لا يحتاج المتجول الى دليل للوصول الى أماكنالتعديات على الاملاك العامة ومشاعات الدولة في بلدات كثيرة
في جنوب لبنان، وخصوصاتلك
الواقعة ضمن نطاق بلدية صور .وعلى رغم البيان التنسيقي الصادر عن الاجتماعالسياسي- الامني الاثنين الماضي الذي حضره أمنيون الى
ممثلين عن 'قوى الأمر الواقع 'أي
'حزب الله 'وحركة 'أمل 'ودعا المخالفين الى وقف العمل فورا وازالة التعدياتخلال 48 ساعة، بقي صوت المطارق وصيحات عمال البناء طاغية
على ما عداها في ارجاءالمنطقة
.وغدا كل يوم جديد يحمل معه صورا جديدة لأبنية ترتفع فجأة بين ليلة وضحاها،متحدية كل قوانين الهندسة المدنية واجراءات السلامة العامة
.
في مناطق مثل 'المساكن
'و 'حي الزراعة 'ومحيط ثكنة الجيش في صور تتجلى حقيقة مشكلة راحت تكبرككرة ثلج لتهدد الآن مناطق بأسرها .فإذا استثنينا طريقا
بحجم ممر لسيارتين كحد أقصىهو
مساحة الطريق الرئيسية داخل هذه المناطق، يندر أن تجد موطىء قدم واحدة لا
يقامعليها بناء حديثا .أما
السبب من وجهة نظر المخالفين، فيبقى اولا الازمة الاقتصاديةوثانيا 'انتهاز فرصة غض القوى الامنية النظر عن تشييد اشخاص
موالين لتيار 'المستقبل 'على مشاعات بلدة جنوبية
هي يارين، ورد حركة 'امل 'و 'حزب الله 'بالطلب منمناصريهما
البناء خلال مهلة لا تتعدى الاسبوعين '، وهو ما نفاه 'المستقبل 'و 'أمل 'والحزب
.
أسعار الشقق
امام محل لبيع مواد الدهان يجلس شاب ثلاثيني،في حجره طفل لم يكمل عامه الثاني .يشير الشاب الى ورشة بناء
فوق سطح المحل المكونمن
غرفة واحدة كبيرة، يلتصق بها بناء مكون من غرفتين تعودان له، بينما يعود
المحلالى رجل لا يقيم في
المكان .
يضحك الشاب بينما نسأله عن سبب مبادرته الىالبناء على املاك لا تعود له، فعائلته كبرت، وفي صور وصل
سعر الشقة الى 150 الفدولار
.ولذلك اعتمد طريقة يعتبرها نصف شرعية :'اشتريت الهواء من صاحب المحل
(المشيدعلى ارض مشاع )لأبني
منزلا اكبر لعائلتي '.
في مكان آخر، يراقب رجل عمالبناء
يعملون في ورشة من طبقتين فوق غرفة كبيرة يقطنها وعائلته .يقول :'نحن
انتهزناالفرصة .فجأة بدأ الناس
كلهم البناء، ففعلنا مثلهم '.وعما اذا حصل على تغطية من قوىسياسية، يرد :'انا لا أنتمي الى أي حزب، لكن المنطقة هنا
مغطاة من احزاب معينة،فتغطينا
مع الاخرين .'
ينهمك عدد كبير من اصحاب الورش في حي الزراعة بإجراءاتصالات ومفاوضات مع من يزودونهم مواد البناء .فالقوى
الامنية باشرت قبل ثلاثة أيامخطة
تقضي بمنع دخول جبالات الاسمنت وآليات نقل مواد البناء الى مناطق المخالفات،بحجة أن هذا سيؤدي الى تجميدها تلقائيا .غير أن ذلك لم يمنع
من نفدت من ورشته هذهالمواد
من الالتفاف على الاجراء الاخير، أي بحسب أحد المخالفين 'النزول بسياراتناالى سبلين لنقل البضاعة .فحرام أن نوقف العمل بعدما بلغ
خواتيمه '.
الخوف مندخول
القوى الامنية لازالة المخالفات لا يحتل حيزا كبيرا من تفكير المخالفين .فالعادة
درجت على أن ما شيد قد شيد، وأن أقصى ما يمكن ان يجري هو منع الورشالجديدة .ولكن حتى لو 'تجرأت القوى الامنية على ذلك، فإنهم
لن يفعلوا الا فوق جثثنا .عندما حاولوا أن يقوموا
بذلك سابقا ولعت الدنيا، وسقط شهيدان ...لا أعتقد انهمسيعيدون الكرة '، يقول رجل، متحدثا عن حادثة مقتل الشابين
اللبناني علي ناصروالفلسطيني
وسام الطويل خلال عمليات قمع المخالفات ما أدى الى توقف العملية .وتضيفزوجته التي تجلس وولدها امام الورشة أنه 'من الظلم ان
يمنعونا من البناء .نحن لجأناالى
الاستدانة من الآخرين لشراء مواد البناء .نحن حاولنا الحصول على تراخيص لكن
لااحد يعطينا '.ويتحدث رجل
آخر عن سبب السماح للفلسطينيين في مخيم البص للاجئين ببناءاربع طبقات من دون تراخيص 'بينما نمنع نحن من توسعة بيوتنا
'.ويضيف أن 'الامر ماكان
ليصل الى هذه الدرجة لولا استغلال بعض النافذين علاقاتهم، ومصادرة المشاعاتلبناء مشاريع سكنية وتجارية .ففي المشاع الملاصق لمنطقة
البرج الشمالي جاء اشخاصوتقاسموا
المشاع من دون موافقة احد، وقرروا بناء مجمع تجاري ومقاه حوله، قبل أنتمنعهم البلدية باقامة ساتر ترابي حول المشاع .هؤلاء من يجب
منعهم، وليس نحن '.
البناء لأغراض تجارية واستثمارية هو ما يثير حفيظة عدد كبير
من أبناء صورغير المخالفين .وتتكرر
عبارة أن 90 في المئة من المخالفين هم ممن تهجروا من بلداتاخرى الى صور خلال الحرب، لتبرر ما يعتبره شاب من صور 'حقنا
في البناء على مشاعاتنابدل
الغرباء .هؤلاء يستغلون ارضنا ليبنوا عليها عقارات للاستثمار بينما يمنع
عليناذلك '، مشيرا الى مجموعة
من المحلات مقابل مستديرة البص شيدت على أرض المشاع .
لكن، ثمة خوف جديد تعكسه مواقف ابناء صور .فالابنية التي
ترتفع بين ليلةوضحاها
لا يمكن اعتبارها الا قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وتسهل ملاحظة أسقفغير مستوية، وأسقف لا تستند الى اعمدة بل الى حيطان من
احجار الباطون وحدها .اذ انالعاملين
فيها لا يراعون أي شرط من شروط الهندسة المدنية بسبب التسرع الذي ادى الىانهيار الاعمدة في عدد من الورش خلال عملية البناء، في حين
ادى تجاهل صاحب احدىالورش
الى وجود خط التوتر العالي الى مقتل عامل سوري كان يحاول ازاحته لاكمالالبناء .
فوضى شاملة
تشير الاحصاءات الاولية التي كانت نقلتها 'الحياة
'عن مصادر امنية الى أكثر من اربعة آلاف وحدة سكنية بنيت على امتداد الجنوبعلى الاملاك العامة والمشاعات .في حين يقول رئيس بلدية صور
حسن دبوق ان المخالفاتفي
صور 'بدأت بخمس محاولات مخالفات، كانت تكلف آنذاك خمس مذكرات توقيف .لكن ذلك
لميحصل '، لافتا الى ان
'السلطة لم تقم بدورها بتطبيق القوانين بمختلف اجهزتها، حتىقوى الامر الواقع، لم تتعامل مع الحدث على المستوى المطلوب
آنذاك '.
المشكلةالآن
كبيرة بحسب دبوق، و 'لا نعرف من اين نبدأ لمعالجة الخطأ .واذا كانت الحاجة
هيالسبب لزيادة غرفة او
غرفتين على المسكن لاسباب انسانية، فما المبرر لانشاء مشاريعتجارية '.
وحذر من 'المشاكل الاجتماعية التي سيسببها البناء على
المشاعاتوالمشاكل البيئية ومشاكل
السلامة .في منطقة المزارع المنشآت لا أعمدة لها، وعلى رغمذلك ترتفع الى ثلاث طبقات .هامش الخطر كبير جدا .فوقوف هذه
المباني يتحدى كل قوانينالهندسة
المدنية الموجودة .الخطر يتهدد بالمنطقة وساكنيها وحتى المارة فيها، كذلكالبلديات ومؤسسة الكهرباء والمياه '.
وراى أن 'الخطوة الاولى في طريقالمعالجة
هي ايقاف جميع التعديات والاعمال الاضافية فورا .ثم دراسة هذه المشكلةوكيفية معالجتها وذلك بعد تصنيفها بحسب نوع كل مخالفة
وحجمها '.فالمخالفات لا تزالمستمرة،
'وهناك مخالفات نزيلها صباحا فيعيدون تشييدها مساء، هذا الشخص لو اوقف وحبسلفترة، هل كان ليتجرأ على اعادة المخالفة؟ '.وتحدث عن حادثة
مقتل الشابين فيالمساكن،
مشيرا الى أن الاهالي احتجوا وقطعوا الطريق 'في الوقت نفسه كانت جبالاتالاسمنت تعمل، فتضاعف عدد المخالفات بعد يومين من الحادث '.
عدلون
الواجهة البحرية في بلدة عدلون تشهد وجها آخر من وجوه
التعدي على الاملاكالعامة
.فما كان قبل اشهر قليلة غرفة او غرفتين صار مبنى من طبقات عدة .وعلى رغمقيام القوى الامنية بين حين وآخر باعتراض عمل الورش، غير أن
العمل يعود كل مرةليزدهر
بعد مغادرتها .ويستند الاهالي الى تقنية باتت شبه معروفة، وهي جلوس النساءوالاطفال على الشرفات وامام الورش، في رسالة الى من يحاولون
منع الاعمال تفيد بأن 'الطريق الى ازالة ما بني
يمر عبر النساء والاطفال اولا '.
No comments:
Post a Comment