Wednesday, January 10, 2007

الملل « بطل » في أربعين اعتصام المعارضة

محلات شعبية في قلب بيروت وصور عملاقة وشعارات تمجد سورية
الملل « بطل » في أربعين اعتصام المعارضة

منال أبو عبس
Al-Hayat (667 كلمة)
تاريخ النشر 10 يناير 2007
 

يتكئ العسكري على سور جسر فؤاد شهاب المطل على وسط بيروت، مسنداً فوهة بندقيته إلى الرصيف، وينظر إلى أسفل. إلى جانبه يراقب عسكري آخر السيارات المارة. لا شيء على وجهي العسكريَين يشي بأن ما يفعلانه يبعث على التسلية.

من السور ذاته تتدلى صور عملاقة للعماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله ومعروف سعد، على ساحة وسط بيروت. ترسم الساحة التي عاشت أمس، مناسبة مرور أربعين يوماً على اعتصام المعارضة اللبنانية المفتوح، صورة جامدة تثير الملل أكثر من أي يوم سابق.

خلف أول حاجز حديد يقف عنصر من انضباط »حزب الله«. على العمود الإسمنتي أمامه، شطبت عبارات تهاجم سورية أيام ثورة الأرز، وحلت محلها: عبارة »لبيك يا نصرالله«. قبل الحاجز، تدب الحياة في عربات البائعين وأكشاكهم، كما لو أن حياً شعبياً سيحيي بعد ساعات أول أيام العيد. غير بعيد من الحاجز تعلق لافتة: »يوجد كنافة صباحاً ومساء« على عربة مثبتة بحجارة. وفوق رؤوس الجميع تفوح رائحة احتراق السمسم المتناثر من كعكات الجبن التي تباع بكثرة هنا.

المعتصمون في الساحة ليسوا زبائن، فمستلزماتهم من الماء والطعام و »المقرمشات« وغيرها، توفرها قوى المعارضة مجاناً. المشاركون في الاعتصام إذاً، ما زالوا في قواعدهم، وإن بدا عددهم قليلاً ظهرا . يقضي بعضهم وقته في متابعة أخبار اعتصام الاتحاد العمالي العام، والذي قال زاهر المكتسي بالبرتقالي انه عائد للتو منه. ويعيش آخرون يومهم في الخيم، براحة تامة كما لو كانوا في بيوتهم: تنشر حرامات الصوف والفرش المخصصة للنوم على أسلاك حديد تحت الشمس بعد أيام ممطرة، ويفترش آخرون الفسحات خارج الخيم لتدخين النارجيلة المنتشرة بكثرة، أو لعب الطاولة وتبادل الأحاديث السياسية.

خريطة الخيم ما زالت كما كانت منذ بداية الاعتصام تقريباً. ترفرف أعلام »التيار الوطني الحر« في الساحة القريبة من كنيسة الأرمن، والى جانبها أعلام »حركة الشعب« الموالية للنائب السابق نجاح واكيم. خيم »المردة« الموالية للوزير السابق سليمان فرنجية في الساحة الوسطى، الى جانب خيم القوى الأخرى في المعارضة ومنها »الحزب الديموقراطي اللبناني« الموالي للوزير السابق طلال ارسلان. صور الأخير تغطي شارات المرور بعدما لم يعد ثمة داع لوجودها، إذ يسمح عناصر انضباط فقط لعدد قليل من السيارات والدراجات النارية بالوصول إلى الساحة. وهنا أيضاً خيم قليلة لـ »التيار الحر«، مغطاة مثل البقية بشوادر نايلون تقيها المطر، ومسوّرة بحواجز حديد، مزينة بورود الميلاد المزروعة في علب سود.

في موقف العازارية حيث خيم أنصار »حزب الله« لا وجود للأعلام الحزبية. على رصيف الموقف ما زالت الغرف البلاستيك المخصصة للوضوء وإن كان بعضها يخضع لتصليحات. الطريق من موقف العازارية إلى ساحة رياض الصلح حيث المزيد من خيم »حركة أمل« وغيرها، تمر بعدد من المحلات التي افتتحت حديثاً. هي تنتمي إلى وسط بيروت ما بعد الاعتصام، ومخصصة لبيع البسكويت بـ250 و500 ليرة والمعسّل والدخان والمناقيش، ويعلق بعض أصحابها أعلام قوى المعارضة.

الألواح الخشب المثبتة إلى جوانب مبنى التياترو الكبير تدل على أن ترميمه لم ينجز بعد. المبنى صار يحمل صوراً عملاقة للرئيس نبيه بري وارسلان، والألواح الخشب تحمل شعارات كتبت فوق شعارات سابقة خطّها متظاهرو قوى 14 آذار (مارس). تمجد الشعارات الجديدة دور »سورية العروبة« و »بعلبك الأبية« و »حي اللجا« و »الضاحية الشريفة« و »رجال الإمارة« وتقول إن »عون للجمهورية« وأن »الرئيس فؤاد السنيورة يدرس على يد كوندوليزا رايس«، وتحمل الألواح شتائم للنواب سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع.

تغيرت ساحات وسط بيروت كثيراً في وقت قياسي. وحدها صورة الرئيس رفيق الحريري العملاقة ظلت معلقة أعلى مبنى العازارية المطل على البلد.

No comments:

Post a Comment