Friday, March 3, 2006

... وهل يستحق « احتجازنا » كل هذه الإجراءات ؟

... وهل يستحق « احتجازنا » كل هذه الإجراءات ؟

منال أبو عبس
Al-Hayat (479 كلمة)
تاريخ النشر 03 مارس 2006



لم يضع المعنيون بأمن »المتحاورين الوطنيين« لافتات أو أسهماً ترشد الى مدى اقترابنا من »مربعهم الأمني« الجديد. إلا أن كل ما يأتي بعد الخطوة التالية لاجتياز الحاجز الذي صار مألوفاً أول شارع المعرض، كفيل بالمهمة.

لكن، على بعد عشرات الأمتار من الحاجز، وتحديداً في ساحة النجمة حيث مقر مجلس النواب، يكتسب الأمن طابعاً مكثفاً. في تلك البقعة، يحفظ كل عنصر مهمته عن ظهر قلب، ويطبقها، بمعزل عن الآخر. يرافق بعضهم السياسيين الى مكاتبهم، في انتظار بدء الحوار. وينصرف الآخرون الى تحديد وجهة سير الصحافيين وفق خطة معدة سلفاً.

لا شيء في تلك الساحة، يجعلها تشبه ما تكون عليه في جلسات مجلس النواب العادية. الإجراءات الأمنية مضاعفة، وتحركات الصحافيين رهن بإشارة العسكريين وتوجيهاتهم الصارمة. حتى مواكب السياسيين لا تشبه نفسها. ربما لأن السياسيين ليسوا النواب أنفسهم، هم زعماء الطوائف وزعماء الكتل النيابية وقادة من المستوى الأرفع، هذه المرة.

ومع اقتراب عقارب الساعة من الحادية عشرة، تكتسب مسيرة الصحافيين طابعاً جديداً. تفتح المكتبة في المبنى المجاور أبوابها واسعة لاستقبالهم، ثم لا تلبث أن تضيق، فتقفل لتحول دون خروجهم الى الساحة. في تلك القاعة، تكتسب المسيرة طابعاً جديداً. ينصرف الصحافيون الى تبادل أحاديث ودية، في انتظار فتات أخبار قد تصلهم من الخارج عبر النوافذ أو عبر الهواتف الخليوية. في حين تشكل النوافذ صلة الوصل التي تربطهم بما يدور في الساحة خارجاً. من هناك يراقبون وصول مواكب السياسيين واحداً بعد الآخر. يفكون ألغاز هوية السياسي في كل موكب، كوسيلة لتمضية الوقت، ويفاخر بعضهم بقدرته على التمييز بين المواكب الوهمية والأخرى الحقيقية.

في المكتبة يضيق المربع الأمني على الصحافيين الموضوعين تحت الإقامة الجبرية. وتستحيل مهمة المصورين في الحصول على »لقطة« بأي طريقة. ولا تخدم النوافذ الكبيرة ضرورات السبق الصحافي، والحصول على »اللقطة« للسياسي المترجل من سيارته. ويكلف ذلك بعض المصورين مشاكل جانبية في ما بينهم، لا يغيب عنها الصراخ والتدافع.

»هذه هي المرة الأولى التي يحجز فيها الصحافيون في قاعة بعيداً من مكان جلوس المؤتمرين«، و »لو اخبرونا بإجراءاتهم المعقدة، لكنا بقينا في المكاتب وانتظرنا انتهاء الحوار«، هذه العبارات كانت جزءاً من تعليقات الصحافيين.

وعلى رغم تفهمها لدواعي الإجراءات الأمنية المكثفة، تشكو إحدى الزميلات من التفتيش المكثف الذي سبق الحصول على البطاقة المعدة سلفاً لتغطية المؤتمر: »هل يستحق »احتجازنا« في هذه المكتبة كل إجراءات التفتيش هذه؟«.

No comments:

Post a Comment