ندى شاركت لأنها 'ابنة
بيروت' وميراي 'ردا على الخيبة' وراغدة 'لعيني من يعض علىالجرح من أجل لبنان'
منالابوعبس
< كل الطرق تؤدي الى ساحة الشهداء، هذا
ما دلتاليه الاجراءات الامنية
التي اتخذها الجيش اللبناني منذ فجر امس عند مداخل العاصمةبيروت وداخل أحيائها. فلا مجال لأي خطأ يرتكب في 14 شباط
آخر يحيي فيه اللبنانيونالذكرى
الخامسة لاغتيال رئيس حكومتهم السابق رفيق الحريري، في ظل تبدلات في المواقعوالمواقف السياسية.
فتلك الأعلام والرايات التي علقها البائع قبالة وزارةالمال في نزلة بشارة الخوري، في انتظار المقبلين على الساحة
سيرا على الأقدام، تشيبأن
ثمة شيئا تغير .ثمة لون غاب، راية 'الحزب التقدمي الاشتراكي 'لم تكن ضمن رزمرايات 'المستقبل 'و 'القوات اللبنانية 'والعلم اللبناني
.قال البائع ان 'التاجرالذي
يتابع احوال السياسة والسياسيين قلل من امكان وجود زبائن لها، لذلك لم يوصبصنعها كي لا تكون بضاعة كاسدة '.
انها التاسعة صباحا، اي قبل ساعة منالموعد المحدد للقاء في ساحة الشهداء، والناس الذين يخضعون
للتفتيش من جانب عناصرقوى
الامن الداخلي تحت جسر فؤاد شهاب ما زالوا دون الأعداد المتوقعة .عائلات
متفرقةاو مجموعات شبان وشابات
لبسوا قمصانا زرقا او عصبوا رؤوسهم بأشرطة من اللون نفسه،وحملوا رايات 'تيار المستقبل 'تتوسطها صورة الرئيس رفيق
الحريري ونجله رئيس الحكومةسعد
الحريري، قصدوا الساحة بصمت الى جانب مجموعات من شبان آخرين لبسوا قمصانا
بيضااو سودا وحملوا رايات
'القوات اللبنانية 'وأخرى سودا توسطتها جمجمة وكتب عليها 'حيثلا يجرؤ الآخرون '.وفي الساحة التي ثبتت فيها 120 الف كرسي
بلاستيكي بحسب المشرفينعلى
التنظيم، راح هؤلاء القادمون يتخذون مواقع لهم تشرف على المسرح المرفوع عندتمثال الشهداء او تواجه منصة الخطباء التي نصبت بالقرب من
ضريح الرئيس الحريريوأحكم
إغلاقها بالزجاج الواقي من الرصاص .
هل تملأ الحشود الساحة ام انالناس
ستعزف عن المشاركة هذه السنة؟ الاجابة عن السؤال كانت غير محسومة على رغممشارفة عقارب الساعة على العاشرة صباحا، واذا كانت الساحة
تغيرت معالمها مع انطلاقورش
بناء في اكثر من بقعة تم تزنيرها بالالواح الخشبية، فإن المساحات المتبقية
غصتبالقادمين من مناطق بعيدة
استبقوا زحمة السير المتوقعة على الطرق وانطلق بعضهم منالثالثة والنصف فجرا ليصل الى الساحة في السابعة صباحا،
جلسوا هناك، عائلات من اقصىالشمال
والبقاع ومن اقصى الجنوب وراحوا ينتظرون معارف لهم علقوا في منطقة ضهرالبيدر او عند مداخل العاصمة .
هل بدلت الساحة وظيفتها؟ ربما، او هكذا توحيالشعارات المرفوعة، اذ ثمة من حرص على إبراز لافتات ضخمة
ثبتت في امكنة يمكن الجميعقراءتها
:'اخلص مشاعر العزاء والمواساة لأهالي ضحايا الطائرة المنكوبة '، و 'مناعماق احزاننا نتضامن مع مأساة اهالي الطائرة المنكوبة '،
وفي المقابل لافتات ثبتتفي
اكثر من اتجاه موقعة من 'حركة الاستقلال 'كتب عليها :'من يشبهك اكثر؟ باريس
-3ام صاروخ رعد -3 '، و 'لن
اذهب الى سورية من دون طائفتي ورعيتي (البطريرك نصر اللهصفير )'، و 'نحن عشاق قضية اولها شهادة وآخرها حرية '، و
'رينيه معوض لا تخشى نحنقوم
يخشع ولا يركع '.
في ملعب 'الصيفي 'المجاور لساحة الشهداء، برزت طلائعمجموعة من الشبان والفتية يحملون رايات 'التقدمي '، انضموا
الى الساحة بعدما سبقتهماليها
مجموعات اخرى تحمل الرايات نفسها ولم تتعرض لانتقاد من احد، بل انها نفسها
منوجهت العتب لجنبلاط
.وقالت ايمان ابو نكد وهي من مناصري الحزب :'نحن ابناء الجبللسنا بحاجة الى دعوة من احد لننزل الى الساحة، شعورنا
الوطني يحركنا تلقائيا، فهذارفيق
الحريري القيادي الذي لم نعرف مثله، لكن لا انكر انني افتقد نفس وليد جنبلاطفي هذه المناسبة هو الذي كان يقول لنا انه لا يوجد أنصاف
ثورات، انا افتقد روحالثورة
في جنبلاط، اليوم ليس للمحاسبة، نحاسب في 14 آذار '.
اما نصر ابوحاطوم
الآتي من بعلشميه، فقال :'صحيح لم يوجه الحزب دعوة الى اهل الجبل للمشاركةلكننا دعينا انفسنا، ربما وليد بك لا يحب الروتين، لكن نحن
نقول ان 14 شباط اساسلمسيرة
14 آذار و16 آذار ايضا (تاريخ اغتيال الزعيم كمال جنبلاط )، نحن لا نزال كماكنا لم نتغير، لجنبلاط رؤيته لكن للرفاق في الحزب ايضا
رأيهم نناقش وفي النهايةنحتكم
الى الديموقراطية والكل يستمر '.
وقال المهندس يوسف السواح :'جئنابقناعاتنا،
نحن رفاق في الحزب لكن نحن مثقفون ولسنا غنما عند قيادتنا، ولنا موقفنا '.
الناس لم تبدل قناعاتها، هكذا قال القادمون من أحياء بيروت،
فهم هنا مناجل 'الرئيس الشهيد الذي
نفتقده '، لكنهم هنا ايضا لتأكيد ما هو ابعد من ذلك، قالتالمهندسة ندى زرقوت :'آتي الى الساحة كل سنة، لكن هذه السنة
جئت لأنني ابنة بيروت،قبر
جدي بالقرب من قبر الرئيس الحريري '.اما ميراي التي كانت تحمل راية 'القوات 'فقالت
انها جاءت كي تؤكد 'اننا باقون وصامدون على رغم خيبة الامل، فنحن ربحناالانتخابات النيابية لكن كأننا لم نربح، وموقف جنبلاط لا
افهمه '.وقالت فاتنة خالدمن
الطريق الجديدة :'لعيون سعد والحكيم وكل واحد يعمل من اجل لبنان ولا يكوع
نستمربالنزول، ربما موقفنا هذا
يجعل الآخرين يثبتون على مواقفهم '.
كثر غير هؤلاءبدوا
متسامحين مع المصالحات الحاصلة، وقالت سناء مومنة ان 'ما تغير ان سعد
الحريريصار رئيسا لحكومة تجمع كل
الاطياف وهذا شيء جيد للبلد '، فيما ايدت قريبتها راغدةمومنة ذهاب الحريري الى دمشق 'لحماية لبنان، هو عض على جرحه
وحط يده بيد من لانريدهم
ولكن من اجل لبنان '.
وقال الأمين العام لجامعة بيروت العربية عصامحوري انه يأتي كل سنة وحده الى الساحة، 'كي اشعر بأنني اضيف
واحدا اليها، اقف فيالشارع
الخلفي لعلني اصد شيئا ما يهدد المسيرة او احمي شيئا على المدى البعيد '.
ربما كانت مشاركة شقيقة الضحيتين امل بيضون وابنها الدكتور
هيثم طبارةاللذين سقطا في محلة رأس
النبع في احداث 7 ايار الاكثر دلالة على عمق جرح صعب انيندمل، قالت وهي تسير بين الجموع حاملة العلم اللبناني :'لا
يجوز ان يسكتونا، نحنلا
ننسى، وما دخلنا لكي يحصل لنا ما حصل، انا هنا لأطالب بتجنب الصدام، وعدم
تكرارما حصل '.
من الشمال والبقاع ...
من منطقة الجميزة نزولا نحو الصيفيتقف مجموعة من رجال ونساء في منتصف العمر، يتقاسمون في ما
بينهم لافتات كتب عليها :'لسنا أولاد حضانة .لسنا
في حاجة الى وصاية 'بالعربية، و 'أين ذهب صوتي (فيالانتخابات
)'بالانكليزية والفنسية و 'راى من كجاست 'بالفارسية، ولافتة تقول 'ماذافعلتم بالقرار 1559 'أما سبب هذه اللافتات، فتقول واحدة من
السيدات انها 'رسالةالمجتمع
المدني بكل اللغات '.السيدة جاءت مع رفاقها من محيط الصيفي للمشاركة فيالتجمع كتقليد سنوي، وتؤكد كما مرافقيها أنهم جميعا لا
ينتمون الى أي حزب أو تيارفي
14 آذار، 'إنما الى 14 آذار كثورة شعبية واحدة '.هذا الأمر يعكسه أيضا كلام
أحدرفاقها :'حتى لو قرر وليد
جنبلاط أن يترك 14 آذار، ولو قرر سمير جعجع والحريريوالجميل أن يغادروها يوما ما لأسبابهم الخاصة، نحن لن نتوقف
.لسنا من يسير وراءهم .هم يسيرون وراءنا لأنهم
يحتاجون إلينا '.
المدخل المؤدي الى وسط بيروت منالصيفي
مخصص للآتين من البقاع والشمال التي تعتبر في العادة الخزان الرئيس لنشاطاتقوى 14 آذار .يترجل الآتون من باصاتهم رافعين رايات أحزابهم
التي بغالبيتها ل 'تيارالمستقبل
'و 'القوات 'ثم 'الكتائب 'وأعلام لبنان .وعلى بعد أمتار من 'بيت الكتائب 'يخضعون
للتفتيش قبل السماح بمرورهم .
عند العاشرة كان عدد كبير من الذيناحتشدوا في الساحة منذ الصباح يغادرونها بعدما أتعبهم
الانتظار تحت الشمس، فيما لميتوقف
تدفق الآتين حتى بعد بدء الكلمات .غير أن تدفق هؤلاء لا يشبه أبدا حالهم فيالأعوام السابقة، حين كان حبل الأجسادلا ينقطع والتحرك من الساحة وإليها يكاد يكونمستحيلا .أمس، كانت للمحتشدين في الساحة وخصوصا في القسم
المطل على الصيفيوالجميزة،
فسحة ملحوظة سمحت لبعضهم بتدخين النارجيلة وعقد حلقات الدبكة على وقعالأغنيات الحماسية وغير الحماسية، فيما التزم كثيرون
بالطابع التقليدي للمناسبةالذي
هو 'تحية الى رجل أعطى لبنان من قلبه ودفع دمه ثمنا لمواقف سياسية '، بحسبهيفا الآتية بثياب الحداد من منطقة تعلبايا البقاعية .غير
بعيد من هيفا، تتقدممجموعة
من أنصار 'القوات 'على وقع قرع الطبل للانضمام الى المحتشدين، وقالت سيدة انمشاركتها لتأكيد أنها 'مع الحرية، ولأننا نريد لأولادنا
وأحفادنا أن يعيشوا في دولةحرة
مستقلة لا دولة دينية '.ومع وصول المجموعة الى الساحة، تنقل الشاشة الكبيرةصورة جنبلاط آتيا برفقة الحريري فترتفع صيحات استنكار
متفرقة .
يقف حبيب كرمتحت
ظل شجرة بلباس 'الكتائب 'الكاكي، ويرى أن صيحة الاستهجان لها ما يبررها
:'نأسفعلى الأستاذ وليد جنبلاط
.ليس على شعبيته، فأنصاره مؤمنون بقضيتنا وبعضهم مشاركمعنا اليوم، لكننا نأسف على ما فعله بنفسه لأنه لن يكسب
شيئا هذه المرة '.
أمام بيت 'الكتائب المركزي 'تكثر رايات 'الكتائب 'و 'القوات
'، وبجانبهاترفع لافتات كبيرة عليها
صور الرئيس السابق بشير الجميل وعبارات مستوحاة من شعار 'كرمالك
نازلين '، ومنها :'كرمال ما يرجع السوري، كرمال لبنان نازلين '، و 'كرمالمبادئك، كرمال لبنان نازلين '.فيما ترتفع لافتة ضخمة على
جدار بيت الكتائب، وعليها :'كرمال لبنان كفى تنازلات
'.
معاتبة عون
رفض التنازلات والتسوياتيتكرر
على أكثر من لسان هنا .'نعم للعلاقات الندية (بين لبنان وسورية ).لا للسياحةالمخابراتية '، و 'من حقكم أن تقوموا بتسويات، لكن لا
انطباحات '، عبارات شكلت جزءامن
لافتات رفعت الى جانب اخرى تخاطب النائب ميشال عون :'هل سمعت أنين المعتقلين
فيسورية يا جنرال؟ '، غير
أن العتب الاول بقي على 'حليف الامس الذي انتقل الى الدفةالاخرى '.
بين الآتين من مدخل الصيفي كانت سيدة بلباس اسود وابتسامة
عريضةتقول ان سببها أن 'الوضع
الامني افضل منه في الاعوام السابقة .صار عندنا اجماع وطنيادى الى حكومة وحدة وطنية، وإن كنا لم نختبرها بعد في
الازمات .المهم ألا يقوم احدبافتعال
مشاكل تعوق الاستقرار '.السيدة تدعى هدى شهاب الدين الشمعة، آتية من الشوف 'جارة
المختارة 'معقل جنبلاط .وعما اذا شارك جيرانها في المختارة في التجمع، تبتسم :'في
العادة نحن نأتي بسيارتنا، وهذا العام أيضا، لم نلاحظ زحفا، لكن من رأيناهرافعا العلم الحزبي ومتجها صوب الساحة وجهنا اليه التحية '.
الشمعة تسيررافعة
علم لبنان، وبجوارها يسير داني مع راية 'القوات '، وحينما يسأل عن سبب
مجيئه،يقول :'ثورة الاستقلال
حققت الكثير .أخرجنا الجيش السوري من لبنان وربحناالانتخابات
مرتين، ما زال أمامنا الكثير لننجزه '.
حين اعلن عريف المنصة بدء 'الحفل
الفني الوطني '، لم يبد الامر انه يجاري مزاج جموع جاءت تستذكر 'الرئيسالشهيد بوقفة تأمل او تسجيل موقف سياسي '، بعكس آخرين رأوا
فيه انه 'استمرار للحياةالتي
ارادها الرئيس الشهيد للبنانيين '.
خليط من الناس جمعتهم الذكرى هتفوابصوت واحد 'ابو بهاء 'حين انهت نازك الحريري كلمتها، وهتفوا
بحياة السنيورة حينتحدث
عن الميليشيات، وهتفوا لسمير جعجع حين نادى ب 'المقاومة الوطنية اللبنانية
'،وقال :'كنا وسنبقى في 14
آذار '، وأطلقوا الزغاريد لسعد الحريري وهتفوا له 'بالروحبالدم نفديك '، وأطلقوا صيحة حين قال انه ذهب الى سورية، ثم
عادوا وأطلقوا صيحةتأييد
حين ذكر خادم الحرمين الشريفين، وصفقوا عاليا لجبران تويني وسمير قصير حيناتى الخطباء على ذكر 'الشهداء '.
(نشر في العدد :17118 ت .م :15-02-2010 ص :16 ط :الرياض )
No comments:
Post a Comment