صور وألوان وشعارات تغطي جدران بيروت
اختلفت الرؤوس والأشكال والهدف واحد ...« مصلحة الشعب »
منال أبو عبس
Al-Hayat (695 كلمة)
تاريخ النشر 27 أبريل 2004
تنظر المرأة الــى صــورة ملـصـقة على الحائط، تكم فمها بيديها، و«يا حرام كان لا يزال شابا»، تقول الى جارتها. تضحك الجارة من دون ان تسأل عن الموضوع. فالرجل في الصورة، الذي خالته المرأة متوفيا، ليس الا مرشحا لمختارية المنطقة.
القصة السابقة، على طرافتها، تحمل مدلولين: أولهما ما يختزن في ذاكرة اللبنانيين منذ أيام الحرب والذي يربط بين الصور الملصقة على الجدران وبين المتوفين والشهداء والمفقودين، والمدلول الثاني هو تزاحم صور المرشحين الى حد يندر معه وجود عائلة لم يترشح احد افرادها الى «المخترة». ولعل السبب في خروج الظاهرة عن حدها المألوف يعود الى عدم اعتماد قانون البلديات الجديد، الذي يطالب بتحديد مستوى علمي معين للمرشحين الى الانتخابات البلدية والمخاتير.
جولة واحدة في شوارع بيروت، الفقيرة والمتوسطة منها في شكل خاص، تكفي لتتضح أهمية المنصب بالنسبة الى المرشحين. فـ«المخترة»، في بيروت بخاصة، تجاوزت مفهوم الوجاهة اولا والمدخول المحدود ثانيا، لتتحول مع الوقت مهنة تتطلب سكرتيرة ومكتبا، كثيرا ما يتمركز حول دوائر الاحوال الشخصية والادارات العامة.
ولما كانت كل حملة بحاجة الى ما يعرف بها، لم يوفر المرشحون شعارا الا واستخدموه لايصال افكارهم: «مختار مرشح الانماء والتغيير»، «لخدمتكم»، «لبيروت»، «مرشح الجماهير»، «لعيونك»، «معا نحو الأفضل»، وغيرها مما يبدو مشابها لما استخدم في الانتخابات النيابية الماضية.
اما أوائل الصور التي لفتت انظار المارة فتعود الى مرشح يعتمر قبعة سوداء، ليبدو من بعيد شبيها بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، ربما ليلفت الانظار اكثر من غيره. وصورة اخرى استخدم مثلها النائب السابق نجاح واكيم مخاطبا الفقراء، اذ يظهر المرشح باللونين الاسود والأبيض وشعار «لمرشح فوق الشبهات».
ومع اختلاف الاحياء تختلف ألقاب اصحاب الصور، فترفق في الاحياء المتدينة، بلقب صاحبها الحاج او الشيخ. ويضيف اليها احد المرشحين انه «حج بيت الله الحرام كذا مرة، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويخاف الله...».
ولا تغيب النساء، السافرات والمحجبات، عن المعركة الانتخابية الطاحنة، وان كانت صور معظم المرشحات تعود الى سنوات كثيرة ماضية.
ولما كان المقترعون يتأثرون بوسامة مرشح ما اكثر من غيره، راعى المرشحون القيم الجمالية في الصور. فتكون الخلفية الزرقاء للمرشح الاكثر وسامة، بخاصة اذا ترافقت مع ابتسامة «ساحرة»، او نظرة جدية تدل الى قدرة صاحبها على تحمل المسؤولية. اما الخضراء فيبدو مرشحها غير موفق، بسبب تضارب اللون القاتم مع لون بشرته السمراء.
ولما كانت «مصلحة الشعب» هي الهدف الاول والاخير للمرشحين، كان لا بد للعلم من ان يحتل مكانه في الصورة، تارة الى اليمين، وتارة الى الشمال، وتتجلى الوطنية في أبهى حللها مع المرشح الذي يضع العلم على جانبي الصورة او يستخدمه كخلفية، فيما يشقى المتخلف عن وضع العلم بتهمة تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن.
وكما تتفاوت ألوان الصور، التي لم يغب احد المرشحين لونا من الألوان المعروفة عن لوحته، تتفاوت ايضا في الحجم الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، الفوتوغرافية والمرسومة.
واختتام الجولة في شوارع بيروت، مع صورة معلقة على مدخل احد الأبنية، «انه الإعلامي المصري مفيد فوزي»، يظن الناظر للوهلة الأولى. خطوات قليلة لمعرفة السبب ليتبين ان الخلفية الحمراء للصورة ولون «الجاكيت» الفاقع للمرشح يتضاربان مع لون بشرته فيبدو شبيها بالاعلامي المصري مفيد فوزي، الذي كثيرا ما تنتقده الصحافة على الاختيار غير الموفق لأزيائه.
منال أبو عبس
Al-Hayat (695 كلمة)
تاريخ النشر 27 أبريل 2004
تنظر المرأة الــى صــورة ملـصـقة على الحائط، تكم فمها بيديها، و«يا حرام كان لا يزال شابا»، تقول الى جارتها. تضحك الجارة من دون ان تسأل عن الموضوع. فالرجل في الصورة، الذي خالته المرأة متوفيا، ليس الا مرشحا لمختارية المنطقة.
القصة السابقة، على طرافتها، تحمل مدلولين: أولهما ما يختزن في ذاكرة اللبنانيين منذ أيام الحرب والذي يربط بين الصور الملصقة على الجدران وبين المتوفين والشهداء والمفقودين، والمدلول الثاني هو تزاحم صور المرشحين الى حد يندر معه وجود عائلة لم يترشح احد افرادها الى «المخترة». ولعل السبب في خروج الظاهرة عن حدها المألوف يعود الى عدم اعتماد قانون البلديات الجديد، الذي يطالب بتحديد مستوى علمي معين للمرشحين الى الانتخابات البلدية والمخاتير.
جولة واحدة في شوارع بيروت، الفقيرة والمتوسطة منها في شكل خاص، تكفي لتتضح أهمية المنصب بالنسبة الى المرشحين. فـ«المخترة»، في بيروت بخاصة، تجاوزت مفهوم الوجاهة اولا والمدخول المحدود ثانيا، لتتحول مع الوقت مهنة تتطلب سكرتيرة ومكتبا، كثيرا ما يتمركز حول دوائر الاحوال الشخصية والادارات العامة.
ولما كانت كل حملة بحاجة الى ما يعرف بها، لم يوفر المرشحون شعارا الا واستخدموه لايصال افكارهم: «مختار مرشح الانماء والتغيير»، «لخدمتكم»، «لبيروت»، «مرشح الجماهير»، «لعيونك»، «معا نحو الأفضل»، وغيرها مما يبدو مشابها لما استخدم في الانتخابات النيابية الماضية.
اما أوائل الصور التي لفتت انظار المارة فتعود الى مرشح يعتمر قبعة سوداء، ليبدو من بعيد شبيها بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، ربما ليلفت الانظار اكثر من غيره. وصورة اخرى استخدم مثلها النائب السابق نجاح واكيم مخاطبا الفقراء، اذ يظهر المرشح باللونين الاسود والأبيض وشعار «لمرشح فوق الشبهات».
ومع اختلاف الاحياء تختلف ألقاب اصحاب الصور، فترفق في الاحياء المتدينة، بلقب صاحبها الحاج او الشيخ. ويضيف اليها احد المرشحين انه «حج بيت الله الحرام كذا مرة، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويخاف الله...».
ولا تغيب النساء، السافرات والمحجبات، عن المعركة الانتخابية الطاحنة، وان كانت صور معظم المرشحات تعود الى سنوات كثيرة ماضية.
ولما كان المقترعون يتأثرون بوسامة مرشح ما اكثر من غيره، راعى المرشحون القيم الجمالية في الصور. فتكون الخلفية الزرقاء للمرشح الاكثر وسامة، بخاصة اذا ترافقت مع ابتسامة «ساحرة»، او نظرة جدية تدل الى قدرة صاحبها على تحمل المسؤولية. اما الخضراء فيبدو مرشحها غير موفق، بسبب تضارب اللون القاتم مع لون بشرته السمراء.
ولما كانت «مصلحة الشعب» هي الهدف الاول والاخير للمرشحين، كان لا بد للعلم من ان يحتل مكانه في الصورة، تارة الى اليمين، وتارة الى الشمال، وتتجلى الوطنية في أبهى حللها مع المرشح الذي يضع العلم على جانبي الصورة او يستخدمه كخلفية، فيما يشقى المتخلف عن وضع العلم بتهمة تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن.
وكما تتفاوت ألوان الصور، التي لم يغب احد المرشحين لونا من الألوان المعروفة عن لوحته، تتفاوت ايضا في الحجم الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، الفوتوغرافية والمرسومة.
واختتام الجولة في شوارع بيروت، مع صورة معلقة على مدخل احد الأبنية، «انه الإعلامي المصري مفيد فوزي»، يظن الناظر للوهلة الأولى. خطوات قليلة لمعرفة السبب ليتبين ان الخلفية الحمراء للصورة ولون «الجاكيت» الفاقع للمرشح يتضاربان مع لون بشرته فيبدو شبيها بالاعلامي المصري مفيد فوزي، الذي كثيرا ما تنتقده الصحافة على الاختيار غير الموفق لأزيائه.
No comments:
Post a Comment