Tuesday, January 26, 2010




الطائرة المنكوبة 'دارت وغطست مشتعلة في الماء '
منال أبو عبس


<
تتجه الأنظار صوب نقطة محددة من البحر الهائج قبالة بيروت. فوق هذه النقطة تحوم طوافات تابعة للجيش اللبناني وللقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وزوارق تابعة للبحرية اللبنانية وللقوات الدولية. وعلى طول الخط البحري من بيروت وصولا إلى الدامور يقف شبان وشابات، رجال ونسوة وأطفال، يتابعون ما يجرى على بعد كيلومترات عدة داخل البحر حيث سقطت الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأثيوبية قرابة الثانية والنصف فجر أمس، وعلى متنها تسعون شخصا، بينهم 54 لبنانيا.

'
وهذه جثة أخرى '، يشير الشاب بإصبعه نحو الطوافة .من شاطئ الأوزاعي حيث يقف الشاب إلى جانب آخرين، يصعب التكهن بما إذا كان ما ترفعه الطوافة جثة أو لا .هو مجرد شيء صغير أسود اللون حمله للتو الحبل المتدلي من الطوافة، ليضعه في الزورق القريب .لكن من كان بين الحشد يحمل منظارا أكد أن ما قاله الشاب كان صحيحا .

على هذه النقطة من الشاطئ (القريبة من الأوزاعي )، لم يقل أي من الموجودين الكثيرين إنه شاهد ما حدث فجرا .غير أنه في مكانين منفصلين على امتداد الساحل، يقول شخصان إنهما رأيا ما حصل على رغم العاصفة الشديدة التي كانت تضرب لبنان في تلك الليلة :

على الرصيف البحري في منطقة خلدة يقف غسان حفار الى جانب رجل آخر على رغم وابل من المطر الشديد .يدل بإصبعه الى برج المراقبة التابع للمطار وإلى النقطة من البحر حيث فرق البحث والإنقاذ .ولما نسأله عن الذي يفعله، يروي لنا ما شاهده 'بأم العين '.ويقول إنه كان في منزله على التلة المقابلة للبحر، يتابع إحدى القنوات الفضائية عندما تعطل الصحن اللاقط للقنوات .لبس سترة 'نايلون 'واقية من البرد والمطر وصعد الى سطح المبنى ليتفقده قبل انتهاء المشهد .كانت الساعة الثانية وخمس وثلاثين دقيقة عندما دوى صوت الرعد، فنظر في اتجاه البحر، وشاهد الطائرة 'تغير مسارها من فوق الجية، عائدة في اتجاه النقطة حيث توجد الآن فرق الإنقاذ في البحر .جناح الطائرة الأيمن كان مشتعلا، وكانت كأنما تحاول أن تلتف مرة أخرى قبل أن تهوي .ولما لمس هيكلها الماء دوى صوت انفجار هائل وانعكس لون النار على سطح البحر '.يضيف حفار إنه عاد الى المنزل وأحضر منظارا وراح يتابع وصول الطوافات الى مكان الانفجار بعد دقائق قليلة من سماع الدوي .ومع الصباح شاهد من شرفة منزله انتشال سبع ضحايا، قبل أن يقرر النزول الى الشاطئ .

في 'استراحة مارينا 'الواقعة على الشاطئ البحري لدوحة الحص، يجلس حمزة بشير وحوله مجموعة من الأشخاص .حمزة يقول أيضا إنه شاهد الطائرة وهي تهوي في البحر .'منزل خالتي يقع هنامشيرا الى مبنى بمحاذاة الشاطئ .'عند الثالثة إلا ثلثا تقريبا كنا نتحضر للذهاب الى النوم، ثم دوى صوت البرق .نظرت من النافذة في اتجاه البحر، فرأيت طائرة تتجه نحو المطار، لكن بدا أنها تحاول أن تدور في مكانها، ثم دوى صوت آخر أقوى بكثير من صوت البرق السابق، وانفجرت الطائرة وسقطت في الماء .أضيئت الدنيا أمامي لبرهة من الوقت، لكن الطائرة كانت سقطت '.

إلى جانب من قالوا إنهم رأوا الطائرة، ينتشر كثيرون على طول الخط البحري، يراقبون طوافات البحث والإنقاذ والزوارق وهي تنتقل من مكان الى آخر في البحر .عائلة بركات هي نموذج منهم .الرجل وزوجته وابنتهم الصغرى آية، جاؤوا من ضاحية بيروت الجنوبية لمتابعة ما يحصل، ولأن 'آية رأت البحر على التلفزيون، فطلبت منا أن نريها اياه '.

على طول الشاطئ، ينتشر عناصر الجيش والدفاع المدني متأهبين بآلياتهم لتلبية أي نداء أو إشارة .وبموازاتهم ينشغل آخرون في تفتيش الشاطئ بحثا عما تقذفه الأمواج في اتجاههم :أجزاء من كراسي الركاب، وسادة بيضاء، حقائب صغيرة وحطام من الطائرة، جزء من مستوعب خاص بغرفة الطيار، ملصق كان معلقا على باب المرحاض ...بينما يحاول الشاب الذي يحمل منظارا أن يلفت نظر عناصر الدفاع المدني إلى مجموعة من الطيور تتحلق حول نقطة واحدة قريبة من شاطئ البحر، وقد بدا لونه رماديا كلون السماء فوقه .
الموضوع :أخبار
المصدر :الحياة


No comments:

Post a Comment