Friday, May 27, 2011





عائلة فلسطينية تدرس مقاضاة اسرائيل لاعتدائها على متظاهرين في مارون الراس       منيب أراد العودة صاحب حق لا مجرد ضيف


منال أبو عبس


في الصورة شاب يقف على تلة يرتدي سترة خضراء، وخلفه تلال مكسوة بعشب اخضر تنيره الشمس .التلة هي بلدة مارون الراس في جنوب لبنان والتي قصدها في 15 أيار (مايو )الجاري فلسطينيون ومتضامنون مع الشعب الفلسطيني للمشاركة في مهرجان في ذكرى النكبة .والتلال الخضر هي أراض في الجانب الفلسطيني من الحدود .والشاب هو واحد من أكثر من مئة جريح أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي على مقربة من الشريط الشائك الذي يفصل لبنان عن فلسطين المحتلة، وشاء حظه أن يكون صاحب الإصابة الأكثر خطورة .

منيب ربيح المصري هو اسم الشاب الواقف على التلة، ليلتقط له رفاقه صورة على بعد خطوات من أرضه الأم، على بعد اقل من ساعة من الرصاصة الإسرائيلية المتشظية التي اخترقت ظهره بينما كان يساعد على نقل احد رفاقه المصابين عن الأرض وأصابت عموده الفقري وأفقدته طحاله وكليته اليسرى .منيب عمره 22 سنة، فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية، وسليل عائلة يجتمع فيها السياسة والمال، وتتشعب بين فلسطين التي يقطنها الجد منيب رئيس 'منتدى فلسطين 'وأقارب سياسيين، والأردن حيث الأهل ولبنان ولندن وأميركا حيث الأعمام .

أما هو، فيدرس الجيولوجيا في الجامعة الأميركية في بيروت .وذهب إلى الجنوب ليتضامن كأي فلسطيني آخر مع شعبه ضد عدوه، وليختار البوابة الأصعب للعبور إلى بلده الذي تؤهله جنسيته الثانية الدخول إليه متى أراد ومن أي بوابة كانت، لكن كضيف وليس كصاحب حق .

في غرفة في قسم العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، يقبع منيب بعدما نقلته من مستشفى بنت جبيل طوافة تابعة للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل )إلى مطار بيروت، ومنه إلى المستشفى في إطار رحلة علاج يأمل أقاربه بأن تعيد إليه حياته كما كانت .

وفي صالة الانتظار في المستشفى يجلس أقارب منيب الذين توافدوا إلى بيروت للاطمئنان إلى حاله، وبينهم جده الذي سمي على اسمه منيب المصري رئيس 'منتدى فلسطين 'ورجل الأعمال الفلسطيني الشهير .وإلى جانب الجد يجلس ابنه مازن ويبدوان منهمكين في الإعداد لمؤتمر صحافي عن 'شهداء وضحايا مارون الراس '.يتحدث مازن عن حال منيب ويبدو مصرا في الحديث على ذكر الضحايا جميعهم كلما ذكر الحادث، ويقول إن العائلة تدرس أوضاع بقية الضحايا في إطار إجراءات قانونية تنوي اتخاذها لمقاضاة إسرائيل على ما فعلته .

وبين الأقارب تبدو سهى، زميلة منيب في الجامعة، اكثر انهماكا من الجميع .سهى شاركت منيب ورفاقه الآخرين في 'رحلة 'التضامن إلى مارون الراس .ويقع السؤال عن سبب مشاركتها ورفاقها في التحرك كدلو ماء بارد، فترفق السؤال بآخر لتتأكد من جديته، قبل أن تجيب بحدة إن المشاركة هي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في معاناته وللمطالبه بحقه .وتقول أيضا إن 'أطفالا كثيرين سبقونا إلى المشاركة، فكيف نقف نحن متفرجين؟ '.لم تكن سهى تتوقع أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، لكن 'عندما ترين النساء والأطفال يركضون في اتجاه ارضهم، لن تكتفي بالتفرج '.

ما تقوله سهى، يقوله آخرون يرفضون مجرد الإشارة إلى 'استعمال التحرك رسالة سياسية '.هؤلاء ليسوا كاذبين، قاماتهم المنتصبة أمام البنادق لا توحي بذلك، كما لا توحي به الصورتان اللتان التقطتا لفتى فلسطيني يظهر في الأولى وهو يسير نحو السياج مغمض العينين، رافعا العلم الفلسطيني بيد وشارة النصر بالأخرى وفي الصورة الثانية يسقط شهيدا .

منيب أيضا ليس منافقا ...الشاب الذي ركض في اتجاه عدوه ليذكره بأنه أيضا يحلم بالعودة إلى ارضه كأي لاجئ فلسطيني، وبأن جواز السفر الأميركي ليس هو السبيل الفعلي إلى فلسطين، ليس منافقا .
الموضوع :أخبار
المصدر :الحياة
ت .م :27-05-2011
-
ت .ه :24-06-1432
العدد :17584
-
الصفحة :8




Saturday, May 14, 2011



المخالفون يراهنون على سياسة 'النفس الأطول' مع القوى الأمنية لإعادة بناء ما تهدم
'نهضة' التعديات في محيط المطار تهدد بإعادة تصنيفه قائد الدرك اللبناني: المعتدون يصرفون أموالهم هباء
منال أبو عبس


يخيم الحذر على وجوه كثيرة في منطقة الاوزاعي في الضاحية الجنوبية لبيروت .حذر مرده الى وجود عناصر من القوى الامنية تواكب الجرافات خلال هدمها عددا من مخالفات البناء على الاملاك العامة وأراضي المشاع في المنطقة .ومرده ايضا، الى احساس الأهالي بأنهم متروكون من دون غطاء سياسي اعتادوا، كما الجميع في لبنان، على الاحتماء بظله في مواجهة كل شيء .فراحوا يواجهون القوى الامنية بالتوعد لزعماء وأحزاب 'قالوا انهم سيؤمنون الغطاء لنا، ثم تركونا 'حينا، وبإطلاق شتائم وعيارات نارية فوق رؤوس العناصر الامنيين لثنيهم عن المتابعة أو حتى تنصيب الاطفال والنساء كدروع بشرية داخل هذه المباني في أحيان أخرى .

الأمنيون أزالوا حتى أول من أمس، 270 مخالفة بناء جديدة في مناطق عدة من الضاحية الجنوبية لبيروت .المخالفات القديمة شأن آخر، وهي ووفق اكثر من معني، تحتاج الى غطاء سياسي أوسع بكثير من ذاك المعطى الى القوى الامنية اليوم .فتاريخ تلك المخالفات وتحديدا الواقعة ضمن نطاق ما يسمى ال300 متر بعيدا من مدرج المطار يعود الى عام 1958، واستمرت في اعوام كانت فيها سلطة الدولة اكثر فاعلية مما هي اليوم، وصولا الى الاجتياح الاسرائيلي (1982 )وحرب تموز (2006 )والفورة الاخيرة .ومع ذلك لم تزل، ولم يتحرك القضاء لنصرة الدولة، كما لم يتحرك اليوم لإصدار اوامر بتوقيف المعتدين على الاملاك العامة، أو حتى لتقصي السبب الحقيقي وراء 'نهضة عمرانية 'كثيفة خلال فترة تقل عن شهر واحد !

غير أن وراء أعمال البناء الاخيرة ثم الهدم، فالمحاولات التي يبذلها مخالفون لإزالة الركام وإعادة بناء ما هدمته القوى الامنية، تعديات في منطقة الاوزاعي وصولا الى الكوكودي وحي السلم تكتسب طابعا اكثر خطورة مما عداها .فالتعديات هنا، تمس مباشرة بمرفق حيوي من مرافق لبنان .وهي إن لم تكن تشكل حتى الساعة خطرا على سلامة الطيران المدني، إلا أنها تهدد بالتأثير في تصنيف لبنان دوليا، اذا ما جرى كشف على المطار .



ثلاث دوائر تمثل التعديات

التعديات بمفهومها القانوني لا تحتل حيزا في كلام رئيس المطار دانيال الهيبي .فتلك المشكلة هي بين الدولة والمعتدي، أما مشكلة المطار فهي في ارتفاع المباني بطريقة يمكن أن تؤثر في مجال الرؤية للطيارين ولبرج المراقبة أو تسمح بتسلل الاشخاص عبر سور المطار من خارج المطار اليه وبالعكس .

يستعين الهيبي بمدير المطارات سمير فقيه ليشرح على صورة جوية كبيرة يظهر فيها المطار والمناطق المحيطة به حجم هذه التعديات وخطورتها .يرسم فقيه ثلاث دوائر (كما تظهر في الصورة )حول ثلاث مجموعات من المباني .الدائرة الاولى تشير الى مجموعة أبنية مباشرة أمام المدرج الغربي لهبوط الطائرات .الثانية لمبان تفصل بين اوتوستراد الاوزاعي وسور المطار، والثالثة لمبان في منطقة الكوكودي القريبة من المطار .مخالفات البناء في هذه المنطقة ليست حديثة العهد .لكن ما حصل قبل أشهر قليلة هو أن اصحاب المباني اضافوا اليه طبقات جديدة، فصارت اعلى .

يفسر الهيبي الخطورة التي تمثلها المباني في كل دائرة من الدوائر .ففي الاولى ترتفع مباشرة امام المدرج الغربي، اي انها قد تعوق رؤية الطائرات من برج المراقبة كما قد تعوق رؤية الطيار لنقطة بداية الهبوط، 'وبذلك يهبط الطيار في نقطة تبعد من بداية المدرج بنحو 500 متر .هذه الخطوة تفقد المدرج مساحة كبيرة، وقد لا يعود طوله كافيا لهبوط الطائرات براحة '.الامر هذا، يؤكد فقيه، 'ليس كارثة وطنية .لكن صارت هناك قيود على المدرج اوجدتها هذه المباني، وعلينا أن نتنبه لها '.

الهيبي يفسر القيود بأن 'الطائرة في هذه النقطة يجب أن يكون ارتفاعها 400 قدم عن سطح الأرض .وهناك درجة معينة من الوضوح (clearance )يجب ان تكون مؤمنة للطيار .اذا ارتفعت المباني إلى درجة معينة، يصير الطيار مضطرا الى ان يزيد الارتفاع عن 400 قدم، هذا ما نعنيه بالقيود 'وهذا له تأثيرات عدة .

الدائرة الثانية التي رسمها فقيه على الخريطة، هي لمبان بمحاذاة سور المطار، اضيفت اليها طبقات جديدة، فصارت اعلى من السور، وصار معها تسلل الافراد من خارج المطار الى المدرج أمرا ممكنا وسهلا .هذه المباني، يرى الهيبي أنها تشكل خطرا على السلامة العامة .أما الدائرة الثالثة، فهي لأبنية ارتفعت في نقطة الكوكودي - الغدير، وإزالتها تأتي في المرتبة الثالثة، فهي تقع مقابل المدرج الشرقي الذي خسر سلفا 700 متر من مساحته، غير أن حركة الطيران عليه غير كثيفة .

الخطورة في اعادة تصنيف المطار

لا يملك رئيس المطار إحصاء لحجم المخالفات الجديدة، وإن كان يعتبر أن 'العدد نفسه غير مهم، لأن مبنى واحدا ارتفع الى درجة معينة، قد يغطي على منطقة كبيرة '.وهو وإن اعلن أنه تبلغ من القوى الامنية أن المخالفات التي تعني المطار أزيل جزء كبير منها، فإن مشاهدة محيط المطار من قاعة برج المراقبة تظهر ان مباني كثيرة بعضها اضيفت اليه سقوف قرميد لا تزال تنتصب مقابل المدرج الغربي .ولكن في حال لم تزل هذه التعديات لسبب من الاسباب، هل هناك خطر على هبوط الطائرات في مطار بيروت، وهل يمكن أن يؤثر ذلك في وضع المطار عالميا؟

يعيد الهيبي تأكيد كلام فقيه بأن الوضع لا يشكل خطرا على سلامة الطيران حتى الآن .لكن إذا استمرت الحال على ما هي عليه أو ازدادت سوءا، وجرى كشف على المطار، وتمت اعادة تصنيفه عالميا، فالضرر الكبير هو تصنيف المطار بأنه ليس صالحا لاستقبال طائرات كبيرة، انما فقط الصغيرة .بينما هو الآن يستقبل كل انواع الطائرات ما عدا 'ايرباص 380 'الجديدة .

ويضيف :'نحن قادرون على المعالجة اذا لم تزل هذه المباني بالكامل، لكن هذا يخسرنا نحو 500 متر من المدرج الغربي الذي يصل طوله الى 3800 متر .اللجوء الى هذا الاجراء ليس بالامر السهل، فهو يحتاج اصلا الى دراسة هندسية .ونحن في انتظار ازالة المباني '.

كل التعديات الجديدة ستزال

قائد الدرك العميد صلاح جبران يؤكد ان إزالة التعديات امر لا مجال للجدال فيه، و 'المخالفات التي ازلناها حتى الآن لم يكن احد ليفكر بأنها يمكن أن تزال '.ويعلن أن 'اي بناء جديد لن يبقى صامدا، وليعلم المتعدون أنهم يبددون اموالهم هباء '.

وعن سبب 'نهضة المخالفات العمرانية 'أخيرا، يوضح جبران أن عدم وجود حكومة هو السبب الاول، والثاني زيادة اعطاء تراخيص البناء بمساحة 120 مترا من البلديات، ما جعل بعضهم يشعر بأن المسألة فالتة .الآن توقفت أعمال البناء بنسبة كبيرة بسبب اعمال الإزالة .أما المخالفات القديمة فتحتاج الى قرار اكبر منا .سنبحث فيه لاحقا '.

اعمال الإزالة وفق جبران متواصلة، وإن كانت بوتيرة غير منتظمة، 'بالامس ازلنا 54 مخالفة، قبلها 29، وقبلها 47 .والارقام تختلف وفق الظروف .أحيانا تتعطل جرافاتنا فنستعين بجرافات الجيش أو الدفاع المدني أو جرافات مدنية .وثانيا بحسب المقاومة التي نلاقيها من الأهالي .نضطر أحيانا إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع لنتمكن من إخلاء المباني من قاطنيها '.

وعن استخدام القوة، يقول :'القوة اكثر ما نتحاشاه، خصوصا اننا نتعامل مع اهلنا وأحيانا يكون بينهم اطفال ونساء .ربما نستعملها لكن فقط في حال الدفاع عن النفس '.

11
ضابطا من القوى الامنية و13 عنصرا أصيبوا بجروح متفرقة في مواجهات مع المحتجين على ازالة التعديات .ووفق قائد الدرك :'الاصابات معظمها بالحجارة، أما الرصاص فيطلق فوق رؤوس عناصر الدوريات، أحيانا قذائف 'آر بي جي '.هؤلاء نوقفهم ونحيلهم الى النيابة التي تأخذ القرار بالتوقيف '.

ولكن، من يوقف المعتدين على الاملاك العامة؟ يرد جبران :'قرار توقيف المعتدين على الاملاك العامة ليس عندنا .بل يرجع الى النيابات العامة .نحن نوقف من يعتدي علينا ونحيله بموجب المحضر ونأخذ اشارة النائب العام، الذي يقول لنا إما اوقفوه وأحيلوه الى النيابة او اتركوه بموجب سند اقامة .ومبدئيا يكون القرار تركهم بسند اقامة '.وينفي وجود تدخلات سياسية في عملية ازالة التعديات، ف 'مجرد التمييز يفشل المهمة '.

بوصلة استنتاجات

الحديث مع عدد من اصحاب المحال التجارية في الاوزاعي، يقود الى اكثر من استنتاج .الاول، يقين الكثيرين أن اشارة أعطيت للناس بأن ينطلقوا بعملية البناء، ما دفع بعضهم الى الاستدانة لشراء المواد .والثاني، ان ثمة غضبا حقيقيا مصوبا في اتجاه المرجعيات الحزبية والسياسية لأهالي المنطقة .والثالث، احساس الاهالي مرة جديدة بأنهم وحدهم من يدفع الثمن، ف 'الضباط الامنيون الذين شيدوا قصورا بملايين الدولارات من الرشى التي تقاضوها من المخالفين عبر السنين، لن يخسروا أموالهم كما فعلنا '.غير أن أكثر ما يراهن عليه عدد كبير من المخالفين الذين ازيلت مبانيهم أخيرا، هو الفوز بسياسة 'النفس الطويل 'التي قالوا انهم سيعتمدونها مقابل القوى الامنية .
الموضوع :أخبار
المصدر :الحياة

ت .م :14-05-2011
-
ت .ه :11-06-1432
العدد :17571
-
الصفحة :7



Friday, May 6, 2011


التعديات على الأملاك العامة تتحدى الدولة: 
'ما شيد شيد وهدمه يمر بالنساء والأطفال اولا'
منال أبو عبس


لا يحتاج المتجول الى دليل للوصول الى أماكن التعديات على الاملاك العامة ومشاعات الدولة في بلدات كثيرة في جنوب لبنان، وخصوصا تلك الواقعة ضمن نطاق بلدية صور .وعلى رغم البيان التنسيقي الصادر عن الاجتماع السياسي- الامني الاثنين الماضي الذي حضره أمنيون الى ممثلين عن 'قوى الأمر الواقع 'أي 'حزب الله 'وحركة 'أمل 'ودعا المخالفين الى وقف العمل فورا وازالة التعديات خلال 48 ساعة، بقي صوت المطارق وصيحات عمال البناء طاغية على ما عداها في ارجاء المنطقة .وغدا كل يوم جديد يحمل معه صورا جديدة لأبنية ترتفع فجأة بين ليلة وضحاها، متحدية كل قوانين الهندسة المدنية واجراءات السلامة العامة .

في مناطق مثل 'المساكن 'و 'حي الزراعة 'ومحيط ثكنة الجيش في صور تتجلى حقيقة مشكلة راحت تكبر ككرة ثلج لتهدد الآن مناطق بأسرها .فإذا استثنينا طريقا بحجم ممر لسيارتين كحد أقصى هو مساحة الطريق الرئيسية داخل هذه المناطق، يندر أن تجد موطىء قدم واحدة لا يقام عليها بناء حديثا .أما السبب من وجهة نظر المخالفين، فيبقى اولا الازمة الاقتصادية وثانيا 'انتهاز فرصة غض القوى الامنية النظر عن تشييد اشخاص موالين لتيار 'المستقبل 'على مشاعات بلدة جنوبية هي يارين، ورد حركة 'امل 'و 'حزب الله 'بالطلب من مناصريهما البناء خلال مهلة لا تتعدى الاسبوعين '، وهو ما نفاه 'المستقبل 'و 'أمل 'والحزب .



أسعار الشقق

امام محل لبيع مواد الدهان يجلس شاب ثلاثيني، في حجره طفل لم يكمل عامه الثاني .يشير الشاب الى ورشة بناء فوق سطح المحل المكون من غرفة واحدة كبيرة، يلتصق بها بناء مكون من غرفتين تعودان له، بينما يعود المحل الى رجل لا يقيم في المكان .

يضحك الشاب بينما نسأله عن سبب مبادرته الى البناء على املاك لا تعود له، فعائلته كبرت، وفي صور وصل سعر الشقة الى 150 الف دولار .ولذلك اعتمد طريقة يعتبرها نصف شرعية :'اشتريت الهواء من صاحب المحل (المشيد على ارض مشاع )لأبني منزلا اكبر لعائلتي '.

في مكان آخر، يراقب رجل عمال بناء يعملون في ورشة من طبقتين فوق غرفة كبيرة يقطنها وعائلته .يقول :'نحن انتهزنا الفرصة .فجأة بدأ الناس كلهم البناء، ففعلنا مثلهم '.وعما اذا حصل على تغطية من قوى سياسية، يرد :'انا لا أنتمي الى أي حزب، لكن المنطقة هنا مغطاة من احزاب معينة، فتغطينا مع الاخرين .'

ينهمك عدد كبير من اصحاب الورش في حي الزراعة بإجراء اتصالات ومفاوضات مع من يزودونهم مواد البناء .فالقوى الامنية باشرت قبل ثلاثة أيام خطة تقضي بمنع دخول جبالات الاسمنت وآليات نقل مواد البناء الى مناطق المخالفات، بحجة أن هذا سيؤدي الى تجميدها تلقائيا .غير أن ذلك لم يمنع من نفدت من ورشته هذه المواد من الالتفاف على الاجراء الاخير، أي بحسب أحد المخالفين 'النزول بسياراتنا الى سبلين لنقل البضاعة .فحرام أن نوقف العمل بعدما بلغ خواتيمه '.

الخوف من دخول القوى الامنية لازالة المخالفات لا يحتل حيزا كبيرا من تفكير المخالفين .فالعادة درجت على أن ما شيد قد شيد، وأن أقصى ما يمكن ان يجري هو منع الورش الجديدة .ولكن حتى لو 'تجرأت القوى الامنية على ذلك، فإنهم لن يفعلوا الا فوق جثثنا .عندما حاولوا أن يقوموا بذلك سابقا ولعت الدنيا، وسقط شهيدان ...لا أعتقد انهم سيعيدون الكرة '، يقول رجل، متحدثا عن حادثة مقتل الشابين اللبناني علي ناصر والفلسطيني وسام الطويل خلال عمليات قمع المخالفات ما أدى الى توقف العملية .وتضيف زوجته التي تجلس وولدها امام الورشة أنه 'من الظلم ان يمنعونا من البناء .نحن لجأنا الى الاستدانة من الآخرين لشراء مواد البناء .نحن حاولنا الحصول على تراخيص لكن لا احد يعطينا '.ويتحدث رجل آخر عن سبب السماح للفلسطينيين في مخيم البص للاجئين ببناء اربع طبقات من دون تراخيص 'بينما نمنع نحن من توسعة بيوتنا '.ويضيف أن 'الامر ما كان ليصل الى هذه الدرجة لولا استغلال بعض النافذين علاقاتهم، ومصادرة المشاعات لبناء مشاريع سكنية وتجارية .ففي المشاع الملاصق لمنطقة البرج الشمالي جاء اشخاص وتقاسموا المشاع من دون موافقة احد، وقرروا بناء مجمع تجاري ومقاه حوله، قبل أن تمنعهم البلدية باقامة ساتر ترابي حول المشاع .هؤلاء من يجب منعهم، وليس نحن '.

البناء لأغراض تجارية واستثمارية هو ما يثير حفيظة عدد كبير من أبناء صور غير المخالفين .وتتكرر عبارة أن 90 في المئة من المخالفين هم ممن تهجروا من بلدات اخرى الى صور خلال الحرب، لتبرر ما يعتبره شاب من صور 'حقنا في البناء على مشاعاتنا بدل الغرباء .هؤلاء يستغلون ارضنا ليبنوا عليها عقارات للاستثمار بينما يمنع علينا ذلك '، مشيرا الى مجموعة من المحلات مقابل مستديرة البص شيدت على أرض المشاع .

لكن، ثمة خوف جديد تعكسه مواقف ابناء صور .فالابنية التي ترتفع بين ليلة وضحاها لا يمكن اعتبارها الا قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وتسهل ملاحظة أسقف غير مستوية، وأسقف لا تستند الى اعمدة بل الى حيطان من احجار الباطون وحدها .اذ ان العاملين فيها لا يراعون أي شرط من شروط الهندسة المدنية بسبب التسرع الذي ادى الى انهيار الاعمدة في عدد من الورش خلال عملية البناء، في حين ادى تجاهل صاحب احدى الورش الى وجود خط التوتر العالي الى مقتل عامل سوري كان يحاول ازاحته لاكمال البناء .

فوضى شاملة

تشير الاحصاءات الاولية التي كانت نقلتها 'الحياة 'عن مصادر امنية الى أكثر من اربعة آلاف وحدة سكنية بنيت على امتداد الجنوب على الاملاك العامة والمشاعات .في حين يقول رئيس بلدية صور حسن دبوق ان المخالفات في صور 'بدأت بخمس محاولات مخالفات، كانت تكلف آنذاك خمس مذكرات توقيف .لكن ذلك لم يحصل '، لافتا الى ان 'السلطة لم تقم بدورها بتطبيق القوانين بمختلف اجهزتها، حتى قوى الامر الواقع، لم تتعامل مع الحدث على المستوى المطلوب آنذاك '.

المشكلة الآن كبيرة بحسب دبوق، و 'لا نعرف من اين نبدأ لمعالجة الخطأ .واذا كانت الحاجة هي السبب لزيادة غرفة او غرفتين على المسكن لاسباب انسانية، فما المبرر لانشاء مشاريع تجارية '.

وحذر من 'المشاكل الاجتماعية التي سيسببها البناء على المشاعات والمشاكل البيئية ومشاكل السلامة .في منطقة المزارع المنشآت لا أعمدة لها، وعلى رغم ذلك ترتفع الى ثلاث طبقات .هامش الخطر كبير جدا .فوقوف هذه المباني يتحدى كل قوانين الهندسة المدنية الموجودة .الخطر يتهدد بالمنطقة وساكنيها وحتى المارة فيها، كذلك البلديات ومؤسسة الكهرباء والمياه '.

وراى أن 'الخطوة الاولى في طريق المعالجة هي ايقاف جميع التعديات والاعمال الاضافية فورا .ثم دراسة هذه المشكلة وكيفية معالجتها وذلك بعد تصنيفها بحسب نوع كل مخالفة وحجمها '.فالمخالفات لا تزال مستمرة، 'وهناك مخالفات نزيلها صباحا فيعيدون تشييدها مساء، هذا الشخص لو اوقف وحبس لفترة، هل كان ليتجرأ على اعادة المخالفة؟ '.وتحدث عن حادثة مقتل الشابين في المساكن، مشيرا الى أن الاهالي احتجوا وقطعوا الطريق 'في الوقت نفسه كانت جبالات الاسمنت تعمل، فتضاعف عدد المخالفات بعد يومين من الحادث '.

عدلون

الواجهة البحرية في بلدة عدلون تشهد وجها آخر من وجوه التعدي على الاملاك العامة .فما كان قبل اشهر قليلة غرفة او غرفتين صار مبنى من طبقات عدة .وعلى رغم قيام القوى الامنية بين حين وآخر باعتراض عمل الورش، غير أن العمل يعود كل مرة ليزدهر بعد مغادرتها .ويستند الاهالي الى تقنية باتت شبه معروفة، وهي جلوس النساء والاطفال على الشرفات وامام الورش، في رسالة الى من يحاولون منع الاعمال تفيد بأن 'الطريق الى ازالة ما بني يمر عبر النساء والاطفال اولا '.
الموضوع :أخبار
المصدر :الحياة

ت .م :06-05-2011
-
ت .ه :03-06-1432
العدد :17563
-
الصفحة :7