Monday, May 30, 2005

ثلاثة شهور هزت لبنان

ثلاثة شهور هزت لبنان... فهل أعادت الشباب إلى السياسة؟

منال أبو عبس
Al-Hayat (807 كلمة)
تاريخ النشر 23 مايو 2005


اخترقت عبارة »شبان ساحة الحرية« قائمة التعابير الإخبارية، لتحتل مكانا يوميا في قاموس النشرات على مدى فاق الثمانين يوما. فعندما نزل عشرات آلاف الشبان اللبنانيين إلى وسط بيروت، احتلوا بتلقائية قلب العاصمة لينطلقوا منها نحو معركة ضد السلطة اللبنانيــــة وأجهزتها الأمنية وضد ما رأوه وصايـــــة سورية على شؤونهــم الداخليـة. وسواء كنت من مؤيدي تحرك الشبان أم لم تكن، لا بد من الاعتراف بأن التحرك حقق أهدافا مشتركة لشبان من تيارات ظلت لسنوات كثيرة تناصب بعضها بعضا عداء مكللا بالدم.

لكن، ما الذي فكر فيه كل شاب منهم قبل نزوله إلى الشارع؟ وما الذي دفع كثيرا من الشبان والشابات المستقلين (غير المنتمين إلى أحزاب أو تيارات) إلى الانخراط في تجربة سياسية الطابع؟ وما كانت مطامح مسؤولي القطاعات الطالبية أو الأعضاء في التيارات السياسية؟

ما أن وقف سامر على خشبة المنصة في وسط الساحة، حتى علا الصراخ والهتاف من اكثر من صوب. فسامر الذي أكسبته خبرته »الانتخابية« في الجامعة عقلية سياسية، تضاف إلى مهارته الخطابية، لم يحد يوما عن الهدف الموضوع نصب عينيه، وهو أن يكون »أصغر وزير«. وفي التطورات المتلاحقة التي ضربت لبنان وجد »اصغر وزير« مستقبلي، ضالته و«شعبيته«.

شكلت الأيام التالية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، وثورة الرأي العام المحلي والعالمي، الجو الملائم لانخراط سامر في التجربة السياسية في صورة يومية. »في الساحة كنا نلتقي بالسياسيين الذين يمضون اكثر أوقاتهم مع الشبان. هناك نتعلم كيف يتعامل السياسي مع شبان يخالفونه الرأي، وكيف يتعامل السياسيون مع بعضهم بعضا ومع الكاميرات التي كانت مرابطة في دائرة الحدث«، يقول سامر، مؤكدا أن شخصيته باتت أقوى، وكذلك طموحه، إذ »أكسبتني هذه التجربة خبرة في التعامل مع الآخرين من أحزاب مختلفة«. لكن الأهم من ذلك كله، أن من المتوقع في الدورة النيابية بعد المقبلة (2008) أن تعلق صور سامر الحائز (آنذاك) إجازة في العلوم السياسية إلى جانب صور كبار المرشحين الذين »سيخافون على مقاعدهم من شاب شارك في ثورة التحرير قبل أعوام، ولم يوفر سنته الجامعية فداء لمستقبل بلده وحريته وسيادته«.

غير أن ساحة الحرية التي ستسجل انطلاقة شبان كثر نحو السياسة، لم تكن المكان الوحيد لبروز هذه المواهب. فباسم الذي لم يستمع يوما إلى »برنامج حواري أو سياسي«، كما يقول، لم يجد نفسه إلا في الشارع، مشاركا يوميا في التظاهرات المنددة باغتيال الرئيس الحريري. »لم أكن اعرف أنني قادر على التحدث في السياسة بطلاقة. هناك تعلمت أن أناقش وأحلل وأربط الأحداث«، يقول معددا مزايا المشاركة في التحركات التي كان يراها فارغة وغير مجدية في السابق.

في التظاهرات شبه اليومية، تعرف باسم الى مناصرين لتيارات كثيرة، وبالتالي الى برامج متنوعة، اختار منها تيارا اجتماعيا وثقافيا يناسب قناعاته، فانتسب إليه.

إلا أن باسم وخلافا لسامر، لا يفكر يوما بالعمل في الشأن السياسي، في غير إطاره الضيق، أي »كرئيس لإحدى الجمعيات التي تعنى بالشؤون الاجتماعية أو التربوية«. ويرى أن العمل السياسي البحت »يحتاج إلى ماجستير في الدهاء ودكتوراه في الكذب، وسنوات من قيادة التظاهرات«، كما علمته تجربته القصيرة نسبيا في »ظرف بالغ الحساسية«.

وعلى رغم أن تجربة باسم وسامر ما زالت في طور التخمير، ولم تنضج بعد، إلا إن تجربة عضو »الحزب التقدمي الاشتراكي« وائل أبو فاعور، شكلت النموذج الأكثر عملية بالنسبة إلى كثيرين. فمروان الذي انتقل من أحد الأحزاب الطائفية إلى آخر علماني الطابع، يرى في ترشح أبو فاعور عن المقعد المخصص لحزبه في دائرة البقاع الغربي، »قطافا يأتي قبل أوانه«.

ومن وجهة نظر مروان، فإن »فوز أبو فاعور صار محسوما نتيجة للظروف الحالية والتطورات المتلاحقة«، وهذا بالضبط ما دفع مروان نفسه إلى واجهة الإعلام، مشاركا في الندوات السياسية والبرامج الشبابية »على خطى أبو فاعور«.

ولكن، اهتمام مروان المستجد في الشؤون السياسية، والناتج من »الانخراط في التجربة الشبابية التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري واستقالة الحكومة والقبول بلجان تحقيق دولية وأخيرا الانتخابات«، أعطت مروان ورفاقه أملا كبيرا في مستقبل قد يجعل بعضهم »سياسيين يحققون مطالب الفئات الشعبية، والبعض الآخر يناضل للحصول على مطالب لن تنضب بوصول شبان ساحة الحرية أو غيرهم إلى سدة المسؤولية«.

No comments:

Post a Comment