها في لبنان تتخذ طابعا آخر، إذ يكاد وجودها يقتصر على أعمدة كهرباء قليلة تتولى المؤسسات الخيرية ودور الأيتام تزيينها، أو بعض خيم رمضانية تتدلى من سقوفها فوانيس مضيئة قلما يلاحظ وجودها الساهرون. ولكن ما هو تاريخ هذه الظاهرة، وما هي مقومات صمودها، وان بخجل، في لبنان؟

يقطع الزجاج الخام الملون إلى أحجام مختلفة. يقطع المعدن إلى شرائح عريضة ورفيعة. توضع الأضلاع المعدنية على جوانب قطع الزجاج. تصمم القبة والكعب. تلحم الأجزاء جميعها بالقصدير. ولا شيء اسهل من صناعة فانوس تقليدي للاحتفال بحلول رمضان. غير أن هذا الشكل التقليدي ليس هو السائد اليوم، فأحجام الفانوس وأشكاله تخضع كما أي سلعة أخرى إلى متطلبات السوق. وتتنوع تبعا إلى ذوق الجمهور وإمكاناته المادية. وتختلف بين تقليدي مثلث أو مربع أو مخمس ذي أبواب متعددة، تتوسطه شمعة تقليدية، وبين حديث بلاستيكي يعمل على البطارية و... يغني!

«الفانوس ليس إلا رمزا دينيا يدل الى فرح المسلمين بحلول رمضان. والفانوس الجديد المبتكر بعيد من تلك الروح، هو أشبه بجهاز التلفزيون أو الآلة الموسيقية»، يعلق الحاج ابراهيم على التغيير الذي لحق بـ«هذا المظهر الديني». كأن العولمة وصلت حتى الى الفوانيس! ويذكر الحاج بالمهارة التي كان يتمتع بها صناع الفانوس القديم، إذ «كانت تحفر عليه النقوش والأشكال والآيات أو أسماء الله الحسنى يدويا، وتستخدم فيه المخلفات المعدنية والزجاجية».

وعلى رغم أن الفانوس الجديد اكثر انتشارا في الأسواق اللبنانية، نظرا إلى إمكانية استعماله كلعبة للصغار، فإن الفانوس التقليدي ما زال محتفظا بمكانة دينية وتراثية في أسواق المناطق الإسلامية. وقد يكون السوق القديمة لمدينة صيدا إحدى المناطق التي تعنى بالحفاظ على المظاهر الإسلامية. تنتشر الفوانيس في أرجاء متفرقة من السوق، وعلى أبواب المحلات. ويتقن أصحابها التفريق بين أنواعه المختلفة. «الفانوس المربع الذي يوجد في أركانه الأربعة فوانيس أخرى أصغر حجما هو اشهر أنواع الفوانيس»، يقول أبو عادل، مشيرا إلى «أسماء الفوانيس التراثية المتعددة، مثل الفانوس النجمة، والفانوس الكروي، وغيرها التي تصنع من خامات محلية، وتعبر عن القيم الجمالية الأصيلة في تاريخ الفن الإسلامي».

ولا تكتسب صناعة الفوانيس في لبنان أهمية تذكر. إذ يندر أن نجد معامل متخصصة فيها، «لأن الفانوس المستورد وبخاصة الصيني تسبب في إغلاق معظم ورش الصناعات المشابهة. وذلك بسبب صعـوبـة الموازنـة بين تكلفة الخامات غاليـة الثمن والبيع بأسعار رخيصة تنافس السعر المنخفض للبضاعة المستوردة»، كما يقول أحد تجار السوق.

ويذكر أن «فانوس» كلمة رومانية، تعني المشعل المستخدم للإضاءة. إذ كان الفانوس يستعمل ليلا للإضاءة أثناء الذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب. وظهر الفانوس في مصر نحو عام 973 ميلاديا مع استقبال المصريين المعز لدين الله الفاطمي. ومع مرور الأيام أصبح الفانوس مرتبطا بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة في هذا الشهر مثل «مرحب شهر الصوم»، «وحوي يا وحوي»، «رمضان جانا» وغيرها.

Wednesday, October 20, 2004

أزمة التمويل تهدد مستقبل « مؤسسة الدراسات الفلسطينية »


توقف مجلتين عن الصدور نهاية السنة الجارية . أزمة التمويل تهدد مستقبل « مؤسسة الدراسات الفلسطينية »



منال أبو عبس
Al-Hayat (935 كلمة)
تاريخ النشر 20 أكتوبر 2004


في مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2004، تقدم اللجنة التنفيذية في «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» الى مجلس أمنائها اقتراحا مصيريا قسريا يقضي بإيقاف مجلتين فصليتين تصدرهما المؤسسة بالفرنسية والعربية، في حين تبقى على اثنتين تصدران بالانكليزية. وكانت المؤسسة أوقفت نشر كتب أجنبية، في خطوة أولى للحد من عجز النفقات، فـ«مراكز الأبحاث يستحيل ان تعيش من دون تأمين الدعم المالي لها»، كما يقول مدير المؤسسة محمود سويد.

الصعوبات المالية والاقتصادية ليست أمرا طارئا على المؤسسة المذكورة. إذ أشارت صحف عدة سابقا الى تدابير وقائية يتوقع أن تتخذها المؤسسة لتضمن استمراريتها ولو جزئيا.

تعتبر «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» منذ تأسيسها في بيروت عام 1963 أول هيئة علمية عربية مستقلة، تهدف الى دراسة القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي، واطلاع الرأي العام العربي والدولي على حقائق القضية وإظهار الحق العربي في فلسطين وإبراز دعائمه التاريخية والقانونية والسياسية والقومية.

بدأ نشاط المؤسسة عام 1966 عبر إصدار سلاسل توثيقية ودراسية باللغات العربية والأجنبية، ثم أنشئت دائرة أبحاث ضمت قسما للشؤون الاسرائيلية وقسما للشؤون الفلسطينية العربية وقسما للشؤون الدولية والمكتبة. وفي عام 1971 أصدرت المؤسسة مجلة (Journal of Palestine studies) بالانكليزية، ثم مجلة (Revue dصetude Palastiniennes) بالفرنسية. ومع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، انتقلت المجلة بالفرنسية مع محرريها الى باريس، والمجلة الانكليزية مع محرريها الى واشنطن، فيما استمر مكتب بيروت يعمل في ظروف قاسية.

وعلى رغم ان «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» غير مرتبطة بأي تنظيم حكومي أو حزبي ولا تقوم بأي نشاط سياسي، إلا أن كلمة «فلسطيني» في التسمية أثرت في شكل سلبي في عملها. فعندما وافقت جامعة كاليفورنيا في نيويورك على توزيع منشورات (Journal of Palestin Studies) من دون التدخل في المضمون أو في التحرير، ثارت ثائرة «لوبي» أساتذة اسرائيليين وأميركيين متعاطفين مع اليهود، «عملوا ثورة وطالبوا بوقف النشر. الفريق المؤيد للمشروع أعاد دراسة مضمون المجلة، فوجد أنها علمية وأكاديمية لا يمكن رفضها. بعد فترة وجيزة تشكلت لجنة ضمت أساتذة من التيار اليهودي. قدموا، بعد دراسة المحتوى، تقريرا يفيد بأنها تعبر عن وجهة نظر الطرف الفلسطيني والعربي، لكن في اطار علمي موضوعي هادئ، ليس فيه استفزاز أو عنصرية...». كان هذا جزءا مما استند اليه سويد ليعلن انه «ما في حدا عربي وصل لهون».

ولكن ماذا تعني كلمة «هون» في كلام سويد؟

«ليس من السهل أن ينشر كتاب عليه اسم مؤسسة دراسات فلسطينية الى جانب اسم جامعة كاليفورنيا»، يجيب سويد مشيدا بانجازات المؤسسة التي نشرت خمسة كتب ضمن سلسلة مؤسسة الدراسات المقدسية وجامعة كاليفورنيا. يفاخر بنجاح المؤسسة التي اخترقت «قلب النسيج الجامعي والثقافي الفرنسي والانكليزي، وأثبتت فاعليتها في المحيط، حتى أصبح من المستحيل اعادة اصدارها من بيروت، لأنها باتت تصدر من داخل بيئة معينة، غير عربية لتخاطب أميركيين أو أوروبيين بأسلوبهم ولغتهم».

لكن نتاج المؤسسة لا يقتصر على المجلات، بل يتعداها الى الدراسات والأبحاث المبتكرة بالعربية والانكليزية والفرنسية، في شأن استراتيجيات اسرائيل والأطراف الدولية، «حتى بات من المستحيل ان تخلو قائمة المراجع في أي أطروحة غربية عن فلسطين، من اسم المؤسسة ودراساتها».

مكتبة مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت أو «مكتبة قسطنطين زريق» كما يطلق عليها، نقطة ايجابية اخرى أوجدتها المؤسسة. «إحدى أهم المكتبات في العالم، متخصصة في القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي، وفي الشؤون اليهودية والصهيونية»، يقول سويد مضيفا ان «الكثير من الباحثين الغربيين يقصدونها لأخذ مراجع غير موجودة في مكتبة الكونغرس».

التمويل

قبل عام 1991 لم تعان المؤسسة من صعوبات مالية تذكر، وكانت المجلة العربية تصدر بالتعاون مع جامعة الكويت التي تتولي تمويلها. وعندما شن العراق الحرب على الكويت، كان عدد المجلة لا يزال في المطبعة. وطلبت الحكومة الكويتية من القيمين على المجلة كتابة استنكار للحرب على صفحتها الأولى. رفض القيمون الأمر بحجة «عدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية»، فأوقفت الكويت دعمها، بعدما حجزت مبلغ 500 الف دولار، هي قيمة التبرعات المودعة في «البنك الوطني الكويتي». ثم أعقب ذلك وقف الدعم المادي من دول الخليج وجامعة الدول العربية، فما كان على المؤسسة إلا أن تتحمل تبعات الموقف السياسي الفلسطيني، وتخضع لقرارات الدول العربية الصادرة عن «أعلى المستويات» والرافضة لدخول المنشورات «ذات الطابع الفلسطيني».

« ليس للمؤسسة أي علاقة بالسلطة الفلسطينية حتى عندما كانت الأخيرة في بيروت»، هذا ما حاول القيمون على المؤسسة ايصاله الى المعنيين. لكن الجواب بقي: «القرار صادر عن أعلى المستويات».

«لم نعد قادرين على الاستمرار من دون موارد مالية»، يقول سويد، مشيرا الى اجراءات التقشف التي اعتمدتها المؤسسة بدءا من وقف نشر الكتب الانكليزية والفرنسية، ووصولا الى الاجراء المرتقب بإقفال المجلتين العربية والفرنسية في مرحلة أولى.

Tuesday, October 19, 2004

وأهلا بك في عالم "الجميلين"

قليل من الأحمر على شفتيك ... وأهلا بك في عالم « الجميلين ». مستحضرات تجميل للشباب في بيروت ... وبداية تقبل لها سعيا وراء وجه أجمل

منال أبو عبس
Al-Hayat (1,027 كلمة)
تاريخ النشر 19 أكتوبر 2004


قليل من الأحمر لشفتين لا تقاومان. قليل من البودرة لسمرة طبيعية لا تشوبها شائبة. قليل من المرطب لوجه أكثر نعومة. وقليل من «الماسكارا» لنظرة ساحرة جذابة... وها أنت أكثر جمالا من أي يوم مضى. أنت (بفتح التاء) تعود للمذكر، مما يعني أن مواد التجميل المذكورة مخصصة للرجال، و«للرجال فقط».

تفاجأ الفتاة العاملة في أحد متاجر بيروت من السؤال. ترفع حاجبيها عاليا كأنما تسمعه للمرة الأولى. «نعم، ماكياج للرجال... أين المشكلة؟»، ترد على السائل كما لو انه قادم من كوكب آخر، حيث الماكياج حكر على النساء. دقائق معدودة وتنصرف إلى شاب يستفسر عن مستحضر معين قبل شرائه. «نمرر هذا القلم على الزاوية الداخلية للعين، فيجعلها اكثر اتساعا وإشراقا... هذا يناسبك تماما»، تقول له. لم ترتسم أي من إمارات الاستغراب على وجه الشاب. لم يرفع كتفيه قليلا دليلا على استغرابه، وهي تخبره عن أنواع المستحضرات الكثيرة. إنما على العكس تماما، بدا الشاب مهتما بالمستحضر. هو يريد أن يصبح اكثر جمالا.

منصة عرض أدوات التجميل في المتجر الكبير حديثة العهد. الزاوية الصغيرة تقتصر ألوانها على الرصاصي والأسود. وتغمرها صور رجال «جميلين»، بملامح ذكورية قاسية. تقف الأنثى الوحيدة في كوكب مخصص للرجال مستنكرة نظرات المارة. الرجال في الصور خلفها «جميلون». الأول يسد ثغرات قليلة في حاجبه بما يشبه قلم الكحل الأسود. الثاني، يغطي الهالات السوداء تحت عينيه بمسحوق طبيعي مئة في المئة، «كما لو أنك انتهيت للتو من عطلة مريحة». الثالث يلون أظافر يديه بقلم «لا يترك لونا أو رائحة، لأظافر قوية ونضرة». والرابع يمرر قلم «الحمرة» على شفتيه ليحصل على «ابتسامة مضيئة وشفاه ملساء».

الرجال في الصور لا يأتون من كوكب آخر. هم رجال جميلون تجعلهم مستحضرات التجميل أكثر جمالا، تماما كما في الأغاني المصورة. ينافسون النساء على واحدة من اكثر ميزاتهن خصوصية. وقد يسرقون منهن صفة السطحية التي تلتصق منذ قرون بالنساء الباحثات عن الجمال. «وجدنا أن الرجال يستعينون بالمستحضرات الخاصة بنسائهم. أطلقنا مساحيق اكثر ملائمة لبشرة الذكور»، يقول مسؤول في احدى شركات مستحضرات التجميل. الشركات التي خاضت التجربة عريقة ومشهورة والأهم من ذلك كله انها تتجاوب مع متطلبات السوق. تدرك ان «الرجال يتابعون ما تقدمه المجلات وشاشات الفضائيات. ويريدون التشبه بما يشاهدونه». وان «الزمن تغير والأشياء لم تعد كما كانت في الماضي. الرجال باتوا اكثر اهتماما بأناقتهم وبشرتهم. واصبحوا يهتمون بجمالهم، من دون أن يلقبوا بالمخنثين».

المستحضرات المركونة على الرف المقابل، ذكورية الطابع والشكل. أوعية حديد رصاصية اللون، اسماؤها نافرة كبيرة الحروف، كأنما خصصت للجنود المتوجهين الى ساحة المعركة. أسعار المستحضرات المذكورة باهظة نسبيا، وتفوق تلك الخاصة بالنساء. إلا انها تبدو أوفر اذا ما قورنت بأسعار المزينين.

مزين الرجال

«الرجال في مجتمعنا يقمعون أنفسهم ويخافون التباهي بجمالهم. لا يجب أن يحكم الرجل على نفسه من منظار كم يضع من مساحيق التجميل على وجهه»، يقول رجل جالس في زاوية محل الحلاقة. الرجل ليس إلا مزينا نسائيا يتحول إلى رجالي بحسب الطلب. فالأيام تغيرت و«السوق» باتت اكثر تطلبا، كما يقول. ومحلات التزيين أصبحت مجبرة على «التعاطي مع البشرة كبشرة بغض النظر عما إذا كانت لذكر أو لأنثى». واحد في المئة على الأقل من زبائن المزين ذكور، يقصدونه طالبين «الحصول على نظرة مشرقة، وظلال أعين داكنة، تماما مثل عارضي الأزياء وشبان الفيديو كليب». يستاء من النظرة الدونية أو «وصمة العار التي تلاحق من يضع مستحضرات التجميل، فتصل إلى حد التشكيك برجولته». ويعتبر أن «لكل رجل الحق في أن يكون مختلفا. أن يكسر التقاليد والقيم السائدة، كي يبدو على احسن حال».

يلم المزين بالأساسيات التاريخية للدفاع عن وجهة نظره. «في العصور القديمة وضع الرجال مساحيق التجميل على وجوههم»، يقول مستشهدا بالمصريين القدامى الذين «استخدموا الكحل والفحم لتكحيل أعينهم، ولحماية أنفسهم من الأمراض والشمس. وهكذا فعل الفايكينغ، ومثلهم رجال الرومان الذين وضعوا بودرة الطبشور على وجوههم لجعلها اكثر بياضا، واستخدموا أصباغ الفراولة لتلوين شفاههم بالزهر الطبيعي. وفي أيام السلالة الصينية الحاكمة كانت وجوه الرجال أشبه بفطائر اللحم، الأبيض... كانوا يضيفون الزرنيخ ظنا منهم انه يجعل البشرة اكثر بياضا».

اجبره على وضع الماكياج!

على رغم أن ظاهرة «ماكياج الرجال» لم تخرج عن إطارها الضيق على رفوف بعض المتاجر الكبرى، فإن ردود الفعل الأولى عليها تباينت منذ البداية. وفي حين لم يتقبل كثيرون «منظر شـاب يضع الماسكارا والحمرة ويلون أظافره»، يدرج آخرون الظاهرة في إطار «حق الشاب في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه».

إن الشبان المؤيدون لهذه الظاهرة لا يرون فيها عيبا. «في السابق كان المجتمع يرفض الشعر الطويل للرجل أو الوشم، اليوم لم تعد هذه الأمور موضوع نقاش. لا أحد يغصب الشاب على وضع الماكياج... هي مسألة حرية شخصية»، يقول أحدهم مشيدا بـ«مساحيق تؤخر بوادر الشيخوخة، وتخفي إمارات التعب والسهر. وتجعل الشاب اكثر ثقة بنفسه».

الصديقات، عنصر آخر له رأي في المسألة. وفي حين تصب آراء غالبيتهن في خانة رفض الرجل المتبرج، وتصل إلى حد «الاشمئزاز من النظر في وجه رجل يجهد ليبدو اكثر جمالا من الفتيات»، تتباهى إحداهن بجمال صديقها الذي تحب طريقته في مواكبة الموضة «أحب أن أراه جميلا في الأوقات كافة. عندما تظهر البقع الداكنة تحت عينيه بسبب قلة النوم. اجبره على وضع الأنتيسير (بودرة سائلة تخفي الهالات السوداء) لتغطيتها. كما اشتري له بنفسي الـgloss (الحمرة السائلة) من دون لون حتى تبقى شفتاه رطبتين».

Monday, October 4, 2004

للموضة حديث آخر!

هاديا سنو ... للموضة حديث آخر!



منال أبو عبس
Al-Hayat (369 كلمة)
تاريخ النشر 04 أكتوبر 2004



ضمن فقرات برنامج «عالم الصباح» المنوع الذي يعرض يوميا على فضائية «المستقبل اللبنانية»، تطل علينا هاديا سنو لتتحدث عن الموضة.

الفقرة في حد ذاتها قد تكون ناجحة بالنسبة إلى متتبعي آخر صيحات الموضة العالمية. لكن اداء المقدمة وحضورها موضوع آخر: مقدمة الفقرة شابة تهتم بالموضة. تتابع العروض العالمية، تلم بأسماء المصممين، وتجيد التفريق بين الألوان المختلفة.

تطل سنو على الشاشة بـ«لوك» يتجدد كل يوم. صدمة المشاهدين تبدأ مع لون الشعر «الفاقع» أو ألوانه الكثيرة التي تجمع بين الأحمر، الأخضر، الأصفر، والأزرق... ولا تقف عندها. تقدم الفقرة قبل الظهر، وعلى المشاهدين مراعاة الأمر، لأن نشاط مقدمتنا وحماستها يختلفان باختلاف سهرة الأمس، فلا عجب أن تعاني سنو من صعوبة في فتح عينيها، أو أن نخالها تغفو بين عبارة وأخرى.

ما ورد قد يدرجه بعضهم في إطار الشكل الخارجي، لذلك لا تجوز الاستفاضة في التعليق عليه. «الألوان الكتير دافية اللي بتدفي»، كانت العبارة التي استخدمتها سنو في الحديث عن أحد العروض العالمية، أو بالأحرى عن الألوان التي استخدمها المصمم، والتي ارتأت مقدمتنا من دون إيضاحات أنها تبعث الدفء في قلب من يرتديها... علما أن المشاهد التي عرضت على الشاشة تظهر أن مصمم الأزياء اقتصد كثيرا في استعمال القماش فيها.

ولتزيد من عنصر التشويق، ابتكرت المقدمة طريقة جديدة في الكلام، فاستخدمت الحروف في غير مواضعها... ما أتاح أمام المشاهد فرصة الاستمتاع بإعادة تشكيل الحروف بحثا عن الكلمة الضائعة. وهذا ما حدث عندما تحدثت مقدمتنا عن الألوان الرائجة في الموضة فاستخدمت كلمة «ننبجن»، والمقصود سندمجهم»، وأجواء الـ«دزعينات» والمقصود الـ«تسعينات»... وبما أن اللغات الأجنبية تحتل حيزا مهما في الفقرة، فمن الطبيعي أن تكون موضوعا لهذه الأحاديث لكن للأسف قسم من المشاهدين لا يلم بها!