Friday, May 28, 2004

صباح : أحببت الجميع ولم يحبني أحد !

عادت إلى بيروت بضحكة لم تبدلها السنون . صباح : أحببت الجميع ولم يحبني أحد !

منال أبو عبس
Al-Hayat (909 كلمة)
تاريخ النشر 28 مايو 2004

عادت الفنانة صباح إلى لبنان بعد رحلة دامت سبعة اشهر إلى الولايات المتحدة الأميركية. توجهت إلى فندق كومفورت في منطقة الحازمية، حيث ستقيم، بناء لعرض قدمه لها مديره أمين شبلي. وعند السادسة بعد ظهر أمس الأول، عقدت صباح مؤتمرا صحافيا في قاعة الفندق تحدثت عن آخر نشاطاتها في لبنان وخارجه، وكذبت إشاعات طاولتها بينما كانت في أميركا...

إلى هنا ينتهي الخبر... ومن هنا يبدأ الحدث.

كل ما في تلك القاعة الصغيرة كان يوحي بالحزن: ورود صفر وبنفسجية غير طبيعية، أوان زجاجية تطفو على سطوحها شموع مستديرة، أقمشة شفافة نثرت عليها فراشات بلاستيكية، موسيقى، غطاء طاولة أبيض، زينة، ومسنات ارتدين أبهى حللهن، وهن يعلمن انه بعد قليل ستدخل «ملكة»، تحول الأضواء عما عداها. في تلك الأمسية، بدا كل ما في القاعة الصغيرة احتفاليا... بحزن.

لحظات وها هي «الملكة» تخطف الأضواء بلباسها الأزرق. تطلق ضحكات لم تبدل رنتها ستون عاما من الغناء. تجول بين الحاضرين وتسلم باليد على كل واحد منهم. ها هي الصبوحة بين قليل من محبيها، يتفحصون جمالا ما زال يبهرهم، وإن تجرأ الزمن على شعيرات قليلة أعلى جبهتها، وترك أثرا في عينين ما زالتا تشعان بريقا مميزا.

«ألو بيروت من فضلك يا عينيي»، تدندن «الملكة» قبل أن تبدأ الإجابة عن أسئلة الصحافيين. للهجتها اللبنانية رونق خاص. رونق يميزها عن تلك التي تسمعها في القاعة. تلك التي وصفها أحد الصحافيين العرب ساخرا بأنها «أغنى لهجة في العالم، إذ تجمع في جملة واحدة العربية بالفرنسية والإنكليزية».

في تلك القاعة تكذب الصبوحة إشاعات يعلم معظم الحاضرين انها صحيحة. تتحدث عن شقتها الكبيرة التي باعتها إلى شخص خليجي، «بعد أن صرت وحيدة كي استر كثيرين من حولي». تبرر الخطوة بأسباب غير شخصية: «لن أكون سعيدة إذا عشت في بيت يتسع لعشرة أشخاص، بينما يحتاج من هم حولي إلى مساعدة. كان أهم شيء عندي أن اطمئن على هويدة (ابنتها)».

وتتحدث عن مشوارها الأخير إلى أميركا: «فرحت كثيرا برؤية أولادي وأخي»، وعن قرارها السكن في فندق، لأنه «عندما يقيم الشخص في فندق يصبح مثل الطفل، الجميع يهتمون به». تنفي إشاعة عن علاقتها بأحد الشبان العرب في أميركا، لتتصاعد وتيرة الحزن في صوتها... ما إن يتركز الحديث على العلاقات العاطفية، «في النتيجة كنت «مدام بنك». لم يحبنني أحد، علما انني أحببت الجميع». يلاحظ الحاضرون بريقا حزينا في عينيها، ويتأفف البعض من طرح سؤال قد يزعجها.

هكذا بدت الصبوحة في تلك القاعة، ملكة لا تعترف بالهزيمة. تحمد الله كثيرا في حديثها، وتتباهى بأحباء كثر لم ولن يتخلوا عنها: «عندي الكثير من الأصدقاء، خصوصا في الخليج، يتصلون بي دائما، ويسألونني عما إذا كنت بحاجة إلى شيء».

يسألها احدهم عن اغنية نجوى كرم «ليش مغرب» التي كتبها شقيق الصبوحة روجيه فغالي، وإذا كانت تفضل ان تكون من غنائها. تستوعب السؤال جيدا، وتجيب كما كان متوقعا من «ملكة» تحترم عرشها: «صوت نجوى وسنها يسمحان لها بأداء هذا النوع من الأغنيات. كما انني ارفض ان انتقد الدولة في آخر حياتي. هالأيام صعبة وين ما كان».

ها هي الصبوحة تجلس تماما امام عدد من محبيها، تبتسم لهم من دون ان تفلح في اخفاء وتيرة حزن يطلقها صوتها. تتحدث باقتضاب عن مستقبل قريب. قريب جدا. عن تكريم سيتم في الإسكندرية وآخر في القاهرة، عن وعد اخيها لها بتأليف كتاب يروي قصة حياتها، ومصمم ازيائها وليم خوري باقامة متحف لفساتينها، «بعد ان اغادر هذه الحياة»، تقول مبتسمة.

ها هي «الملكة» تخبر الحاضرين عن أكثر ما يسعدها، عن سر جمالها: «انا بشوف الدنيا حلوة، مهما كان فيها من ازمات. والإنسان هو الذي يمرن عقله على السعادة. حتى في اوقات الحزن. افكر في اسباب الحزن، اناقشها... وأتسلى».

ها هي اغنية «سنة حلوة يا جميل»، بصوت صباح تصدح في المكان، كأنما جاءت لتعيد الى الاذهان أيام العز. تتجه لتقطع قالب حلوى بدا هزيلا، بينما تنتهز احدى العاملات «السيريلانكيات» فرصة انشغال المدير، لتلتقط الكثير من الصور لفنانة لا أحد يعلم ما الذي تعنيه لها!

كيف ستمضي الصبوحة ايامها في الفندق؟ سؤال أخير يطرحه احد الحاضرين. «سأعود نفسي على العيش وحدي، ان اعتاد على فكرة انني لم اعد نجمة»، تجيب الصبوحة. يغادر الجميع الفندق، وتغادر «الملكة» القاعة، ونغادر نحن المكان، وقد عرفنا في حينه بالذات انها ملكة... وفي امسيات كثيرة آتية لن نرضى بصوت غير صوت صباح: «ألو بيروت»، «سنة حلوة يا جميل».

No comments:

Post a Comment