الأمن 'العاتب 'على بعض
السياسيين يلجأ الى شعار 'كل مواطن خفير"
كاميرات المراقبة الحكومية في لبنان
تمنعها التحفظات السياسية
منالأبوعبس
< قبل نحو خمس سنوات، خرج إلى الواجهة
السياسيةفي لبنان مطلب ظنه كثيرون حيويا لمحاولة ضبط موجة اغتيالات
سياسية راحت تضرب من كلحدب وصوب: كاميرات للمراقبة في بيروت ومناطق أخرى، تساعد في
معرفة بعض تفاصيل مايهدد الأمن والاستقرار في البلد، على غرار ما يجرى في بلدان
أخرى أبرزها بريطانياودبي.
غير أن المطلب اللبناني 'الأكثري '(نسبة إلى فريق 14 آذار
)حينها،اصطدم كالعادة برفض 'أقلوي 'من جانب المعارضة .أما حجج
الرفض فتنوعت بين حمايةمشروع المقاومة واحتمال استفادة إسرائيل من المعلومات التي
يمكن لهذه الكاميرات أنتجمعها، وطبعا رصد تحركات المقاومين ومخازن الأسلحة .وبرزت
أصوات لم تعل كثيراتحدثت عن اختراق هذه الكاميرات لحريات اللبنانيين الشخصية .
لهذه الأسبابوغيرها، طوي المطلب -
المشروع، على رغم أن مجلس الوزراء برئاسة فؤاد السنيورة آخر 2006، أقر وضع كاميرات
في بيروت الكبرى قبل أن يؤدي رفض 'حزب الله 'للمشروع الىتجميده
.وظلت الكاميرات المنتشرة في شوارع بيروت وبعض المناطق هي تلك الخاصةالعائدة
الى السفارات ومبان ومصارف ومؤسسات وغيرها .مع العلم أن لبنان استفاد فيأوقات
متفرقة من التسجيلات التي التقطتها كاميرات خاصة خلال عدد من الحوادث، نذكرمنها
:محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، إذ التقطت كاميرا عائدة إلى مدرسة قريبةالمشهد
السابق للتفجير (غير انه سرعان ما اختفى الشريط )، وأيضا استفاد من أخرى فيعملية
اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، بعد تحليل محتويات الشريط الذيسجلته
كاميرا مثبتة أمام مصرف 'اتش أس بي سي 'في السان جورج .وكان هذا الشريطالمصدر
الوحيد للصور التي أظهرت آلية ال 'ميتسوبيشي 'البيضاء تنفجر لحظة مرورالموكب
.
< بعد سنوات من سحب مشروع كاميرات
المراقبة من دائرة الضوءالإعلامي، وبعد توقف موجة الاغتيالات واستتباب 'الأمن
السياسي'، انكشفت الغيوم عنمشكلة أخرى لا تقل أهمية عن المشكلة الأولى، وإن كانت لم
تحظ بالاهتمام نفسه. موجةمن السرقات المكثفة وعمليات سلب بقوة السلاح، وصولا الى
عمليات قتل ومحاولات قتلبدوافع منها السرقة. ومعظم هذه العمليات تمت في مناطق حيوية
أو على طرق رئيسة، ليسفي معظمها كاميرات (خاصة) يمكن الاستفادة من تحليل تسجيلاتها.
إذ بعدما كانت عملياتسرقة السيارات (رباعية الدفع غالبا) تسجل في مناطق البقاع
الشمالي خصوصا، امتدت منهفي شكل متزايد السنة الماضية الى مناطق متفرقة وصولا الى
قلب بيروت. وحتى نفق سليمسلام الذي لا ينقطع عنه السير ليلا ولا نهارا، ويعد شريانا
أساسيا لبيروت، شهدمحاولات لسرقة سيارات وعمليات سلب بقوة السلاح نفذ عددا
منها سائقون لسيارات أجرة.
نجاح عمليات كثيرة، قد يكون السبب في تشجع خارجين عن
القانون على اقتحامالميادين كافة .فعلى بعد أمتار من ثكنة لقوى الأمن الداخلي
في الطيونة، أطلق ستةمسلحين النار على سيارة ابنة نائب عن بيروت، وسلبوها
سيارتها بقوة السلاح، بينماكانت عائدة من المطار من دون أن يتدخل أحد .وقبل نحو شهر،
قتلت امرأة في محل لبيعالمجوهرات في الغازية في وضح النهار، بعدما اقفل القتلة باب
المحل الحديد، وأطلقواالرصاص عليها وسلبوا محتويات الواجهة .وقبل ذلك، جرت عملية
اختطاف الموظف في شركة 'طيران الشرق الأوسط 'جوزف صادر على طريق المطار في الضاحية
الجنوبية لبيروت قبلأكثر من سنة، على رغم الازدحام الذي يشهده الطريق عادة،
ومرور دورية لقوى الأمن علىالمقلب الآخر من الشارع .ويكاد يندر أن يمضي يوم من دون
الحديث عما يفوق في أحيانكثيرة عشر عمليات سرقة ونشل حقائب وصولا الى جرائم القتل
واستخدام السلاح في شكلغير شرعي .لكن، أي دور يمكن أن تلعبه كاميرات المراقبة في
ضبط الأمن في لبنان،خصوصا في ضبط السرقات؟
الكاميرات تسهل عمل قوى الأمن
مصدر رفيع فيقوى الأمن الداخلي، أكد ل
'الحياة 'أن كاميرات المراقبة المثبتة على الطرق الرئيسةوفي
مناطق محددة هي أداة مهمة في ضبط الأمن في معظم عواصم العالم، وبخاصة في دبيولندن
ومدريد، حيث لعبت دورا أساسيا في كشف أكبر الجرائم (كشف اغتيال القائد في 'حماس 'محمود المبحوح ومن
قبله المغنية اللبنانية سوزان تميم في دبي ).ولفت المصدرذاته
الى أن القوى الأمنية في لبنان طورت إمكاناتها لحفظ الأمن والحد من الجرائموالسرقات،
'لكن لو جرى بت موضوع كاميرات المراقبة، لكان ذلك ساعدنا الى حد كبير فيالقيام
بمهماتنا على اكمل وجه، على الأقل في موضوع السرقات '، منتقدا العرقلة التيواجهها
مشروع تركيب الكاميرات الذي طرح على بساط البحث في مجلس الوزراء تزامنا معموجة
الاغتيالات السياسية التي تلت اغتيال الحريري .
وقال :'نحن أعددنا ملفاكاملا حول الموضوع،
وأحلناه الى مجلس الوزراء، وصار هناك عرقلة حالت دون تمريره .والملف الآن موجود لدى
وزارة الداخلية '، داعيا الى 'إعادة طرحه لأنه يسهل مهمتناالى
أقصى حد '.
ولم يجد المصدر مانعا دون استفادة لبنان من تنفيذ مشروعكهذا،
مؤكدا أن إقراره 'يحتاج فقط الى قرار سياسي، ونحن جاهزون لتنفيذه '.
قبل كلام المصدر، صدر كلام مشابه عن قائد الدرك في لبنان
العميد انطوانشكور خلال زيارته صيدا على خلفية الجرائم وعمليات السلب
.غير أن كلام شكور عكسإدراكا بأن احتمال بت موضوع المراقبة لن يكون قريبا .فأوجد
من جهته مخرجا آخر، ألقىعبره عبء الأمن على كاهل المواطنين، على قاعدة أن 'كل مواطن
خفير '.إذ طلب شكور منالمواطن 'المساعدة بالنسبة الى كاميرات المراقبة والشهود من
أجل الإفادة منها .كمانطلب من المؤسسات التجارية والخاصة تركيب كاميرات مراقبة
'.وأضاف في رده على سؤالعن عدم قيام قوى الأمن بهذه المهمة :'قوى الأمن الداخلي
ليست مؤسسة خاصة لتركيبكاميرات في الشوارع، كذلك ليس لدينا إمكانية لتعزيز
قطاعاتنا بالوسائل اللازمةلأشغال كهذه، فهذه الأعمال يجب أن تؤمن لها الأموال اللازمة
'.
لكن، حتىدعوة شكور لم تشفع للمستجيبين لها .فبعد أيام قليلة من كلام
قائد الدرك، نشر فيجريدة لبنانية خبر تحت عنوان :'جهة سياسية في صيدا تتجسس
على تفاصيل كثيرة فيالمدينة '، وفيه أن 'تيار سياسي تحت ذريعة حماية مؤسساته
المالية والسياسية باتيتجسس على نسبة كبيرة من تفاصيل حركة الشوارع والمواطنين في
المدينة عبر كاميراتمراقبة تتمتع بتقنية حديثة وبإمكانها تغطية مساحة واسعة جدا
(...)الكاميرات موصولةجميعا الى شاشة موحدة، في ما يشبه غرفة العمليات '.وهكذا
عاد الحديث مرة أخرى عنكاميرات المراقبة، لينتهي بكلمات مثل حماية - تجسس - تقنية
...التي تصب كلها فيإطار 'تسهيل مراقبة جهات خارجية لبنان '.وهنا يبدو السؤال
ضروريا، هل فعلا يثيروجود كاميرات المراقبة في الأماكن العامة المخاوف من عمليات
تجسس محتملة، وصولا الىتشكيل خطر على أمن المقاومة؟
'حزب الله 'لا يعلق
عضو كتلة 'الوفاءللمقاومة 'النيابية علي
عمار (حزب الله )هو أيضا عضو في لجنة الدفاع والأمنالنيابية
التي يفترض أن تناقش أي مشروع يحيله المجلس النيابي إليها ويندرج في إطارتركيب
كاميرات للمراقبة، يقول أن المشروع لم يحل الى اللجنة لمناقشته، وإنه لايمكنه
أن يعلق على شيء ليس معروضا أمامه .
غير أن 'حزب الله 'نفسه الذياعترض في السابق على
المشروع بحجة ما قيل أنه 'تهديد لأمن المقاومة '، له قصته معكاميرات
المراقبة .فواحدة منها كانت من الأسباب الأولى التي مهدت للوصول الى صدام 7أيار
(مايو )2008، حين أثار النائب وليد جنبلاط قصة تثبيت الحزب كاميرات مراقبةلاسلكية
في حاوية للنفايات في محيط مطار بيروت الدولي لمراقبة المدرج 17 في المطار .كما نشرت جريدة النهار
'المستندات التي تؤكد وجود هذه الكاميرات (مراسلات بين وزيرالدفاع
الياس المر والجيش الذي أكد الأمر وأحال الملف الى النيابة العامة ).
النائب أحمد فتفت الذي كان وزيرا للداخلية خلال الفترة التي
وافق فيهامجلس الوزراء على تركيب كاميرات للمراقبة في بيروت الكبرى،
يقول إن 'ما طرحه مجلسالوزراء حينها كان تثبيت كاميرات سلكية في أماكن محددة، ولا
سلكية في أخرى، وذلكلدواعي عدم توافر تغطية الأراضي اللبنانية كافة '.
ويأسف لأن 'موضوعالكاميرات لم يطرح لاحقا،
بسبب اعتراضات سياسية عليه من بعض الأطراف الذين اعتبرواانه
يشكل خطرا على المقاومة ويمس بأمنها وأيضا بسبب كلفته المرتفعة '، لكن موضوعالكلفة
كان السنيورة تحدث عن حلول له عبر مساعدات وعبر الاستدانة من المصارف .
ويعلق فتفت على مطالبة شكور المؤسسات بتركيب كاميرات لضبط
السرقات، مؤكداأن 'كاميرات المراقبة لا يمكن أن تكون مفيدة، إلا إذا كانت
مربوطة بشبكة مركزية .شبكة موحدة على الطريقة الإنكليزية تلاحق الشخص المشتبه به
في كل المناطق داخلالبلد الواحد '.
وعن المس بأمن المقاومة، لا يرى فتفت أن كاميرات المراقبةسواء
اعتمدت سلكيا أو لاسلكيا 'تشكل خطرا على أمن المقاومة، لم يكن هناك خطر علىالمقاومة
أصلا .كان المشروع وضع كاميرات مراقبة في بيروت الكبرى بداية، تمهيدالتوسيعه
ليشمل كل البلد '.ويقول :'المشروع توقف كليا '.
غير أن تقنيا فيمجال كاميرات المراقبة،
يؤكد أن كاميرات المراقبة التي تعتمد الطرق السلكية تتطلبوجود
غرفة عمليات موحدة وتمديدات خاصة بها .وهذا النوع من الكاميرات مستخدم حول
مايعرف بالمربعات الأمنية في بيروت وسواها وحول السفارات
وأماكن أخرى .وهي بطبيعةالحال، غير مرتبطة بالهاتف الدولي ولا الأقمار الاصطناعية
ولا الإنترنت، وبالتاليلا يمكن للعدو الاستفادة منها .
والنوع الآخر، والذي يسهل لجهات أجنبيةاختراقه
والاستفادة من تسجيلاته، هو النوع اللاسلكي، بحيث تبث هذه الكاميرات صوراعبر
الأقمار الاصطناعية أو الإنترنت عبر اعتماد طرق خاصة منها استخدام الهاتف .
لكن، بغض النظر عن السجال السياسي، وإذا ما قرر لبنان فجأة
أن يراقب مايدور على طرقه ومناطقه الرئيسة، هل يمكن أن يقف القانون
اللبناني في وجه المشروععلى قاعدة انتهاكه الحريات الشخصية وحياة اللبنانيين
الخاصة؟
بحسب متابعين،فإن القانون يسمح
باستخدام هذه التقنية داخل الممتلكات الخاصة فقط، والمؤسساتالتجارية
.
(نشر في العدد :17181 ت .م :19-04-2010 ص :26 ط :الرياض )
الموضوع :عام
المصدر :الحياة
Saturday, April 3, 2010
رئيس المحكمة الخاصة
بلبنان أكد ان الجزء المرتبطبالتحقيق في تقريره أعده بلمار نفسه
كاسيزي لـ'الحياة': لم نواجه حتى الآن أي ردفعل سلبي وأهم تحد أمامنا هو نفاد صبر المجتمع الدولي تجاه
عملنا
منالابوعبس
< يبدو رئيس المحكمة ذات الطابع الدولي
الخاصةبلبنان القاضي انطونيو كاسيزي مرتاحا الى ما أنجزته حتى
الآن المحكمة المكلفة النظرفي قضية اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق
الحريري والجرائم ذات الصلة.وبحسب القاضي الإيطالي الذي تولى سابقا رئاسة المحكمة
الجزائية الدولية الخاصةبيوغسلافيا السابقة، فإن محكمة لبنان 'لم تواجه حتى الآن
بأي رد فعل سلبي من طرفدولي'.
غير أن كلامه هذا لا يعني أن 'الطرق الدولية 'مفروشة أمام
المحكمةبالورود، إذ يمكن لرفض الدول التصديق على اتفاق التعاون مع
المحكمة كمثال واحد، أنيحيي المخاوف مما يمكن أن يواجه عملها في المستقبل
.فالمحكمة أعدت اتفاق تعاون شاملوعممته على دول في
المنطقة ودول أخرى فيها جاليات لبنانية، ويقول كاسيزي انه 'لمتتم
المصادقة على هذا الاتفاق حتى الآن من جانب أي دولة، وكان الرد أن تبني
الاتفاقيفترض اعتماده على مستوى البنى القانونية الوطنية، الأمر
الذي سيتطلب سنوات طويلة '.وعلى رغم تأكيد رئيس المحكمة أن 'هذا لا يعني أن الدول
رفضت، بل أن آليات اعتمادهذا الاتفاق ستتطلب إجراءات معقدة مثل إحالة هذا الاتفاق
على المجلس النيابيلتصديقه '، فإنه لا ينفي انتقال المحكمة من 'صيغة الاتفاق
الملزم الى صيغة التعاونالبراغماتي 'عبر 'تبني وسيلة تبادل الرسائل مع بعض الدول
تتعهد خلالها بالتعاون علىأساس الاتفاق، وهذا بطبيعة الحال ليس ملزما '.
تحد آخر تخوف كثيرون من أنهسيواجه المحكمة :التمويل
.غير أن كاسيزي يؤكد أن التحدي الذي تواجهه محكمة لبنان فيهذا
الإطار 'هو نفسه الذي تواجهه كل المحاكم الدولية، وهو ظاهرة نفاد صبر
المجتمعالدولي تجاه هذه المحاكم نظرا لكلفتها '.ويحمل كلامه جانبا
تطمينيا الى الممولين ب 'أننا نبذل جهدا كبيرا من أجل اقتصار نفقاتها واستخدام
الموارد على الشكل الأمثل '.
'الحياة 'عبر مكتبها في بيروت، أجرت مقابلة مع كاسيزي عبر
مكتبه فيلاهاي، هذا نصها :
تناول تقريرك الأخير الذي أصدرته في مناسبة مرور سنة علىانطلاقة
المحكمة معلومات عن التحقيق، وهو ما قلت سابقا إنه من صلاحية المدعي العامدانيال
بلمار التحدث عنه، فإلى ماذا استندت في حديثك؟
- من المهم جدا أنأؤكد
هنا مبدأ أساسيا جدا في عمل المحكمة وهو سرية التحقيق، ما يعني أن المعلوماتبخصوص
التحقيق هي تحت سلطة المدعي العام ولا مجال لأي من الأجهزة الأخرى أن تكونمطلعة
عليها، بما فيها أنا باعتباري رئيسا للمحكمة ورئيسا لغرفة الاستئناف أيضا .
التقرير السنوي الذي أصدرته عن السنة الأولى للمحكمة هو
حصيلة عمل الأجهزةالأربعة للمحكمة وهو مراكمة لأعمال هذه الأجهزة من دون أن
يعني ذلك أنني شخصيا مطلععليها .في ما يتعلق بالقسم الخاص بالتحقيق فقد تم إعداده في
مكتب المدعي العامودوري كان أنني أضفت هذا القسم الى التقرير .الجدير بالذكر
هنا أن رئيس المحكمة هوالمخول إصدار التقرير السنوي باعتباره رأس المحكمة، وهذا لا
يعني انه شخصيا يعد كلقسم منه، بل انه المسؤول رسميا عن تقديمه .المحكمة تتشكل من
أربعة أجهزة مستقلةتماما وما ضمنته في الأقسام الخاصة بقلم المحكمة ومكتب
الادعاء ومكتب الدفاع هو ماأعدته هذه الأجهزة عن حصيلة عملها .
قلة صبر
ألمحت في تقريرك الىتحديات تواجه الموازنة،
ما هو سبب بروز هذه التحديات، وماذا تحقق لتأمين موازنةالسنة
المقبلة، خصوصا ما ذكر عن تقليص مساهمات عدد من الدول للعام 2010، ومساهمةدولة
واحدة بمبلغ زهيد في موازنة العام 2011؟
- إن التحدي الذي تواجههالمحكمة
الخاصة بلبنان هو نفسه التحدي الذي تواجهه كل المحاكم الدولية وهو ظاهرةقلة
صبر المجتمع الدولي تجاه هذه المحاكم نظرا لكلفتها .أستطيع أن أؤكد أننا لمنواجه
حتى الآن أي مشكلة في التمويل وحصلنا على تمويل كاف للسنة الجارية (55 .4مليون
دولار تم التزام تأمين 90 في المئة منها ).كما أننا لا نشعر بقلق حيال تأمينالتمويل
اللازم بالنسبة للسنة المقبلة .
صحيح أن نفقات المحاكم الدوليةكبيرة، إلا أننا نبذل
جهدا كبيرا من اجل اقتصار نفقاتها واستخدام الموارد على الشكلالأمثل
.أستطيع أن اقدم مثلا وهو أن ثلاثة قضاة فقط من اصل 11 يواظبون حاليا علىالعمل
في المحكمة ويتقاضون رواتب نظرا لعدم انطلاق الإجراءات القضائية حتى الآن .كما أن هناك سكرتيرة
واحدة لسبعة أشخاص في الغرف .الأمر نفسه ينطبق على الأقسامالأخرى
.إذ اخترنا عدم تعيين نائب رئيس للقلم لهذه السنة لعدم وجود حاجة ملحة لذلك،الأمر
الذي يستتبع أيضا خفضا في النفقات .نحن نحاول أن نقيم موازنة بين ضرورة
إنجازعملنا بجودة وبين مراعاة محدودية الموارد وضرورة استخدامها
بما يحقق الإفادة القصوى .
كذلك، أريد أن أوضح أن الإمكانات المتوافرة للمحكمة مخصصة
في شكل كبيرمنها هذه السنة لدعم التحقيق للتمكن من الانتقال الى مرحلة
إصدار القرار الظني .
ذكرت في تقريرك أن المحكمة ستنتقل الى العمل القضائي في شكل
فاعل السنةالمقبلة، هل هذا يعني أن بلمار سيصدر قراره الاتهامي قبل
نهاية 2010؟
- اكرر مجددا أنني لست على اطلاع على
تفاصيل عمل المدعي العام وأنه لا مجال للحديث عنمهل لإصدار القرار
الاتهامي .
أود أيضا أن اشدد على أن كل ما يساق حولاقتراب
موعد صدور القرار الاتهامي أو ابتعاد هذا الموعد هو مجرد تكهنات لا علاقةلها
بعملنا، لأن الوحيد القادر على البت بالأمر هو المدعي العام الذي سيقول
كلمتهفي نهاية المطاف .
وما جاء في تقريري في الفقرة 240 منه هو انه خلال الأشهرال12
المقبلة، تنوي المحكمة الخاصة بلبنان إنجاز أهداف منها :دعم جهود المدعي
العامالآيلة إلى اتخاذ كل التدابير المعقولة لرفع وتيرة
التحقيقات وعملية جمع الأدلة،ومباشرة الإجراءات
التمهيدية فور تقديم المدعي العام لقرار اتهام وتصديقه من قبلقاضي
الإجراءات التمهيدية، بهدف تعجيل موعد المحاكمة .
في الفقرة 66 تذكرأنه 'يفصل بين مباشرة
ادعاء محكمة دولية وبين بدء إجراءات المحاكمة سنتان الى 3كقاعدة
عامة، هل تتوقع أن تكون المدة بالنسبة الى محكمة لبنان أطول أم اقصر، بنتيجةالتحديات
التي تواجهها؟ وفي السياق نفسه، لماذا لم تذكر في التقرير المدة التي تحكمبدء
عمل المحكمة وصدور القرار الظني، خصوصا أن صدور القرار الظني في محكمةيوغسلافيا
السابقة صدر بعد اشهر عدة من تعيين المدعي العام؟
- لا أستطيع أناعلق
على مدد طويلة أو قصيرة، لكننا ملتزمون اختصار المدد وعدم التأخير .كما أننااعددنا
أساسا كل البنى التحتية القانونية والعملية الأساسية لعملنا والتي من دونهالا
يمكن إطلاق العمل القضائي ونحن الآن في حالة جاهزية تامة في انتظار صدور
القرارالاتهامي .كل ما أستطيع قوله هو أن المدعي العام يعمل بجد
ومكتبه يعمل بكل طاقته .كما اننا اعددنا كل البنى التحتية القانونية الضرورية من
اجل إتاحة المجال أمامقاضي الإجراءات التمهيدية لمباشرة عمله فور صدور القرار
الاتهامي لدراسة الملفالمحال إليه من قبل المدعي العام .
أنا شخصيا غير مطلع على تفاصيل التحقيق،وكما
ذكرت سابقا فإن سرية التحقيق مبدأ أساسي لا يمكن أن نفرط به .إلا أننا
ملتزمونضمان إجراءات قضائية نزيهة تراعي أعلى معايير العدالة
الدولية من دون تسويف فيالوقت أو إهدار للإمكانات في الوقت نفسه .إن عملية الموازنة
تلك صعبة لكننا حريصونجدا على النجاح بهذا التحدي .
ذكرت في خانة عمل المحكمة وتحدياتها أن عملالمحكمة
يحكمه عنصر التجربة والخطأ، هل ما قلته في الفقرة 192 عن 'سحب بعض الأدلةوالمعلومات
غير الموثوق بها 'هو نتيجة خطأ ما؟ وهل هذا متعلق بمحمد زهير الصديقمثلا؟
- ما ورد في تقريري حول التحقيق هو
حرفيا ما قدمه مكتب المدعي العام،وأنا لست في موقع التعليق
عليه لأنني لست مطلعا على تفاصيل التحقيق .
طبعاليس هناك من 'أخطاء '، ولا يمكن أن نتحدث عن 'أخطاء '.وألفت
هنا الى مبادئ عامة فيهذا النوع من التحقيق وهي أن المدعي العام يستطيع إعادة
توجيه مسار التحقيق أوتعديله أو البقاء عليه وتعزيزه بحسب الأدلة المتوافرة لديه
وصلابتها أو ضعفها وذلكتقليد معهود بالنسبة لهذا النوع من التحقيقات .
نية التعاون موجودة
من هي الدول التي وقعت المحكمة معها اتفاقات في شأن التعاون
الأفقي معالدول الثالثة، ومن هي الدول التي لم توقع؟ خصوصا أنك أوضحت
في الفقرة 104 أنكمتقدمتم بمسودات اتفاق حول التعاون القانوني وتنفيذ الأحكام
الى 20 دولة .وما هو عددالدول التي صادقت على هذه الاتفاقات؟
- لقد أعددت اتفاق تعاون شامل وقمنابتعميمه
على دول في المنطقة ودول أخرى فيها جاليات لبنانية .لم تتم المصادقة علىهذا
الاتفاق حتى الآن من جانب أي دولة، وكان الرد أن تبني الاتفاق يفترض اعتمادهعلى
مستوى البنى القانونية الوطنية .الأمر الذي سيتطلب سنوات طويلة .لا يعني ذلك
أنهذه الدول رفضت، بل أن آليات اعتماد هذا الاتفاق ستتطلب
إجراءات معقدة مثل إحالةهذا الاتفاق على المجلس النيابي بصدد تصديقه، وذلك لكون
الاتفاق شاملا ويغطي مجالاتواسعة جدا .
انتقلنا من مقاربة طموحة للتعاون مع الدول الى مقاربة اكثربراغماتية،
إذ اخترنا أخيرا تبني وسيلة تبادل الرسائل مع بعض الدول تتعهد خلالهابالتعاون
على أساس الاتفاق، لكن باعتباره مجموعة من المبادئ التوجيهية وليس اتفاقاملزما
.
أستطيع أن أؤكد أن نية التعاون موجودة لدى الجميع ولم نحصل
على أيرد سلبي حتى الآن .ما جرى هو أننا انتقلنا من مقاربة طموحة
جدا الى اعتماد آلياتاكثر واقعية الهدف منها ضمان المزيد من الفاعلية لإجراءاتنا
.
هل امتناع بعضالدول عن التوقيع على
اتفاقات ينذر بما أشرت إليه في الفقرة 61 بأن 'المحكمة قدتصبح
عاجزة إذا لم تقدم لها الدول الدعم المطلوب '؟
- المحكمة لم تواجه حتىالآن
أي رد فعل سلبي من طرف دولي .إن الدول تفضل أن تتعاون في إطار حالات محددةوليس
بناء على اتفاق تعاون ملزم يفترض اعتماده إجراءات طويلة ومعقدة .وجدنا أنناكنا
طموحين جدا في تصور اتفاق من هذا النوع، وأن علينا أن نكون اكثر واقعية، إلا
أنذلك لا يعني أننا واجهنا رفضا أو أن الدول غير راغبة في
التعاون .انتقلنا من صيغةالاتفاق الملزم الى صيغة التعاون البراغماتي .
المحكمة ليس لديها سلطة إرغامالدول على التعاون، كما
ليس لديها أدواتها الخاصة كالشرطة .وفي هذه الظروف فإنالسبيل
الوحيد هو الإقناع عبر الطرق الديبلوماسية .
اجراءات مرتبطة بالشهود
هل هناك تدابير اتخذت حتى الآن في ما يخص (حماية )بعض
الشهود؟
- القاعدة العامة هي أن المحاكمات
علنية، إلا أن بعض الشهود قد يقدم حجة راجحة لعدممثوله علنا، فيدلي
بشهادته أمام الادعاء والدفاع فقط .في حالات استثنائية جدا، رأتهذه
الإجراءات أن يقتصر معرفة هوية شاهد على قاضي الإجراءات التمهيدية من دونالطرفين
.إلا أن الإجراءات ارتأت وذلك من باب التأكيد على نزاهة المحاكمة أن لايصدر
اتهام بحق طرف ما بناء على شهادة شاهد لا تكشف هويته .
فالمادة 93 منقواعد الإجراءات والإثبات
أجازت لقاضي الإجراءات التمهيدية، بناء على طلب من المدعيالعام
أو الدفاع أو الممثل القانوني لمتضرر مشارك في الإجراءات استجواب الشاهد فيغياب
الفريقين، أو في غياب الممثل القانوني للمتضرر المشارك في الإجراءات، إذا
كانهناك، في أية مرحلة من الإجراءات :
خطر جدي قد يهدد حياة شاهد أو شخص مقربمن
الشاهد أو قد يعرضه للإصابة بأضرار بدنية أو عقلية خطيرة جراء الكشف عن
هويته .2 )خطر جدي قد يمس بالمصالح الأمنية الوطنية الأساسية في حال
الكشف عن :هوية الشاهدأو انتمائه .وبحسب المادة نفسها، يتيح قاضي الإجراءات
التمهيدية للمدعي العاموالدفاع والممثلين القانونيين للمتضررين المشاركين في
الإجراءات فرصة توجيه أسئلةإلى الشاهد من دون الكشف عن هويته .وتنقل الأسئلة نفسها الى
الشاهد .يجوز أيضالقاضي الإجراءات التمهيدية استجواب الشاهد من تلقاء نفسه
.إلا أن المادة 159 منقواعد الإجراءات والإثبات وضعت حدودا للجوء الى مثل هذه
الشهادات، إذ نصت على انه 'لا يمكن أن تستند الإدانة، فقط أو في شكل حاسم، إلى إفادة
أدلى بها شاهد وفقاللمادة 93 '.
ما ردك على بعض الانتقادات التي طاولت التقرير في لبنان،وأشارت
الى أنه استفاض في العموميات وتعريف أنواع الجرائم وغيرها ليبرر تأخر صدورالقرار
الظني؟
- على عكس ما تقولون، التقرير السنوي
الذي أصدرته لم يغص فيالعموميات، بل تحدث وبالتفصيل عن نشاطات السنة الأولى على
مستوى الأجهزة الأربعةمقدما معلومات عملية وبالتفصيل .ليس لدينا ما نخفيه .لقد
شرحت مرارا أن التحقيق فيالجرائم الإرهابية مسألة معقدة والمحكمة الخاصة بلبنان هي
أول من يتصدى لهذه المهمةعلى مستوى المحاكم الدولية .
القرار الظني سيصدر عندما يصبح المدعي العامجاهزا،
لكننا أنجزنا عملا هائلا خلال سنة خصوصا لجهة اعتماد البنى القانونيةالأساسية
لعملنا والتي من دونها لا يمكن أن تنطلق الإجراءات القضائية فضلا عن إعدادقاعة
المحاكمة التي ستتميز بأحدث التقنيات وسيتم إنجازها في غضون أسابيع قليلة .
التسريبات ...
في شأن الاستقالات الخمسة التي حصلت خلال السنةالماضية،
ما هو مصير المعلومات التي اطلع عليها كل من المستقيلين؟ وكيف تضمنالمحكمة
عدم تسريب هذه المعلومات؟
- الضمانة الفعلية لعدم تسريب المعلوماتهي
النزاهة الكبيرة والمهنية العالية التي يتمتع بها فريق العمل في المحكمة،
كما أناستقالة مسؤولين أمر معهود في المحكمة الدولية إذ هناك دوما
حركة ذهاب وإيابمستمرة، خصوصا أن العاملين في هذه المحاكم ينتمون الى
جنسيات مختلفة، وعادة يرغبونفي العودة الى بلادهم .أريد أن أقول ان تلك حالة مشتركة لدى
كل المحاكم الدولية،وفي كل الحالات يطلع الموظفون على معلومات خاصة .إلا أن ذلك
لا يعني انهم سيقومونبتعميم هذه المعلومات لدى انتقالهم الى منصب جديد .تلك
طبيعة عمل المحاكم الدوليةوما يجرى في المحكمة الخاصة بلبنان ليسن غريبا في عالم
القضاء الدولي .
ماذاعن الاتهامات بالتسريبات التي ساقتها بعض وسائل الإعلام ضد
الفريق العامل فيالمحكمة؟
- أولا، أريد أن أوضح مسألة في غاية
الأهمية، أننا بدءا منيووصولا الى كل فريق العمل بكل أفراده لسنا مطلعين أساسا على
أي معلومات عن التحقيقالذي يخضع لسرية مطلقة .كما أن مكتب المدعي العام حريص الى
أقصى الحدود على سريةالتحقيق وحمايته .
أريد هنا أن أعلق على سوق بعض وسائل الإعلام اتهاماتللمتحدثة
الرسمية باسم المحكمة السيدة فاطمة العيساوي بتسريب معلومات .وأنا اعتبرهذه
الاتهامات أمرا مؤسفا، وأشدد على تأكيد ثقتي الكاملة بالسيدة العيساوي، كما
ثقةكل الأجهزة بها .وهي على درجة كبيرة من المهنية والنزاهة
كما أنها لا يمكن أن تكونمصدر تسريب لأي أمر، خصوصا أنها كما الآخرين في أجهزة
المحكمة غير المعنية، ليستعلى علم بمجريات التحقيق .
لا خيار الا النجاح
في حال قرر لبنانوحكومته، لأي سبب من
الأسباب الخاصة به، انه لم يعد بمقدوره أن يدفع نسبة ال49 فيالمئة
المتوجبة عليه لسداد مستحقات المحكمة، هل يعني ذلك أن المحكمة ستتوقف؟ وفيحال
كان الجواب لا، ما تأثير ذلك في عمل المحكمة، وما هي الإجراءات البديلة؟
- ليس هناك من توجه لوقف الأموال، ولسنا
قلقين حيال ذلك .لقد لقينا تجاوباكبيرا من الحكومة
اللبنانية وهذا التجاوب لا يزال قائما .كما أريد أن ألفت الى أنالنظام
التأسيسي للمحكمة لحظ أيضا وسائل تمويل بديلة، إلا أننا لسنا في خوف منمواجهة
موقف كهذا .فقد نصت المادة الخامسة من الاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة علىانه
في حال عدم كفاية التبرعات لتنفيذ المحكمة لولايتها، يقوم الأمين العام
ومجلسالأمن باستكشاف وسائل بديلة للتمويل .
يقول البعض أن عمل المحكمة وأجهزتهافي
الفترة الحالية مقتصر على العلاقات الإعلامية، بمعنى تنظيم لقاءات وحواراتوزيارات،
وأن مصاريف هذه العلاقات يكبد المحكمة مصاريف لا لزوم لها، ما هو رأيك؟
- ما تسميه علاقات إعلامية، نسميه نحن
برنامج التواصل الخارجي وهو أساسيلتقريب المسافة بيننا
وبين اللبنانيين .هذه المحكمة أساسا أنشئت من اجل اللبنانيينومن
دون دعم الرأي العام اللبناني لا يمكن أن ننجح في مهمتنا، خصوصا أن هناك
الكثيرمن التصورات المغلوطة حول عملنا ومحاولات تسييس لعملنا
ووضعنا في هذه الخانة أو تلك .
نحن نعي أن عمل المحكمة معقد، وقد يكون من الصعب على
اللبنانيين فهمه منهنا ضرورة التواصل معهم من خلال هذا البرنامج الذي ننوي
تعزيزه هذه السنة .
متى يمكن القول أن محكمة لبنان فشلت في تأدية مهمتها؟
- الفشل ليساحتمالا مطروحا للمحكمة
.لا خيار أمامنا إلا النجاح والنجاح فقط .إن سمعة القضاءالدولي
معلقة على المحكمة وليس فقط سمعة قضاتها وفريقها العامل .نحن نعي أن التحديكبير،
إلا أننا مستعدون لمواجهته
(نشر في العدد :17165 ت .م :03-04-2010 ص :11 ط :الرياض )