Friday, June 15, 2007

أرملة النائب تختزل كل الحزن

مشهد تشييع الشهداء يتكرر ... أرملة النائب تختزل كل الحزن


منال أبو عبس
Al-Hayat (827 كلمة)
تاريخ النشر 15 يونيو 2007
عرض جميع البيانات


يشير الشاب بإصبعه إلى امرأة خمسينية تتوسط الغرفة. أم خالد التي فقدت قبل يوم واحد زوجاً وابناً لا تقوى على الكلام. تسند رأسها بكف يدها وترد على المعزين بإيماءة من رأس صار مثقلاً بأحزان كبيرة.

هنا الطبقة الأولى من بناية البرجين في فردان حيث منزل النائب الشهيد وليد عيدو. تغص الطبقة بالناس وباللون الأسود. ومن الأدراج المليئة بالمعزين يصل النحيب إلى الشارع. داخل المنزل يصعب العثور على موطئ قدم. ولا أحد يقوى على الكــلام إلا للرد علـــى تعــزية.

»جايين تشوفوا أبو خالد وخالد. جايين تشوفوا مصيبتينا الاثنتين. راح الأب وابنه بأبشع الطرق«، تصرخ سيدة الى جانب أم خالد. تقطع كلماتها الصمت، ويعلو صوت النحيب مرة جديدة تاركاً الأم المفجوعة في عالم من الحزن الخالص. يصل الصوت إلى الغرفة المجاورة حيث تقبل تعازي الرجال. هناك، يتقبل الابن الثاني زاهر التعازي والى جانبه عمه. وفي انتظار نعوش عيدو ونجله خالد ومرافقه سعيد شومان لم ينقطع توافد السياسيين واحداً بعد الآخر للتعزية: النائبان وائل أبو فاعور وفيصل الصايغ والنائب السابق تمام سلام ورئيس »التيار الشيعي الحر« الشيح محمد الحاج حسن...

في الباحة الأمامية للمبنى كان الانتظار سيد الموقف. لا شيء في الصورة يوحي بأن ثمة حشداً سياسياً أو حزبياً للتشييع. فقط مجموعة من الصحافيين على الرصيف المقابل، وعدد من المواطنين. تصل هتافات »أبو بهاء« و »سعد سعد« متقطعة من مسيرة دراجات نارية تجوب شارع تلة الخياط وتلتف إلى فردان. ويرفع المشاركون فيها أعلام »تيار المستقبل«.

ومع اقتراب الساعة من الحادية عشرة، يتكثف حضور رجال الأمن ويبدأون إملاء التعليمات. تعاطي الأمنيين يدل على أن وصول سياسيي الفئة الأولى صار وشيكاً. فيتوزع المصورون في الزوايا بحثاً عن المكان الأمثل.

في زاوية غير رئيسية من الشارع يدلي وزير الإعلام غازي العريضي بتصريح إلى أحد التلفزيونات. لا يبدو العريضي مرئياً إلى الصحافيين الآخرين وبالتالي إلى المتجمهرين أمام المبنى. خلف العريضي مباشرة يتكئ رئيس »اللقاء النيابي الديموقراطي« وليد جنبلاط على حافة مدخل أحد الأبنية. يقف جنبلاط في زاويته أكثر من ربع ساعة كاملة من دون أن يلحظ وجوده إلا عدد محدود جداً من الصحافيين. ومع وصول موكب رئيس كتلة »المستقبل« النيابية سعد الحريري، ينسحب جنبلاط والعريضي إلى بناية البرجين.

ترافق هتافات: »أبو بهاء« و »سعد« وقوف الحريري أمام جمهوره في الشارع الذي اكتظ فجأة. ترتفع القبضات عالياً وتترافق مع صرخات: »الله. حريري. طريق الجديدة« و »الله يحرسك يا شيخنا«.

ومع وصول النعوش الثلاثة في سيارات الإسعاف الملفوفة بأعلام لبنان، ترتفع هتافات: »لا اله إلا الله والشهيد حبيب الله«، و »الله أكبر«. وترافقها شعارات معادية للنظام السوري والرئيس اللبناني اميل لحود والأمين العام لـ »حزب الله« السيد حسن نصر الله.

لا تمضي النعوش وقتاً طويلاً أمام البناية. يتلو الحاضرون الفاتحة عن روح الشهداء. ومن شرفة منزلها تلوح أم خالد إلى فقيديها ومرافقهما بعدما أسندتها بعض النسوة.

يعود السياسيون إلى مواكبهم، لتتقدم مع سيارات الإسعاف مسيرة المشيعين. تسلك المسيرة، ترافقها سيارات قوى الأمن الداخلي ودراجاتهم النارية ودراجات مدنية أخرى ويتقدمها نجلا عيدو مازن وزاهر والنائب السابق سلام والأقارب، شارع تلة الخياط وصولاً إلى كورنيش المزرعة. وينضم حشد من المواطنين إلى موكب التشييع أمام مقر حركة »اليسار الديموقراطي« يتقدمهم النائب الياس عطا الله وأعضاء من الحركة. ومن شرفات بيوتهن، تنثر النسوة الرز والورود على المسيرة.

ومع انضمام الأهالي الموزعين على جوانب الطرق إلى الموكب، تتحول المسيرة إلى مسيرات. وتنضم أعلام »المرابطون« و »الناصريين الأحرار« و »القوات اللبنانية« إلى أعلام »المستقبل« و »الحزب التقدمي الاشتراكي«.

ولدى مرور المسيرة أمام مقر »الحزب التقدمي الاشتراكي« في وطى المصيطبة ينضم عدد جديد من المشاركين. ثم يلاقي حشد من المشايخ الدروز في الكولا القادمين من الكورنيش، وينطلق معهم وزير الاتصالات مروان حماده والنائب أكرم شهيب أيضاً اللذان انتظرا وصول الموكب تحت إحدى الشرفات على التقاطع.

وأمام اللوحات العملاقة للنائب عيدو ونجله التي تحمل عبارة: »رجال العدالة. شهداء العدالة«، ترتفع هتافات: »هزي هزي يا بيروت وليد عيدو ما بيموت«.

No comments:

Post a Comment