انطاليا
الواقفة على صخرة مرتفعة تتهادى الى البحر الأزرق بالتدريج!
منالأبوعبس
أشياء كثيرة يمكن لأنطاليا أن تقدمها لزائرها، فلايقوى على رفضها .هدوء وبحر بلون السماء وجبال تلوح أمام
المدينة كطيف، ترسم للبحرما
يبدو أنه خط نهايته .
يمكن لهذه المدينة المعروفة باسم 'الريفييراالتركية 'الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوب غرب
تركيا أن تأسر الزائربطابعها
الذي يبدو مألوفا وجديدا في الوقت عينه .فجمال عاصمة مقاطعة انطاليا لا يقفعند حدود ما أضافته إليها مساهمات الحكومة أو القطاع الخاص
من منتجعات سياحيةومرافق
عامة وغيرها، وجعلها تتصدر المدن التركية في عدد السياح (زارها 8 ملايينو260 ألف سائح من أصل 27 مليونا و77 ألف سائح قصدوا تركيا
العام الماضي ).بل أنالطابع
المميز الذي اكتسبته المدينة منذ نشأتها يمتد الى ما قبل ذلك بكثير، الى ذلكالوقت حين ارتفعت جبال طوروس في جنوب الأناضول بموازاة
البحر المتوسط في اتجاهالشرق
والغرب، مشكلة سهولا ساحلية تحيط بها الجبال من ثلاث جهات والبحر من الجهةالرابعة، وأمامها تتشكل خلجان صغيرة وأشباه جزر .
المدينة بحسب ما كتبللتعريف
بجغرافيتها، تتكون من منطقتين مسطحتين مشكلتين من صخور الترافرتين علىارتفاع متوسط 35 مترا .وهي بذلك تبدو كمدينة لا شاطئ لها،
تماما كأنها واقفة علىصخرة
مرتفعة تنظر الى البحر الأزرق تحتها .وتدريجيا ينخفض مستوى سطحها وصولا إلىالمدينة القديمة - مدينة خلف الأسوار- حيث تلتقي الطرق
نزولا وصولا الى الميناءالبحري
حيث السفن السياحية الصغيرة وسفن صيد السمك .
النظر الى المدينةالقديمة،
من الساحة المطلة عليها، يظهرها عتيقة وكئيبة كأنما خرجت منذ زمن من حربأحرقت قرميد بيوتها وما أعيد تزيينها قط .غير أن الجولة
داخلها تكشف جمالها الذييحتفظ
بطابع قديم تتزاوج فيه فنون العمارة والثقافات المختلفة من الليكيةوالبمفيلية والإغريقية، لكن بصورة رئيسية العمارات
والثقافات الرومانية والبيزنطيةوالسلجوقية
والعثمانية .تلتوي طرقها المرصوفة بالحجارة الصغيرة في منحدرات قاسية،وعلى جوانبها تنتشر حانات ومطاعم جدرانها من الخشب، وفنادق
صغيرة توحي بالدفءوالقدم
.كما محلات شعبية لبيع كل ما يحتاجه المتجول من مأكولات ومشروبات وألبسةوحلويات وحلي .
ترتبط المدينة القديمة بباقي أحياء انطاليا المدينة بخط بحرييعتبر السير على طوله متعة لا يستحب تفويتها .فعلى امتداد
المدينة تصطف الفنادقالحديثة،
مخلية بينها وبين البحر مساحة كبيرة تشكل حدائق خضراء حتى في الشتاء .تتصلهذه الحدائق ببعضها وتوصل الى الكورنيش البحري الذي يشبه
الساحات العامة، حيث أطفاليلعبون
وكراسي خشب مع طاولاتها مثبتة بالأرض، وحيوانات أليفة .
مؤتمر عنالسياحة
والإعلام
المواقع الطبيعية والتاريخية والمعالم الأثرية التي ينتشرمعظمها خارج مدينة انطاليا، فضلا عن الطابع الودي الذي يميز
أهلها، جعلت مطارأنطاليا
واحدا من أكثر المطارات ازدحاما في منطقة البحر المتوسط .فبحسب 'المؤتمرالدولي للسياحة والإعلام 'الذي نظمه اتحاد الصحافيين
الأتراك
'TURCEV 'في انطالياقبل أيام بحضور عشرات الصحافيين العرب والغربيين، فإن ثماني
رحلات على الأقل تأتييوميا
من اسطنبول الى انطاليا، وقد تصل الى اكثر من عشر رحلات خلال وقت الذروة
.هذهالرحلات تجعل عدد سكان
انطاليا (المدينة لا المقاطعة )الذين يبلغون نحو مليون شخص،يرتفع صيفا الى نحو عشرة ملايين، من دون أن تفقد المدينة
وأهلها شيئا من طابع الودوالترحاب
.
هذا ما عكسه المؤتمر بينما يروي جانبا من نجاح تجربة
انطاليا،المدينة السياحية التي
توليها الدولة كما القطاع الخاص الاهتمام اللازم، والذييراهن القائمون عليها على ارتفاع معدلاته خلال السنوات
المقبلة .ففي عام 2009 وبغضالنظر
عن الأزمة الاقتصادية العالمية، أحرزت تركيا 3 في المئة زيادة على نسبةالسياح، لكن العائدات انخفضت بنسبة 3 في المئة بسبب انخفاض
الأسعار وتقليص مدةإقامة
السياح فيها .غير أن القائمين على القطاع السياحي والبلدية يتوقعون زيادةبنسبة 6 في المئة لعام 2010 الحالي، وبالتالي أن يصل الى 28
مليونا و620 ألف سائحوأن
ترتفع العائدات الى 22 مليونا و523 ألف دولار .
غير أن المعضلة التيأراد
المؤتمر- الذي تزامن عقده في انطاليا مع مؤتمرات سياحية عدة- طرحها بدتكالتالي :ما الذي يمكن لأنطاليا أن تفعله لتعوض خسارة
عائدات السياحة الإسرائيلية؟
وإذا كان المؤتمر الذي لم يدع اليه أي صحافي اسرائيلي لم
يتناول مباشرةمسألة التأزم الذي طرأ
على العلاقة بين تركيا وإسرائيل على خلفيات سياسية أهمهاالموقف التركي من قضية فلسطين، غير أن الأرقام التي طرحت
خلاله والتي أشارت الى أنعائدات
السياحة الإسرائيلية تدر على تركيا ملايين الدولارات سنويا، تفسر الأمر .فبحسب
مراقبين فإن الإسرائيليين يقصدون انطاليا لأكثر من مرة واحدة سنويا .مرةلقضاء إجازاتهم الطويلة مع عائلاتهم، ومرة لقضاء العطلات
القصيرة، ومرات لقصدالكازينوات
ونوادي القمار (التي نقلت الى قبرص التركية ).وكدليل على أهمية السياحةالإسرائيلية، يندر أن تجد سارية للأعلام أمام أي من الفنادق
الفخمة لا ترفع علمإسرائيل
الى جانب علم إيران وأعلام غربية روسية والمانية واوروبية، ويندر أن تجدبينها علما لدولة عربية .
وما يجعل خطر خسارة تركيا، وانطاليا تحديدا،سياحها الإسرائيليين واقعا مرتقبا، هو بحسب المراقبين
أنفسهم، أن شركات السياحةالإسرائيلية
لم تشر في جداول رحلاتها لصيف 2010 الى تنظيمها رحلات الى تركياومدنها، ما يعني خسارة الأخيرة نسبة مهمة من عائدات السياحة
.لذلك فإن تركيا تهدفالى
جذب أنظار العرب والأوروبيين في شكل أساسي الى مدنها ومنها انطاليا، لتعويضخسارتها السوق الإسرائيلية .وقد يكون المؤتمر الأخير وسيلة
من الوسائل لخدمة هذاالهدف
.غير أن أيا ما كان الغرض من هذا المؤتمر، فإنه نجح في الإضاءة على مدينةتستحق أن تكون مقصدا سياحيا عربيا و غربيا .
No comments:
Post a Comment