المخالفون يراهنون على
سياسة 'النفس الأطول' معالقوى
الأمنية لإعادة بناء ما تهدم
'نهضة' التعديات في محيط المطار تهدد بإعادةتصنيفه قائد الدرك اللبناني: المعتدون يصرفون أموالهم هباء
منالأبوعبس
يخيم الحذر على وجوه كثيرة في منطقة الاوزاعي فيالضاحية الجنوبية لبيروت .حذر مرده الى وجود عناصر من القوى
الامنية تواكب الجرافاتخلال
هدمها عددا من مخالفات البناء على الاملاك العامة وأراضي المشاع في المنطقة .ومرده
ايضا، الى احساس الأهالي بأنهم متروكون من دون غطاء سياسي اعتادوا، كماالجميع في لبنان، على الاحتماء بظله في مواجهة كل شيء
.فراحوا يواجهون القوىالامنية
بالتوعد لزعماء وأحزاب 'قالوا انهم سيؤمنون الغطاء لنا، ثم تركونا 'حينا،وبإطلاق شتائم وعيارات نارية فوق رؤوس العناصر الامنيين
لثنيهم عن المتابعة أو حتىتنصيب
الاطفال والنساء كدروع بشرية داخل هذه المباني في أحيان أخرى .
الأمنيون أزالوا حتى أول من أمس، 270 مخالفة بناء جديدة في
مناطق عدة منالضاحية الجنوبية لبيروت
.المخالفات القديمة شأن آخر، وهي ووفق اكثر من معني، تحتاجالى غطاء سياسي أوسع بكثير من ذاك المعطى الى القوى الامنية
اليوم .فتاريخ تلكالمخالفات
وتحديدا الواقعة ضمن نطاق ما يسمى ال300 متر بعيدا من مدرج المطار يعودالى عام 1958، واستمرت في اعوام كانت فيها سلطة الدولة اكثر
فاعلية مما هي اليوم،وصولا
الى الاجتياح الاسرائيلي (1982 )وحرب تموز (2006 )والفورة الاخيرة .ومع ذلكلم تزل، ولم يتحرك القضاء لنصرة الدولة، كما لم يتحرك اليوم
لإصدار اوامر بتوقيفالمعتدين
على الاملاك العامة، أو حتى لتقصي السبب الحقيقي وراء 'نهضة عمرانية 'كثيفة
خلال فترة تقل عن شهر واحد !
غير أن وراء أعمال البناء الاخيرة ثمالهدم، فالمحاولات التي يبذلها مخالفون لإزالة الركام
وإعادة بناء ما هدمته القوىالامنية،
تعديات في منطقة الاوزاعي وصولا الى الكوكودي وحي السلم تكتسب طابعا اكثرخطورة مما عداها .فالتعديات هنا، تمس مباشرة بمرفق حيوي من
مرافق لبنان .وهي إن لمتكن
تشكل حتى الساعة خطرا على سلامة الطيران المدني، إلا أنها تهدد بالتأثير فيتصنيف لبنان دوليا، اذا ما جرى كشف على المطار .
ثلاث دوائر تمثل التعديات
التعديات بمفهومها القانوني لا تحتل حيزا في كلام رئيس
المطار دانيالالهيبي .فتلك المشكلة هي
بين الدولة والمعتدي، أما مشكلة المطار فهي في ارتفاعالمباني بطريقة يمكن أن تؤثر في مجال الرؤية للطيارين ولبرج
المراقبة أو تسمح بتسللالاشخاص
عبر سور المطار من خارج المطار اليه وبالعكس .
يستعين الهيبي بمديرالمطارات
سمير فقيه ليشرح على صورة جوية كبيرة يظهر فيها المطار والمناطق المحيطةبه حجم هذه التعديات وخطورتها .يرسم فقيه ثلاث دوائر (كما
تظهر في الصورة )حول ثلاثمجموعات
من المباني .الدائرة الاولى تشير الى مجموعة أبنية مباشرة أمام المدرجالغربي لهبوط الطائرات .الثانية لمبان تفصل بين اوتوستراد
الاوزاعي وسور المطار،والثالثة
لمبان في منطقة الكوكودي القريبة من المطار .مخالفات البناء في هذهالمنطقة ليست حديثة العهد .لكن ما حصل قبل أشهر قليلة هو أن
اصحاب المباني اضافوااليه
طبقات جديدة، فصارت اعلى .
يفسر الهيبي الخطورة التي تمثلها المباني فيكل دائرة من الدوائر .ففي الاولى ترتفع مباشرة امام المدرج
الغربي، اي انها قد تعوقرؤية
الطائرات من برج المراقبة كما قد تعوق رؤية الطيار لنقطة بداية الهبوط،
'وبذلكيهبط الطيار في نقطة تبعد
من بداية المدرج بنحو 500 متر .هذه الخطوة تفقد المدرجمساحة كبيرة، وقد لا يعود طوله كافيا لهبوط الطائرات براحة
'.الامر هذا، يؤكد فقيه، 'ليس كارثة وطنية .لكن
صارت هناك قيود على المدرج اوجدتها هذه المباني، وعلينا أننتنبه لها '.
الهيبي يفسر القيود بأن 'الطائرة في هذه النقطة يجب أن يكونارتفاعها 400 قدم عن سطح الأرض .وهناك درجة معينة من الوضوح (clearance )يجب انتكون
مؤمنة للطيار .اذا ارتفعت المباني إلى درجة معينة، يصير الطيار مضطرا الى انيزيد الارتفاع عن 400 قدم، هذا ما نعنيه بالقيود 'وهذا له
تأثيرات عدة .
الدائرة الثانية التي رسمها فقيه على الخريطة، هي لمبان
بمحاذاة سورالمطار، اضيفت اليها
طبقات جديدة، فصارت اعلى من السور، وصار معها تسلل الافراد منخارج المطار الى المدرج أمرا ممكنا وسهلا .هذه المباني، يرى
الهيبي أنها تشكل خطراعلى
السلامة العامة .أما الدائرة الثالثة، فهي لأبنية ارتفعت في نقطة الكوكودي -الغدير، وإزالتها تأتي في المرتبة الثالثة، فهي تقع مقابل
المدرج الشرقي الذي خسرسلفا
700 متر من مساحته، غير أن حركة الطيران عليه غير كثيفة .
الخطورة فياعادة
تصنيف المطار
لا يملك رئيس المطار إحصاء لحجم المخالفات الجديدة، وإنكان يعتبر أن 'العدد نفسه غير مهم، لأن مبنى واحدا ارتفع
الى درجة معينة، قد يغطيعلى
منطقة كبيرة '.وهو وإن اعلن أنه تبلغ من القوى الامنية أن المخالفات التي
تعنيالمطار أزيل جزء كبير
منها، فإن مشاهدة محيط المطار من قاعة برج المراقبة تظهر انمباني كثيرة بعضها اضيفت اليه سقوف قرميد لا تزال تنتصب
مقابل المدرج الغربي .ولكنفي
حال لم تزل هذه التعديات لسبب من الاسباب، هل هناك خطر على هبوط الطائرات فيمطار بيروت، وهل يمكن أن يؤثر ذلك في وضع المطار عالميا؟
يعيد الهيبي تأكيدكلام
فقيه بأن الوضع لا يشكل خطرا على سلامة الطيران حتى الآن .لكن إذا استمرتالحال على ما هي عليه أو ازدادت سوءا، وجرى كشف على المطار،
وتمت اعادة تصنيفهعالميا،
فالضرر الكبير هو تصنيف المطار بأنه ليس صالحا لاستقبال طائرات كبيرة، انمافقط الصغيرة .بينما هو الآن يستقبل كل انواع الطائرات ما
عدا 'ايرباص 380 'الجديدة .
ويضيف :'نحن قادرون على المعالجة اذا لم تزل هذه المباني
بالكامل، لكن هذايخسرنا
نحو 500 متر من المدرج الغربي الذي يصل طوله الى 3800 متر .اللجوء الى هذاالاجراء ليس بالامر السهل، فهو يحتاج اصلا الى دراسة هندسية
.ونحن في انتظار ازالةالمباني
'.
كل التعديات الجديدة ستزال
قائد الدرك العميد صلاح جبرانيؤكد
ان إزالة التعديات امر لا مجال للجدال فيه، و 'المخالفات التي ازلناها حتىالآن لم يكن احد ليفكر بأنها يمكن أن تزال '.ويعلن أن 'اي
بناء جديد لن يبقى صامدا،وليعلم
المتعدون أنهم يبددون اموالهم هباء '.
وعن سبب 'نهضة المخالفاتالعمرانية
'أخيرا، يوضح جبران أن عدم وجود حكومة هو السبب الاول، والثاني زيادةاعطاء تراخيص البناء بمساحة 120 مترا من البلديات، ما جعل
بعضهم يشعر بأن المسألةفالتة
.الآن توقفت أعمال البناء بنسبة كبيرة بسبب اعمال الإزالة .أما المخالفاتالقديمة فتحتاج الى قرار اكبر منا .سنبحث فيه لاحقا '.
اعمال الإزالة وفقجبران
متواصلة، وإن كانت بوتيرة غير منتظمة، 'بالامس ازلنا 54 مخالفة، قبلها 29،وقبلها 47 .والارقام تختلف وفق الظروف .أحيانا تتعطل
جرافاتنا فنستعين بجرافاتالجيش
أو الدفاع المدني أو جرافات مدنية .وثانيا بحسب المقاومة التي نلاقيها منالأهالي .نضطر أحيانا إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع
لنتمكن من إخلاء المبانيمن
قاطنيها '.
وعن استخدام القوة، يقول :'القوة اكثر ما نتحاشاه، خصوصا
اننانتعامل مع اهلنا وأحيانا
يكون بينهم اطفال ونساء .ربما نستعملها لكن فقط في حالالدفاع عن النفس '.
11 ضابطا من القوى الامنية و13 عنصرا
أصيبوا بجروحمتفرقة في مواجهات مع المحتجين
على ازالة التعديات .ووفق قائد الدرك :'الاصاباتمعظمها
بالحجارة، أما الرصاص فيطلق فوق رؤوس عناصر الدوريات، أحيانا قذائف 'آر بيجي '.هؤلاء نوقفهم ونحيلهم الى النيابة التي تأخذ القرار
بالتوقيف '.
ولكن،من
يوقف المعتدين على الاملاك العامة؟ يرد جبران :'قرار توقيف المعتدين على
الاملاكالعامة ليس عندنا .بل
يرجع الى النيابات العامة .نحن نوقف من يعتدي علينا ونحيلهبموجب المحضرونأخذ
اشارة النائب العام، الذي يقول لنا إما اوقفوه وأحيلوه الىالنيابة او اتركوه بموجب سند اقامة .ومبدئيا يكون القرار
تركهم بسند اقامة '.وينفيوجود
تدخلات سياسية في عملية ازالة التعديات، ف 'مجرد التمييز يفشل المهمة '.
بوصلة استنتاجات
الحديث مع عدد من اصحاب المحال التجارية فيالاوزاعي، يقود الى اكثر من استنتاج .الاول، يقين الكثيرين
أن اشارة أعطيت للناسبأن
ينطلقوا بعملية البناء، ما دفع بعضهم الى الاستدانة لشراء المواد .والثاني،
انثمة غضبا حقيقيا مصوبا في
اتجاه المرجعيات الحزبية والسياسية لأهالي المنطقة .والثالث،
احساس الاهالي مرة جديدة بأنهم وحدهم من يدفع الثمن، ف 'الضباط الامنيونالذين شيدوا قصورا بملايين الدولارات من الرشى التي تقاضوها
من المخالفين عبرالسنين،
لن يخسروا أموالهم كما فعلنا '.غير أن أكثر ما يراهن عليه عدد كبير منالمخالفين الذين ازيلت مبانيهم أخيرا، هو الفوز بسياسة
'النفس الطويل 'التي قالواانهم
سيعتمدونها مقابل القوى الامنية .
No comments:
Post a Comment